mardi 14 mars 2017

من الوزارة الأولى إلى قصر قرطاج (1) : مسلسل يوميات الرئيس




قد يبدو للوهلة الأولى أن المسلسل الذي ارتأت الثورة نيوز كتابة سيناريو له معهود عند التونسيين مستهلك غير أن الأمر غير ذلك وهدف المسلسل عميق وذو مغزى ...و ما مبادرتنا بإعادة تدوين أحداث الماضي وربطها مع الحاضر إلا للكشف أولا على عديد الحقائق الجديدة والكواليس التي لم تظهر وظلت متسترة وثانيا للتأكيد على أن الحقيقة ضاعت فعلا من اللحظات الأولى وثالثا للوقوف عند الاخلالات وأوجه التلاعب ورابعا لتأريخ الأحداث وخامسا لاستشراف للمستقبل وإصلاح ما يمكن إصلاحه في قادم الأيام 
و ما جرنا للحديث عن الرئيس إلا هذه الفوضى العارمة التي ظلت البلاد تعاني منها ...ثم لا ننسى أن نار الفضائح طالت العديد من المسؤولين في عهده  ..فقد ظن أصحاب المعالي أنهم بسلطتهم النافذة قادرون على إخفاء انحرافاتهم وعوراتهم وأساليبهم القديمة الجديدة لكن يبدو أن حظهم عاثر وفكرهم سقيم ..ارتباكاتهم لا يمكن حصرها والسلطة لم تستطيع سترها ... وتأكد أن دولة ما بعد الثورة لم يحكمها الضالعون في السياسة والعارفون بأسرارها. 
«الثورة نيوز» ارتأت آن تمنح للقراء مسلسل الرئيس علها تكون شهادة مرشفة عن عصر تونس الحزينة ...فمتابعة شيقة 


الباجي القايد السبسي رئيسا للحكومة

لفظه بورقيبة ... استغنى عنه بن علي ...فنثرت عنه حكومة الظل الغبار ؟؟
استمد من تجربته القديمة سياسة العصا الغليضة؟؟
سيناريو محبوك سياسيا وماليا وإعلاميا لتنصيب الباجي على رأس الحكومة؟؟
اعتماد الأسلوب الساخر لاستمالة التونسيين والآيات القرآنية لبث الراحة في قلب الإسلاميين ؟؟ 
مازال الشارع السياسي التونسي يتذكر كيف نفخ في صورة الباجي القايد السبسي وكيف مكنته الآلة الإعلامية من البروز فجأة بعد الثورة في وقت كانت فيه حكومة محمد الغنوشي تتداعى للسقوط ...
أطل على المتفرجين الباجي القايد السبسي في حوار مطول بث في وقت يتسمر فيه التونسيون أمام التلفاز لمشاهدة آخر أحداث الثورة وأجواءها ومستجداتها... وهو حوار محبوك على المقاس نسجت خيوطه قوى خارجية وداخلية ارتأت لعب ورقة الباجي السبسي في المشهد السياسي التونسي خدمة لاجندا معينة...
والحوار الشهير الذي بث ليلة الاثنين 17-1-2011 على قناة نسمة ذات الرأسمال التونسي والأجنبي وقدمه المكلف بالإعلام في قناة القروي معز السيناوي بعل سلوى السيناوي المديرة التنفيذية السابقة لشركة مايكروسفت بتونس بعد أن مكن الباجي من قائمة الأسئلة المبرمجة مسبقا في صورة توحي أن النية كانت من وراء الحوار تقديم الرجل في أبهى تجلياته ومنقذا لثورة قد تموت في المهد ولبلاد قد تتقاذفها الأزمة فتهوي بها في الهاوية ...
شهرا بالتمام بعد الخطاب الذي تكرر مرارا على نفس الشاشة وتلقفته شبكات التواصل الاجتماعي المجندة وغير المجندة لتنشر فحواه في كل المواقع وعبر ملايين الصفحات كان الهاتف السري الذي تلقاه الباجي قايد السبسي من شخصية قيل عنها أنها كمال لطيف رجل الظل في كل الحكومات المتعاقبة على تونس عجل بمجيئه إلى قصر قرطاج تحت وطأة الظلام وسرا ... وكانت له محادثة مباشرة مع فؤاد المبزع «فوفو» الذي سارع بدوره إلى إعلان اسم الباجي القايد السبسي رئيسا للحكومة خلفا لمحمد الغنوشي المخلوع بغضب الجمهور ...



من بورقيبة إلى بن علي إلى الثورة 

كمستشار للزعيم الحبيب بورقيبة ثم كمدير إدارة جهوية في وزارة الداخلية وعام 1963 عين على رأس إدارة الأمن الوطني بعد إقالة إدريس قيقة على خلفية المحاولة الانقلابية التي كشف عنها في ديسمبر 1962
وفي العام 1965 عين وزيرا للداخلية بعد وفاة الطيب المهيري. وقد ساند من منصبه التجربة التعاضدية التي قادها الوزير أحمد بن صالح. تولى وزارة الدفاع بعد إقالة هذا الأخير في 7 نوفمبر 1969 وبقي في منصبه لغاية 12 جوان 1970 ليعين سفيرا لدى باريس. جمد نشاطه في الحزب الاشتراكي الدستوري عام 1971 على خلفية تأييده إصلاح النظام السياسي. وعام 1974 وقع رفته من الحزب لينضم للمجموعة التي ستشكل عام 1978 حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة أحمد المستيري.. وكان وجوده على رأس لجنة الشؤون السياسية والخارجية في مجلس النواب حافزا لبن علي كي يختاره رئيسا للبرلمان لسنتين بين 1989 و1991 قبل إخراجه منه في انتخابات 1994 قبل ان يعود إلى الحياة السياسية في سن تناهز 85 لقيادة المرحلة الانتقالية ابّان الثورة في وقت تحتاج فيه الدولة إلى سواعد شباب وكفاءات مستقلة ....


الاقتباس من التجربة القديمة 

كان ظهور الباجي القايد السبسي للشارع في كلمة أولى له أثار العديد من الأسئلة الحائرة المرتبطة أساسا بمصير الثورة وملفات الفساد خاصة وان الرجل ساقته إلى دكة الحكم أياد خفية... قلنا كان الظهور التلفزي للباجي القايد السبسي الذي رافقه معز السيناوي إلى الوزارة الأولى في خطة مكلف بالإعلام  عول الباجي على صورة الرئيس الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة معتمدا على الاسلوب الهزلي الساخر للتمويه واستقطاب الجماهير والايات القرانية لارضاء التيارات الاسلامية ... 
وكانت اول رحلة الفضائح في حكومة الباجي السبسي بـ: 
* إحباط الإعتصام بالقوة من خلال ضرب طوق أمني شديد حول ساحة القصبة ثم تفريق المعتصمين بواسطة الهراوات والقنابل المسيلة للدموع وترويعهم بالدراجات النارية التي كانت تلاحق المتظاهرين، ومن ثم القبض على عدد من الشباب والقصر.
* نشر رواية الحكومة في وسائل الإعلام الرسمية حول ابتداء المتظاهرين بالعنف، وتحريف هذه الوسائل لفحوى المطالب كما فعلت موزاييك بتحريف مطالب الإحتجاج وتقديمه على أنه من أجل ألحق في قاعات الصلاة في المعاهد والجامعات وهو ما سيعمق الشرخ المصطنع بين العلمانين والإسلامين.
* تركيز وسائل الإعلام على قضايا خلافية تقسم المجتمع التونسي وتجعله متخوفا من صعود الإسلامين إلى السلطة ومحاولة ربط هذا الصعود بتخلي تونس عن مكتسباتها المدنية، مثل فتح موضوع الحجاب والإرث البورقيبي.
الأسبوع القادم :
حكومة الباجي قايد السبسي : التجاوزات والاخلالات التي لا تغتفر 

 حبيب العرفاوي



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire