mardi 21 février 2017

حينما تقضي المحسوبية على هيبة الدولة : أسرار الإدارة تباع على قارعة الطريق




ألزم الفصل 35 من المرسوم الإطاري عدد 120 لسنة 2011 المتعلق بمكافحة الفساد كل المواطنين بإعلام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ما بلغ علمهم من جرائم فساد :"على كل شخص مادي أو معنوي مد رئيس الهيئة بكل ما لديه من وثائق أو تصاريح حول كل ما بلغ إليه أو كل ما تعرض له وما أمكن الحصول عليه من معلومات وبيانات تندرج ضمن مهام الهيئة".
أما الفصل 3 من القانون عدد 77 لسنة 2016 المتعلق بالقطب الاقتصادي والمالي فقد نص على ان القطب يختص بالجرائم الاقتصادية والمالية المتشعبة والجرائم المرتبطة بها المرتكبة في مجال المال العام والمال الخاص الموضوع تحت يد الموظف العمومي أو شبهه بمقتضى الوظيفة والديوانة والجباية والصرف والسوق المالية والبنوك والمؤسسات المالية وتمويل الأحزاب والجمعيات والانتخابات و الأنشطة التجارية والاقتصادية.
وقد استغل المندسون والمجندون داخل الإدارة الانفلات والإهمال وغياب الرقابة والمتابعة ليقوموا بتسريب الابلاغات المتعلقة بالتهرب الجبائي والفساد بكل أنواعه إلى أولياء نعمتهم من أعضاء عصابات الفساد وحتى مدهم بنسخ منها. الغريب في الأمر ان بعض المسربين معروفون لدى الأجهزة المعنية بحماية امن الدولة باعتبار أنهم يجالسون العصابات بالمطاعم الفاخرة والحانات ويمدونهم بأسرار الإدارة دون الحديث عن الذين وضعوا سيارات وعقارات وحسابات بنكية على ذمتهم. هل من المعقول والمقبول ان لا يكون لنا جهاز استعلامات ناجع لكي يتتبع الفاسدين المجندين داخل الإدارة من قبل عصابات التهرب والفساد المالي وغيرهم.
هؤلاءأصبحوا يشكلون خطرا على زملائهم الذين يحضرون معهم اجتماعات عمل تتعلق بمكافحة التهريب والفساد ونهب الدعم العمومي والحصول على الصفقات العمومية بواسطة التحيل والرشوة لأنهم يسربون لأولياء نعمتهم كل ما يدور داخل تلك الاجتماعات والإجراءات المتخذة ومواقف الموظفين المعادين لمصالحهم. تبعا لذلك، اصبح بعض الموظفين في وضعية تهديد ومتابعة وملاحقة من قبل أشخاص مجهولين لإسكاتهم وثنيهم عن القيام بمهامهم. ان مافيا الفريب على علم تام بما تعتزم الحكومة اتخاذه من اجراءات للتصدي لجرائمها ونهبها وفسادها بعد ان سرب اليها المندسون كل الوثائق والتقارير والمعلومات المتعلقة بملف الملابس الجاهزة، وهي الان تعمل على تعطيل الاصلاحات الضرورية.
بعض الذين تم غرسهم داخل الوظيفة العمومية من قبل عصابات الفساد التونسية والأجنبية يسربون كل المعلومات المتعلقة بالصفقات العمومية وبالأخص الدولية وفي بعض الأحيان يصوغون كراسات الشروط على مقاس تلك العصابات حتى يتم اقصاء بقية المنافسين. كما ابتدع هؤلاء اسلوبا اخر لتمكين اولياء نعمتهم من الاستحواذ على الصفقات العمومية باثمان مشطة ومضاعفة تتمثل اساسا في عرقلة الصفقات العمومية وجعلها غير مثمرة بالتعاون مع الفاسدين المشرفين على تلك الصفقات الذين يجدون المبررات الفاسدة لإبرام الصفقة بالمراكنة مثلما هو الشأن بالنسبة للصفقات المتعلقة بالشركة التونسية للكهرباء والغاز المعروضة اليوم أمام القطب الاقتصادي والمالي والتي تورط فيها وزراء سابقون.
بعض الخونة من الوزراء السابقين في عهد المخلوع وكذلك في عهد الترويكا بعثوا بشركات استشارة وسمسرة ورشوة وفساد بضفاف البحيرة للتوسط في الصفقات العمومية وبالاخص الدولية خدمة لعصابانت النهب الدولية وهم الان بصدد تخريب الادارة من خلال غرس عيونهم داخلها وهتك اسرارها وتسريب وثائقها وتقاريرها وكشف صفقاتها التي اصبحت تباع وتشترى على قارعة الطريق بضفاف البحيرة. هل من المعقول والمقبول ان يبادر وزراء الترويكا وكتاب دولتها مباشرة بعد الاستقالة من الحكومة باحداث شركات استشارة ودراسات ووساطة في الاستثمار أي في مجالات لها علاقة بمهامهم السابقة وبالاسرار التي كانت بحوزتهم دون التقيد بفترة التحجير الواردة بالفصل 97 ثالثا من المجلة الجزائية.
ان اعلان الحرب على الفاسدين يقتضي المبادرة فورا بضبط قائمة في الخونة المغروسين داخل الادارة ومراقبة تصرفهم وكذلك تحديد المافيات والعصابات التي يعملون لفائدتها وتطهير الادارة منهم ومن رجسهم والتعاون مع منظمات المجتمع المدني لتبني مقترحاتها التشريعية التي سوف تؤدي حتما الى توفير موارد هامة للخزينة العامة من شانها تمويل الاستثمارات بالولايات المنكوبة والمهمشة وخلق مواطن شغل ومكافحة الفقر والجهل والياس والارهاب. ان الاصلاحات العاجلة يمكن تمرير جزء هام منها في اطار مشروع القانون المتعلق بحماية المبلغين وكذلك مشروع القانون المتعلق بالاثراء غير المشروع وتضارب المصالح وشفافية الحياة العامة حتى يتم الضرب على ايدي الخونة الذين هم بصدد ترهيب المبلغين وتعذيبهم وحشو مشاريع القوانين بالتفاهات لمزيد تفويت فرص الاقلاع خدمة لاولياء نعمتهم من المخربين والكناترية والمتحيلين وفاقدي المواطنة. كما ان اعلان الحرب على الفسدين يقتضي تحييد وفضح النواب الذين يوجدون في وضعية تضارب مصالح والذين يحرصون اليوم على عدم احترام اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد وتعطيل مشاريع القوانين المتعلقة بالاصلاحات الضرورية واللازمة.
لماذا لا يبادر رئيس الحكومة ووزير الوظيفة العمومية والحوكمة وكل الوزراء وكتاب الدولة واجهزة الامن بفتح تحقيق بخصوص الخونة المجندين بمختلف المصالح الادارية وبالاخص مصالح الجباية والاستخلاص والديوانة. لماذا لا يتم تسليط اشد العقوبات على اعضاء هياكل الرقابة والتفقد والتدقيق الذين هم بصدد تسريب الابلاغات بعد ان فاحت رائحة فساد البعض منهم.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire