التقشّف يبدأ من المحافظة على هاته الأموال المهدورة : اقتسام "رزق البيليك" على قاعدة الترافيك!

سياسة التقشّف وشد الحزام  التي أصبحت أكثر من ضرورة  بالنسبة إلى بلادنا لخفض العجز والحل الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة ولمواجهة العجز في الموازنة وانخفاض الإيرادات مقارنة بالنّفقات العامة للدولة...  إلا أن لغة الأرقام وحجم الإنفاق وتراكم المنح والهبات في المؤسسات العموميّة التونسيّة المفلسة تعكس غياب نيّة حقيقيّة لدى كل الحكومات المتعاقبة في اعتماد سياسة إنقاذ حذرة وواضحة المعالم من أجل التصدّي فعليّا وليس صوريّا لمظاهر التّبذير وتبديد المال العام (سياسة رزق البيليك) التي شملت كل المؤسّسات العمومية وأغرقتها في مديونيّة كبيرة ذهبت إلى جيوب مافيات سلطويّة ... وعوض أن تلجأ هذه المنشآت المفلسة إلى خفض نفقاتها والتّقليص من أعبائها تجدها منساقة وراء تيّار طلبات نقابية لا تنتهي لنقابات متغولة غير مسؤولة على قاعدة "شرط العازب على الهجّالة" و"أنا ومن بعدي الطوفان" ؟؟... إنها ثقافة الأنانيّة وسطوة المصالح والأهواء التي لا زالت تسيطر على الجميع دون استثناء من ثورجيين وأزلام وعملاء ووطنيين ... ثقافة بائسة طغت مع الأسف على مجتمعنا المريض وتقوم بالأساس على المحاباة لاقتسام "رزق البيليك" على قاعدة "الترافيك" ؟؟ ...من ذلك على سبيل المثال لا الحصر  يحصل ألاف أعوان الشركة التونسية للكهرباء والغاز "الستاغ" STEG (13000 عون) على هبة ماليّة لكل نفر وكل عيد ب400 دينار وامتياز استهلاك الكهرباء بوبلاش وبدون حساب ونفس الشيء في الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه "الصوناد" SONEDE (7000 عون) هبة ماليّة ب400 دينار كل عيد ولكل عون والماء مجاني وفي الصناديق الاجتماعية الثلاثة المنهوبة (CNSS – CNRPS - CNAM ) منحة لباس الشغل ب500 دينار سنويّا وهبة ماليّة ب300 دينار كل عيد وتغطية صحيّة بدون سقف وقروض شخصيّة ب80 الف دينار لكل عون(15000 عون ) وبدون فوائد وشركة فسفاط قفصةCPG  والمجمع التونسي الكيميائي GCT (27000 عون) منح وهبات على الحساب ورحلات وسفريّات وتربصّات وملتقيات بدون حساب ونفس الشيء تقريبا بمجمع الخطوط التونسية Tunisair (9000 عون) ؟؟... عينة فساد مالي وإداري شملت مسحا سريعا لامتيازات تكميليّة لأكثر من 70000 موظف جاءت لتكشف أن سياسة التقشّف المزعومة ليست إلا عبارة عن كذبة كبيرة للتّسويق الإعلامي لا غير.