mercredi 7 septembre 2016

حسنا أنه جاء لتنمية صادراتنا من المنتوجات التونسية وليس إغراق البلد بالبضائع الأجنبية : خور في مركز النهوض بالصادرات التونسية ... بطلها شركات تجارية وهمية




بغاية تنمية صادراتنا من المنتوجات التونسية، تم سن القانون عدد 110 لسنة 1988 المتعلق بشركات التجارة الدولية وذلك دون تحديد رأس مال نسبيا متلائما مع حجم العمليات التي سوف تقوم بها تلك الشركات. تبعا لذلك، بادر المتحيل بإحداث عدد هام من شركات التجارية الدولية ابتداء من سنة 1988 وذلك بغاية توريد سيارة فخمة من نوع مرسيديس دون دفع معاليم قمرقية. وبعد أن أفاقت إدارتنا من سباتها العميق بادرت بتحوير ذاك القانون الفاسد بمقتضى القانون عدد 42 لسنة 1994 بغاية التنصيص على ضرورة ان يكون رأس مال تلك الشركات بما قدره 150 ألف دينارا. كما تم إدخال تحويرات على ذاك القانون بمقتضى القانون عدد 59 لسنة 1996 بغاية إعادة تعريف عمليات التجارة الدولية.
أمّا التحوير الذي أحدث بمقتضى القانون عدد 102 لسنة 1998 فقد مكن الشبان الحاملين لشهادة جامعية من تكوين شركة تجارة دولية شريطة أن لا يتجاوز سنهم 40 سنة وان يتفرغوا لتسيير الشركة التي يجب أن تتجاوز مساهمتهم في رأسمالها 50 بالمائة. طبقا لأحكام الفصل 2 من القانون عدد 42 لسنة 1994 كما تم تحويره بالقوانين اللاحقة المشار إليها أعلاه، يتمثل نشاط شركات التجارة الدولية في تصدير وتوريد بضائع ومنتوجات وكذلك في القيام بكل نوع من عمليات التجارة الدولية والوساطة. وتعتبر بموجب أحكام القانون شركات تجارة دولية الشركات التي تحقق خمسين بالمائة على الأقل من مبيعاتھا من صادرات بضائع ومنتوجات ذات منشأ تونسي. غير أن تلك النسبة المائوية يمكن التخفيض فيها إلى ثلاثين بالمائة ( 30 %) في صورة تحقيق الشركة لرقم معاملات متأت من تصدير سلع ذات منشأ تونسي لا يقل عن مليون دينار. وتعد كذلك شركات تجارة دولية الشركات التي ينحصر نشاطھا في  عمليات التوريد والتصدير لبضائع ومنتوجات مع مؤسسات مصدرة كليا كما نصت عليھا مجلة التشجيع على الاستثمارات الصادرة بمقتضى القانون عدد 120 لسنة 1993. في هذه الحالة لا تخضع الشركات إلى تحقيق الحد الأدنى من المبيعات المتعلقة بالمنتوجات ذات المنشأ التونسي. و طبقا لأحكام الفصل 2 جديد من القانون عدد 59 لسنة 1996 المؤرخ في 6 جويلية 1996 يعتبر ناتج عمليات التجارة والوساطة الدولية التي تقوم بھا شركات التجارة الدولية المقيمة تصديرا لبضائع ومنتجات ذات منشأ تونسي.
استغل عدد من المتحيلين وبالأخص الأجانب التحوير المجرى بمقتضى قانون 1996 ليقوموا ببعث شركات تجارة دولية غير مقيمة مصدرة كليا بتونس هي أشبه بصناديق بريد وأشباح لا تشغل يدا عاملة تونسية وليس لها من نشاط بتونس سوى تبييض الجرائم الجبائية والأموال. ورغم أن هذه الشركات التي يتمثل نشاطها في شراء بضاعة من بلد أجنبي لبيعها ببلد أجنبي آخر دون المرور بتونس لا تعرف من التصدير إلا اسمه إلا أن آلة الفساد الإداري المنتصبة بمركز النهوض بالصادرات تصر على منحها صفة المصدرة كليا رغم أنها لا تصدر منتوجات ذات منشأ تونسي. كان من المفروض أن تبادر إدارة الجباية بمراقبة تلك الشركات التي لا تدفع الضريبة على الشركات باعتبار أنها تحصلت على صفة المصدر كليا بطريقة غير قانونية. فقد اتضح ان عددا من الأجانب الذين بعثوا بتلك الشركات يشترون بواسطتها بضائع بأثمان زهيدة من بلدان أجنبية ليتولوا فيما بعد بيعها في بلد آخر بأثمان مرتفعة وتسجيل الإرباح بمحاسبة الشركة التونسية التي يعتقدون خطا أنها معفية من دفع الضريبة على الشركات والحال ان تلك العمليات لا تعتبر عمليات تصدير وتخضع للضريبة على الشركات بنسبة 25 بالمائة.
.الأتعس من ذلك ان يقوم عدد من التونسيين  ببعث شركات تجارة دولية مصدرة كليا يتمكنون بواسطتها من اقتناء كميات كبيرة من منتوجات ذات منشأ تونسي دون دفع الأداء على القيمة المضافة ليتولوا فيما بعد بيعها وترويجها بالبلاد التونسية وهذا ممنوع قانونا. و هناك شق آخر من صنف آخر يقتنون تجهيزات إعلامية وتجهيزات أخرى دون دفع الأداء على القيمة المضافة ليقوموا فيما بعد بتحويل وجهتها إلى منازلهم أو التفريط فيها. الغريب في الأمر أن مصالح المراقبة الجبائية لا تبادر بتفعيل أحكام الفصل 11 من مجلة الأداء على القيمة المضافة وتسحب الشهادة في توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة بالنسبة إلى الشركات التي لا تحترم الشروط الواردة بقانون شركات التجارة الدولية.
فقد تحوّل مركز النهوض بالصادرات، الذي يعد مركزا للارتزاق وعبءا كبيرا على دافعي الضريبة من خلال الميزانية التي يهدرها سنويا،  الوجهة المفضلة للمتحيلين الأجانب والتونسيين الذين يدعون أنهم يقومون بالتصدير كذبا وبهتانا.
كما أن عددا كبيرا لشركات التجارة الدولية لا تقوم بتصدير النسبة المائوية لرقم المعاملات المتعلق بالمنتوجات ذات المنشأ التونسي ورغم ذلك يبادر مركز النهوض بالصادرات بتجديد الرخص الممنوحة لها لكي تواصل نشاطها في خرق صارخ للقانون المتعلق بشركات التجارة الدولية الذي سن من أجل تنمية صادراتنا من المنتوجات التونسية وليس إغراق البلد بالبضائع الأجنبية سيئة الجودة من الفضلات وتخريب النسيج الصناعي والفلاحي التونسي. صحيح أن المديرين العامين الذين تداولوا على مركز النهوض بالصادرات لا يتجرؤون على سحب التراخيص الممنوحة لبعض رجال الاعمال المحسوبين على النظام القديم  الذين ساهموا في تخريب النسيج الصناعي التونسي خاصة ولكن أن تتواصل تلك المهزلة والجريمة اليوم فهذا دليل ساطع على أن منظومة الفساد تعمل باستمرار وربما بنسق أقوى كما نلاحظه اليوم بكل مرارة.
 الأغرب من ذلك أن البعض من العاملين بمركز النهوض بالصادرات ونتيجة لجهلهم أو فسادهم يتولون الدفاع على المتحيلين وبالأخص الأجانب الذين بعثوا بشركات تجارة دولية غير مقيمة مصدرة كليا في شكل أشباح وصناديق بريد يتمكنون من خلالها من ممارسة التهرب الجبائي داخل بلدانهم وتبييض الأموال. هذه الجريمة يعاقب عليها التشريع الفرنسي اليوم بخطية بما قدره مليوني يورو والسجن لمدة 7 سنوات باعتبار أن مداخيلهم يتم تحقيقها بتونس بصفة صورية وعلى الورق وفي المحاسبة وليس في الواقع. فقد تحولت تونس نتيجة للفساد الإداري والمالي والإهمال وفقدان المواطنة إلى وكر لتبييض الأموال والتحيل الدولي كما ثبت ذلك من خلال التقارير الصادرة عن مجموعة العمل المالي بباريس وهي المنظمة الدولية المعنية بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وخلية معالجة المعلومات المالية ببلجيكا وهذه السمعة السيئة لا تشجع المستثمرين الأجانب الجديين على الانتصاب ببلادنا.
صنف آخر قام ببعث شركات تجارة دولية وشركات خدمات بالمناطق الحرة بالإمارات مثل جبل علي ورأس الخيمة يتولون من خلالها تهريب هامش ربحهم الذي كان من المفروض أن تحققه شركاتهم بتونس، علما ان تلك الشركات لم يتم التصريح بها لدى البنك المركزي مثلما اقتضى ذلك قانون الصرف في هذه الحالة وعند انكشاف أمر هؤلاء يصبحون عرضة للسجن لمدة قد تصل إلى 5 سنوات والخطية إلى جانب مصادرة تلك الشركات لفائدة خزينة الدولة وعند تعذر ذلك على القاضي ان يحكم بغرامة تساوي قيمة تلك الشركات. نلاحظ اليوم ان وزارة المالية ومصالح الديوانة ومصالح البنك المركزي تغض الطرف عن المكتسبات الموجودة بالخارج الراجعة ملكيتها لتونسيين مقيمين بتونس.
وبغاية التصدي لأعمال التحيل التي تقوم بها شركات التجارة الدولية أكدت إدارة الجباية أخيرا ان شركات التجارة الدولية المقيمة وغير المقيمة التي تحقق نسبة ضئيلة  من مبيعاتھا المتأتية من صادرات منتوجات ذات منشأ تونسي مقارنة بناتج عمليات التجارة والوساطة الدولية لا يمكن اعتبارھا شركات تجارة دولية باعتبار ان ناتج عمليات التجارة الدولية وجب ان يكون ثانويا مقارنة برقم المعاملات المتأتي من تصدير سلع ذات منشأ تونسي.
اما الفساد المتمثل في إهدار المال العام في إطار معارض فولكلورية تنظم تحت عنوان تنمية صادراتنا من المنتوجات التونسية ينتفع من خلالها الموظفون والأحباب والأصحاب بالسياحة والنزهة فلا يتسع المجال للتطرق له في هذا الاطار. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تم إهدار المال العام في إطار الصالون الدولي للخدمات على الأقل في مناسبتين تم التكفل خلالهما بتذاكر وسكن الأجانب عوض المبادرة بتأهيل قطاع الخدمات وتنظيمه بالنظر للمعايير الأوروبية .. كما لا يتسع المجال  للحديث عن المال العام الذي يتم إهداره اليوم في إطار صندوق النهوض بالصادرات حيث يتم استغلاله من قبل الأحباب والأصحاب للنزهة والترحال والسياحة تحت غطاء البحث عن أسواق بالخارج. اما الفساد المستشري في صناديق الدعم التي يتم التصرف فيها من قبل مركز النهوض بالصادرات فان التطرق اليه يستوجب منا الاطلاع على تقرير دائرة المحاسبات الصادر بهذا الخصوص. هذه تسبقة على الحساب حتى نقرأ الكتاب.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire