samedi 24 septembre 2016

شرّدوه ... أقصوه ... سجنوه.. و قطعوا عليه رزقه... فجوّعوه : القاضي المكي بن عمار يدخل في إضراب جوع وحشي: كل لحم نبت من حلال الجوع أولى به




  لم تنته المأساة وظلت الزبانية تستهدف الشرفاء في كل نواحي الحياة... تلك  هي معاناة القاضي النزيه  المكي بن عمار   الذي  دار به  لفيف  يأكل من  سحت  الموائد  و يجمع الفتات  فجعلوه في  مرمى الهدف  و صعقوه...
لا ندري  بأي  صفة  يتم  رفع الحصانة عن القاضي  المكي  بن عمار  ( ابتدائية قفصة)  ؟و لا ندري كيف  للعائلة القضائية الموسعة أن تتفرج  على زميل  لهم  يعيش الضنك  و الإعياء و الحيف دون  أن تتحرك   و لو قيد أنملة .؟.. و لا ندري  ما الذي  ينتظره  وزير العدل الجديد  حتى يتم  رفع المظلمة على قاض يعيش  أحلك فترات  حياته  على صغر سنه  37 سنة ...؟
 ذاق المكي بن عمار أقصى ألوان العذاب نتيجة مكابرته في فضح الفساد و المفسدين و التصدي للخزعبلات بضمير   القاضي الحي...  رفعوا  عنه  الحصانة و لم  يبال ...شردوه  و لم يبال ... أقصوه و دمدموه و لم  يبال ... لفقوا  له التهم  و لم يبال ... نكلوا به و لم يبال ... و هددوه بالقتل إلى أن وصل الأمر بهم إلى حد تجويعه...حيث فاض كاس الصبر ...
 يعيش  المكي بن  عمار حالة فقر مدقع ... و ظل متعففا  لا يطلب المن و السلوى ... يعيش الفقر لأنه لم يجعل من منبر العدل إلا منبرا صادقا لا يبيع فيه و لا يشتري... منبر إنصاف دون زيادة أو نقصان... و لو  انتهج منهج اللفيف  كان  له  سواني و أراض و عقارات  و قناطير مقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا و لكنه أبى و استنكر ...
 لم  يجد  المكي بن  عمار جزاء  إلا جزاء  سنمار  و  لم  يكسب  من  القضاء الذي  أفداه بقلبه  سوى  الجوع  و العطش  و لكن في المقابل  كانت له  محبة المتقاضين و  جناح  العدالة من المحامين  الذين  رأوا   في الرجل  شهامة لا توصف  و  نضالا لا ينتهي  و صبرا بلا حدود  ..
 أراد  المكي بن عمار  القاضي المتعفف  أن  يقيم  لنفسه  ندوة صحفية ينشر خلالها همومه   و يفصح  عن  مأساته  و ما  يتكبده من معاناة  قصد إيصال  صوت  من لا صوت له  إلى  الدوائر المسؤولة المسكونة بهاجس الخوف  غير  انه  لم  يجد إلى ذلك  سبيلا ... فمن أين له المصاريف و النفقات و من أين له أن يتحرك ، حتى معلوم السفر إلى العاصمة لا يدخره في جيبه... لذلك كان اللجوء إلى أقسى أنواع النضال و أشده وهو إضراب الجوع .



عرفت في المكي بن عمار القلب الكبير والضمير الحي والعقل النير والفكر العميق والعلم الغزير والمنطق السديد والخبرة الواسعة والثقافة العالية، فكانت لنا من كل ذلك دروس وعبر. كانت شخصيته مجبولة على التواضع والمروءة ومحبة الناس والرغبة الصادقة في خدمتهم، حَسَن الإصغاء، دقيق في اختيار الكلمات، هادئ الطباع على صبر وطول أناة. تحلّى بتهذيب راق ورقة في التعامل مع الآخرين، وامتاز بحكمته الرشيدة في التصدي للصعاب والقضايا الشائكة وبمقدرته الفريدة على تحليلها وإيجاد الحلول الملائمة لها. خدم الحقيقة والعدالة وحكم بالإنصاف ملطفا حدة القانون، وعرف كيف يجمع في أحكامه بين القانون والفقه والاجتهاد، فـأنعش الجميع بعلمه وإنسانيته وخلقه، لإيمانه بأن القاضي يطبق العدالة ولا يقف عند جمود النص القانوني.
 فأمّا  اللفيف  فلحمهم نبت من السحت  و النار أولى به  ...و أمّا بن عمار  فلحمه  نبت من حلال  و الجوع اولى به ...وتلك معادلة الحياة الضنكة ..


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire