mercredi 30 mars 2016

الحلقة الاولى) :الشركة التونسية للصناعات الصيدلية SIPHAT « الفساد استشرى كالداء ... و لم نجد له بعد دواء «




على اثر المهمة التي كلفت بها في 28 نوفمبر 2012، قامت  التفقدية العامة بوزارة الصحة بمراقبة الشركة التونسية للصناعات الصيدلية تأكدت من خلالها من حجم الفساد المستشري بتلك الشركة التي تتعرض منذ مدة إلى مؤامرة من اجل محوها من الوجود لفائدة مافيا الأدوية التي تبقى صحة المواطن التونسي آخر اهتماماتها والتي لا هم لها سوى جمع المال بكل الطرق والوسائل حتى ولو أدى ذلك إلى قتل الشعب التونسي.
أحدثت الشركة في شكل شركة خفية الاسم بتاريخ 10 أفريل 1989 وذلك في إطار إعادة هيكلة الصيدلية المركزية للبلاد التونسية وهي تعد بنتا لها ومدرجة بالبورصة منذ سنة 2001 وهي منشأة عمومية على معنى القانون عدد 9 لسنة 1989 المؤرخ في 1 فيفري 1989 المتعلق بالمساهمات والمنشآت العمومية والنصوص المنقحة والمتممة له.
وقد لعبت تلك الشركة المنهكة بالفساد الذي فاق كل الحدود دورا هاما جدا في الحفاظ على صحة التونسيين وما على الدولة إلا ان تنقذها من براثن الفاسدين الذين كونوا لوبيات داخلها ليتصدوا لكل المبادرات الرامية إلى إنعاشها، علما أنها تشغل 771 عونا إي ثلاث مرات ما يجب ان تشغله من أعوان.
يتولى تسيير الشركة مجلس إدارة يتكون من 9 أعضاء يرأسه رئيس مدير عام يتمتع بسلطات موسعة للتصرف باسم الشركة وفي حدود موضوعها باستثناء ما يرجع بالنظر إلى الجلسة العامة للمساهمين. وقد تعاقب على منصب الرئيس المدير العام المدعو الناصر الغربي من 6 فيفري 1990 إلى 13 سبتمبر 1996 والمدعو ماهر كمون من 14 سبتمبر 1996 الى موفى جوان 2010 والمدعو رشاد عزيز من 2 جويلية 2010 الى 10 جويلية 2012 وبشير الترهوني ابتداء من 30 أكتوبر 2012. وقد كان لتغيب أعضاء مجلس الإدارة عن الاجتماعات اثر كبير في تدهور وضعية الشركة واستشراء الفساد داخلها.
ونظرا إلى أهمية  الدور الذي تقوم به هذه الشركة المنكوبة، أخذنا على عاتقنا اطلاع الرأي العام على التجاوزات الخطيرة التي أنهكتها ولم يتم إبلاغها للنيابة العمومية وهي الموثقة  بتقرير التفقد المعد سنة 2013 والتي تورطت فيها أطراف خارجية وداخلية.


الانتدابات الخارجية

تم بمقتضى قرار صادر عن المدعو ماهر كمون الرئيس المدير العام الذي كان مديرا عاما بالوزارة الأولى تحت عدد 5949 بتاريخ 10 أكتوبر 2008 انتداب الآنسة عفاف الضمبري برتبة متصرف رئيسي إداري متربص بإدارة التدقيق الداخلي وذلك ابتداء من 13 سبتمبر 2008 وذلك بصفة مخالفة للإجراءات المعمول بها ودون الحصول على التراخيص الضرورية من هياكل الإشراف (الوزارة الأولى ووزارة الصحة) ودون توفر ما يفيد إدراج انتدابها ببرنامج انتدابات 2008. وقد اتضح فيما بعد ان المعنية بالأمر كانت ضمن أعوان مكتب مراقب الحسابات المدعو سمير العبيدي الذي كانت الثورة نيوز سباقة في كشف تجاوزاته الخطيرة داخل المؤسسات العمومية وذات المساهمات العمومية وهو المكلف بمراقبة حسابات الشركة من 2004 إلى 2007. وقد تم تكليف المعنية بالعمل بوحدة التدقيق الداخلي ومن بين مهامها التعامل مع مكتب المدعو سمير العبيدي الذي تم إعادة تكليفه بمراقبة حسابات المؤسسة من 2008 إلى 2010.


الانتدابات الداخلية

قامت الشركة خلال سنة 2010 بمقتضى قرار صادر عن المدعو ماهر كمون عدد 1340 المؤرخ في 10 فيفري 2010 فتح مناظرة داخلية بالملفات للترقية لعدد من الرتب والخطط من بينها متصرف إداري أو تقني. وقد تضمن ذاك القرار شروط الترشح للمناظرة وآخر اجل لقبول الترشحات والاقدمية التي وجب ان لا تقل عن 5 سنوات من تاريخ الترسيم بالشركة. وقد اتضح بعد مراقبة اجراءات انجاز المناظرة ان 5 أعوان تم قبول ترشحاتهم والتصريح بنجاحهم دون استيفاء شرط الاقدمية وهم ماجدة بن احمد ومحرز جابر وأسماء العرباوي وسوسن الطرابلسي ووليد جلاد النائب بمجلس نواب الشعب ومن هنا تتضح لنا الصورة والغاية من وراء مشروع قانون تبييض الفساد الذي اقترحه السبسي والذي تهافتت عليه الأحزاب الحاكمة من اجل تمريره غصبا عن إرادة الشعب.


تغيب الأعوان عن العمل

اتضح من خلال عملية التفقد أن الإدارة العامة للشركة برئاسة المدعو ماهر كمون الذي سوف نأتي على صولاته وجولاته لم تضع اجراءات ناجعة تضمن التزام الأعوان بالتوقيت الإداري للعمل واستحقاقهم للأجر باعتبار ان عددا من الأعوان لا يلتزمون بتسجيل حضورهم ومغادرتهم باستعمال الآلات الرقمية من دون أي تبرير. كما ان عددا هاما من الأعوان لا يلتزمون بتسجيل توقيت مغادرتهم لمقر العمل دون ان يتخذ المدعو ماهر كمون أية إجراءات ضدهم في إهدار مفضوح للمال العام. فعلى سبيل المثال بلغ عدد الأعوان الذين لم يسجلوا مغادرتهم لمكان عملهم 216 يوم 3 ديسمبر 2012. في حين بلغ عددهم 153 يوما 19 ديسمبر 2012. هذا وتكتفي إدارة الموارد البشرية بالقيام بالخصم من أجور الأعوان المعنيين بالغيابات غير الشرعية ولا تتولى تأديبهم واتخاذ ما يلزم من إجراءات ضدهم وقد ساهم ذلك في استشراء التسيب مما انعكس سلبا على الوضعية المالية للمؤسسة المهددة اليوم بالاندثار وهنا نتساءل عن موقف النقابة الأساسية للشركة. وقد اتضح خلال السداسي الأول لسنة 2013 ان معدل 15 بالمائة من الأعوان يباشرون عملهم بصفة متأخرة وذلك بتأخير يتراوح بين 30 دقيقة وساعتين. كما اتضح ان بعض الأعوان يغادرون الشركة يوميا خلال حصة العمل دون ترخيص ويتم ذلك عادة بداية من الساعة 10 صباحا ويتعلق الأمر خاصة بالعون الطاهر الكحيلي والعون علي الزواغي.


تجاوزات  كمون على كل لون

سمح نظام تأجير الرؤساء المديرين العامين للمنشآت العمومية باستعمال سيارة وظيفية كامتياز عيني وحصة من الوقود بما قدره 460 لترا من البنزين شهريا ولكنه لم يسمح لهم باستعمال سيارة ثانية لقضاء شؤونهم الخاصة.
وقد تم تعيين ماهر كمون المدير العام السابق بالوزارة الأولى كرئيس مدير عام للشركة سنة 1996 إلى حدود شهر جويلية 2010 تاريخ تقاعده لكي يتحصل على امتيازات أكثر ويستغل موارد الشركة ويعبث بمقدراتها.
فبداية من سنة 2002 إلى 2010 شرع في السماح لنفسه باستعمال سيارة ثانية بصفة دائمة لقضاء شؤونه الإدارية والخاصة قبل ان يتولى تخصيص سيارة ثالثة وسائق بصفة دائمة لقضاء شؤونه الخاصة بداية من سنة 2007 إلى حدود تاريخ خروجه للتقاعد. وقد تجرا على تخصيص 5 سيارات لقضاء حاجاته الخاصة من نوع بولو و3 كونقو واودي 4. ويتم اقتطاع كميات الوقود من الكميات المخصصة لسيارات المصلحة وليس من الحصص الشهرية لماهر كمون بما قدره 14240 لترا للفترة الممتدة من 2007 إلى 2010.
ثبت من خلال أعمال التفقد ان المدعو ماهر كمون حول أموالا طائلة إلى لجان التنسيق ومنظمات شباب التجمع والشعب بما قدره مليون و338 ألف و908 دينارا (1.338.908 د) وذلك للفترة الممتدة من 2000 إلى 2010. بهذا الخصوص، نشير ان جزء من تلك الأموال تم صرفها من قبل المدعو رشاد عزيز الرئيس المدير العام الذي خلف المدعو ماهر كمون وذلك ابتداء من شهر جويلية 2010 إلى موفى نفس السنة.


مسؤولية مراقب الحسابات

رغم أن ما اتاه المدعو ماهر كمون يعد جناية إلا ان مراقبي حسابات الشركة المنكوبة والمنهوبة والمهددة بالإفلاس والاندثار لم يبادر بإبلاغ الأمر لوكيل الجمهورية مثلما اقتضت ذلك أحكام الفصل 271 من مجلة الشركات التجارية:"يعاقب  بالسجن من عام واحد إلى خمسة أعوام وبخطية من ألف ومائتين إلى خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط  كل مراقب حسابات يتعمد إعطاء أو تأييد معلومات كاذبة عن حالة الشركة أو لم يعلم وكيل الجمهورية بالجرائم التي بلغه العلم بها". أما إذا تعلق الأمر بمؤسسات عمومية أو ذات مساهمات عمومية فان العقوبة لا تقل عن عشر سنوات باعتبار ان الجنح تتحول إلى جنايات بالنسبة إلى المديرين العامين ومن تواطأ معهم خاصة إذا قبض مراقب الحسابات أجورا زائدة عن اجرته في إطار مهام استثنائية في إطار رشوة مبطنة ممنوع عليه القيام بها على معنى الفصل 265 من مجلة الشركات التجارية.  (  يتبع)



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire