mercredi 28 décembre 2016

حركة نداء تونس: نشأ في المضيق... وهوى في واد سحيق




حركة نداء تونس: نشأ في المضيق... وهوى في واد سحيق

لم يبق من حزب حركة نداء تونس الذي حاز على المرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية الاخيرة سوى صورة النخلة الباسقة فحتى صاحبها غادر ولم يعد وراح باحثا عن جبهة ولدت لتموت ولو بعد حين ... بتشتته وتحوله إلى حزب قضايا مرفوعة من قبل بعض القيادات ضد القيادات أكد نداء تونس انه أصبح في صورة تشبه أو تكاد صورة الحزب المندثر وثبت على نفسه انه أشبه ما يكون بحزب شذاذ من قطعان والمنتمون له من القيادات الذين مسكوا بمقود تسير حكم تونس مرة يظهرون في صورة احد شراذم اليسار الفرنكفوني الذين أعطتهم الطاقة التي جعلتهم يجدون من أنفسهم القوة بحيث يخرجون من جحورهم ويُعلون أصواتهم مهددين البلاد والحقيقة انه هو من الذين كان يفترض فيهم أن يصمتوا وأن يلازموا جحورهم وبؤرهم الموبوءة، ومرة في صورة الغربان الذين يتهددون التونسيين ويسخرون من ثورتهم دون أم يدركوا أن التونسيين حكموا عليهم بالإقصاء في الحياة السياسية.

الحقيقة الكامنة اليوم ان حزب حركة نداء تونس الذي ظللت به بعض الوجوه من المنخنقة والمتردية والنطيحة الا ما رحم ربي، ومن مطرودي مختلف الأحزاب والتنظيمات الذين ما فتؤوا يتطاولون على من قضى عمره مناضلا وما عرف للهزل واللهو وقتا، بل ولب الغرابة إنهم ليتصدّرون لإعطاء الدروس في الوطنية والنضالية. هذا الحزب الذي يعج بحرفاء السياسة كان يريد دائما أن يقنع الناس أنه قادر وجدير أن يتحدث في المبادئ ومصالح التونسيين. ويمكنه أن يبني مستقبلا مشرقا لتونس، ولم يقل لنا هؤلاء البتة كيف لمن ما عهدناه إلا هدّاما أن يكون بنّاء، ومن ما عهدناه إلا خائنا أن يكون أمينا.... 

تشتت النداء واندثر ولم يبق منه سوى بعض الذين خربوه وجلسوا على تلة ففي جناح الحزب يتراءى زعيمهم نجل الرئيس الذي عرف عنه الزئبقية السياسية والتقلب على كل الواجهات، الغريب أن الرجل يعتبر هذا الهبوط ميزة سياسية ، وحالة النفاق المبدئي نوعا من البراغماتية والتجاوب مع الأحداث وتغيراتها المتواصلة ، ومواقفه تعبير واضح عن الحالة الذهنية لزعيم الطائفة الندائية ، وكل من يتابعون الأداء السياسي لنجل الرئيس يدركون أن الرجل يعيش حالة من الجنون السياسي لا علاقة لها بمواصفات السياسيين . فالمتأمل في تصريحاته يكتشف انه سياسي هجين يتقن جيدا فن التلون فتجده تارة يساريا وتارة إسلاميا وطورا قوميا مما يجعلك تضيع في تقاسيم شخصيته كما في تقاسيم وجهه وتتأكد من تشبعه بازدواجية الخطاب إلى درجة انك تخاله في بعض الأحيان نهضاويا مندسا داخل حزب النداء أو يساريا مندسا في صفوف الدساترة، حيث كثيرا ما يتشدق بتحقيق أهداف الثورة وهو يلبس قناع الثورجي الذي لا يشق له غبار فيما ان مواقفه وتحركاته على ارض الواقع لا يمكن ان توصف سوى بطعنات غادرة للثورة. في الجناح الثاني برزت النائبة انس الحطاب التي بانت في صورة طرطورة ويأتي تنزيلها منزلة الطراطير إيمانا منا ومنها بالمساواة بين الرجل والمرأة الذي تدافع عليه وتجسيدا لصورة القرابة والتودد والتعاطف بينها وبين نجل الرئيس السابق على اعتبار انه مؤنسها وسيدها ... فكانت الضرورة تقتضي حتما أن نضيف توصيفها بالطرطورة لا تقزيما لها وإنما لاكتمال الصورة أما في الضفة الثالثة فقد تحوز عليها الثورجي جدا والذي لا يشق له غبار نور الدين بن نتيشة والذي يطول عليه الحديث خاصة بعد مسيرة سياسية وما أفرزته من إفرازات كريهة أكثرها قتامة وبؤسا...

كان الاحتياج في هذا الزمن الشائق إلى حزب سياسي يعيد بلورة ذاته ويتحلى بالوطنية والأخلاق لإصلاح الخلل بعيدا عن التهريج والنفاق وترويض النفس لمواجهة الصعاب وقبول التحدي ومحاسبة المفسدين وشق الأمواج العاتية في ظلمة الليل البهيم غير انه اختار أن يظل يتخبط بإشعال الفتن وتعزيز الانقسام واختراع الأزمات بدلا من تطويقها ووضع العراقيل في طريق التفاهمات والبقاء في مربعات وخطابات جهوية وأفكار ضيقة فالمتتبع لبيانات الحزب وتصريحات قياديه يتراءى للمرء أن ما يقال فيها من كلام هو في أغلبه ردود أفعال تنم عن عصبية وتخلف فكري وتفكير مدجن تشتم منها رائحة ثقافة أقرب إلى النمط العشائري منها للحداثة والنقد البناء والتغيير وأغلب الظن بأنه تأتي مقابل عطية أو الانتظار لها والتبعية العمياء لأجندات خاصة والمحسوبية الحزبية المضللة ولا ترتقي إلى مستوى الثقافة المسؤولة والفكر السياسي المنتج كما ينبغي حيناً ولا تخرج من الإطار الشخصي الأناني والتشهير أحياناً أخرى وهذه الآراء والتعبيرات لا تبشر بمستقبل مشرق لتونس الحديثة ..فهذا النمط من الخطاب المتسرع غير فعال وغير مجد لا ينم على وعي سياسي وإبداع فكري وثقافي راقي ولا نعتقد بأن التونسيين بحاجة إليه أصلاً وقد دفعوا ضريبته سابقا .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire