dimanche 15 janvier 2017

اغتيال ثورة : 6 سنوات عجاف... فشل تجربة النظام البرلماني المشوّه




حين نتأمل عمق الأزمة يتبدّى لنا أن النظام السياسي القائم ما بعد دولة «زين العابدين بن علي»، هو النظام البرلماني المعدل، وهو الذي أسس له الدستور الجديد. وهذا النظام السياسي الذي اختارته الطبقة السياسية عن وعي وتدبّر، هو نظام قابل للنقد ولمعاودة النظر... بمعنى أن الدستور الوضعي ليس فكرة دينية مقدسة، وليس لاهوتا تسلم به العامة، لقد اتضح بعد مُراكمة التجارب أن هذا النظام البرلماني هو سبب الأزمة... وهو يحتاج إلى إصلاحات عميقة.
وقد أدّى هذا النظام البرلماني المعدل والمشوّه، إلى تشتيت مركزية السلطة وحوّلها من سلطة مُجمَّعة عند رأس الدولة، إلى سلطة تتشارك فيها أحزاب متنوعة ومختلفة باسم تفعيل فكرة الديمقراطية في الممارسة السياسية. 
ثم إن القانون الانتخابي قد سمح لأحزاب صغيرة وضعيفة بالدخول إلى البرلمان والمشاركة في الحكم، وذلك باحتساب أفضل البقايا، بما أسهم في تفتيت المشهد السياسي إلى جزيئات رقيقة تشظّت معها السلطة وضعُفت الإدارة ، وساهم ذلك في تفتيت البرلمان وإضعاف دوره التشريعي، وخلق خللا واضحا في بنيته، ذلك أن كل النصوص التشريعية لم يعد بالإمكان تمريرها ب»التصويت» بل بمبدأ «التوافق»، وهو السبب الرئيسي لتعطيل العمل التشريعي للمجلس وتحويله إلى ديكور مسرحي.
هذا «التوافق» ليس سوى حيلة سياسية استنبطها البعض لرتق الخلل القائم في النظام البرلماني، المنقسم إلى جزيئات أحزاب... لقد أصبحت حيلة التوافق بين الكتل النيابية مسألة مألوفة لدى النواب... لقد حول التوافق نواب الأغلبية إلى ما يشبه القطيع الذي ينفذ تعليمات الراعي... وفي المقابل عزل «التوافق» تلك الأقلية المعارضة وانحصر دورها في الاحتجاج والصراخ دون تأثير.
كان اقتسام السلطة السياسية على قاعدة المحاصصة بين أحزاب متحالفة قد أدى أيضا إلى تشكيل حكومات ضعيفة ومُنْفرطة العِقْد، تلك الحكومات سرعان ما تسقط دون أن تقدر على إنفاذ مشاريعها. لان رئيس الحكومة لا يعدو أن يكون سوى كبير للموظفين خاضع لنفوذ الأحزاب المتحالفة... يشاركه في عمله جمع من الوزراء غير الأكفاء، والمعينين على قاعدة الولاء والنفاق السياسي والانتهازية اللّا أخلاقية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire