إذا كان أرباب الإدارة بالدف ضاربين...فلا تلومنَ على الرقص
صغار الموظفين
نعمان الفهري
نتيجة لاستفحال
الفساد الإداري والمالي وتضارب المصالح وتعطيل القوانين الجاري بها العمل بما في
ذلك المشوبة بالفساد التي وضعت لذر الرماد في العيون مغالطة المجتمع الدولي لم تقم
الأغلبية الساحقة من المعنيين بالتصريح بمكتسباتهم لدى دائرة المحاسبات التي ليس
لها دور رقابي حيث تقتصر مهمتها على قبول التصريح وخزنه لا غير. ذاك القانون
الفاسد لم ينص على آلية رقابة ولا يشمل كل الموظفين وإنما يشمل أصنافا بعينها مثل أعوان المراقبة
الاقتصادية والمحاسبين العموميين وأعوان إدارة الجباية. كما أن ذاك القانون المنظم
لم يتطرق إلى مسألة تضارب المصالح ومسألة التصريح بالخصوم أي الديون باعتبار أن
الدائن قد يكون له تأثير على الموظف العمومي كما اقتضت ذلك المدونة الدولية لقواعد
سلوك الموظفين. ورغم تنصيص مدونة سلوك وأخلاقيات العون العمومي المصادق عليها
بمقتضى الأمر عدد 4030 لسنة 2014 على ضرورة التصريح بوضعيات تضارب المصالح إلا
أننا لم نسمع أن موظفا قام بذلك.
فقد ولدت تلك
المدونة ميتة إذ أن عددا من الموظفين الفاسدين يباشرون أنشطة أخرى مهنية واقتصادية
على مرأى ومسمع الجميع في خرق للفصل 5 من قانون الوظيفة العمومية. الأغرب من ذلك
أن بعض الموظفين العموميين من بين
المديرين العامين والمديرين تم منحهم تراخيص في ظروف مشبوهة لمباشرة أنشطة خاصة
تتمثل أساسا في تخريب موارد الخزينة العامة وابتزاز أصحاب المؤسسات والسمسرة في
الملفات كالمديرة العامة المتقاعدة من وزارة المالية التي بعثت 3 شركات بواسطة
أفراد عائلتها من بينها مكتب تكوين ابتزت من خلاله قائمة من المؤسسات يمكن التعرف
عليها من خلال المركز الوطني للتكوين المستمر والترقية المهنية مستعملة طابع
الوزارة وهي الممثلة للدولة صلبه باللجنة المعنية بعائدات التكوين المهني وهذه
الجناية لم يتم التحقيق فيها إلى حد الآن.
الأجدر أن يقوم رئيس الحكومة بإلغاء كل التراخيص الممنوعة
للموظفين لكي يقوموا بأنشطة خاصة. فهل من المعقول والمقبول أن يغادر الموظفون
العموميون أماكن عملهم ليودعوا التصاريح الاجتماعية والجبائية للغير وينشّطوا
الندوات بالنزل وينجزوا مأموريات الاختبار العدلي ويعدوا الدراسات والاستشارات دون
أن يتم طردهم ويراقب تصرفهم وهذه الظاهرة الفاسدة تكلّف الخزينة العامة سنويا مئات
ملايين الدينارات وكان من المفروض تجريمها بعد تحوير المجلة الجزائية المتخلفة في
مجال مكافحة الفساد الإداري كمغادرة الموظف لمكان عمله دون موجب وعدم التصريح
بمكتسباته وعدم التصريح بتضارب المصالح ومباشرة أنشطة خاصة ليس لها علاقة بمهامه
وعدم القيام بالمهام المنوطة بعهدته وتعطيل العمل بالقوانين والمناشير الإدارية
وعدم التقيد بمدونة سلوك العون العمومي كما فعلت ذلك عديد البلدان التي نخص من
بينها ايطاليا.
حبيبة اللواتي
المفروض على أعضاء الحكومة أن يصرحوا بكل مكتسابتهم وبكل
مصالحهم المالية والعلاقات التي تربطهم بمكاتب الدراسات والاستشارات وبصفة عامة
الشركات التجارية وغير التجارية بتونس وبالخارج حتى لا نتفاجأ بعد ذلك بوجود عضو
حكومة له مساهمات بشركة ببناما او جرزي او جزر كايمون كما حدث ذلك مع المدعو نعمان
الفهري وزير حزب شركة آفاق تونس. على رئيس الحكومة أن يبادر الآن بضبط قائمة في
الصفقات المشبوهة التي ابرمها وزراء حزب شركة آفاق تونس مع مكاتب الدراسات
والاستشارات والشركات التجارية الراجعة ملكيتها لأعضاء الحزب وهذا يعرفه الموظفون
العاملون بتلك الوزارات لاسترجاع ما تم نهبه في إطار صفقات مشبوهة.
و حتى لا يكون الكلام في العموم نضرب على سبيل المثال لا الحصر، على وزير
التنمية والتعاون الدولي محمد فاضل عبد الكافي المدير العام السابق للوسيط
بالبورصة "التونسية للأوراق المالية" التصريح بكل المساهمات المالية
التي يملكها في شركات تونسية مثل "توننفست" لها مساهمات بجنان ضريبية
مثل على الأقل الشركة المحدثة بجرزي والشركة المحدثة بجزر الموريس من قبل. كما
عليه أن يقدم توضيحات شافية وكافية بخصوص كل المساهمات والمصالح المالية حول وضعية
تضارب المصالح التي يوجد فيها إلى جانب أبيه احمد عبد الكافي. إضافة إلى ذلك، عليه
أن يوضح لنا علاقته بفرع البنك الدولي "الشركة المالية العالمية" التي
لها مساهمات في الشركات الراجعة لشركائه كمجموعة "أمان بنك" باعتبار أنه موجود بوزارة لها معاملات مع مؤسسة
البنك الدولي.
إن وضعية تضارب
المصالح التي يوجد فيها وزير التنمية والتعاون الدولي تفرض عليه الاستقالة من
منصبه احتراما لمدونة سلوك وأخلاقيات العون العمومي والمدونة الدولية لقواعد سلوك
الموظفين الواردة باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادقت عليها تونس
دون احترامها إلى حد الآن بمقتضى القانون عدد 16 لسنة 2008. فلا قرابته من رئيس
الجمهورية (ابن ابنة أخته) تجعله فوق المحاسبة ، كان لزاما عليه أن يوضح
لنا موقفه من التهرب الجبائي المحلي والدولي وتبييض الأموال وهو الذي يعلم علم
اليقين أن شركة "التونسية للأوراق المالية" التي كان على رأسها كانت
القبلة المفضلة لكبار المتهربين من دفع الضرائب كالأطباء والصيادلة وتجار السيارات
المستعملة والخردة الذين يتولون إخفاء مداخيلهم غير المصرح بها لديها بما أنه بإمكانها
مواجهة إدارة الجباية بالسر المهني. أيضا، لا ننسى إن كبار المتهربين يتمكنون من
خلال تلك الشركة من استخلاص الصكوك الراجعة لفائدتهم وهذا النشاط المحجر عليها
يبقى من مهام المؤسسات البنكية دون سواها وهنا نتساءل عن مدى قيام هيئة السوق
المالية واللجنة التونسية للتحاليل المالية بدورها. وإذا رغب أحد الحرفاء في تسديد
مبلغ ما لفائدة جهة ما دون إن تظهر هويته تمكنه تلك الشركة من استعمال صكوكها عند
اقتناء عقارات أو منقولات. أيضا على وزير التنمية والتعاون الدولي أن يقدم للشعب
التونسي معلومات شافية وضافية بخصوص مصدر الأموال التي تدخلها إلى تونس عن طريق
البنك المركزي الشركات الموجودة بمختلف الجنات الضريبية وهي عديدة والراجعة ملكية أسهمها
لعائلته وبالأخص شركة "توننفست" التي له مساهمة في رأسمالها لكي يتم
ضخها في رأسمال شركات تونسية وتتم إعادة ضخها من جديد في البنوك الأجنبية باعتبار أن
مصدر الأموال المتداولة بالجنات الضريبية مشبوه بحكم أن تلك الأموال عادة ما تكون متأتية
من الجريمة المنظمة والفساد. كما على وزير التنمية والتعاون الدولي أن يوضح لنا
موقفه من تسمية أبيه في ظروف فاسدة ومشبوهة كعضو بمجلس إدارة البنك المركزي في خرق
صارخ للفصل 25 من مجلة المؤسسات البنكية ومؤسسات القرض وهو المتواجد آنذاك في
وضعية تضارب مصالح خطيرة ومضرة للمجموعة الوطنية وللمؤسسات المنافسة. أيضا على
وزير التنمية والتعاون الدولي أن يوضح لنا موقفه من الإصلاحات الواجب القيام بها
للتصدي لتبييض الأموال والتهريب والتهرب الجبائي المحلي والدولي بحكم خبرته
ومعرفته بأعمال التحيل والخزعبلات كحذف السر المهني الذي استثمره بعض الوسطاء
بالبورصة للإضرار بالخزينة العامة وحرمانها من مواردها التي بدونها لا يمكن مكافحة
الإرهاب والفقر والتخلف والجهل وإحداث التنمية الموعودة والمفقودة. ما هو موقفه من
ضرورة فتح تحقيق بخصوص عمليات التفويت المشبوهة في ممتلكات مصادرة لما كان أبوه
رئيس مجلس إدارة شركة "الكرامة القابضة" وهو الذي كان في وضعية تضارب
صارخة ومضرة. وتتضح خطورة هذه الوضعية لما نعرف أن مساهمة الدولة في شركة النقل
للسيارات المصادرة من صخر الماطري تم التفويت فيها لمجموعة "أمان بنك"
الشريك الرئيسي له ولأبيه أحمد عبد الكافي في شركة التونسية للأوراق المالية وشركة
التونسية للإيجار المالي. وهل يقبل بإجراء تحقيق بخصوص تضارب المصالح مع مكاتب
الاستشارات والدراسات التي تم تكليفها بالقيام بمهام تقييم وغير ذلك في إطار تلك
العمليات المشبوهة، علما أن لها علاقة ومصالح مع مجموعة التونسية للأوراق المالية
والتونسية للإيجار المالي التي ترجع أغلبية أسهمها لمجموعة "أمان بنك".
محمد قاضل غبد الكافي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire