samedi 23 juillet 2016

شذرات فساد تونسية حول ما يحصل من فساد في الصّفقات العموميّة


عين  الثورة نيوز تتمعن و تكشف النقاب ...و انتظار الحساب


تخضع مشتريات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والمنشآت العمومية لإجراءات وتراتيب تضمن نظريا المنافسة وتكافؤ الفرص والمساواة والشفافية وعدم التمييز مثلما يتضح ذلك من خلال أحكام الفصول 100 وما بعد من مجلة المحاسبة العمومية والفصول 18 وما بعد من القانون عدد 9 لسنة 1989 متعلق بالمؤسسات والمنشآت والمؤسسات العمومية والفصلين 87 مكرر والفصل 97 مكرر من المجلة الجزائية والأمر عدد 1039 لسنة 2014 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية. هذا وقد تم استثناء بعض المنشآت العمومية التي تعمل في محيط تنافسي من ميدان تطبيق الأحكام المتعلقة بالصفقات العمومية وذلك من خلال الأمر عدد 1130 لسنة 2007 والتي تبقى ملزمة في كل الحالات باحترام قواعد المنافسة عند إبرام صفقاتها. تبرم الصفقات بعد تنظيم استشارة موسعة أو بالتفاوض المباشر عوض طلب عروض وذلك بعد ترخيص مسبق بمقتضى أمر بالنسبة إلى الصفقات التي هي من اختصاص اللجنة العليا للصفقات وبمقتضى قرار من الوزير المعني بالنسبة إلى الصفقات التي هي من اختصاص مختلف اللجان الأخرى للصفقات شريطة إسناد الترخيص على أساس تقرير معلل بعد استشارة لجنة الصفقات ذات النظر.
كما يمكن أن تبرم الصفقات بالتفاوض المباشر أي دون التقيد بإجراءات طلب العروض أو الاستشارات الموسعة وذلك بالنسبة إلى العمليات التي لا يمكن أن يوكل إنجازها إلا لمزود معيّن. يجب أن لا تؤدي الخاصيات الفنية التي تضبطها كراسات الشروط المتعلقة بالصفقات إلى تمييز بين المشاركين أو تضييق مجال المنافسة أو ذكر أية علامة تجارية أو منتجين معينين في كل الحالات ، يجب على المشتري العمومي أن يبرر الصبغة الخصوصية لكل صفقة تستدعي تطبيق إجراءات استثنائية لإبرائها. وأن يلجأ إلى المنافسة كلما أمكن ذلك.


ضروب من التلاعب

وباعتبار أن أحكام الفصول 99 وما بعده من مجلة المحاسبة العمومية والقانون عدد 9 لسنة 89 المتعلق بالمساهمات والمنشآت والمؤسسات العمومية والأمر عدد 1039 لسنة 2014 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية أهملت بصفة متعمدة مسألة ضرورة التأكد من أن المزود يباشر نشاطه على وجه قانوني، فقد تمكن عديد الأشخاص المعنويين والطبيعيين المتحيلين والمتلبسين بعديد الألقاب المهنية والأشخاص الواجهة الذين يتم استعمالهم من قبل الموظفين الفاسدين من التعاقد مع الدولة والجماعات المحلية والمنشآت والمؤسسات العمومية، علما أن هذه المهزلة لازالت متواصلة إلى حد الآن مثلما هو الشأن على سبيل المثال لا الحصر بالنسبة إلى الشركة الأجنبية التي تباشر اليوم نشاط بيع تذاكر المطاعم في خرق للمرسوم عدد 14 لسنة 1961 بعد أن أودعت لدى وكالة النهوض بالصناعة والتجديد تصريحا بالاستثمار مغشوشا تحت عنوان صنع الورق. الأتعس من ذلك أن تتمكن تلك الشركة المتحيلة حسب أحكام الفصل 15 من المرسوم عدد 14 لسنة 1961 من التعاقد بعد 14 جانفي 2011 مع المؤسسات العمومية وأن تستنزف مواردنا من العملة الصعبة دون أن تحرك وزارة التجارة ووزارة المالية ورئاسة الحكومة والبنك المركزي ساكنا. هل يعقل آن تتعاقد الدولة ومؤسساتها مع المتحيلين والمتلبسين بالألقاب أو من ناهبي المقاطع بدون ترخيص وهذه جريمة يعاقب عليها بالسجن مدة 5 سنوات. هل يعقل أن يتوصل الفاسدون صلب الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية إلى تبرير الشراءات بفواتير صورية لا تحمل معرفات جبائية آو تحمل معرفات جبائية مزيفة وهذه المهزلة لا زالت إلى حد الآن متواصلة. هل يعقل أن يتم صرف المال العام دون أن يسلم المزود الخدمة أو البضاعة مثلما هو الشأن بالنسبة إلى صفقات المتعلقة بالبنية التحتية أو تجهيز المؤسسات العمومية. هل يعقل أن يتم صرف المال العام دون أن يتم احترام الشروط الدنيا للمواصفات الفنية وغيرها المحددة بالصفقة، علما أن العديد من الفاسدين اثروا عن طريق هذه الجرائم بما في ذلك الدول الأجنبية التي أغرقت تونس في المديونية مقابل بيعها تكنولوجيا ميتة مثلما هو الشأن بالنسبة إلى الشراءات الممولة من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية سيئة السمعة داخل أفريقيا. هل يعقل آن لا يفتح تحقيق بخصوص الموظفين الفاسدين الذين منحوا معرفات جبائية للمتحيلين والمتلبسين بالألقاب في خرق للمرسوم عدد 14 لسنة 1961 والفصل 56 من مجلة الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات خاصة أن الإدارة أصدرت مذكرة داخلية بهذا الخصوص.


وباعتبار استشراء واستفحال الفساد خاصة بعد 14 جانفي 2011، فإن الهياكل الصورية المكلفة بمتابعة الصفقات العمومية ومراقبتها والتي هي جزء من منظومة الفساد وعبء على دافعي الضرائب لم تحرك ساكنا رغم عديد العرائض المودعة لديها لتحوير النصوص التشريعية والترتيبية المتعلقة بالصفقات العمومية وبالأخص تلك التي تشجع الفاسدين على التمادي في أعمالهم الإجرامية كصياغة كراريس الشروط والاستشارات المتعلقة بالصفقات العمومية على المقاس بغاية إقصاء بقية المنافسين بطريقة خبيثة أو تجزئة الطلبات بصورة تحول دون إبرام صفقات عمومية أو دون عرضها على لجنة الصفقات ذات النظر آو تضخيم الأسعار أو التعامل مع أشخاص يباشرون أنشطة مهنية أو اقتصادية على وجه غير قانوني.


 و أمثلة أخرى

إن التحجيرات الصورية الواردة بالأمر عدد 1039 لسنة 2014 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية لم يتم خصها بعقوبة بدنية صلب المجلة الجزائية بمجرد مخالفتها دون أن يثبت المتضرر أن العون العمومي أو شبهه تحصّل على رشوة باعتبار أن تلك الجريمة التي صنفها الفقهاء ضمن الجرائم السوداء يصعب في اغلب الأحيان إثباتها خاصة في ظل تعطيل مشروع القانون المتعلق بالكسب غير المشروع الموجود اليوم لدى رئاسة الحكومة وكذلك في ظل عدم وجود خلية إرشاد ومساندة وإسعاف لضحايا الرشوة والفساد برئاسة الحكومة أو وزارة الداخلية أو وزارة العدل أو الوزارة المكلفة بمكافحة الفساد.
فالفصل 87 مكرر من المجلة الجزائية جاء ليحصّن الفاسدين حين نصّ بصفة خبيثة على عقوبة بالسجن لمدة 5 سنوات وبخطية قدرها 5000 دينارا بالنسبة إلى الموظف العمومي أو شبهه الذي يقبل لنفسه أو لغيره بدون حق بصفة مباشرة أو غير مباشرة عطايا أو وعودا بالعطايا أو هدايا أو منافع لمنح الغير امتيازا لاحق له فيه وذلك بمقتضى عمل مخالف للأحكام التشريعية والترتيبية الضامنة لحرية المشاركة ولتكافؤ الفرص في الصفقات التي تبرمها المؤسسات العمومية والمنشآت العمومية والدواوين والجماعات  المحلية والشركات التي تساهم الدولة أو الجماعات المحلية في رأسمالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة. وباعتبار أن جريمة الرشوة لا يمكن في أغلب الأحيان إثباتها في مجال الصفقات العمومية ،  فإن صياغة الفصل 87 مكرر من المجلة الجزائية ساهمت بصفة خطيرة في استشراء الفساد والحال أنه كان من المفروض التنصيص على عقوبة بالسجن لا تقل عن سنتين وبخطية لا تقل عن 20 ألف دينار كلما تمت مخالفة الأحكام التشريعية والترتيبية المتعلقة بالصفقات العمومية مع الأخذ بعين الاعتبار بالعقوبات الأشد كلما تعلق الأمر بقبض رشوة أو أعمال من شانها الأضرار بالإدارة.


الأتعس من كل ذلك أن تتمكن شبكة ارنست يونق للتدقيق المالي مباشرة بعد 14 جانفي 2011 الضالعة في الفضائح المالية والجبائية عبر العالم كأعمال التحيل التي قام بها مادوف (50 مليار دولار) وإفلاس بنك لمان براذرز من اختراق لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة وبعض الوزارات ومن النشاط بتونس على وجه غير قانوني دون أن تحاسب إلى حد هذه اللحظة على أعمال الفساد التي تورطت فيها كالتحيل عند تقييم بعض المؤسسات التي تم الاستحواذ عليها من قبل أصهار الرئيس المخلوع مثل صخر الماطري عند إدراجها بالبورصة. فلا أحد من الفاسدين بإمكانه أن ينكر اليوم أن الشبكات العالمية للمحاماة والمحاسبة تصول وتجول ببلادنا بالتواطؤ مع الخونة والعملاء الذين يساعدونهم على قطع رزق التونسيين والتلبس بالألقاب ونهب مواردنا الوطنية من خلال الشركات الأجنبية وبالأخص تلك الناشطة في مجال المحروقات والحال أنه كان من المفروض وضع قائمة سوداء في كل المؤسسات الأجنبية الضالعة في الفساد وبالأخص تلك المشار إليها بتقرير لجنة تقصي الحقائق. هل يعقل أن تفرض علينا بعض المؤسسات الأجنبية المقرضة المنتصبة وغير المنتصبة بتونس مثل الوكالة الفرنسية للتنمية التعامل مع تلك الشبكات الناشطة بتونس في خرق للقانون، علما أن ما تقوم به مجرم ببلادها. هل يعقل أن تصادق تلك الشبكات المشبوهة على حسابات المؤسسات العمومية المنهوبة دون تحفظ دون أن تبلغ الهياكل المعنية بمراقبة الصفقات العمومية وهيئة مراقبي الدولة أمرها للنيابة العمومية. لماذا لم يبلغ وزير المالية أمر شبكة كولايت توش للنيابة العمومية بخصوص عملية النهب التي تعرض لها الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة. كيف تمكنت مؤسسات أجنبية من الفوز بصفقات عمومية في مجال الأشغال العامة دون أن تتوفر فيها الشروط لتنجز تلك الصفقات عن طريق المناولة وتتحيل على المؤسسات التونسية وتغادر البلاد دون عناء مثلما هو الشأن بالنسبة إلى شركة الإخوة بوزقندة. من يقف وراء المؤسسات الأجنبية التي لا تتوفر فيها الشروط الفنية والتي لا تزال تنشط بالبلاد التونسية دون رادع ودون أن يفتح تحقيق بخصوصها. هذا ضرب من ضروب الإجرام المرتكب من قبل الخونة والعملاء في حق مؤسساتنا الوطنية التي تدعى من قبل المنافقين لخلق مواطن شغل للعاطلين عن العمل.
لماذا حرص الفاسدون من محرري النصوص التشريعية والترتيبية المتعلقة بالصفقات العمومية على عدم التنصيص على بطلان الصفقات العمومية المبرمة مع أشخاص يباشرون أنشطة اقتصادية أو مهنية على وجه غير قانوني وبالأخص الأجانب الذين هم بصدد قطع رزق التونسيين واستنزاف مواردنا من العملة الصعبة والتحيل والتلبس بالألقاب بفضل مجلة التشجيع على الاستثمارات التي حولت تونس إلى وكر لتبييض الأموال والتحيل الدولي. هل يعقل أن لا تحجر تلك النصوص الفاسدة التعامل مع الأشخاص المرتكبين لجرائم اقتصادية والممارسين للتهرب الجبائي مثلما فعلت ذلك الجزائر عند إصدار قانون المالية التكميلي سنة 2009 والأمر الرئاسي المتعلق بالصفقات العمومية سنة 2012. هل يعقل أن يتمكن أشخاص من الفوز بصفقات عمومية ممولة عن طريق الضرائب التي تهربوا من دفعها أو أجانب متحيلون على معنى الفصل 15 من المرسوم عدد 14 لسنة 1961 يستنزفون مواردنا من العملة الصعبة بكل الطرق والوسائل بما في ذلك أسعار التحويل والفوترة الصورية والمضخمة وذلك على مرأى ومسمع من الجميع بما في ذلك محافظ البنك المركزي الذي لم يحافظ على شيء.  لماذا لم يتحرك المرصد الوطني للصفقات العمومية وكذلك هيئة متابعة ومراجعة الصفقات العمومية حيال الشركات الأجنبية المتحيلة التي لا زالت تدوس على قوانيننا بما فيها أحكامها الجزائية دون أن يحرك وزير الخارجية ووزير الداخلية ووزير المالية ووزير العدل ووزير التجارة ساكنا علما أن هذا الأخير مسؤول بالدرجة الأولى على تطبيق أحكام المرسوم عدد 14 لسنة 1961 المتعلق بشروط مباشرة الأجانب لأنشطة تجارية والذي كان لزاما عليه على الأقل مد محافظ البنك المركزي بقائمة في المتحيلين الأجانب الذين هم بصدد استنزاف مواردنا من العملة الصعبة وإبلاغ أمرهم للنيابة العمومية.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire