كانت
الثورة نيوز سباقة حين تطرقت عديد المرات إلى الصناديق الخاصة للخزينة السوداء
التي أهدرت في إطارها عشرات ملايين الدينارات ولا نعرف عن مواردها ومصاريفها إي
شيء وقد جاء تقرير دائرة المحاسبات عن التصرف في ميزانية 2013 ليؤكد ما كنا نبهنا
إليه.
فقد
خلص التقرير إلى ان وزارة المالية لم تقدم الحساب العامّ ومشروع قانون غلق
الميزانيّة وكذلك حساب التصرّف لأمين المال العامّ لسنة 2013 في الآجال القانونيّة
حتى يتسنّى للدائرة إنجاز أعمالها ونشر تقريرها حول غلق ميزانيّة الدولة في
الآجال.
كما خلص التقرير إلى انه لم يتم إرفاق الحساب العام للدولة
بالحسابات الخاصة التي يجب على المصالح الآمرة لمصاريف الدولة ان تعدها بالنسبة
لمصاريفها مفصلة حسب عناوين الميزانية وأبوابها وأقسامها وفصولها.
لاحظ التقرير ان وزارة المالية لم تعمل بصفة جدية مثلما هو الشأن
اليوم داخل البلدان المتقدمة على تطوير موارد الميزانية الذّاتية من خلال وضع
إستراتيجية واضحة المعالم للتصدّى لظاهرة التهرب الجبائي لا سيما المتّصل منه
بالتجارة الموازية.
كما لاحظ أيضا ان وزارة المالية لم تعمل بالنظر إلى الضغوطات
المتزايدة المسلّطة على الميزانية على اتخاذ الاجراءات الكفيلة بترشيد النفقات
العموميّة بما يمكّن من تحقيق التوازن العامّ لميزانيّة الدّولة وحصر نسبة عجز
الميزانيّة في حدود معقولة.
هذا وقد لفتت دائرة المحاسبات النظر لتفاقم المديونية التي هي في
تصاعد صاروخي علما ان القروض الخارجية موجهة اساسا لتمويل نفقات التصرّف عوض
تخصيصها لنفقات التنمية حيث أن التعويل على الاقتراض من أجل الاستهلاك من شانه
الدفع بالبلاد الى السيناريو اليوناني الذي يبدو شبحه في الافق نتيجة توقف عجلة
الإنتاج واستشراء الفساد والتهرب في المجال الجبائي.
يبدو ان طريقة إعداد الحساب العام للدولة لم تحترم فيها وزارة
المالية قواعد الشفافية والحوكمة الرشيدة. كما اتضح بما لا يدع مجالا للشك ان شعار
"الحوكمة المفتوحة" بات كذبة كبرى من خلال عدم نشر مداخيل ومصاريف أكثر
من 130 صندوق خاص للخزينة اسود دون الحديث عن الصناديق الخاصة غير المدرجة
بالميزانية مثلما هو الشأن بالنسبة للصندوق المحدث بمقتضى الفصلين 57 و58 من قانون
المالية لسنة 1975 والذي يتم من خلاله ابتزاز وتخريب القدرات التنافسية لصنف من
المؤسسات والذي تصدى مجلس نواب الشعب عند مناقشة ميزانية 2016 لمقترح حذفه المقدم
من قبل احد النواب، علما ان دائرة المحاسبات أوصت في تقرير سابق بضرورة إلحاقه
بالميزانية احتراما للقانون الاساسي للميزانية.
ان عدم إفصاح حكومة الترويكا عن الحجم الجملي للموارد الجبائية
وحجم الامتيازات الجبائية والديوانية لسنة 2013 يتنافى مع مبدأ الشفافية وقواعد
الحوكمة الرشيدة ويعد دوسا على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادقت
عليها الدولة التونسية بمقتضى القانون عدد 16 لسنة 2008 والتي يصر النواب والحكومة
على عدم ملائمة تشريعنا الداخلي مع أحكامها وذلك في خرق على الأقل للفصول 10 و15
و20 من الدستور.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire