mardi 1 novembre 2016

خاص / من كواليس انتخاب المجلس الأعلى للقضاء : و ما لم يقل عن الجوقة المدحية و الاستقلالية الوهمية




لم تتخلف الجوقة مدح مسرحية الانتخابات المتعلقة بتركيبة المجلس الأعلى للقضاء الذي تم إحداثه بمقتضى القانون عدد 34 لسنة 2016 الذي تم تمريره في ظروف قيل عنها أنها مشبوهة  في خرق للدستور وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة المتعلقة باستقلال السلطة القضائية. من ينسى تلك المسرحية السمجة التي قام بها رئيس الجمهورية حين استدعى مجموعة من أساتذة القانون الدستوري لإيهام الشعب باستشارتهم وأخذ رأيهم بعد أن أكدت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين أن بعض أحكام مشروع القانون مخالفة للدستور في مرحلة أولى وتناصف الأصوات بخصوص مخالفته للدستور في مرحلة ثانية. وفي خرق صارخ لأحكام الدستور وبالأخص الفصل 112 منه والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة المتعلقة باستقلال القضاء ختم رئيس الجمهورية ذاك القانون الذي تم تمريره من قبل نواب في وضعية تضارب مصالح عرفوا بعدائهم لاستقلال السلطة القضائية وحقوق الإنسان من خلال إقصاء المختصين من الترشح لتركيبة المجلس الأعلى للقضاء في خرق صارخ للفصل 112 من الدستور.
فقد طبلت الجوقة لتلك المسرحية مبشرة الشعب التونسي بقضاء مستقل تم تهميشه وضرب استقلالية بمقتضى قانون تم تمريره في خرق للفصول 2 و10 و15 و20 و21 و49 و58 و89 و102 و112 من الدستور.
ألا تعلم الجوقة أنها هللت وكبرت لاستقلالية قضاء مفقودة أصلا باعتبار أن السلطة القضائية ليست لها ولاية على المحاكم والموارد اللازمة لتشغيلها والتي بقيت تحت ولاية السلطة التنفيذية.
فقد أكدت المعايير الدولية أن عدم مشاركة السلطة القضائية في إعداد ميزانيتها يقوض استقلال القضاء ونزاهته ويرجع ذلك إلى حقيقة مفادها أن أكثر الطرق فعالية لضبط عمل وأداء أي مؤسسة هو تحديد تلك المؤسسة لشؤونها المالية. إن ترك توزيع وإدارة الموارد المخصصة للسلطة القضائية للسلطة التنفيذية يعطي هذه الأخيرة إمكانية حقيقية للتأثير على سير أعمال التحقيقات ونتائج الدعاوى ويشكل اعتداء على استقلالية السلطة القضائية. ولذلك أوجدت كثير من الدول أجهزة وهيئات داخل السلطة القضائية يناط بها إدارة موارد القضاء مما يعزز الاستقلال الذاتي للجهاز القضائي. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، اعتبرت لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان أن الاستقلال المؤسسي للسلطة القضائية بما في ذلك التنظيم والإدارة والمسائل المالية أمر جوهري لا غنى عنه من اجل الحفاظ على توازن القوى في مجتمع ديموقراطي. كما أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان طالبت، في أكثر من مناسبة، الدول بتخصيص الاعتمادات اللازمة للقضاء بغية تعزيز استقلاليته. فالمفروض أن تتولى السلطة القضائية أو هيئة تمثلها مسؤولية إدارة المحاكم بما في ذلك الإشراف والرقابة التأديبية على الإداريين وموظفي الدعم.
لا ننسى أن الجوقة التي طبلت لاستقلالية سلطة قضائية موءودة نسيت أن تعلمنا أن أعضاء النيابة العمومية جردوا من استقلاليتهم الواردة بالمبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة الموضوعة من قبل الأمم المتحدة باعتبار أن قانون المجلس أبقى عليهم تحت رئاسة وزير العدل الذي يمثل السلطة التنفيذية وفي هذا اعتداء صارخ على مبدأ استقلال السلطة القضائية المكرس بالعهود الدولية.



ألا يعلم  هؤلاء أن المعايير الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية وبالأخص تلك الموضوعة من قبل الأمم المتحدة تقتضي أن يكون أغلبية أعضاء المجلس الأعلى للقضاء من بين القضاة المنتخبين وهذا الشرط تم الدوس عليه في إطار الفصل 112 من دستور التخلف والقضاء التابع.
ورغم أن الفصل 112 من الدستور نص على ضرورة أن يتكون ثلث أعضاء المجلس الأعلى للقضاء من المستقلين والمختصين إلا أن القانون المتعلق بالمجلس اختار مهنا بعينها كالمحامين والخبراء المحاسبين (دون المحاسبين) وعدول التنفيذ والأساتذة الجامعيين مقصيا في خرق للدستور الأشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط وهم كثر من حق الترشح لعضوية المجلس، علما أن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين أكدت على أن عبارات الفصل 112 من الدستور وردت مطلقة ولا يجب التضييق فيها كما تم تكريس ذلك صلب قانون المجلس الذي خرق بصفة صارخة كل المعايير الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية.
الأتعس من ذلك أن الجوقة قالت إن المهن المعنية بالترشح من غير القضاة تمثل الأسرة القضائية وفي هذا كذب سافر باعتبار أن قائمة مساعدي القضاء طويلة ولا يمكن اختصارها في 4 مهن يوجد اغلب أعضائها في وضعية تضارب مصالح ناهيك أن بعضهم لا يتوفر فيه شرطا الاختصاص والاستقلالية. فعلى سبيل الذكر، تخضع تقارير مراقبي حسابات المؤسسات العمومية التي يعدها الخبراء المحاسبون لرقابة محكمة المحاسبات. كما أن رئاسة دائرة تأديب الخبراء المحاسبين أسندت لقاض بمقتضى قانون المهنة، دون الحديث عن اختلاف مهام أعضاء محكمة المحاسبات عن مهام الخبير المحاسب. أما عدول الأشهاد فأنهم يخضعون لرقابة وكلاء الجمهورية واللجنة التأديبية الموجودة بمحاكم الاستئناف، ناهيك أن ترسيمهم يتم بقرار من وزير العدل وهنا لا يسعنا إلا أن نتساءل عن توفر شرط الاستقلالية. من لا يعلم أن عدول التنفيذ تمت إضافتهم في وقت متأخر بتدخل من نائبة بمجلس نواب الشعب عن حزب النداء كانت تشغل خطة عدل منفذ. إن تضارب المصالح يتجلى من خلال عدم إلزام أعضاء المجلس من غير القضاة بالتفرغ لمهامهم داخل المجلس الأعلى للقضاء. وفي هذا مساس خطير بصورة المجلس محليا ودوليا.  


أم العجائب والغرائب أن هناك طعون تتعلق بمترشحين كانوا قد انتموا للتجمع المنحل لم يتم البت فيها وينتظر أن تقدم عديد الطعون بعد انتهاء الانتخابات يوم الأحد 23 اكتوبر  2016 قبل الإعلان عن النتائج النهائية يوم 21 نوفمبر 2016 ونحن نقترح تاريخ 7 نوفمبر وفاء لبن علي ونهجه المعادي لاستقلال السلطة القضائية، ناهيك أن عددا من المترشحين المحسوبين على منظومة  القديمة ترشحوا وفازوا بصفة وقتية في هذه المسرحية التي ترمي إلى واد طموحات الشعب التونسي الذي يحلم بسلطة قضائية مستقلة حسب ما جاء بالمعايير الدولية الموضوعة خاصة من قبل الأمم المتحدة. فعندما نعلم أن نسبة المشاركة في الانتخابات، التي شارك فيها جزء صغير جدا من مساعدي القضاء نتيجة الإقصاء والتمييز في خرق للدستور، قاربت 46 بالمائة عندها نعرف أن تلك الانتخابات لا تعدو أن تكون ملهاة شعبية يراد من ورائها إيجاد هيكل صوري لإيهام الشعب والمجتمع الدولي بوجود مجلس أعلى للقضاء يعمل على تكريس استقلالية السلطة القضائية وحسن سبر مرفق قضائي ليست له عليه إلا ولاية مطلقة كما اقتضت ذلك المعايير الدولية.
كيف لمجلس أعلى للقضاء أن يقبل بالدوس على الدستور وعلى المعايير الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية المكرسة نظريا وذرا للرماد في العيون بالفصل 20 من الدستور. كيف له أن يقبل بإقصاء الأشخاص المؤهلين دستوريا للترشح لعضويته مثل عدول الإشهاد والخبراء العدليين وكتبة المحاكم وعدول الخزينة ومتفقدي الشغل والأمنيين ومندوبي الطفولة والمستشارين الجبائيين وغيرهم.


الملفت للنظر أن الجوقة لم تتطرق إلى المبادئ الدولية المتعلقة بإقامة المحاكم العسكرية للعدل. فقد أكدت العهود الدولية لحقوق الإنسان انه لا يمكن إنشاء الهيئات القضائية العسكرية إلا بموجب الدستور أو القانون وباحترام مبدأ الفصل بين السلطات ويجب أن تشكل جزءا لا يتجزأ من النظام القضائي العادي. كما يتعين عليها تطبيق الإجراءات المعترف بها على الصعيد الدولي كضمانة للمحاكمة العادلة المنصفة في جميع الظروف. أيضا، تحجر المعايير الدولية على المحاكم العسكرية محاكمة المدنيين.
نشير بهذا الخصوص إلى أن المحكمة الأوروبية أصدرت عددا من القرارات ضد تركيا تتعلق بوجود قضاة عسكريين صلب بعض الهيئات القضائية على اثر قضايا رفعت من قبل بعض المتهمين الذين دفعوا بعدم توفر شروط المحاكمة العادلة نتيجة تدخل السلطة التنفيذية. كما أن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أدانت عددا من الدول التي تسمح أنظمتها القانونية بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية باعتبار أن تلك المحاكم ليست مستقلة ولا تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة ويخضع قضاتها لسلطة وزير الدفاع في خرق للفصل 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
 في الأخير نتحدى الجوقة ورئيس الجمهورية والمتشدقين باستقلالية القضاء أن يطلبوا رأيا استشاريا من لجنة البندقية بخصوص مدى مطابقة قانون عدد 34 لسنة 2016 الذي تم تمريره في ظروف مشبوهة للمعايير الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية....


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire