mardi 17 janvier 2017

الهياكل الفولكلورية المكلفة بمكافحة الفساد تحوّلت إلى جزء من منظومة الفساد : معطيات صادمة حول الفساد في الوظيفة العمومية




حجر الفصل 5 من القانون عدد 112 لسنة 1983 المتعلق بالوظيفة العمومية على الموظفين العموميين مباشرة أنشطة خاصة. غير ان نفس الفصل المشوب بالفساد نتيجة الثغرات التي تضمنها يسمح للموظفين المرخص لهم بمقتضى الأمر عدد 83 لسنة 1995 ان يباشروا أنشطة خاصة نكالة في العاطلين عن العمل وفي أصحاب المهن الحرة. ويمنح الترخيص بعد ان يتأكد الوزير ان نشاط الموظف الخاص ليست له تداعيات سلبية على الإدارة ولا يسبب أضرارا لها.
أما إذا كان النشاط الخاص الذي باشره الموظف دون الحصول على ترخيص له علاقة بمهام الموظف، فان الوزير مجبر على رفع أمره للنيابة العمومية على الأقل حسب أحكام الفصل 97 ثالثا من المجلة الجزائية والمنشور عدد 45 لسنة 1998 الذي سهرت رئاسة الحكومة والوزراء والولاة والمديرين العامين للمؤسسات والمنشات العمومية على تعطيله وعدم تفعيله. قلنا على الأقل لان الأحكام المتعلقة بالرشوة والفساد وجب ان تطبق باعتبار ان بعض الموظفين الفاسدين يستعملون وسائل الإدارة ومواردها لمأرب شخصية ويضرون بمصالح الإدارة والخزينة العامة عند القيام ببعض الانشطة مثلما نلاحظ ذلك في المجال الجبائي أين يغادر الموظف مكان عمله ليودع التصاريح الجبائية بالقباضات المالية ويصاحب المطالبين بالاداء للتدخل لفائدتهم لدى مكاتب ومراكز المراقبة الجبائية وهذا بالإمكان معاينته بيسر كل يوم دون الحديث عن المتقاعدين الذين يقومون بالسمسرة في الملفات الجبائية دون ان يرفع أمرهم وزير المالية ورئيس الحكومة ووزير الوظيفة العمومية والحوكمة للنيابة العمومية مثلما اقتضت ذلك احكام الفصل 29 من مجلة الاجراءات الجزائية ومنشور الوزارة الاولى عدد 45 لسنة 1998 رغم الشكابات الواردة عليهم من المتضررين.
اما التراخيص فعادة ما لا تمنح في عهد المخلوع إلا للمقربين والموالين مثلما هو الشأن بالنسبة لأحد الأساتذة الجامعيين بجهة صفاقس الذي تم منحه رخصة لانتحال صفة المحامي إلى حد الان ورغم مطالبة وزراء حكومة الترويكا والتكنوقراب بسحب تلك التراخيص الفاسدة واتخاذ الاجراءات اللازمة ضد الفاسدين الا ان دار لقمان بقيت على حالها. فعلى سبيل المثال لا الحصر، رفض وزير التعليم العالي الى حد الان سحب التراخيص التي منحت في ظروف فاسدة لبعض الاساتذة الجامعيين المقربين من منظومة المخلوع لمباشرة أنشطة خاصة على حساب الطلبة وجودة التعليم العالي التي هي في ترد مستمر.


اما في عهد حكومة الترويكا فقد اصبحت التراخيص تمنح من قبل الوزراء وكتاب الدولة والمديرين العامين دون مراعاة لتضرر مصالح الادارة والخزينة العامة والمهنيين. فالمرء يصدم عندما يطلع على حجم التراخيص المضمنة بمطالب استرجاع الأداء على التكوين المهني المودعة لدى الوزارة المكلفة بالتشغيل والتكوين المهني. فقد منح الشاذلي العابد كاتب الدولة للمالية المحسوب على حكومة الترويكا الذي خلف سليم بسباس تراخيص لمديرين عامين يغادرون اماكن عملهم والعبث بمصالح الخزينة العامة في مجال خطير مثل الجباية. من لا يعرف خطورة صفقات الفساد والسمسرة التي تعقد خلال الندوات التكوينية ومن لا يعرف ان عددا من الموظفين الفاسدين يغادرون أماكن عملهم لتنشيط ندوات نظمتها مكاتب بعث بها أبناؤهم وأزواجهم او أشخاص صوريون. وقد استغل هؤلاء الفاسدون غياب وإهمال وتواطؤ رئاسة الحكومة والوزراء وهياكل مكافحة الفساد لكي لا يعلموا الإدارة بمكاتب التكوين والاستشارة والتدقيق والتصرف الراجعة ملكيتها لقرين الموظف العمومي، التي هي في الحقيقة أوكار فساد وسمسرة ومنافسة غير شرعية، مثلما اقتضت ذلك أحكام الفصل 5 من قانون الوظيفة العمومية. إذا فعلى المواطنين ان لا يصدموا عندما يعلموا ان معدل عمل الموظفين في اليوم لا يتجاوز 8 دقائق وان فصول مشاريع قوانين المالية ومجلة الشركات التجارية تصاغ على مقاس الأبناء والأزواج والشركاء في الفساد لمزيد ملا جيوبهم على حساب خراب القدرات التنافسية للمؤسسات باعتبار ان حاميها حراميها وان تونس تحولت إلى ضيعات خاصة تساس من قبل العصابات والمافيات وان الهياكل الفولكلورية المكلفة بمكافحة الفساد تحولت إلى جزء من منظومة الفساد من خلال الميزانيات التي تهدرها.
وخلافا للشعارات الرنانة التي يرفعها من حين لاخر رئيس الحكومة ووزير الوظيفة العمومية والحوكمة وغيرهم بخصوص مسرحية مكافحة الفساد، رفض هؤلاء إصدار منشور في كيفية تطبيق أحكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي يحرض الموظفين على الإبلاغ على أعمال فساد الذي بقي معطلا بصفة متعمدة إلى حد الآن والذي نص على ما يلي :
على سائر السلط والموظفين العموميين أن يخبروا وكيل الجمهورية بما اّتصل بعلمهم من الجرائم أثناء مباشرة وظائفهم وأن ينهوا إليه جميع الإرشادات والمحاضر والأوراق المتعلقة بها. ولا يسوغ بحال القيام عليهم بالإدعاء الباطل أو بالغرم بناء على الآراء التي أوجب عليهم هذا الفصل إبداءها ما لم يثبت سوءنيته». وفي خرق صارخ لهذه الأحكام الواضحة التي لا تتطلب إلا إرادة صادقة لوضعها حيز التنفيذ بعيدا عن الكذب والنفاق، تم التنكيل بما يقارب 1000 موظف قاموا بالتبليغ عن أعمال فساد وتم إيقاف اغلبهم عن العمل دون ان يتحرك رئيس الحكومة الحالي للنظر في ملفهم وفي عصابات الفساد التي كانت وراء التنكيل بهم.
كما ان رئيس الحكومة المهموم على ما يبدو بمعضلة الفساد لم يحرك ساكنا إلى جانب وزير الوظيفة العمومية والحوكمة بخصوص الشكاية التي بعث بها أعوان الإذاعة الجهوية بصفاقس بخصوص فرض البطالة على الأعوان القارين مقابل تشغيل المتعاونين الخارجيين من الأحباب والأصحاب والأقارب وهذا الفساد نجده منتشرا بكل الإذاعات الجهوية والإذاعة المركزية وقد كلف الخزينة العامة سنويا ما يقارب مليارا و800 ألف دينارا كما ثبت ذلك من خلال تقرير دائرة المحاسبات الصادر خلال شهر فيفري 2016 دون ان يكلف نفسه عناء إحالة الملف على القطب القضائي المالي دون الحديث عن جرائم الفساد الخطيرة التي تضمنها التقرير.
رئيس الحكومة المهموم بمصيبة الفساد لم يكلف نفسه رفع أمر الموظفين الفاسدين إلى القطب القضائي المالي الذين يتغيبون عن المؤسسات العمومية المشغلة لهم ليباشروا أنشطة خاصة بمقابل وخير مثال في ذلك موظفو الإذاعة والتلفزة الوطنية وفي هذا اعتداء صارخ على أحكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية والفصلين 96 و97 ثالثا من المجلة الجزائية والمنشور عدد 45 لسنة 1998 الصادر عن الوزارة الأولى الذي يصر رئيس الحكومة على الدوس عليه.
رئيس الحكومة الهائم بكارثة الفساد لا زال يصر على إهدار المال العام من خلال تخصيص ميزانيات بمئات المليارات لتمويل الفساد صلب عدد هام من الدواوين والوكالات والمؤسسات العمومية والمجالس والهيئات الصورية التي لا تنتج إلا الدمار والخراب لهذا البلد وخير مثال في ذلك الهيئة العليا للحريات والحقوق الأساسية والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية وغيرها من الهياكل التي ساهمت في تعميق الأزمة التي يعيشها البلد. فعلى سبيل المثال لا الحصر، رفض شوقي الطبيب طلب قائمة الديون البنكية المتفحمة والديون البنكية التي تم شطبها خارج اطار القانون والمقدرة بأكثر من 13 مليار دينارا رغم ان الفصل 36 من المرسوم الاطاري عدد 120 لسنة 2011 المتعلق بمكافحة الفساد نص بوضوح على ما يلي :»لمحافظ البنك المركزي التونسي ورئيس هيئة السوق المالية ورئيس بورصة الأوراق المالية ورئيس مجلس المنافسة وكل الهيئات الأخرى المعنية مد رئيس الهيئة بكل ما لديهم من معلومات وبيانات ووثائق حول العمليات التي قامت بها مؤسسات القرض ومؤسسات التوظيف الجماعي وشركات الاستثمار والشركات المدرجة بالبورصة وتوحي بوجود ممارسات فساد. تقدم هذه البيانات والوثائق مباشرة وبمبادرة منهم إلى رئيس الهيئة. وعلى السلط والهيئات المشار إليها بالفقرة الأولى مد الهيئة بطلب من رئيسها بالمعلومات والوثائق ذات الصلة باختصاص الهيئة». يتضح من خلال هذه الأحكام ان رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومحافظ البنك المركزي يصران إلى حد هذه اللحظة على التكتم على هذا الملف الخطير الذي كلف المجموعة الوطنية ما يقارب 14 مليار دينارا.
رئيس الحكومة الهائم بمكافحة الفساد لم يبادر إلى حد الآن بإيقاف الموظفين الفاسدين الذين ارتكبوا جرائم شنيعة وخطيرة جدا تمثلت في اختلاس اموال الدولة واسقاط الديون العمومية وقبض رشاوى وتفويت الفرصة على الخزينة العامة في استخلاص ديونها ومواردها كمنح رفع اليد بعنوان عقارات معقولة لفائدة الخزينة العامة والتفويت فيها فيما بعد من قبل المدينين دون ان تتمكن الخزينة العامة من استخلاص مستحقاتها، علما ان تلك الجرائم كلفت المجموعة الوطنية عشرات مليارات الدينارات. كما رفض تطبيق أحكام الفصل 7 من القانون عدد 17 لسنة 1987 المتعلق بالتنبيه على الموظفين الذين رفضوا التصريح بمكتسباتهم وثرواتهم الفاحشة قبل طردهم ومراقبة تصرفهم إذا لم يستجيبوا في اجل 15 يوما.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire