mardi 29 novembre 2016

القضاء العسكري يحاكم الثورة نيوز لأجل هذا البيان: بيان جمعية إنارة لقدماء العسكريين:في معارضة المسّ من عقيدة الجيش




   كانت صحيفة  الثورة نيوز قد نشرت مقالا في عددها 185 في تاريخ 22 جويلية 2016، يتعلق بنشر بيان صادر عن جمعية قدماء العسكريين "انارة"، وقد اعتبرت النيابة العسكرية بتحريض وكيْد من "شوقي طبيب" رئيس هيئة مكافحة الفساد، أن هذا المقال يمسّ من سمعة الجيش الوطني وأحالت مدير الصحيفة محمد ناعم الحاج منصور إلى قاضي التحقيق العسكري "الصحبي عطية" الذي أصدر بطاقة إيداع بالسجن ضد مدير الصحيفة ، دون أن يستنطق الموقوف ودون أن يطّلع على دفوعات المحامين، في خرق فاضح للإجراءات القانونية واستهتار بالحقوق والحريات. 
  ونحن  نعيد نشر هذا المقال مرة ثانية لإنارة الرأي العام حول ملابسات القضايا المفتعلة وفي سياق كشف الحقيقة، والمقال لا يتعرض بالإساءة إلى أي عسكري ولا يحط من معنويات الجند، وإنما يشير إلى خلل في الإدارة السياسية قد يئثر على العقيدة العسكرية للجند.
  حيث أمضى وزير الدفاع الوطني فرحات الحرشاني اتفاقية مع وزير الشؤون الدينية السابق محمد خليل، وينص الاتفاق على التعاون بين الوزارتين في التوعية الدينية وإعداد وبناء وتجهيز مساجد بمختلف الثكنات والمدارس والأكاديميّات لمختلف الجيوش (بر – جو - بحر) وتوفير الوعاظ الدينيين والأئمة. 



  وقد جاء في البيان الصادر عن جمعية انارة لقدماء العسكريين  والموجه الى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، إلى أن رأي القيادات العسكرية السابقة يذهب إلى اعتبار أن إعادة الفاعل الديني إلى داخل الثكنات ستكون له تداعيات سلبية حسب رأيهم، إذ ورد في البيان ما يلي :"لنا شرف لفت نظركم بصفتنا ضباطا قادة بالقوات المسلحة بشان الاتفاق الحاصل مؤخرا بين وزير الدفاع الوطني ووزير الشؤون الدينية حول بناء وتجهيز مساجد داخل الثكنات بكامل الجمهورية وتكليف ائمة من طرف وزارة الشؤون الدينية للإشراف عليها..."
  وأضاف البيان :" انه لمن المحير أمر المسؤولين الحاليين " وزير الدفاع ورئيس ديوانه" في وزارة الدفاع الوطني الذين تناسوا بان الجيش الوطني كان قد عرف تجربة فاشلة في هذا المجال في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ... والذي خلق شقين صلب المؤسسة العسكرية: الأول شق يؤدي الصلاة، والثاني معارض لفكرة الصلاة، الأمر الذي انعكس على مردود الوحدات العسكرية وخلق اضطرابا في التسلسل القيادي."
  وختم البيان بطلب وجهته القيادات العسكرية المتقاعدة:" سيدي رئيس الجمهورية، ونظرا لإمكانية تدخلكم العاجل في المجال نلتمس من الجناب إعادة النظر في الاتفاقية المبرمة درءا للعواقب الهدامة للوطن ولمصير الجيش الوطني."
  ذلك أن الجيش التونسي حسب رأيهم قد قام بمثل هذه التجربة في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي غير أن تلك التجربة قد فشلت وأدت إلى اختراق الجماعات الإسلامية للمؤسسة العسكرية مذكرين بأحداث 1987 وما تلاها.
  ويرى البيان أن إعادة تأصيل الوازع الديني داخل الثكنات سيؤدي حتما إلى تقسيم الجنود والضباط إلى عسكر متديّن وعسكر غير متديّن وهو ما سيفضي حسب رأيهم إلى تقسيم العقيدة العسكرية للجيش التونسي.
  وقد طالب البيان رئيس الدولة إلى التدخل العاجل وإعادة النظر في الاتفاقية التي ستكون لها عواقب وخيمة على الجيش الوطني وعلى الدولة عموما.
  هذا الموقف الصادر عن قيادات عسكرية سابقة هو موقف يلزمها أولا، بقطع النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه، وهو موقف يتعارض تماما مع مقاصد الاتفاق الذي أنجزه وزير الدفاع فرحات الحرشاني.
  وحيث أن قدماء الجنرالات يرون ضرورة أن يلتزم الجيش بالحياد التام بين الايديولوجيات السياسية وان تبقى عقيدة الجيش خالصة للمبادئ العليا للوطن، وهذا الرأي يخالفه رأي آخر يدعو إلى تعميم أفكار الإسلام المعتدل لمواجهة الأفكار المتطرفة
وقد كان مجلس الوزراء قد صادق يوم 28 جويلية 2015 على اتفاقية منبثقة عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف والإرهاب.
وقد ترتب عن ذلك ردود ومخاوف أبداها المجتمع المدني بشان هذه الاتفاقية خاصة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي عبرت عن رفضها لهذه الاتفاقية من خلال بيان أصدرته في 23 اوت 2016 تطالب فيه بإلغاء هذه الاتفاقية التي تهدد مدنية الدولة حسب رأيها وحيادية المرفق الإداري.
  ونبهت الرابطة في ذات البيان، من "التعارض الصارخ للاتفاقية مع الدستور (الفصول 6 و7 و15 و16) ومع المنظومة الكونية لحقوق الإنسان، ومع المبادئ التي نصت عليها كل الاتفاقات الدولية المعنية بحماية الفئات الهشة"، لافتة إلى أن "تركيزها على المعالجة الأخلاقية وإهمال الجوانب الحقوقية والأسباب الموضوعية التي ساهمت في تفاقم التهميش والاقصاء ومختلف الظواهر الاجتماعية يمثل تهديدا مقنعا للفئات الهشة".
  وقد تم خلال جلسة عمل انعقدت ا برئاسة وزير الشؤون الاجتماعية، محمود بن رمضان وقتها وبحضور رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، عبد الستار موسى، وممثل عن وزارة الشؤون الدينية وممثلين عن الإدارة العامة للنهوض الاجتماعي، اتخاذ قرار تعليق تنفيذ الاتفاقية.
  وأنه تقرر أيضا خلال ذلك اللقاء الذي خصص للتباحث حول فحوى الاتفاقية وأهدافها، مواصلة جلسة العمل للنظر في تعديل الاتفاقية المذكورة مع ممثلي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.
وحيث اتخذ مجلس الوزراء قرارا بإلغاء العمل بهذه الاتفاقية في جميع الوزارات بما في ذلك وزارة الدفاع الوطني، وبعد أن توجهت الحكومة إلى الإقرار بالخطأ في التقدير بخصوص قرار العمل بنشر التوعية الدينية داخل المرفق الإداري وخاصة داخل الثكنات العسكرية، ثبت صحة التوجه الذي ناصرته جريدة الثورة نيوز، وذلك بان كانت أول صحيفة أثارت مخاطر الاتفاقية ونشرت بيانا لجمعية إنارة قبل أشهر من إلغاء مجلس االوزراء للاتفاقية.



ورغم ذلك فان حلف شوقي طبيب داخل وزارة الدفاع الوطني أصر على رفع قضية ضد مدير الصحيفة، اعتبر فيها أن معارضة الصحيفة لقرار دخول الوعاظ والأئمة إلى الثكنات ونشر التوعية الدينية بين الجند يعتبر  مسّا من سمعة الجيش الوطني وان نشر بيان جمعية إنارة فيه إساءة إلى القيادة العسكرية.
  وكان أحرى بالنيابة العسكرية أن تستدعي ممثلي جمعية إنارة الذين حرروا بيان الرفض لسياسات الوزارة.
  هذه القضية الخامسة والمثيرة للخجل في الملف القضائي لمحمد الحاج منصور  والتي اصدر فيها قاضي التحقيق العسكري أول بطاقة ايداع في السجن، تثبت التحامل المقصود ضد مدير الصحيفة والرغبة في الانتقام من جرأة الجريدة في فضح ملفات الفساد خاصة في مجال التسلح. 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire