mercredi 29 mars 2017

سَامِيَةُ عَبُّو : المَرْأةُ الحُقُوقِيَّةُ والجُرْأَةُ الحَقِيقِيَّةُ





واللَّهِ لَوْ كَانَتْ سَامِيَةُ عَبُّو مُنْخَرِطَةً فِي الجَبْهَةِ الشَّعْبِيَّةِ، لَنَالَتْ مِنِّي بَاقَاتِ التَّقْدِيرِ والتَّوْقِيرِ، وحَازَتْ بَرْقِيَّاتِ الإِعْجَابِ والإِكْبَارِ، واللَّهَ أَحْمَدُ أنَّهَا لَمْ تَتَّخِذْ فِي نَادِيهَا مَقْعَدًا ولَا مَوْقِعًا، ذَلِكَ أنَّ الجَبْهَةَ، ويَا للْأَسَفِ الشَّدِيدِ، تُعَادِي طَاغِيَةَ قَرْطَاجَةَ اِبْنَ عَلِيٍّ، وتُنَاصِرُ طَاغِيَةَ دِمَشْقَ اِبْنَ أَسَدٍ، ومِنْ عَجَبٍ أنْ تَرَى شُيُوعِيًّا يُوَالِي شِيعِيًّا، وحُرًّا يَعْشَقُ مُسْتَبِدًّا، وآمِنَا يُصَافِحُ قَاتِلًا، أَفَلَمْ أَقُلْهَا يَوْمَ ظَفِرَتْ ثَوْرَتُنَا بِالعِزَّةِ والحُرِّيَّةِ والكَرَامَةِ والنَّصْرِ النَّضِيرِ المُذْهِلِ: فَلْيَكْفِ الثَّوْرَةَ شَرَفًا أنَّهَا الخَافِضَةُ الرَّافِعَةُ، تَخْفِضُ أقْوَامًا وتَرْفَعُ آخَرِينَ، وأنَّهَا الكَاشِفَةُ الفَاضِحَةُ، تَكْشِفُ الحَقَائِقَ وتَفْضَحُ المُجْرِمِينَ الأَفَّاكِينَ الأَرْدِيَاءَ، أَفَلَمْ يَدَّعِ بَعْضُهُمْ أنَّهُمْ مُنَاضِلُونَ مِنْ أجْلِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، وظَلُّوا كَذَلِكَ مُرَابِطِينَ فِي سَاحَاتِ النِّضَالِ طَوَالَ ثَلَاثٍ وعِشْرِينَ سَاعَةً، ومَا ضَلُّوا الطَّرِيقَ ومَا أَسَاؤُوا الطَّرِيقَةَ، ولَعَلَّ أبْدَعَ مَا فَعَلُوا بَسْطُ أَيَادِيهِمْ إِلَى خُصُومِهِمْ لِإِدَارَةِ المَعْرَكَةِ ضِدَّ آلَةِ الاِسْتِبْدَادِ، ومِنْ هُنَا كَانَتْ بِدَايَةُ الهَزِيمَةِ، فَمَا هِيَ إِلَّا سَنَتَانِ حَتَّى سَقَطَ الصَّنَمُ وكَانَ السَّلَمُ، وهَكَذَا تَدْخُلُ البِلَادُ مَرْحَلَةً جَدِيدَةً، مَرْحَلَةَ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، ومِنْ آيَاتِهَا البَاهِرَاتِ الاِنْتِخَابَاتُ الَّتِي يَصْنَعُهَا الشَّعْبُ الثَّائِرُ عَلَى الحُكْمِ الجَائِرِ، ويَشَاءُ الشَّعْبُ الذَّكِيُّ اليَقِظُ الفَطِنُ أنْ يَنْتَخِبَ حَرَكَةَ النَّهْضَةِ، فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ تَبَيَّنَ للْجَمِيعِ وللْجُمُوعِ أنَّ أولِئَكَ الزَّاعِمِينَ أنَّهُمْ عُشَّاقُ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ كَاذِبُونَ فِي دَعَاوَاهُمْ، آثِمُونَ فِي فَتَاوَاهُمْ، لَقَدْ سَقَطَتْ الأَقْنِعَةُ، كَانَ كُفْرُهُمْ بِالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ بَوَاحًا صُرَاحًا، ودَعْوَتُهُمْ إِلَى إِجْهَاضِهَا جِهَارًا نَهَارًا، قَوْمٌ يَنْصُرُونَ الأَسَدَ ويَشْكُرُونَ أبَا تِينٍ ويَرَوْنَ أنَّ مَحْرَقَةَ حَلَبَ مَفْخَرَةٌ ومَلْحَمَةٌ، لَا يَسْتَحِقُّونَ مِنَّا التَّحِيَّاتِ.
مَعْذِرَةً سَامِيَةُ، إِنَّ قَلَمِي الصَّفِيقَ الأحْمَقَ هَذَّاءٌ، تَسْتَفِزُّهُ أعَاجِيبُ قَوْمٍ فَيَنْطَلِقُ يَعْدُو صَخَّابًا ويَرْكُضُ فِي المَسَافَاتِ البَعِيدَةِ، ولَا أحْسِبُكِ إِلَّا مُتَّسِمَةً بِالحِلْمِ، مَا دُمْتِ مُتَّصِفَةً بِالعِلْمِ.
أَحْسَنُ مَا فِي سَامِيَةَ جُرْأَتُهَا، وأرْوَعُ مَا فِي جُرْأَتِهَا الصِّدْقُ، وأبْدَعُ مَا فِي الصِّدْقِ العَدْلُ، وأعْظَمُ مَا فِي العَدْلِ تَحَرِّي الحَقِّ اِبْتِغَاءَ الحَقِيقَةِ، ولَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مَنْصِبٌ تَرْجُوهُ، ولَا صِيتٌ تَطْمَعُ فِيهِ، ولَيْسَ خَلْفَهَا عِصَابَةٌ تَدْفَعُهَا إِلَى ذَلِكَ، ولَا آلَةٌ تُمَكِّنُهَا مِنْ ذَلِكَ، كُلُّ الحِكَايَةِ فِي صَخَبِهَا النَّضِيرِ، وصَوْتِهَا الجَهِيرِ، ومُرَافَعَاتِهَا القَوِيَّةِ، ومُدَافَعَاتِهَا الذَّكِيَّةِ، أنَّهَا تُرِيدُ وَطَنَهَا وَاحَةَ أمْنٍ ونَمَاءٍ، وسَاحَةَ حُرِّيَّةٍ وعَطَاءٍ، وقَلْعَةَ صُمُودٍ وإِبَاءٍ، لَا مَكَانَ فِيهِ للِصَّوْتِ الوَاحِدِ، والرَّأْيِ الوَاحِدِ، والحُكْمِ المُطْلَقِ، والصَّمْتِ المُطْبِقِ، ولَا مَوْقِعَ فِيهِ للْفَاسِدِينَ والخَائِنِينَ والكَائِدِينَ والحَاقِدِينَ والظَّالِمِينَ المُتَعَسِّفِينَ والغَاشِمِينَ المُتَصَلِّفِينَ، فَلْيَكْفِ البَلَدَ خَرَابًا ويَبَابًا، وتَآمُرًا وتَوَاطُؤًا، واَسْتِكْبَارًا واَسْتِضْعَافًا، واَسْتِبْدَادًا واَضْطِهَادًا، الآنَ زَمَنٌ جَدِيدٌ، وعَهْدٌ جَدِيدٌ، أَشْرَقَتْ فِيهِ شَمْسُ الحُرِّيَّةِ، وأضَاءَ فِيهِ نُورُ العِزَّةِ، تُسْتَعَادُ فِيهِ الحُقُوقُ، وتُضْبَطُ فِيهِ الحُدُودُ، ويَسْتَتِبُّ الأمْنُ، ويَسْتَقِرُّ الأمْرُ، هَكَذَا حَلَمَتْ سَامِيَةُ مِثْلَمَا حَلَمَ الجَمِيعُ، هَكَذَا رَأَتْ البِلَادَ يَوْمَ رَحَلَ الجَلَّادُ، لَكِنَّمَا الأوْجَاعُ سَرِيعًا مَا تُعَاوِدُهَا كَرَّةً أُخْرَى فَيَرْتَفِعُ لَهَا صَوْتٌ هُوَ سَوْطٌ تَجْلِدُ بِهِ الأَرْدِيَاءَ النُّذَلَاءَ، والأَغْبِيَاءَ الجُبَنَاءَ، وكُلَّمَا بَلَغَ هَذَا الصَّوْتُ المَسَامِعَ طَرِبَتْ نُفُوسٌ وشَمَخَتْ رُؤُوسٌ، وذَهَبَتْ اوْجَاعٌ وحَسُنَتْ أوْضَاعٌ، ثَمَّةَ إِحْسَاسٌ عَامٌّ انَّهَا الصَّادِقَةُ المُنْصِفَةُ، الجَرِيئَةُ الوَضِيئَةُ، إِذَا رَافَعَتْ بَرَعَتْ، وإِذَا دَافَعَتْ صَرَعَتْ، وإِنَّ أمْثَالَهَا قِلَّةٌ قَلِيلَةٌ وثُلَّةٌ جَلِيلَةٌ، ذَلِكَ أنَّهَا عُرِفَتْ بِجُرْأَتِهَا ونِضَالِهَا وصِدْقِهَا وحَمَاسِهَا وخَوْضِهَا الغَمَرَاتِ لِنَيْلِهَا الثَّمَرَاتِ، مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ، زَمَنِ القَهْرِ والعُهْرِ، زَمَنِ الجَبَرُوتِ والرَّهَبُوتِ، لَمْ تَجْبُنْ فِي سَنَوَاتِ الجَمْرِ، لَمْ تَرْهَبْ سَوْطَ جَلَّادٍ ولَا صَوْتَ غَشَّامٍ، ظَلَّتْ أَبِيَّةً مِنَ النُّجَبَاءِ لَا رَدِيئَةً مِنَ الجُبَنَاءِ.
التَّحِيَّةُ للْحُقُوقِيَّةِ سَامِيَةَ، مَا زَالَ عِنْدِي صَخَبٌ غَزِيرٌ وشَغَبٌ كَثِيرٌ، بَيْدَ أنَّ الزَّاوِيَةَ مَا عَادَتْ تَحْتَمِلُ، تُرَى أوَرَاءَ كُلِّ عَظِيمَةٍ رَجُلٌ، ومُحَمَّدٌ نِعْمَ الرِّجَالُ.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire