jeudi 17 novembre 2016

من ضروب التلاعب في وزارة النقل : عندما يستفحل الفساد و يصبح قطاع النّقل عاجزا عن الحراك




تعتبر وزارة النقل أحد أهم الوزارات نظرا لأهميَة قطاع النقل سواء كان بريا، بحريا أو جويا في الحياة اليومية للمواطن. إلا انَ ضعف هذا القطاع و تردَي خدماته كشف العديد من الخروقات و الانتهاكات التي تطرَقت إليها دائرة المحاسبات في تقريرها لسنة 2016.

فشل في التنظيم وتستَر على ملفات الفساد
لم تتوفَق وزارة النقل في ملائمة المنظومة القانونية الوطنية مع مقتضيات الاتفاقية الدولية و في إصدار العديد من النصوص التطبيقية في مجالي النقل البحري و الجوي. و تراجعت تمثيلية الطيران المدني التونسي على الساحة الإقليمية والدولية نتيجة الغياب المتكرر لممثليها عن اجتماعات بعض اللجان و المؤتمرات الدولية.
ولم يتم تركيز السلط الجهوية المكلفة بإعداد ومتابعة تنفيذ المخططات التوجيهية للنقل البري وتنظيم النقل الحضري والجهوي للأشخاص و التنسيق بين كافة المتدخلين مما حال دون قيامها بالمهام الموكولة إليها.
كما لم تضطلع وزارة النقل بالدور الرقابي الموكول اليها في مجال النقل البحري و المتمثل في رفع المخالفات و تسليط العقوبات على المخالفين من الممارسين للمهن البحرية. ولا تقوم الوزارة بتقييم جودة عمليات المراقبة التي تمَ تفويضها لديوان الطيران المدني والمطارات وبمتابعة مدى إنجاز البرنامج السنوي في الغرض. كما لم تتابع الوزارة انتظام الرحلات الجوية منذ 2012 و هو ما لا يسمح بتحسين جودة الخدمات بالمطارات.
ولم تؤمن الوزارة دورها في مجال معاينة حالات مخالفة القانون المنظَم للنَقل البري على الوجه الأمثل بسبب نقص عدد مراقبيها على الطرقات حيث لا يتوفَر في بعض الجهات أي مراقب علاوة على عدم قيامها بالفحوصات اللازمة لسجل بطاقات الاستغلال المتوفَرة بالوكالة الفنيَة للنقل البري للتَأكد من مدى احترام الناقلين للالتزامات القانونية في مجال.
لم تتوصَل وزارة النقل إلى تجاوز النقائص المسجَلة في المواني من خلال تفعيل اللجان المحدثة و التنسيق بين مختلف المتدخلين و حثهم على احترام القواعد الجاري بها العمل في المجال.
ولم يتمَ تحيين مختلف المخططات الأمنية المينائية منذ اعدادها في سنة 2004 رغم ارتفاع المخاطر الأمنية في السنوات الأخيرة.
ولم يتم الانتهاء من تنفيذ المخططين التصحيحين المتعلقين بالأمن وبالسلامة في مجال النقل الجوي لتلافي النقائص التي تمَ الوقوف عليها وهو ما حدَ من الإيفاء الدولة التونسية بالتزامات تجاه المنظمة الدولية للطيران المدني في هذا المجال وعلاوة على ذلك لا تقوم الوزارة بمتابعة ميدانية لمدى انجاز التوصيات الناجمة عن عمليات التفقد.

إهمال لتنظيم النقل على الطرقات:
لم تقم الوزارة بدراسة العرض والطلب في مجال النقل غير المنتظم لتحديد عدد الرخص الممكن اسنادها حسب الحاجيات الفعلية لكل ولاية و في مجال النقل بالحافلات، لا يخضع توزيع الخطوط الى مقاييس موضوعية تضمن التكامل بين شركات النقل الجهوية وبين المدن و مردودية الخطوط المستغلَة.

فشل في الإشراف على المنشآت الخاضعة لوزارة النقل:
لم تتوفَق وزارة النقل في إرساء آليات ناجعة للإشراف على المنشآت الراجعة اليها بالنظر ومتابعة وضعياتها المالية و إنجاز المشاريع الكبرى وهو ما حدَ من اضطلاعها بدورها في مجال مساندة هذه المنشآت و تطوير أساليب التصرف و التسيير بها.
خاصَة و أنها تفتقر إلى نظام معلوماتي يسمح لها بمتابعة الهياكل الخاضعة لإشرافها و الإطلاع على مختلف مؤشراتها المالية و الفنية و ذلك بالرغم من قيامها في سنة 2007 بإعداد قاعدة بيانات بمبلغ جملي قدره 455 أ.د لم تتمكن الى موفى جوان 2014 من الشروع في استغلالها.
كما لم تتوصل الوزارة الى اتمام مشروع النظام المعلوماتي المندمج و الموحد للشركات الجهوية للنقل الذي شرعت في انجازه منذ 2008
و يذكر أنَ المنشآت العمومية العاملة في قطاع النقل تقوم شهريا بإعداد كشوفات عن السيولة المالية تتولى ارسالها إلى الوزارة التي لا تحرص على استغلالها و تحليلها للوقوف على الصعوبات المالية التي قد تعترض هذه المنشآت و تحديد أسبابها و اتخاذ التدابير اللازمة لتجاوزها في الوقت المناسب وتبيَن انَ الوزارة قد توقفت منذ سنة 2009 عن اعداد تقرير حول وضعيَة السيولة لهذه المنشآت.
وتبيَن بالرجوع إلى وضعية المالية للمنشآت الوطنية العاملة في قطاع النقل أنَ أغلبها يعاني من صعوبات مالية هيكليَة ادَت إلى عدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه مزوَديها وإلى تراجع نشاطها وتعثَر برنامج استثمارها مع تسجيل نتائج سلبية خلال الفترة 2010-2013 بلغ مجموعها 1200. ألف دينار.
كما ثبت من خلال تقرير دائرة المحاسبات انَ وزارة النقل تقوم بتحميل بعض نفقاتها على ميزانية المنشآت الخاضعة لإشرافها والتي تعلَقت خاصة بأجور الأعوان الموضوعين على ذمَتها وبالسَيارات الإدارية إلى جانب نفقات تخصَ مأموريات بالخارج وهو ما من شأنه أن يعدَ تجاوزا مقنعا للاعتمادات المرصودة بميزانيتها و بالتالي مخالفا لأحكام الفصل 85 من مجلَة المحاسبة العمومية.
وتجدر الإشارة إلى أنَ جلسة العمل الوزارية التي انعقدت بتاريخ 19 سبتمبر 2005 قد أوصت بإنهاء وضع أعوان التنفيذ و المساندة على الذمَة الا انَه وإلى حدود جوان 2014 (بعد الثورة) فاق عدد هذا الصنف من الأعوان 55% من العدد الجملي للموضوعين على ذمَة الوزارة.

انتدابات استثنائية وتعيينات مشبوهة لرؤساء مديرين عامين دون المستوى المطلوب:
قامت وزارة النقل و الهياكل الخاضعة لإشرافها بانتدابات استثنائية لبعض المتمتعين بالعفو التشريعي العام و لبعض أفراد عائلات شهداء الثورة و جرحاها وذلك طبقا للقانون المتعلَق بالأحكام الاستثنائية للانتداب بالقطاع العمومي الذي حدَد تاريخ انتهاء العمل بأحكامه الاستثنائية يوم 22 جوان 2013 غير انَه تواصل العمل بهذه الصيغة في الانتداب إلى غاية شهر جوان 2014 علما و انَ الوزارة افادت بأنها واجهت صعوبات في متابعة هذه الانتدابات التي تجاوز عدد 410 انتدابا
كما فاق عدد المنتدبين بصفة استثنائية النسبة القصوى المحدَدة بقرار رئيس الحكومة المؤرَخ في 6 أوت 2012 واستجابة لمراسلة رئاسة الحكومة التي نصَت على وجوب استيعاب المترشحين مهما كانت مستوياتهم التعليمية واختصاصاتهم أو مقرَ سكناهم.
و قد قامت المنشآت العمومية للنقل بانتدابات لا تتلاءم مع احتياجاتها بكلفة إضافية قدَرت بحوالي 2.3 مليار دينار وشملت أساسا صنف العملة.
إلى جانب ادماج 164 عونا من المنتفعين بالعفو التشريعي العام بمؤسساتهم الأصلية و من بينهم بعض الأصناف الفنيَة كالتقنيين  و المهندسون. ورغم طول فترة انقطاع المعنيين عن العمل التي ارتفعت في بعض الحالات الى 26 سنة رغم اقتراب عدد منهم من سنَ التقاعد.
وبخصوص التسميات في خطَة رئيس مدير عام التي تتمَ عادة باقتراح من وزارة الاشراف فقد لوحظ انَ الفترة الممتدة من سنة 2011 الى جوان 2014 قد شهدت تغييرات متكرَرة للرؤساء المديرين العامين لبعض الشركات التي عيَنوا على رأسها.
ويذكر من ذلك تسمية رئيس مدير عام على رأس الشركة الجهوية للنقل بالقصرين والحال أنَه لم تمض سوى ثلاث سنوات على تحصَله على الاستاذية في التجارة الخارجية ولا تتوفَر لديه خبرة في مجال النقل اذ عمل فقط بعد تخرَجه في شركة خاصَة في مجال أجهزة التكييف و التبريد .
كما تمَ تعيين إحدى الإطارات على رأس الشركة الجهوية للنقل بمدنين و الحال انَه اشتغل بالقطاع بالقطاع العمومي إلى حدود 1986 ولا تتوفَر لديه خبرة في مجال النقل .
وعيَن ايضا أحد المنتفعين بالعفو التشريعي العام رئيسا مديرا عاما للشركة للنقل بقرقنة وبعد سنة من ذلك وقبل ستَة أشهر من بلوغه السَن القانونية للتقاعد تمَ تعيينه على رأس الشركة الوطنية للنقل بين المدن.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire