samedi 4 février 2017

الباجي والحاجب




إلى أين المسير؟... أي الطرق نسلك ؟... أنهبط الوادي أم نعلق بالجبل... إنها حيرة السياسة في بلد منكوب... ولسنا نعلم إلا أنّا هائمون ضائعون، يقودنا ولد صغير يتعلم السياسة في المهد، ويحكمنا فيها شيخ عاجز ناهز على التسعين...
 عمّا تسألون ؟ أعن أثمان الخبز في بلد القمح ؟ أم عن أسعار الخضار في بلد الخضار ؟... زيتوننا لا نأكله وتمرنا حرام في أفواهنا ؟
 بحرنا حرام علينا حلال لأعدائنا... هواؤنا النقيّ ملوّث بجرائمكم ؟...غازنا، بترولنا،  فسفاطنا، ملحنا... كل خيراتنا وثرواتنا نهب لكم ... أما نحن، فإنّا ها هنا قاعدون، جائعون، حائرون.


من هناك سيدنا الباجي يكذب ويكذب... حتى إنه بكى يوما بكاء مُرّا، وشقّ الجيب فينا... وقال قولته الشهيرة في السوق والناس حيارى:" يا لله في الناس... أيبلغ الفلفل دينارين في أرضنا ؟ أهذا معقول... أعقل أم جنون ؟
بعد عامين كان الباجي نائما في عرشه، وحوله الخدم، والحشم، والعسس، وبين يديه ينط مستشاره "ابن تيشه" نطّ الولدان... فجاءه مخبر قوّاد فقال:"... يا مولانا الباجي... الناس قد ضجّوا... والفلفل مفقود قد أصابه مسّ من الجنّ... أَفَتَخرُج للناس، فتبكي فيهم نفاقا لأجل الفلفل... يا سيدنا."
 أفاق الباجي من سكرات نومته، ونفض عنه غطاءه... وخرج إلى العامة من الرّعاع والمغفّلين غاضبا حانقا تَبَّارا... ثم كظم غيظه...وأطلّ عليهم إطلالة الإمام يسكنه الورع، وحنَّ كمثل حنين النُّوق... وبكى دموعا حرّى... حتى شرق كل الناس في السوق... ونادى المنادي فيهم:"... أَ نشتري الفلفل بدينارين يا رئيسنا ؟... الفلفل قد صار ب4 دنانير يا مولانا الباي..."
  كفكفَ الباي دمعه... وقال:" الحمد لله الذي وهبنا هذا الملك... صبرا أهل السوق فموعدكم الفلفل في الجنة"... ثم عاد إلى سرير النوم فغاب طويلا.
من هناك كان حاجب الحجاب يوسف الشاهد يرفل في الحرير والزبرجد والياقوت... قد وهبه له مولاه الباجي، وأخذ منه البيعة أن ينوبه زمن غفوته إذا طال به المنام، وكانت الدهماء جائعة... وما فهم صاحبنا يوسف الصغير من السياسة إلا التّصاوير مع الحسان، وما تعلم سوى الضحك مع المنافقة من الناس.
وكان له وزير حربية عييّ لحّان، لا يفهم من العسكريات شيئا وهو طالب قانون... فعلموه المشي مشية العسكر حتى نسي مشيته.
ومن هناك وزير رياضة، هي امرأة ولهاء، لا تحسن لا الجري ولا القفز... أما وزير الداخلية فهو مختبئ في جرته لا يرجو ثبيرا.
... بعد زمن أفاق الباجي كرّة أخرى، ونادى :" فريقنا القومي... مهزوم، مهزوم، مهزوم... نادوا الي الحاجب يوسف."


أيا يوسف أين المفر؟
 البحر أماكم والعدو من وراءكم... وأنت، لست ملاّحا ولا بحّارا ولا قائدا مغوارا.... فإذا أزف ميقات الطوفان، فإنك من المغرقين في الهاوية، وما أدراك ما هي ؟ نار حامية... فإذا هاج الناس فانه الطوفان.
 أنا هنا، مخاطبكم  من سجني أناديكم... أنا لعنة الاستقصاء في فساكم.
 قد كان نداء الباجي خديعة دهر لشعب مغفل... فاز الباجي بالسلطة وترك الفتات لأهل الفتات.
 يا سيدنا الباجي الزمن دوّار... يوم لك، ويوم عليك... والحرب سجال... والسجن للرجال.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire