lundi 23 janvier 2017

في قضية محمد الحاج منصور القضاء العسكري يصدر حكما قضائيا ضد حرية الصحافة : «صفقة مدرعات الكيربي التركية الاسرائيلية»




...إنارة للرأي العام، واحتجاجا ضد الحكم القضائي الجائر، الذي أصدرته الدائرة الجناحية بالمحكمة العسكرية الابتدائية الدائمة بتونس... برئاسة القاضي منير صولة... في حق مدير الثورة نيوز... وهو أول حكم يصدر بعد الثورة ويقضي بسجن صحفي على خلفية مقال نشره حول شبهات فساد في صفقات التسلح.
ـ في عدم إختصاص القضاء العسكري:
حيث أن المشرع ولئن خص المؤسسة العسكرية بنص تشريعي إستثنائي وهو م.م.ع.ع والذي أسند صلوحية مقاضاتها وتتبعها لدى جهاز قضائي عسكري إلا أن هذا الإستثناء لا يمكن أن يرتقي إلى مبدأ وبمقتضاه يقع إستباحة المنظومة التشريعية العامة ولا إستبعاد النصوص القانونية الخاصة التي تنظم بعض القطاعات والتي تستوجب إجراءات خاصة وقطاع الصحافة والإعلام لا يشذ عن هاته القاعدة إذ نظم مقاضاته حتى جزائيا المرسوم 115 الصادر سنة 2011 الذي نظم وقنن النشاط الإعلامي بجميع أصنافه من سمعي وبصري وورقي.
وحيث أن المنوب هو صاحب الجريدة الورقية الثورة نيوز المستوفاة لشروط الإيداع والنشر والطباعة وهو ما يوجب مقاضاتها مدنيا أو جزائيا وفق مقتضيات المرسوم 115.
وحيث أن الفصل 79 من ذات المرسوم يلغي جميع نصوص السرقة والتي من شأنها ترتيب عقوبات إستثنائية ليؤسس في بابه الخامس جميع العقوبات التي تتسلط على الصحفيين والناشرين في صورة إخلالهم بواجباتهم المحددة طبق المرسوم بما فيها أخلاقيات العمل الصحفي والنشري.
وحيث أن إحالة العارض على معنى الفصل 91 م.م.ع.ع و128 م.ج بمناسبة مقال صحفي مؤرخ في 18 مارس 2016 صادر بالجريدة الورقية للثورة نيوز فيه خرق صريح لمرسوم الصحافة وكذلك تعد على حرية التعبير وتضييق على ممارسة العمل الصحفي وحيث نص نفس المرسوم على أن مقاضاة الصحفيين يكون أمام القضاء العدلي دون سواه مما يجعل المحكمة العسكرية غير مختصة لمقاضاة المنوب لكون الفعل الذي أتاه وفرضا إن شكل جريمة وإقترف فعل ضارا فهو جاء في مقال صحفي عبر فيه عن آرائه ولم يحد على الخط التحريري لصحيفة الثورة نيوز المختصة في الصحافة الإستقصائية والتشهير بالفساد والتبليغ عنه.
وحيث أن المقال موضوع إثارة الدعوة العمومية ومنه التتبع الجزائي الغاية منه الكشف عن مجموعة من الصفقات لفائدة المؤسسة العسكرية تحوم حولها شبهات الفساد حسب رأي صاحب المقال مقدم مجموعة من الأسانيد والإدلة متعددة المصادر والمراجع.


وحيث أن المؤسسة العسكرية ولئن تتمتع بإمتياز السرية في إدارة أعمالها بالنظر لحساسية الدور والمهام الذي تتطلع به وكذلك أدائها لواجبها تجاه الشعب والوطن والعلم ورغم إجلالنا لهاته المهام والأدوار إلا أن ذلك لا يحول صحفيا من الإتيان على تفاصيل صفقات تحول حولها شبهات وفق لأدلة ومصادر سنأتي عليها (من باب الخوض في الأصل) 
وحيث أن المقال الصادر في الثورة نيوز ومن خلال أعمال صاحبه الإستقصائية كانت غايته التبليغ عن شبهات فساد لمن له النظر كالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والنيابة العمومية وكذلك كانت غايته حماية المؤسسة العسكرية ولم تكن له النية المس بها أو كرامتها ومعنوياتها وذلك بالحث على تمكينها من معدات ولوجستيك من شأنه المساهمة في إعانتها في الإظطلاع بدورها لحماية البلاد لا جعلها محرومة ومعزولة عما يلزمها من معدات للقيام بواجبها ومحاربة الإرهاب الذي يهددنا اليوم.
وحيث أن ما ذهبت إليها النيابة العمومية من إعتبار الفعل بل قل إصدار المنوب لمقال صحفي عمل إجراميا إستثنائيا فيه حط من معنويات الجيش على معنى الفصل 91 من م.م.ع.ع وموجب المثول أمام المحكمة العسكرية خارقا للمرسوم 115 والذي خص مؤاخذة الصحفيين في صورة إرتكابهم لجرم يكون مرجع النظر القضاء العدلي دون سواه.
وحيث أن مثول المنوب أمام الجناب فيه خرق صريح لدستور البلاد الصادر في 14 جانفي 2014 وتحديدا الفصل 31 الذي ينص على حرية الفكر والتعبير وهو ما يجعل تمسك محكمة الجناب بمقاضاة المنوب مخالفا للدستور وغير دستوري.


وحيث أن التمسك بنصوص الإحالة يمثل خرقا وإلغاء دون موجب شرعي وقانوني للمرسوم 115 وكذلك إعتداءا على حق النفاذ على المعلومة وهو ما يجعل من المحكمة العسكرية غير مختصة لصبغتها الإستثنائية.
وحيث ولجميع ما سبق بيانه وإعادة الأمور إلى نصابها وإحتراما لمبدأ دستورية المحاكمة وإحتراما لمرجع الإختصاص الحكمي الذي أسند صراحة للقضاء العدلي بخصوص جرائم الصحافة فالرجاء من عدالة الجناب التفضل بالتخلي عن دعوى الحال لعدم الإختصاص الحكمي وإحالتها لمن له النظر عملا بالدستور والمرسوم 115 المتعلق بالصحافة.
حيث أورد المنوب في مقال صحفي مؤرخ في 18/03/2016 وجود صفقة مشبوهة تتعلق بتزويد الجيش التونسي من شركة تركية بأكثر من 100 مدرعة مضادة للألغام من طراز KIRBY وهي نسخة من المدرعة الإسرائيلية NAVIGATOR بثمن خيالي لا يتناسب والمواصفات العسكرية لضمان الحماية الجسدية لراكبيها.
وحيث أجابت الإدارة العامة للمعدات الدارجة لدى قلم التحقيق بأنها إحترمت جميع إجراءات إنجاز الصفقة طبق القانون كما أضافت إلى أنه نظرا لحالة الإستعجال وسعيا إلى إختزال الآجال تم تكليف لجنة من طرف وزير الدفاع الوطني عهد إليها الإستقصاء الميداني للصناعات العسكرية التركية وتم إختيار العربة
MRAP VEHICULE ( 4* BMC-KIRBY (4
وحيث أضافت الإدارة العسكرية لمبدأ توحيد الأسطول وتسهيل عملية الإسناد والتصليح تم إنجاز صفقة أخرى مع نفس المزود بـ 101 عربة من نفس النوع وتمت عملية الإقتناء بالتفاوض المباشر عملا بالأمر عدد 36 لسنة 1988.
وحيث وبداية وتأكيدا لما جاء في مقال المنوب تتمثل الخصوصيات الفنية للمدرعة "كيري" فهي النسخة التركية للمدرعة الإسرائيلية NAVIGATORالمصنوعة من قبل الشركة الإسرائيلية "هاتيهوف" مقرها بالناصرة وعدد سجلها التجاري 20070109 والشركة التركية التي تقوم بالتصنيع بترخيص كيربي هي شركة BMC وهي مكلفة بصنع الهيكل الرئيسي ، الدرع الفولاذي ونظام التعليق والرشاش الخفيف عيار 7.62 مم المركز على البرج والجانبين والمحرك يتم تصنيعه من قبل الشركة الأمريكية "كوميس" ويتم صنع علبة "ألتروس" من قبل الشركة الأمريكية "أليسون" .
وحيث وللتأكيد على ضعف القدرة القتالية لهاته المدرعة والتي يمكن إكتساحها حتى بألغام بدائية مسارعة الجيش التركي إلى التوقف عن إستعمالها لما تكبده من خسائر أثناء تصديه لإقامة دولة كردية وسعييه للتصدي لقوات البشمركة الكردية التابعة لحزب العمال الكردستاني.
وحيث وللتأكيد على عدم جاهزيتها نذكر باللغم البدائي الذي إنفجر في جبل السمامة بالقصرين وتمكن من شطرها وإختراق درعها مما أدى إلى إستشهاد 03 عسكريين وإصابة 7 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، ولعل هاته الواقعة الأليمة تفند ما ذهب إليه ممثل الإدارة العسكرية لدى قلم التحقيق والذي أطنب في تعداد خصائصها القتالية وحصانتها الفنية والدرعية تجاه الألغام بأنواعها على خلاف الواقع .
وحيث أشار المنوب في مقاله بأن الشركة مفلسة فموقع "نواة" أفاد بأن الشركة التركية BMC إستأنفت نشاطها على إثر توقيع عقد معجزة ابرمته مع الدولة التونسية لتزويدها بمدرعات "كيربي" نقلا عن وزير الدفاع التركي في ذلك الوقت "عصمت يلماز" الذي تحدث في الصحيفة التركية " دنيا".
وحيث لنا أن نتساءل لماذا لم ترد الإدارة العسكرية ضمن دفوعاتها بخصوص الثمن الفردي للمدرعة رغم أن المنوب صرح في مقاله بأن الصفقة المذكورة ثمنها خيالي رغم نقائصها الفنية وعدم نجاعتها الميدانية.
وحيث ولجميع ما تقدم يتضح أن إحالة المنوب على أنظار المحكمة العسكرية يفتقد إلى الوجاهة والأسانيد القانونية ولا ترتقي التهمة المنسوبة إلى مرتبة الفعل الإجرامي.
وحيث أن مثوله أمام المحكمة العسكرية فيه إعتداء صريح على حرية التعبير المكفولة بمنطوق الفصل 31 من الدستور وفيه إعتداء على حق النفاذ إلى المعلومة وتجريدا له من حقوقه الشرعية التي يكفلها له المرسوم 115 المتعلق بالصحافة وفيه حرمان متعمد من الضمانات الشرعية للمتهم والتي تكفلها المواثيق الدولية والقانون التونسي وفق هرميته وتحديدا مجلة الإجراءات الجزائية كما أن إحالة المنوب متضمنة لتأكيد قرينة الإدانة بمقتضى بطاقة الإتصال المنجزة من قبل الوكالة العامة للإستخبارات العسكرية بتاريخ 04/08/2016 والتي وردت في إطار إحالة إدارية عمودية بمقتضى توصية صادرة عن وزير الدفاع موجهة للقضاء العسكري المتعهد حيث ترتقي التوصية إلى مرتبة التعليمات خصوصا وأن وزير الدفاع يتحوز على سلطة الإشراف على النيابة العمومية مما صير التوصية أمرا بالتعهد دون إحترام إجراءات إثارة الدعوى العمومية وممارستها من قبل النيابة العمومية عملا بالفصل 2 من مجلة الإجراءات الجزائية . 

المستشار القانوني


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire