samedi 1 avril 2017

مُحَمَّدُ...يَا صَاحِبِي إِذَا أقَمْتَ الدُّنْيَا فَلَا تُقْعِدْهَ





الآنَ اِسْتَوَى الجُودِيُّ وبَانَتْ الجَادَّةُ، هَكَذَا اِشْتَهَيْتُ أنْ تَكُونَ ثَوْرَتُكَ، بَلْ هِيَ الآنَ ثَوْرَتُنَا، مَا دَامَتْ قَدْ فَتَحَتْ الأَبْوَابَ للْكُتَّابِ، بِاِخْتِلَافِ ألْوَانِهِمْ وأشْكَالِهِمْ وأذْوَاقِهِمْ وأفْكَارِهِمْ، ومَهْمَا تَكُنْ أقْلَامُهُمْ، ولَوْ كَانَتْ حَنْظَلًا وعَلْقَمًا، تَقْسُو عَلَيْكُمْ، وتَعْبَسُ فِيكُمْ، وهَذِهِ هِيَ الصِّحَافَةُ الحَقِيقِيَّةُ، الَّتِي تَكُونُ صَوْتَ الجَمَاهِيرِ، ولِسَانَ النَّاسِ، وصَرْخَةَ المُضْطَهَدِينَ.
الآنَ يَسْتَقِيمُ الأمْرُ، ويَسْتَفِيقُ الوَعْيُ، ويَسْتَبِينُ الخَبَرُ، فَيَرُوقُ المَشْهَدُ، ويَشُوقُ المَوْقِفُ، ويَحْسُنُ المَجْلِسُ، وذَاكَ دَافِعٌ للْقَلَمِ أنْ يَرْكُضَ فِي المَسَافَاتِ البَعِيدَةِ، وللْفِكْرَةِ أنْ تَجُولَ فِي المِسَاحَاتِ الطَّوِيلَةِ، وللْحُلْمِ أنْ يَمْتَطِيَ صَهْوَةَ الكَلِمَاتِ السَّدِيدَةِ، لَا عَيْنَ تَصْرِفُهَا عَنْ تَجْوَالِهَا، ولَا وَاشِيَ يَمْنَعُهَا مِنْ تَرْحَالِهَا، الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ تَبْنِي وَطَنًا.
هَذَا حُلْمٌ شَاغَبَنِي طَوِيلًا، هَذَا أمَلٌ شَاكَسَنِي كَثِيرًا، هَذَا مَشْهَدٌ اِشْتَهَيْتُهُ مُنْذُ سِنِينَ سِتٍّ، بِلَادُنَا تَحْتَاجُ إِلَى صِحَافَةٍ حُرَّةٍ، تكُونُ صُورَةً مُصَغَّرَةً لِدَوْلَةٍ دِيمُقْرَاطِيَّةٍ، فَمَا مَعْنَى أنْ تُنَادِيَ الصِّحَافَةُ الحُكُومَةَ بِأَنْ تَتَحَلَّى بِالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، والحَالُ أنَّ مُدِيرِيهَا ومَسْؤُولِيهَا وصَحَفِيِّيهَا لَيْسُوا دِيمُقْرَاطِيِّينَ، فَلْنَكُنْ مُنْصِفِينَ.
هَذَا الخَطُّ الجَدِيدُ، وهَذَا المَسَارُ الجَدِيدُ، وهَذَا الاِتِّجَاهُ الجَدِيدُ، يَدْفَعُنِي – لَا مَحَالَةَ – إِلَى مَزِيدٍ مِنَ العَدْوِ الحَثِيثِ وَرَاءَ الكَلِمَاتِ، بِقَوَارِصِهَا وحَوَامِضِهَا، مُفْرِجًا عَمَّا فِي الصَّدْرِ مِنْ لَوْعَاتٍ، وعَارِضًا عَلَى السَّطْرِ لَوْحَاتٍ، ومُسْهِمًا بِقَدْرٍ ضَئِيلٍ فِي مُعَالَجَةِ وَاقِعٍ عَقَّدَتْهُ تَنَاقُضَاتُنَا، وعَطَّلَتْ قَاطِرَاتِ نَمَائِهِ أحْقَادُنَا.
أمْسِ، جَاءَ قَرْيَتَنَا، الشَّيْخُ المُنَاضِلُ، الوَاعِظُ الحَافِظُ الفَاضِلُ، الحَبِيبُ اللَّوْزُ، أطَالَ رَبِّي فِي عُمُرِهِ فِي طَاعَتِهِ وفِي خِدْمَةِ حَرَكَتِهِ، عَرَضْتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الخَبَرَ الَّذِي أوْرَدْتُمُوهُ فِي الصَّحِيفَةِ مِنْ قَرِيبٍ، فَبَهِجَ عَظِيمَ البَهْجَةِ، وجَذِلَ نَضِيرَ الجَذَلِ، لَقَدْ مَنَّتْ عَلَيْهِ صِحَافَتُنَا المُوَقَّرَةُ بِنُزُلٍ جَدِيدٍ يُضَافُ إِلَى بَقِيَّةِ مَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْ أنْزَالٍ، ومَسَابِحَ، وشَركَاتٍ، ومَزَارِعَ، وحَدَائِقَ، وهْوَ السُّلْطَانُ الأعْظَمُ فِي مَدِينَةِ صَفَاقُسَ، يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ ويُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ، قَسَمًا إِنَّ كُلَّ مَا يُشَاعُ ويُذَاعُ فِي الصَّحَائِفِ والمَنَابِرِ عَنِ الشَّيْخِ الحَبِيبِ اللَّوْزِ إِفْكٌ وزَيْفٌ وبَاطِلٌ وسَخَائِفُ مُنَمَّقَاتٌ، اِلْتَمِسُوا مِنْهُ المَعْذِرَةَ، وسَلُوهُ المَغْفِرَةَ، وتَحَرَّوْا الحَقِيقَةَ، فَوَ اللَّهِ إِنَّ الكَلِمَةَ لَتَقْذِفُ بِصَاحِبِهَا فِي النَّارِ.
التَّصْوِيبَاتُ اللُّغَوِيَّةُ
*أسْتَاذِي مُحَمَّدُ النَّاعِمُ، المَقَالَاتُ الطَّوِيلَةُ قَلَّ أنْ تَجِدَ لَهَا قُرَّاءَهَا المُدْمِنِينَ، ومُطَالِعِيهَا المُدِيمِينَ، ولِأَنَّ الأُسْلُوبَ الرَّائِقَ يُمْتِعُ بَصَرِي، والرَّسْمَ الشَّائِقَ يَخْلِبُ نَظَرِي، والنَّصَّ الفَصِيحَ يُلْهِبُ ظَمِئِي، فَإِنَّنِي وَاحِدٌ مِمَّنْ يُقْبِلُ عَلَى مَا تَرْسُمُ، ويَقْرَأُ مَا تَسْرُدُ، ولَكَمْ وَدِدْتُ مُشْتَهِيًا أنْ يَخْلُوَ مِنْ خِطْءٍ ومِنْ خَطَإٍ، ويَنْجُوَ مِنْ زَلَّةٍ ومِنْ خَطَلٍ، كَيْ يَظَلَّ كَالزَّهْرَةِ فَيْحَاءَ، كَالحَدِيقَةِ غَنَّاءَ، وَدِدْتُ ذَلِكَ فِي شَغَفِ العَاشِقِ، وغَيْرَةِ المُحِبِّ، مُحِبِّ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ الفَصِيحَةِ، لَكِنَّكَ يَا أسْتَاذُ تَحْرِمُنِي هَذِهِ الشَّهْوَةَ، وتُذِيقُنِي تِلْكَ الشِّقْوَةَ، غَيْرَ مُرَاعٍ هَذَا الهُيَامَ الشَّدِيدَ، وهَذَا الغَرَامَ السَّدِيدَ.
فِي مَقَالِكَ الآخِرِ، فِي حَلْقَتِهِ الآخِرَةِ، اِقْتَرَفْتَ خَطَأَيْنِ اِثْنَيْنِ، مَعْرِفِيَّيْنِ لَا مَطْبَعِيَّيْنِ، عَجِبْتُ كَثِيرًا لِقَلَمٍ يُحْسِنُ الرَّسْمَ أنْ يَرْتَكِبَهُمَا، قُلْتَ: أقَامَ الدُّنْيَا ولَمْ يُقْعِدْهَا، وكُلُّ كُتَّابِنَا بِمَنْ فِيهِمْ أسَاتِذَةٌ فِي العَرَبِيَّةِ جَهَابِذَةٌ، لِهَذَا الخَطَإِ مُقْتَرِفُونَ، والصَّوَابُ القوْلُ: أقَامَ الدُّنْيَا وأقْعَدَهَا، إِنْ رَابَكَ فِي تَصْوِيبِي أمْرٌ فَلْتُمْعِنِ النَّظَرَ وتُنْعِمِ البَصَرَ، وسَيَتَبَيَّنُ لَكَ مِنْ بَعْدُ صِحَّةُ التَّصْوِيبِ، وقُلْتَ: إِلَى مَكَانٍ يَأَوِيهِ، وعَامَّةُ الكُتَبَةِ وَاقِعُونَ فِي هَذَا الخَطَإِ، وصَوَابُهُ: إِلَى مَكَانٍ يُؤْوِيهِ، نَقُولُ: هُوَ أَوَى يَأْوِي، وذَاكَ المَلْجَأُ آوَاهُ يُؤْوِيهِ.

عَاشِقُ الضَّادِ
الحَبيب بلْقَاسمْ 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire