dimanche 15 janvier 2017

اغتيال ثورة : 6 سنوات عجاف... هزيمة النخبة السياسية




السياسة بستان الدولة، والبستان في تونس قد أجدب وصار عقيما... فبعد انهيار نظام الحكم في 14 جانفي 2011 ارتبك المشهد السياسي وتجلت أزمة سياسية خطيرة في تونس، أثرت سلبا في كل مناحي الحياة، إنه العقم والجدب السياسيين... هي الهزيمة السياسية والفشل الاقتصادي والاجتماعي... كانت تلك النخبة التي تحتكر الفعل السياسي تعاني هي ذاتها عُصابا تاريخيا واغترابا سياسيا... إنها نخبة تدّعي احتكارها للثقافة وللمعرفة وللتجربة، وهي التي تريد أن تدير شؤون الحكم، وأن تُصرّف قضايا العامة بمنطق الوصاية على الدهماء، لأن هذا الشعب في تقديرها قاصر وغافل ولمّا يبلغ رشده.
هذه النخبة طالما دبّجت في الناس خطبا عَصْماء حول أفكار حالمة ومثالية: من قبيل الحرية والعدالة والمساواة والتعددية الحزبية والديمقراطية والتداول السلمي على السلطة والقبول بحق الاختلاف ومسائل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية...
خطبوا في الناس طويلا عن النظام الاقتصادي الإسلامي العادل والحلال، وحدثوا الناس عن النظام الاقتصادي الاشتراكي المدافع عن البروليتارية المسحوقة، ودافعوا عن رفاهية الحياة الجَذْلى في النظام الليبرالي... وكلها تزعم أنها قد وقعت على الحقيقة والسعادة المطلقة.
بَيْد أنّ تلك النخبة السياسية دون استثناء قد فشلت تماما في أول اختبار لها في تطبيق أفكارها وفي ترسيخ الديمقراطية سواء كانت حاكمة أم معارضة... وكل تلك الأحزاب والأفكار والإيديولوجيات كانت تدّعي أنها المعارض الموضوعي للكليّانية وللاستبداد وللسلطة القهرية وللظلم الاجتماعي زمن بن علي ... ثم ماذا ؟ بمجرد ان وصلت إلى الحكم تهاوت في الفشل... وانكشف خداعها.
ما هو السبب الجامع الذي أسقط كل هذه الحكومات بوزرائها وأحزابها؟
هل يوجد خيط رفيع يفسّر أسباب هذا الفشل السياسي ؟
منذ الاستقلال وخلال 60 عاما، تداولت 16 شخصية سياسية على منصب الوزير الأول أو رئيس الحكومة في تونس، والملفت للانتباه أن 9 وزراء أول حكموا القصبة مدة 55 عاما... وهي علامة دالة على ذلك الاستقرار السياسي في جسم الدولة زمني بورقيبة وبن علي.
 لكن وبعد 14 جانفي 2011 تاريخ الثورة، فإن 7 رؤساء حكومة حكموا ل6 سنوات فقط «بعد الثورة»... بمعدل 10 أشهر في ممارسة الحكم لكل وزير... إنه فشل سياسي يهدد استمرار الدولة واستقرارها.
 صحيح أن النظام السياسي تحول من نظام رئاسي إلى نظام برلماني. غير أن الانهيار السريع للحكومات يؤكد وجود أزمة في البنية السياسية، فالدولة لا تكاد تخرج من أزمة حتى تغرق في أزمة أخرى، إنها أزمات متعاقبة تُنبّهنا إلى خلل عميق في البِنَى السياسية والاقتصادية والاجتماعية... إنه بنيان مُختلّ، يَهتزّ ويَسَّاقط ويتهدّم عند كل زَلزلَة.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire