lundi 16 janvier 2017

اغتيال ثورة : 6 سنوات عجاف... تجار السياسة والثورة المغدورة




في هذا الزمن الرديء، اتضح أن الطبقة السياسية التونسية في أغلبها إنما هي طبقة انتهازية وفاشلة، لم تقدر على قيادة شعبها إلى الحرية والرّفاه والأمان، ولم تستطع أن تقدم بدائل وطنية تدافع عن المصالح العليا للدولة... إنها طبقة سياسية استولت على السلطة بحيلة الديمقراطية وشرعية الانتخاب وتريد أن تستمر في وَطْء الغنيمة دهرَها، وليست مستعدة للتنازل عن السلطة رغم خيبتها.
إنها تقدم في كل أزمة من أزماتها حكومة جديدة ووجوها أخرى لامتصاص آثار الخيبة، غير أن الأزمة العميقة تستمر في خنق العامة والخاصة... إنها دولة تعيش منذ 6 سنوات على الاقتراض الدولي والتسوّل على عتبات كبار البنوك... دولة ينتشر فيها كبار اللصوص في ثوب التّقاة، وتتوسع فيها طبقة الجياع والفقراء أولئك الذين يقتاتون من زبالة الأغنياء ويلبسون الرَثَّ المُرَقّع... هي دولة مريضة حتى النخاع ولا أمل لها سوى الله... إذ ما معنى أن تتبدل الحكومات كل سنة ؟ أليس هذا دليلا على فقدان الاستمرار والاستقرار والرؤية الاستراتيجية للمستقبل؟
هل بمقدور حكومة الشاهد أن تنهض بالدولة المترنحة ؟
قطعا لا... انها تخبط خبط عشواء... وسيحتاج الناس إلى مسكنات كثيرة تؤخر هزة اجتماعية قوية وأزمة اقتصادية متفاقمة، إنها تنبئ بقرب الطوفان والفوضى العارمة.
 والمؤكد هنا أن حكومة يوسف الشاهد إنما هي حكومة عمْياء بلا استراتيجية، حكومة ضعيفة ومُتردّدةً، وبالتالي سوف تعجز عن تبديل الواقع أو النهوض بإصلاحات عميقة أو تحقيق آمال الفقراء والعاطلين والشباب... إنها تبيع الكذب والأوهام.
وفي التقدير فان الطبقة السياسية التي كانت تعارض نظامي «بورقيبة وبن علي» لم تكن تمتلك أي رؤية اقتصادية واجتماعية وطنية، بدليل أن هذه الطبقة السياسية في مجملها وهي تمارس الحكم، لم تستطع أن تقدم بديلا اقتصاديا واجتماعيا يحقق العدالة الاجتماعية والرفاهية المادية ويحافظ على سيادة الدولة...إنها طبقة تحكم وتتقاسم الغنيمة والفيء والريع... ولا تمتلك رؤى مستقبلية عميقة في الاقتصاد والتعليم والصحة والتشغيل وفي القضاء وفي الأمن القومي... ما عدا أن الحلف الحاكم إنما يؤسس لدولة استبداد جديد بقيادة ظرفية ذات رأسين الباجي والغنوشي سوف تتشظّى لاحقا... فشرعوا في مصادرة حرية التعبير وتدجين الصحافة وتوظيف الإعلام المرتزق واللاّ وطني... والعمل على إخضاع القضاء للسلطة التنفيذية.
وفي الداخل يعتصر المجتمع ذاته، ويتنامى فيه شعور بالإحْباط يَنْتاب «الضمير الجمعي» لدى عموم التونسيين, لأن المغامرين في السياسة استمروا في خصام وتنازُع مَقيت، حَوَّلهم من مرتبة النخبة السياسية التي تقود المجتمع، إلى مجرد طبقة سياسية مُهْتَرئة تحتكر الفعل السياسي وتَغْرق في الفساد والمؤامرات والدسائس والفضائح والسّباب والشتائم، إلا أنها تتمتع بمنافع الحكم... ويبقى الأمل محصورا في الدور التاريخي لاتحاد الشغل... في المناورة وإحداث التوازن.
ولَسَوف نعيش في الآتي من الزمن، عَشريّة من الفوْضى والظلم والخوْف والعَمَى، باسم «انتقال ديمقراطي» زائف، يُخفي في جلبَابه محنة مجتمعات عربية بدائية، لم تدخل بعدُ إلى زمن «الحداثة»، لأنها ببساطة تسافر في زمن «الانحطاط».





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire