samedi 31 décembre 2016

في مشروع القانون المتعلق بحماية المبلغين عن الفساد مهازل تدمي القلوب.. من مشروع اتسم بكثرة العيوب



شرعت اللجنة المعنية بمكافحة الفساد صلب مجلس نواب الشعب في الاستماع لمختلف الأطراف التي يدعي البعض منها انه معني بمكافحة الفساد بخصوص مشروع القانون المتعلق بحماية المبلغين عن الفساد أو بالأحرى مشروع قانون تحصين الفاسدين وترهيب المبلغين مثلما يتضح ذلك من خلال البعض من فصول المشروع. فقد حرص رئيس الحكومة على تقديم مشروع قانون من شانه إسكات صوت المبلغين وترهيبهم حتى يتم تحصين الفاسدين وتنمية الفساد مثلما تشهد بذلك المراتب المشينة التي احتلتها تونس في سلم منظمة الشفافية الدولية.

وقد تضمن شرح الأسباب المتعلق بمشروع القانون جملة من المغالطات من قبيل الاستئناس بالتشريع الأمريكي واستشارة العموم ومنظمات المجتمع المدني لإبداء الرأي حول مضمون المشروع ويتساءل المواطنون وناشطو المجتمع المدني إن كان رئيس الحكومة قد استشار مواطني المريخ او الطوقو او مالي. وللدلالة على تلك المغالطات، يكفي معرفة أن المراقب العام داخل الولايات المتحدة الأمريكية وضع خطا اخضر على ذمة المواطنين ليبلغوا عن أعمال الفساد دون إلزامهم بالإفصاح عن هويتهم والحال أن مشروع القانون المقدم من قبل الحكومة يفرض على المبلغ كشف هويته وهذا شكل من إشكال الترهيب التي من شانها ثني المبلغين عن القيام بواجبهم المدني كمواطنين من حقهم العيش في بيئة خالية من الفساد.
أشار شرح الأسباب إلى الحرص على الأخذ بعين الاعتبار بأحكام الفصل 33 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والحال أن الحكومة لم تعمل كسابقيها على احترام إحكام تلك الاتفاقية دائسا بذلك على أحكام الفصل 20 من الدستور. فعلى سبيل المثال لا الحصر، حرصت الحكومة على تعطيل العمل بأحكام الفصل 7 من القانون عدد 17 لسنة 1987 المتعلق بالتصريح بمكتسبات بعض أصناف الموظفين دون الحديث عن انها لم تعمل على سن القانون المتعلق بالكسب غير المشروع وهو التزام تمت الإشارة إليه باتفاقية الأمم المتحدة. الأغرب من ذلك رئيس الحكومة لم ينص صلب المشروع على ضرورة حماية الشهود والخبراء والضحايا كما نصت على ذلك أحكام الفصل 32 من اتفاقية الأمم المتحدة.
اشار الفصل 3 من مشروع القانون الى ضرورة ان يتخذ القطاع الخاص كل الاجراءات والتدابير التي من شانها التوقي من الفساد والحال انه كان على رئيس الحكومة العمل على احترام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي نصت على ضرورة تجريم الفساد في القطاع الخاص وهذا ما تغافلت عنه المجلة الجزائية التونسية دون الحديث عن أعمال فساد أخرى لم يتم العمل على تجريمها بصفة متعمدة من قبل الحكومة كمغادرة الموظف لمكان عمله دون موجب أو تعطيله للعمل بالقوانين والتراتيب والمناشير والأحكام القضائية.
وبغاية ترهيب المبلغين وتحصين الفاسدين، نص الفصل 7 من المشروع على ضرورة القيام بالتبليغ عن أعمال فساد لدى الهيكل العمومي المعني به وليس لدى الهيكل المعني بمكافحة الفساد أو أي هيكل أخر معني بمكافحة الفساد أو ترك الخيار للمبلغ "مع مراعاة أحكام الفصل 11 من هذا القانون يوجه الإبلاغ عن الفساد وجوبا إلى الهيكل العمومي المعني به. إذ لم يقم الهيكل العمومي المعني باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقق من موضوع الإبلاغ والتعامل معه ضمن الآجال المحددة بهذا القانون، يتم اللجوء للهيئة. ويمكن أن يتم الإبلاغ عن الفساد مباشرة إلى العموم وفقا لما يضبطه الفصل 15 من هذا القانون".
لم يتطرق مشروع القانون إلى أكثر من 1000 موظف عمومي بلغوا عن أعمال فساد تم التنكيل بهم من خلال تجميدهم ونقلهم بصفة تعسفية وحتى فصلهم عن العمل والحال انه كان من المفروض التنصيص على تلك المظلمة الشنيعة ضمن الأحكام الانتقالية للمشروع حتى يتم إنصافهم وجبر الضرر لهم ومحاسبة الفاسدين الذين كانوا وراء معاناتهم.
فإذا كان رئيس الحكومة جادا في محاربة الفساد، فما عليه إلا أن يتخلى عن الإحكام الفاسدة المضمنة بمشروع القانون والتي تلزم المبلغ باللجوء إلى الإدارة التي تعج بالفاسدين والتي يوجد اغلب أعضائها في وضعية تضارب مصالح. لا احد بإمكانه أن ينكر أن الإدارة محتلة اليوم من قبل شبكات فساد منظمة ومخترقة لكل المواقع صلبها. الأتعس من ذلك أن برامج الإصلاح المزعومة يشرف عليها الفاسدون صلب الإدارة. أن إيجاد هيكل مختص تابع للوزارة يتولى تلقي الابلاغات لن يحل المشكلة. من لا يعرف ان التفقديات العامة صلب مختلف الوزارات معنية بمكافحة الفساد وسوء التصرف الا انها بقيت مشلولة بتدخل من شبكات الفساد المحتلة للوزارات. الأغرب من ذلك ان الموظف المغضوب عنه يتم نقله للتفقدية العامة التي تعرف بالثلاجة.
من لا يعرف ان شبكات الفساد المحتلة للوزارات تسهر على تحصين اعضائها والتكتم على جرائمهم وفسادهم والدليل على ذلك تعطيل احكام الفصل 29 من مجلة الاجراءات الجزائية الذي رفض رئيس الحكومة اصدار منشور في كيفية تطبيقه من قبل الموظفين، علما ان ذاك الفصل يتعلق بالتبليغ.
ان التجربة اثبتت ان الادارة لا يمكنها مكافحة الفساد اذا لم يتم تطهيرها من رموز الفساد الذين تبوؤوا المسؤوليات والذين هم بصدد تعطيل الاصلاحات الجوهرية والضرورية. تبعا لذلك، يبقى ترك الخيار للمبلغ لكي يقوم بواجبه لدى الجهة التي يختارها ويثق فيها وهذا التوجه وجب ان تحرص على تكريسه اللجنة البرلمانية المعنية بالتداول بخصوص مشروع القانون المعروض عليها والذي تم اعداده من قبل الوزير السابق بحكومة الصيد وكاتب الدولة في عهد المخلوع كمال العيادي الذي يكن عداء كبيرا للمبلغين عن اعمال فساد وقد عبر عن ذلك من خلال الزام المبلغ باللجوء الى الادارة وكشف هويته وكذلك احكام الفصل 45 من مشروع القانون الذي نص على ما يلي :"في حالات الابلاغ الكيدي، تسلط على المبلغ اقصى العقوبات المنصوص عليها بالفصل 142 من المجلة الجزائية ويحرم اليا من التمتع بالحقوق المنصوص عليها بهذا القانون".
ان الدول المتقدمة والراقية التي تراعى فيها الحقوق والحريات وضعت على ذمة مواطنيها منصات الكترونية لكي يبلغوا عن اعمال الفساد التي بلغت علمهم دون الكشف عن هويتهم لتتولى فيما بعد اجهزتها المختصة التحقق من صحة الابلاغات. فعلى سبيل المثال ينشر المراقب العام بالولايات المتحدة الامريكية تقريرا سنويا حول الابلاغات وعددها الجملي وعدد المخالفات والتجاوزات المضبوطة وعادة ما يكون عدد الابلاغات اكبر من عدد المخالفات. كما ان البلدان المتطورة وضعت خطوطا خضراء على ذمة مواطنيها لكي يبلغوا عن اعمال فساد دون مطالبتهم بالافصاح عن هويتهم.
فعلى رئيس الحكومة ان يكون متعاونا بخصوص تطهير مشروع القانون المتعلق بحماية المبلغين من الاحكام الفاسدة التي تضمنها والتي ترمي بصفة مبطنة إلى توفير حماية للفاسدين وليس المبلغين وان يكون لجنة خاصة للسهر على احترام أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المداس عليها اليوم في خرق للفصل 20 من الدستور. كما عليه أن يتقدم بمشروع القانون المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد المنصوص عليها بالفصل 130 من الدستور حتى يضع حدا لإهدار المال العام صلب ما يسمى بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تحولت الى عزبة خاصة يتمعش من ورائها الأحباب والاصحاب والاصهار والمتقاعدون من المتعاونين الخارجيين. فعلى رئيس الحكومة ان يتبنى مقاربة القطب القضائي الاقتصادي والمالي بالنسبة للفنيين الذين يمكن انتدابهم بصفة قارة صلب الهيئة وتفادي فساد المتعاونين الخارجيين مثلما هو الشان الان داخل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. كما يجب ايجاد اجراءات شفافة في تعيين من تتوفر فيهم الشروط لتسيير هيئة الحوكمة مع حرمان اصحاب المهن الحرة من التواجد صلب مجلس ادارتها او على راسها باعتبار انهم يوجدون بالضرورة في وضعية تضارب مصالح. اخيرا، لا يسعنا الا ان نسال رئيس الحكومة عن الاسباب الواقفة وراء عدم مبادرة هياكل الرقابة العمومية ودائرة المحاسبات بمراقبة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي يهدر من خلالها المال العام.       

1 commentaire:

  1. انا اسمى احمد سعيد من مصر
    عندى 28 سنة
    يتيم الاب و الام و عندى اخت بنت عندها 19 سنة
    حاصل على بكالوريوس نظم و معلومات
    بشتغل فى سوبر ماركت
    لو تقدر تساعدنى ادخل هنا
    http://ahmedsaidhelp.blogspot.com

    RépondreSupprimer