lundi 29 août 2016

الولاة صامتون ...و غياب تام لمبدأ علوية القانون : العقل الحائر من التلاعب الحاصل في رخص و توزيع السجائر




رغم الإجراءات التي اتخذتها الإدارة وفي ظل استفحال الإهمال والفساد والإفلات من العقاب، تمكن أصحاب رخص استغلال محلات بيع التبغ من المتاجرة برخصهم من خلال كرائها بمقابل شهري والحال أن التشريع الجاري به العمل يفرض عليهم استغلالها بصفة شخصية ولا يمكن بأي حال من الأحوال تسويغها.
 كما تمكنت عصابات المضاربة بالدخان من إرباك حركة توزيعه من خلال اقتناء منابات الدخان الأسبوعية الراجعة لأصحاب الرخص الذين ليست لهم نقاط بيع وهذا يستلزم معاقبة الدخلاء وسحب الرخص المستغلة بصفة مخالفة للقانون من قبل الولاة.
ولتحديد مسؤوليات كل الإطراف المتدخلة في المجال ومعرفة الذين يقفون وراء فساد عملية توزيع الدخان، كان  لزاما  ان  نعرض الشروط الواجب توفرها في الأشخاص المتحصلين على رخص في استغلال محلات بيع الدخان.
طبقا للأمر عدد 1916 لسنة 1995 المؤرخ في 9 أكتوبر 1995 المتعلق برخص استغلال محلات بيع التبغ، يتعين على كل شخص يرغب في الحصول على رخصة استغلال محل لبيع التبغ توجيه ملف إلى معتمد الجهة التي يقطن بها يتضمن الوثائق التالية :
-     نسخة من بطاقة التعريف الوطنية،
-     بطاقة للسوابق العدلية لم يمض على تسليمها أكثر من سنة،
-     نسخة من وصل إيداع تصريح الضريبة على الدخل بعنوان السنة السابقة لسنة طلب الرخصة وليس شهادة في الوضعية الجبائية وهذا من شانه التشجيع على التهرب الجبائي مثلما هو الشأن بالنسبة لمن يرغب في الترشح للمناصب العامة.
تمنح رخص استغلال محلات بيع التبغ من طرف الوالي بعد اخذ رأي لجنة جهوية مكلفة بإبداء الرأي في مطالب الحصول على رخص بيع التبغ وحالات تمديد وسحب الرخص التي تم منحها والمطالب المتعلقة بتغيير عناوين محلات بيع التبغ. و  تتركب اللجنة الجهوية من والي الجهة بصفته رئيسا والمعتمد الراجع له طالب الرخصة بالنظر وممثل عن وزارة الدفاع ورئيس المركز الجهوي لمراقبة الاداءات وممثل عن وزارة الشؤون الاجتماعية وممثل عن وزارة التجارة وممثل عن وزارة الصحة. و  تجتمع اللجنة الجهوية مرة كل شهر على الأقل بطلب من الوالي وتتولى إبداء الرأي في المسائل المدرجة بجدول أعمالها مهما كان عدد أعضائها.و يتعين على الوالي الإجابة على المطالب المتعلقة برخص بيع التبغ في اجل 60 يوما من تاريخ إيداع الملف بمركز المعتمدية. لا يمكن لصاحب الرخصة التي هي حق شخصي التفريط فيه وهو قابل للسحب والمراجعة كل 5 سنوات. غير انه يمكنه تكليف طرف أخر للتصرف في المحل بشرط أن يكون مقيما بالبلاد التونسية. خلافا لذلك يقوم أصحاب الرخص الذين ليس لهم محل بتسويغها دون أن يبادر الولاة بسحبها منمين بذلك المتاجرة بالرخص والسمسرة فيها في خرق لأحكام الأمر المشار إليه أعلاه.


تحدد اللجنة الجهوية المعنية بمنح الرخص المناطق المخصصة لاستغلالها والشروط المستوفاة في حالة تركيز محلات جديدة لبيع التبغ. على صاحب الرخصة التزود باستمرار بالكميات الكافية لحاجيات المحل من جميع أنواع المواد المكلف ببيعها، علما أن بيع الوقيد وأوراق اللعب والطوابع البريدية يبقى إجباريا. ويمكن للإدارة أن تلزم صاحب المحل ببيع الأوراق والطوابع الجبائية كلما ارتأت ضرورة لذلك. الملاحظ بهذا الخصوص أن اغلب محلات بيع التبغ ترفض بيع الطوابع البريدية دون أن تسحب رخصهم من قبل الولاة الذين يتفرجون على الفوضى والفساد بسلبيتهم المقيتة والحال أن الأمر المشار إليه أعلاه ينص على سحب الرخصة من قبل الوالي في صورة مخالفة شروط استغلال المحل المعد لبيع التبغ.
بعد هذا السرد المختصر لما نص عليه أمر 1995، نلاحظ بما لا يدع مجالا للشك أن اغلب أصحاب الرخص لا يحترمون الشروط المتعلقة باستغلال محلات بيع التبغ دون أن تسحب منهم تلك الرخص. كما أن اغلبهم يمارسون التهرب الجبائي ولا يصرحون بمداخيلهم طيقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل دون أن تتم مراقبتهم وذلك بصفة مخالفة للتعليمات الصادرة عن الإدارة من حين لأخر بهذا الخصوص.
ففي إطار متابعة الوضعية الجبائية لمستغلي الرخص سواء أصحاب الرخص أو المتسوغون لها بطريقة مخالفة لأمر 1995 الذي يمنع تسويغ الرخص، كان لزاما على رؤساء المراكز الجهوية ومكاتب مراقبة الاداءات إعلام أمناء المال الجهويين وقباض المالية أو رؤساء مراكز توزيع التبغ بحالات عدم وجود المحل بالعنوان المضمن بالرخصة آو حالات عدم مطابقة عناوين تعاطي النشاط وذلك في إطار أعمال الرقابة المجراة من قبلهم. وفي هذه الحالات يتعين على أمناء المال الجهويين إعلام اللجنة الجهوية المكلفة بإسناد الرخص بهذه المخالفات وإيقاف تزويد صاحب الرخصة أو المتسوغ لها حتى يتم سحب الرخص ومنحها لمستحقيها من العاطلين عن العمل.  كما يتعين على قباض المالية ورؤساء مراكز توزيع التبغ موافاة أمناء المال الجهويين بقوائم في الرخص غير النشطة  قصد إعلام الولاة بها لسحبها طبق ما يقتضيه الأمر المشار إليه أعلاه.
ففي صورة رغبة صاحب الرخصة في تغيير محل ممارسة النشاط، فانه يتعين عليه تقديم مطلب في ذلك لمصالح الولاية ومد أمانة المال الجهوية بما يفيد موافقة لجنة منح الرخص على ذلك المطلب.
وفي إطار خرق إحكام أمر 1995 وتنمية الفساد والمضاربة والسمسرة في رخص استغلال محلات بيع التبغ والتستر على تجاوزات أصحاب الرخص، بادرت الإدارة بغض النظر على ما يسمى "المساعد على البيع" الذي يكلفه صاحب الرخصة بالتصرف في محل بيع التبغ وهي تعلم علم اليقين أن صاحب الرخصة ليس له محل وقد قام بتسويغ رخصته لا غير ولم يكلف مساعدا أو وكيلا.  كان من المفروض أن لا يتم تزويد متسوغي الرخص عوض إضافة هوياتهم من قبل الإدارة على بطاقة تزود أصحاب الرخص الأصلية الذين كان من المفروض حرمانهم من تلك الرخص باعتبار أنهم لا تتوفر فيهم الشروط الوارد بأمر 1995.
إضافة إلى ذلك، لا تعمل المصالح الإدارية المختصة على تطبيق الأحكام الجزائية الواردة بالأمر العلي المتخلف المتعلق بتوزيع التبغ والذي تضمن عقوبات بالسجن والخطية مع حجز البضاعة ضد الذين يقومون بتوزيع الدخان المهرب أو دون الحصول على ترخيص من الوالي على غرار الأكشاك التي هي بصدد المضاربة في الدخان على مرأى ومسمع الجميع ونهب المستهلكين لمادة التبغ. فالمعلوم انه لا يجوز بيع التبغ بأكثر من السعر المحدد من قبل المصالح الإدارية. خلافا لذلك، يبادر أصحاب الأكشاك باقتناء الدخان لدى أصحاب الرخص الذين ليست لهم محلات ليقوموا فيما بعد بالمضاربة بها وتحويل وجهتها كان يتم تحويلها من ولاية إلى أخرى وهذا ممنوع قانونا حيث يجب ترويج الكمية المقتناة بالمحل المشار إليه بالرخصة.
الأتعس من ذلك أن يتم التزود بالدخان من قبل الموتى والمتهربين من دفع الضريبة وما أكثرهم ومتسوغي الرخص وأصحاب الرخص الذين لا تتوفر فيهم الشروط وليس لهم محل يباشرون به نشاطهم دون أن يحرك أمناء المال الجهويين ورؤساء مراكز مراقبة الاداءات وقباض المالية ورؤساء مراكز توزيع التبغ ساكنا عوض الامتناع عن التزويد وإعلام الوالي بغاية سحب الرخص المستغلة بطرق غير قانونية وتحرير محاضر جزائية ضد المضاربين في الدخان على حساب المقدرة الشرائية للمستهلكين. فمصالح المراقبة الجبائية لا يمكنها أن تنكر أن بعض العاملين بالقباضات والدخلاء وبعض المحاسبين الفاسدين يتولون تعمير التصاريح الجبائية المزورة والمغشوشة لفائدة مستغلي الرخص دون أن تتولى تحرير محاضر جزائية ضدهم من اجل المساعدة على ارتكاب جريمة تحيل جبائي، علما أن هذه الوضعية استحلت داخل بولاية زغوان حيث حول بعض المحاسبين من السماسرة والفاسدين مصالح المراقبة الجبائية والاستخلاص إلى ضيعة خاصة دون أن يتم إبلاغ أمرهم إلى وكيل الجمهورية.
الأكثر غرابة أن يتمكن احد الايطاليين من أصحاب اليخوت الراسية بجهة الحمامات من تنظيم سفرتين أسبوعيا لتهريب الدخان المهرب من الجزائر إلى ايطاليا ومساعدة شبابنا على الهجرة غير الشرعية مقابل 8 ألاف دينارا للشخص الواحد وذلك بتواطؤ من بعض الجهات. هناك عدد كبير من اليخوت الراسية بجهة الحمامات والراجعة للمافيا الايطالية التي تتولى بواسطتها تهريب الخمور والدخان والزطلة وغير ذلك من البضائع.
المصيبة الكبرى أن يتمكن العاملون بمصالح توزيع الدخان من استغلال رخص تحصلوا عليها بطريقة غير مباشرة بأسماء االاباء والأمهات والزوجات والإخوة ورخص أخرى قاموا باكترائها لدى أصحاب رخص لا تتوفر فيهم الشروط عوض إعلام الوالي لاتخاذ الإجراءات اللازمة وهذه الوضعية نجدها بولاية زغوان.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire