jeudi 30 juin 2016

في بلاد التيكي تيكي شدّ البوسطاجي وسيّب البلجيكي : قضاء توزر ...عنوان الإفراط في الظلم والغطرسة والاستبداد ؟




أثارت  القضية  الشهيرة التي  سيطرت على واقع الأحداث  في البلاد  و نعني  بها  قضية إيقاف  رئيس  مركز البريد  بتوزر أحمد  بن عثمان  من  طرف  وكيل الجمهورية بابتدائية توزر  جدلا  واسعا  و أسالت الكثير من الحبر و جعلت  طيفا  كبيرا  من الشعب  التونسي  يردد  سؤالا  محوريا  مفاده هل  أصبح القضاء  حجر عثر في  هذه البلاد ؟.  الأمر الذي دفع بأحدهم القول تعليقا  على الواقعة  : حكمة القاضي تلبسه جلباب القداسة و الاحترام .... و لكن "القداسة" التي يريد البعض إضفاءها على مهنة القضاء هي قداسة مزيفة ما لم تلتزم بالعدالة منهجا و برفعة الأخلاق و الحكمة سلوكا , و لكن عقدة التفوق التي أصابت بعض منتسبي هذا السلك و إحساسهم "امتلاك" مفاتيح كل السجون التونسية و الاستقواء بالقانون على الغير في كل مناسية و التغول المفرط للذوات أصبحت سمة بارزة يمكن ملاحظتها بكل يسر في سلوك البعض منهم وحادثة توزر خير مثال على وجود أزمة قيمية . إن الدوافع الذاتية و ليست القانونية هي التي حركت هذا "التسونامي" الكبير ونفس تلك الدوافع التي غابت فيها الحكمة هي التي خلقت تلك الأزمة الخانقة التي كلفت البلاد والعباد خسائر جسيمة وخلقت أزمة اجتماعية وسياسية قد تكون تداعياتها أخطر مما نتوقع ...
و كما كانت دائما مهنة صاحب البريد جوهرها ـ الأمانة ـ فإن مهنة القاضي عمادها الأزلي ـ الحكمة .... و الظاهر أن قاضي توزر لم يكن حكيما في تعامله مع المسألة بقدر ما كان صاحب البريد أحمد بن عثمان أمينا في ممارسته لعمله


 التفاصيل في واقعة الحال : القانون على المحك

لا ندري لماذا تغيرت الموازين في هذا البلد... حيث فقدت وزارة العدل هيبتها أمام المجتمع المدني و صار القاضي و الذي من المفترض أن يكون الوصي الأول على العدالة في تونس هو المخرب و الضارب بالقانون عرض الحائط   نقول هذا الكلام قياسا على ما جاء في واقعة الحال. و تفيد التفاصيل آن احد الأنفار  الذي  ليس  لمكتب بريد  توزر معرفة مسبقة به طلب  تمكينه من بريد  خاص  بالمحكمة الابتدائية بتوزر  حيث  رفض  رئيس  المكتب أحمد بن عثمان  تمكينه مما طلبه على اعتبار أنه  ليس ذات العون  المتعود  على حمل  بريد المحكمة و الذي عادة هو المكلف  بذات المهمة  و برفض  رئيس  المكتب  اعلمه أنه  بحوزته قرار تكليف من قبل  السيد وكيل الجمهورية  بتوزر  فواصل رئيس المكتب رفضه  لذلك  دون الاطلاع  على فحوى القرار و أعلمه  أنه لديه  وثيقة  إدارية قانونية  تكون ممضاة من  طرفه  و من طرف السيد  وكيل  الجمهورية يستظهر بها أي  عون  مكلف  من  طرف المحكمة في الغرض  وهي  بطبيعة الحال  ليست  ذات الوثيقة التي  استظهر بها  عون  المحكمة ...
المعلوم  أن  رئيس  مكتب البريد بتوزر طبق  حتما  ما جاء في القانون الأساسي الخاص  بمراكز البريد و القاضي  بعدم تمكين  أي عون تابع لأي  إدارة بالبريد الخاص لها إلا في  صورة استظهار بالوثيقة النموذج من قرار التكليف  المعمول  به و يكون  ممضى من الطرفين . و أصر في  تطبيق القانون  رفض الحديث مع  السيد وكيل الجمهورية بتوزر  و له الحق في ذلك  رغم كونه لم يكن  يعلم  أن  هذا الأخير يرغب في محادثته ..
و بقدر ما أصر رئيس  المكتب البريدي  على تطبيق  القانون تطبيقا سليما  اتبع  وكيل الجمهورية سياسة "كعور و عدي للأعور " . وإثر هذا الاتصال حلّ بإدارة البريد أعوان من الأبحاث بمنطقة الشرطة العدلية لأخذ أقوال رئيس المكتب فرفض الذهاب معهم دون نص قانوني أو استدعاء وفي اليوم الموالي تمّ توجيه استدعاء له فذهب للإدلاء بأقواله لإتمام ملف أمني فتمت إحالته إلى المحكمة الابتدائية بتوزر ومنها تمت إحالته إلى السجن المدني بقفصة وهو إلى حدّ الآن موقوف
و الغريب العجيب مساعد وكيل الجمهورية بتوزر ‫‏ماهر البحري لدى تدخله في  إحدى الحصص الإذاعية  تمادى في المغالطة و انتهاج  سياسة الهروب إلى الأمام  وجود مغالطة في قضية إيقاف عون البريد، مبرزا أن العون لم يقع إيقافه من طرف وكيل الجمهورية بل الشرطة العدلية قامت بفتح بحث ثم تقديمه إلى المحكمة. وأضاف أن رئيس المكتب تم إيقافه بعد عدم امتثاله للأوامر والقرارات الصادرة لمن له النظر والفصل 3 من قانون الوظيفة العمومية الذي يوجب عليه احترام سلطة الدولة وفرض احترامها دون  أن  يشير أن  سلطة الدولة  مارقة عن القانون  في قضية الحال .


في الاستغلال  المفرط للنفوذ

 المؤكد أن القضية ليس لها أهمية و جدوى كبيرتين و كان يمكن أن تحل في بضع ثوان لو أصلحت المحكمة من آمر وثيقتها . غير أن الحكاية تضخمت  مع  تضخم ذات الأنا  عند  وكيل الجمهورية الذي  انتابه  شعور بالطرطرة و آن رئيس  المكتب البريدي "مرق فيك " ( بثلاث نقاط على القاف) الأمر الذي  جعله  يسقط  في  تشخيص القضية و يستغل نفوذه  ليعيد  الاعتبار  لنفسه  أولا دون  تعقل .
فالمعلوم انه في  تنفيذ  العقوبة يجب  مراعاة الأسرة و الظرف و وكيل  الجمهورية لم يراع ذلك  فالشهر شهر رمضان و للمسجون  ابن  في السنة السادسة لم  يقدر على اجتياز امتحان  السيزيام تأثرا  بما  حدث لأبيه ..
و إحالة القضية تم  على معنى الفصل 315 من مجلة الإجراءات الجزائية  الذي  ينص بوضوح  على أن عدم الامتثال للأوامر الصادرة من  له  النظر  يؤدي  إلى مخالفة  و يكون  أقصى عقوبة السجن ب15 يوما  غير أن  قضية الحال تحولت  من  مخالفة إلى جنحة خاصة بعد أن أحال وكيل الجمهورية  رئيس  المكتب البريد  على الإيقاف التحفظي  و من هنا  كان  الإفراط في استغلال النفوذ و الشطط في اتخاذ القرار السالف .
 فالمعلوم أن قرار الإيقاف التحفظي يكون   عادة إذا ما توفرت قرينة مؤكدة أو خشية وقوع جرائم جديدة أو صعوبة تنفيذ العقوبة وهو ما لا يتوفر في قضية الحال بالمرة.. و حتى إن فرضنا أن وكيل الجمهورية أحس بإهانة جراء التصرف القانوني الذي أتاه رئيس مكتب البريد فانه كان  في أقصى الحالات إحالة الملف و تتبعه وهو في حالة سراح ..و التمادي في استغلال السلطة ترجم أكثر عندما  تم  إيداع  مطلب الإفراج في أكثر من مرة و لكن  تم  رفضه .. بل تفرعت  أكثر بعد  مسالة استجلاب القضية إلى محكمة الناحية بتونس




النتائج الوخيمة

شلل تام  في شريان الدولة و موجة احتجاجات  في  كافة مكاتب البريد  تعبيرا عن المظلمة المسلطة على  أحمد بن عثمان وعملية التوقيف والزج به في السجن ظلما وبهتانا نتيجة تطبيقه للقانون والمحافظة على قدسية العمل الموكول إليه وحسب التراتيب الجاري بها العمل حق...وبمحض الصدفة تزامنت هذه الحادثة مع تاريخ صرف منح العائلات المعوزة وهي الشريحة الأكثر تفقيرا في المجتمع كما تزامنت هذه الحادثة مع نهاية الأسبوع ونحن في شهر رمضان الكريم ... فضلا  عن تعطل الخدمات المسداة في  تحويل  الأموال و تبديل العملة  خاصة  أن موسم العمرة اشتد  فضلا  عن الوثائق المطلوبة  للفيزا  و جل  المعاملات  الإدارية التي تمر عبر البريد ...


احمد عثمان

جمعية القضاة  و مرصد استقلال القضاة ...وجهان لعملة واحدة

سارعت جمعية القضاة  كما  مرصد استقلال  القضاء  الذي يرأسه  احمد الرحموني  إبان  اشتعال  فتيل  القضية  إلى إصدار  بيان  مساندة لوكيل الجمهورية بتوزر وفق  مقولة  انصر أخاك  ظالما آو مظلوما   .. موقف كان  في شموليته  أشبه ما يكون  بحياة الغربان التي من المتعارف عنها أنها   تقوم بإصدار أصوات عالية ذات ترددات مختلفة هذه الترددات تعتبر لغة التعارف فيما بينهما فلكل نوع من الغربان صوت بتردد معين وهذه الترددات بمثابة شفرات استخبارية للمجموعة الواحدة, فبمجرد سماع أحد الغربان لصوت غراب أخر غريب عن نوعه أو غريب عن قبيلته نجده يصدر أصواتا مستمرة عن طريقها تتجمع جميع قبيلته وتحشد جموعها وتتصدى لهذا الغراب الغريب عنهم وتبدأ في قتاله لهذا فهي تؤمن بأن الكثرة تغلب الشجاعة  وهو لعمري ما ينطبق  على الجمعية كما على المرصد ..
كثيرة  هي  الأصوات  التي  رددت أن  جمعية  القضاة التونسيين   و مرصد الرحموني  لن  يبيعا  شيئا  وأنهما  أنجزا سقطتهما  الأخيرة  و  ليس  لهما  سوى  " الانتحار " ليكفّر ا عن مهازل  أنجزاها  صلب  المرفق  القضائي ... فكلّ الألسنة  تلوك  حالة  التشتت  و الانقسام  التي  ضربت أحد ابرز أجنحة  العدالة في تونس  و نعني  به  السلك  القضائي  والذي  أدخلته  الجمعية  في متاهات  و  بثت  فيه  فتنة مريبة جعلت بيت  العدالة  يتصدّع  على نصفين إن  لم نقل أكثر ...


ماهر بحري

و الرحموني الذي  ألّب الجماهير العريضة عليه  و بان  على حقيقته  في  إحدى الليالي التلفزيونية بعد  النقاش مع وزير التربية ناجي جلول  ارتأى  دائما الركوب  على الأحداث  في عديد  المواضيع  القضائية رغم   كونه لم  يكن  محبوبا من  عديد  القضاة بل   إن الشق  الأكبر  يكنّ له البغضاء  على اعتبار سياسته المرتجلة  في  المسّ من  هيبة  القضاء  و  إلقاء  الكلام  على   عواهنه  .
كنا نخال أن يعود الرحموني  إلى رشده و يكف عن إثارة البلبلة و بث الفتن  ونشر الأقاويل في كل مكان  وظننا أنه سيدرك يوما أن الفتنة أشد من القتل ...إلا أنه واصل في لحن المهازل دون مبالاة تدفعه نرجسية زائفة و تدغدغه مفردات التصابي..دون أن يدرك  أن تصابيه إهانة كبرى لمهنة القضاة ...
 و الأدهى و الأمر أن  وزير العدل  لم  يسلم من بطش  الجمعية و المرصد  حتى تعبيره حول اهتمام الوزارة بالقضية رد عليه  من باب  يمنع التدخل في  الشأن القضائي  و كأننا بالجماعة تريد  أن تبسط  سيطرتها  على القطاع  القضائي  و تبسط نفوذها  و أن تحول وزارة العدل  إلى مجرد  مؤسسة عمومية  في مقام العجلة الخامسة و أن تفرض  كلمتها و جماعتها  و لم لا أيضا  أن تكون الوزارة تحت  أقدام المرصد و الجمعية  و لم لا  تكون  الوزارة لا وزارة العدل  و حقوق الإنسان  بل  وزارة الرحموني  و الخلان ...


وجهة نظر من داخل الدار

عون البريد أحمد بن عثمان الذي تمّ توقيفه بريء من كل شبهة و الدليل أن إدارته لم تحله على مجلس التأديب بل وكلت له محاميا ! الرجل له من الأقدمية و الأهلية ما يجعله مقتنعا بضرورة تطبيق القانون، أي عدم تسليم الظروف البريدية لأي كان دون صفة قانونية للمستلم، حتى و لو كان مبعوثا من حلف الناتو... إضراب أعوان البريد كان يمكن أن يكون جهويا لمدة 4 أيام مثلا مع إمكانية التصعيد في حال تواصل اعتقال زميلهم ظلما، و بذلك نتفادى قسما من المعاناة ولكن القول بأن احتجاج أعوان البريد غير مبرر أو لا جدوى منه هو تجنّ شعبوي و"حديث راحة وشبعة"... تخيلوا لحظة لو أن المتضرر هو أستاذ بصفة رئيس مركز اختبارات باكالوريا أو موظفا بالكهرباء و الغاز أو حارس مدرسة... هل كان هؤلاء "المنظرون" سيطربوننا بنفس الدروس في الأخلاق و الإنسانية؟؟ هل تابعتم إضرابات واحتجاجات الفرنسيين مؤخّرا ضد قانون العمل الجديد؟؟ لماذا نصرّ على تبرئة السّلطة عندما تكون في أقوى درجات همجيتها؟؟ ما هذا؟؟
أليس لهذا العون الموقوف بتهمة تطبيق القانون على "صاحب جاه" أبا و زوجا وابنا و مواطنا؟؟ أين تضامنكم مع المظلومين ؟ أم أن التضامن مع السلطة سهل التمويه بشعارات " المعوزين" و الشيخوخة و و و و... مش كان نتصدقوا للفقراء خير من أننا نتاجروا بيهم في قضايا عادلة؟! لست يساريا راديكاليا و لا يمنيا سلطويا و لا عدميا، أنا فقط أجتهد كي أكون عقلانيا إلى أبعد حد بعيدا عن العاطفة العمياء أو التجني المفرط وقبل ذلك أنا موظف يقبض أجره من البريد ولكن ذلك لم و لن يمنع من أن أؤيد إضرابهم لأنه في الزمان و المكان المناسب وللسبب المناسب.


وجهة نظر من خارج الدار

مساندتي المطلقة لأعوان و موظفي البريد الذين أحييهم بالمناسبة على تضامنهم ولحمتهم وانضباطهم من أجل إنجاح الإضراب.... أما بعد فالجلاد هو من استغل نفوذه واستبد واستشاط في اتخاذ قرار مبالغ فيه بسلب حرية مواطن وموظف أثناء أداء مهمته و عدم تمييزه باتّخاذ قرار لا يتناسب مع الحالة ... وأما الحرية فهي شيء لا يقاس بثمن بل تستحق ثمنا باهظا لافتكاكها وممارستها والتمتع بها كالثمن الذي يدفعه اليوم مستعملو خدمة البريد و النضال المقدس الذي يخوضه أعوان البريد ... و كي لا تبقى الحريات حبرا على أوراق الدستور والفصول التي نصت على عدم التضييق عليها... وأما بالنسبة إلى الضّحية في هذه القضية ففي نظري هناك ضحية واحدة لا تضاهي تضحيتها تضحية و هو العون المحجوز قسرا كالمجرمين في شهر رمضان عوض أن يكون مع عائلته وأطفاله وعوض أن يحاكم في حالة سراح فهو لا يمثل خطرا على أمن الدولة مهما بلغ خطؤه المهني ... ما عدا ذلك وإذا لم نع أن حرّياتنا في خطر إذا تكرّرت مثل هذه الممارسات ولم نصطف صفا واحدا لرفضها و التّنديد بها فسنبقى كلنا في سراح أو حرية مؤقتة ... دام وعاش الاتحاد العام صماما للأمان و نضالات العمال والكادحين وكل من يعي قيمة المواطنة و يذود عنها.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire