mardi 14 mars 2017

تونس وسياسة الشطرنج هل ينهي الشعب مهازل الحكومة ويهتف قريبا «كش ملك»؟؟ عن حكومة الوحدة الوطنيَة، وما أدراك ماهي الوحدة الوطنيَة..





حين تُوحَّد السلطة في يد آل السَبسي، وتتوجّه الحكومة إلى تخدير الشعب بإجازة استهلاك السَبسي.. بعد أن وقع الاختيار على يوسف الشاهد، كشاهد، على تطبيق استراتيجية نظام فاسد.. متظاهرا بالإستقلالية والتحرَر من النزعة «السَبسيَة» ومتخفيَا وراء تصريحات مدروسة في قناة تلفزيَة ذات قاعدة جماهريَة تستغلَ نجاحها لتبييض الساسَة خدمة لأجندات خفيَة..
وبين فشل الحكومة والصراعات المحمومة بين الكتل الحزبيَة، الموالية والمعارضة كردّ على تجاهلها عند توزيع الغنائم الوزاريّة.. وبين وثيقة قرطاج وسياسة توريث التّاج التي ينتهجها شيخ هرم لتحصين آله وصحبه من غدر الزمن وتمكين نجله المدلّل من العبث بمصير الرعيّة والسخرية من المكاسب الثوريَة التي أوشكت أن تينع ذات يوم فتمَ قطافها.. يتوجَه الرأي العام إلى مواكبة تحوَلات النظام وفضائح الابن البار وصراعات المقالين والمنبوذين والمغضوب عليهم، مخلَفا شعبا يلعن الثورة ويحلم ب»جونته» في إطار القانون، تلهيه عن قوته الذي استولى عليه حكَام مفسدون..
يسألونك عن لعبة الشطرنج، قل هي صراع جنود ووزراء يديرها أمير الدَهاء، ليطيح بملك الخصوم، بعد أن يأتي على ما ملك من قلاع وبيادق نصَبت لتحميه..
وعن لعب الحكومة فلا تسأل.. جنود توظَّف للدفاع تحوّل الغدر بها إلى خبر يمرّ مرور الكرام وسط تجاهل الإعلام وانشغال الحكومة بترصيف المال وتصريف الأعمال.. ووزراء – هم حسب قواعد اللعبة- أكثر القطع مرونة في عمليَة التحريك وأكثرهم فاعليَة في تحقيق الإثارة والتشويق والعمل على تشتيت الرأي العام وإلهاء الشعب بمتابعة مستجدات الصَراعات بأسلوب يصرفهم عن الوعي بحقيقة الفساد الذي تخفيه هذه التحويرات..
ويستمرَ اللعب ولا تنتهي اللعبة إلا بقتل الملك، وبناء عليه وخوفا من ال»كش ملك» ، فعلى اللاعب الذي يكون ملكه مهددا أن يقوم بتحريكه إلى مربَع غير مهدد من قبل الخصم أو التضحيَة بقطعة يتمَ وضعها كحاجز أمام قطعة الخصم .. بحيث يزول التهديد ويحفظ الملك السعيد..


من هنا نفهم سياسة الحكومة في تحريك بيادقها المدعومة.. فبعد الإطاحة بحكومة الحبيب الصيد الذي لم يستجب لقواعد اللعبة وتمرَد على استراتيجية اللاعبين، حلّ محلّه بيدق شاهد على دهاء الفاعلين ومؤمن بضرورة حماية الشيخ من خصومه الثوريين.. فبدأ بتسييس الإعلام وإقصاء الخصوم وألقى في السجن من ناشد الحق في حريَة وثار على السياسة الإستبداديَة.. وظنَ أنه نجح في توظيف السلطة الرابعة من خلال إصلاحات رمزية أعلنها في نقابة الصحافة المأجورة.. تلتها قرارات بحجب المعلومة عن الصحافيين إلا بإذن من المسؤولين.. 


وهو ما استنكره الاتحاد العام التونسي للشغل الذّي طالب الحكومة بمراجعة قرارها معتبرا المنشور «سعيا للمساس من حرّية الإعلام ومؤشّرا على التضييق على مجالات تحرّكه” و”يتعارض تعارضا كلّيا مع فصول الدستور الضامنة لحرية الإعلام وللحقّ في النفاذ إلى المعلومة»
ونحن لم نستغرب مثل هذا القرار الحكومي الذي لا يعدّ غريبا على حكومة التضليل والترهيب والسعي المريب لطمس الحقائق وإخفاء ملفات الفساد التي أوكلت «شوقي الطبيب» رقيبا عليها بصفته رئيسَ هيئة مكافحة الفساد.. في تنصيب شكلي أساسه مغالطة الشعب البائس وإيهامه بالشفافيَة في ظل حكم لوبيات استبدادية.. 


وتأكيدا لموقفنا من «تظاهر» الحكومة بمحاربة الاستبداد، تمَ مؤخرا إحالة مشروع قانون عدد 2016/41 الذي يتعلّق بالتّبليغ عن الفساد وحماية المبلّغين عنه إلى الجلسة العامة لمجلس نوّاب الشعب بعد سلسلة من الاجتماعات والمشاورات التي فاقت 19 جلسة عمل للجنة الحقوق والحريّات والعلاقات الخارجيّة، حيث تمَ يوم 22 فيفري 2017، المصادقة على القانون ب145 صوتا لصالحه من جملة 216 نائب حيث امتنع حوالي ثلث أعضاء البرلمان عن التصويت لأسباب مجهولة وذلك بتقاعسه عن الحضور أو عدم التصويت سواء بالقبول أو بالرفض.
وقد رُفض مقترح تعديل للفصل، تعلّق بأن يكون للحماية مفعول رجعي ينسحب على المبلّغين عن الفساد قبل صدور هذا القانون، أي أنّ كلّ مبلَغ عن الفساد قبل إقرار هذا القانون لا يكفل له القانون حقّه في الحماية.. كما رُفض مقترح تعديل آخر للفصل ذاته يتعلق بحماية الصحفيين الاستقصائيين في حال كشفهم لملفّات فساد.
ويذكر أنَ، عبيد البريكي، وزير الوظيفة العمومية والحوكمة «آنذاك»، قد صرَح في كلمته إثر التصويت على القانون برمّته بأنَه «لا يمكن الحديث عن مسار ثوري، دون الحديث عن مقاومة الفساد،لأن استمرار الفساد يتناقض مع المسار الذي اختارته تونس، ويتناقض مع تكريس المبادئ الثورية.» وأنَه «من واجب المواطن أن يلزم مجلس النواب والحكومة بأن يفيا بوعودهما في مكافحة الفساد، مشيرا إلى أن قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، سيكتمل بإقرار قانون مكافحة الإثراء غير المشروع ومقاومة تضارب المصالح.» 
ويبدو انَ هذه الشعارات التي ماانفك ساسة هذا البلد يتداولونها في محاولة لتبنَي قيم ومبادئ أجبرتهم مطامعهم السياسيَة والماديَة على التنكَر لها..
فسبحان الذي أنطق «البريكي» بعد أن نزعت منه الحقيبة الوزارية «غدرا» رغم ولائه للحكومة.. وسخّره ليفشيَ كواليس الحكم تشفّيا في رئيس الحكومة ومن وراءه..
فإذ به يعقد مؤتمرا صحفيا خلال يوم 3 مارس 2017 ليكشف من خلاله ما لم يعد خفيّا على الرأي العام وما تحوَل إلى واقع معتاد في هذه البلاد..
حيث أعلن «البريكي» عن تلقّي شخصية تونسية فاعلة ، صرَح فيما بعد أن المعني هو «شفيق جرَاية» مبلغا ماليا يناهز الـ12 مليون دولار من دولة أجنبية وسط تجاهل الحكومة التي يبدو أنها أصبحت عاجزة عن تطبيق القانون على أصحاب النفوذ المالي والحصانة الماديَة.. 
وأعلن، بأنه قدّم لرئيس الحكومة قائمة بأسماء مئات التجار الموردين الذين لم يقوموا بخلاص الأداءات والمعاليم الديوانية والدولة تقف عاجزة أمامهم، موضحا أنّ ديون أحد الموردين بلغت 211 مليون دينار. وعن اقتراحه تجميد الرمز الديواني على رئيس الحكومة لتجميد أنشطة المتهربين إلى حين إعادة جدولة ديونهم لكن لم يقع الأخذ به..
وتحدّث الوزير السابق عن فساد كبير في تصدير المرجان المهرب من الجزائر عن طريق الموانئ التونسية. وأعلن أنّه قدّم اسم أحد مهربي المرجان لرئيس الحكومة الذي لم يحرَك ساكنا، كاشفا تواطؤ الحكومة مع كبار المهرَبين..
مؤكدا أنّ الوحدات الديوانية قامت بإحباط عملية تهريب كميّة كبيرة من المرجان ليتمّ فيما بعد إطلاق سراح الأشخاص الموقوفين في هذه القضية.
وقد مثَلت هذه التصريحات مادة دسمة تهافت عليها الإعلام ووظّفها لإثارة الرأي العام عوض إنارته..


فالمتأمل في تصريحات البريكي وحيثيات إقالته وما تمَ تداوله عن أنها مثلت ردا ارتجاليا من رئيس الحكومة على موجة الإشاعات التي أوحت برغبة الوزير في الإستقالة من منصبه، وتأزّم الوضع بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل الذي يبدو أنه قد تحوّل إلى شوكة في حلق البلاط الحاكم بتوظيفه للعمل النقابي وحقوق الشغالين والطبقات الكادحة للضغط على الحكومة وتحقيق الإرادة الشعبية التي تمَ استبدالها بأقليَات ارستقراطيَة تتخذ من المناصب مظهرا من مظاهر الترف في تجاهل تام لجسامة المسؤولية التي عهدت إليها وفي تطاول على المكاسب الشرعية لثورة أصبحت عبثيَة.. يحيلنا إلى سياسة الاستبداد التي تسلكها حكومة تقصي كل مخالف لإرادتها وتتبنى سياسة الترهيب والترغيب وفق ما تقتضيه مصالحها في دفاع مستميت عن هيبتها التي باركها تآلف أرباب نخلة عاقر وحمامة مشؤومة.. 
فقد عبّر الغنوشي عن دعمه لحكومة الوحدة الوطنية من أجل مواصلة مسيرة الانتقال الديمقراطي مقترحا على الشاهد دعوة كلّ الموقعين على وثيقة قرطاج للاجتماع من أجل تجديد الالتزام بالوثيقة وتجسيدها والقيام بتقويم جاد لمحصول ستة أشهر من الأداء الحكومي.. في المقابل أكّد الابن البار للباجي قائد السبسي أنه يؤيد قرارات الشاهد الذي يملك جميع الصلاحيات التي تمكَنه من إقالة وتعيين الوزراء مصرَحا بأنه لم تتم استشارة حزب النداء بخصوص التحوير الأخير.. وهو أمر بديهي.. طالما أنَ قرار التحوير نابع عن حزب النداء فمن الغباء أن يستشار صاحب القرار..
وبين مسرحيَات الحكومة سيئة الإخراج وكواليس قرطاج، تتخبَط تونس تحت أقدام مغتصبيها ويتجرَع الشعب سياط البؤس حالما بغد أجمل يحمله عقل مسطول يدخَن «السبسي» بتحرر ويحَرر آل السبسي من ضغوط الشعب وما يستدعيه تسييره من تفنّن في سياسات الخداع والمغالطات.. خوفا على الملك من بيدق الشعب الذي إذا ما استفاق على حقيقة وضعه..سيطيحه كما أطاح من قبله.. فلو دامت إليك لما آلت إليك..


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire