samedi 19 mars 2016

لكلّ مقام مقاله ولكلّ زمان أحلافه : تناقضات وتقلبّات حركة النّهضة الإخوانية ... أبو قلمون في كل لون أكون !




الشّيخ راشد الغنّوشي زعيم حركة النّهضة الإخوانيّة رجل أفّاق ومنافق ومتقلّب المواقف وزئبقي المزاج فقبل وصوله الى الحكم صرّح في بريطانيا بأنه اذا وصل الى الرّئاسة فسيبلغ من التّسامح درجة السّماح بتقديم الخمور وللنّساء بلبس ملابس البحر  وبعد وصوله الى الحكم بدأ في التّضييق على مصانع وموزعي وتجّار الخمور فرفّع في أسعار المشروبات الكحوليّة وخاصّة الجعة (100%) وحوّل جزءا من النّزل السيّاحية إلى نزل حلال والبقيّة الرّافضة حوّلها الى خراب... وبعد سقوط نظام بن علي والى حدود انتخابات 2014 تحالف مع أنصار الشريعة ومن لفّ لفهم ودعمهم بجميع الإمكانات والوسائل المتاحة وقال السّلفيون لا يمثلون خطرا  ويذكّرونه  بشبابه وبعدها عاد الغنوشي وانقلب 180 درجة و أعلن أنه لن يقبل التعاون مع حركات السلفية الجهادية، وأنه يرفض دعوات الإرهاب والعنف التى تقوم بها السّلفية الجهادية فى تونس...ونفس الشيء تقريبا بالنسبة إلى أمين  عام حركة النهضة علي العريض وبعد أن كان لا يترك الفرصة تمرّ دون النّيل من الزّعيم بورقيبة عاد مؤخّرا وتزلّف لاهالي المنستير  بأن صرّح بأنّه يكفي المنستير فخراً أنها أنجبت أول قائد أو أكبر قائد للحركة الوطنية وأول رئيس لجمهورية تونس المستقلة الرّاحل الحبيب بورقيبة ولا نرى فائدة ترجى من التّطرق الى الحربائي الشهير عبد الفتاح مورو  (نائب رئيس الحركة  ونائب رئيس مجلس النوّاب).

 وفي الحقيقة تناقضات وشطحات  النّهضة، باعتبارها من التيّار الإخواني،معهودة ومعلومة ولا حصر لها... ولكن لنأخذ فقط قضيتين: الأولى  موقفهم من إيران بين الأمس واليوم حيث صاروا يناصبونها العداء  ويسمّون عقيدتها -الرّافضة أو حتى المجوسية  - وينعتونها بالدولة العدوانية وحتى بالإرهابية (ومن ذلك موقفهم من  حزب الله حليف إيران  ، ناهيك عن النّظام السّوري الذي كانوا هم  أوّل من قطع معه العلاقات الديبلوماسيّة  فسبّبوا  لسوريا ، ولجميع العرب، خرابا  لم يفعله التتار ولا الصليبيون ولا الاستعمار الحديث ولا الصهيونية ... كل ذلك  بأوهام " الخلافة السادسة" التي كان منطلقها تونس...).أما القضيّة الثانية فهي موقفهم من التّدخل الخارجي بمزاعم  إسقاط الدّيكتاتورية وإقامة الديمقراطيّة.

القضيّة الأولى- في جريدتهم - المعرفة-  لشهر ماي 1979(وكانوا حينها يسمون أنفسهم " الاتّجاه الإسلامي") نجدهم يسبّحون بحمد  الثورة الإيرانية،ففي الصّفحة 25 نقرأ العنوان -ثورة إيران أحيتْ آمال المسلمين وسفّهت أحلام أعدائهم- فيقو لعبد الفتاح مورو  في البدايات الأولى من المحاورة : ليس في إمكاني أن أصف شعوري وشعور الكثيرين من المنتسبين إلى الإسلام عند تتبعنا للثّورة الإيرانيّة ، لقد كانت ترجع بي الذّاكرة الى الأيّام الأولى التي شهدتْ قيام الدّعوة الإسلاميّة بمكّة والمدينة، وكنتُ أرى من خلال صفوف المتظاهرين بشوارع طهران عبر التلفزة الإيطالية وجوها تذكّر بالرّعيل الأول من مؤمني الصّحابة الذين لم تثنهم قلة عددهم وعدّتهم أمام كثرة عدوّهم عن الإصداع بدعوة الإيمان والدّعوة الى سبيل الحقّ.......ويواصل تمجيده وخاصّة للإمام الخميني الذي قال عنه- إنه دوّخ العالم بعمامته-.....أمّا غلاف المجلّة فقد كان  بعنوان - دعاء- وهو دعاء ديني  كتبه  -علي شريعتي-( "الشّيعي الرّافضي المجوسي الفارسي.." ...طبعا هذا ما صاروا يقولون بعدما جرى في أيديهم  الرّيال  والدّينارالخليجي الوهابي !)و تحت هذا الدّعاء نجد تعريفا بصاحبه علي  شريعتي ، ومنه هذه السطور : الدّكتور علي شريعتي أحد كبار منظري الثورة الايرانية وروادها، دكتور فلسفة من فرنسا..ولكنّه لم يغرق في جحيم الثّقافة الغربية .... آمن بالإسلام شديد الإيمان أنه السّبيل الوحيد لإنقاذ البشرية من الضياع والطغيان والاستغلال..... ولكن الكلمات التي اقتاتت من قلوب أصحابها وتغذت من دمائهم ،كما يقول الشهيد السيد قطب،لا تموت.فتفجرت كلماته بركانا تحت أقدام الطّغاة وزلزلت عروش  كسرى.رحم الله علي شريعتي.  


ومن المعلوم في تلك الأثناء  كان جماعة الإخوان ،ومنهم  الفرع الإخواني بتونس، من أبرز المساندين للإمام الخميني الى درجة التعصب الأعمى  الذي عرفهم به الخاص والعام فأطلقت عليهم السّلط التونسية(وربما بورقيبة نفسه! ) لقب - الخمينيين- فكادت هذه التسمية أن تغطي على  التّسمية السّابقة - خوانجيّة-...
القضيّة الثّانية هي تناقض موقفهم من التّدخل الخارجي بمزاعم  إسقاط الديكتاتورية وإقامة الديمقراطية بين الأمس واليوم،ففي الصفحة 16 من نفس المجلة نجد العنوان - وانتصر نيريري-  وهو مقال بيد  رئيس التّحرير( أي  راشد الغنوشي!) كله استنكار وشجب لسقوط  الديكتاتورعيدي أمين على يد معارضيه  الذين استعانوا بقوات الرئيس التنزاني - نيريري-...ففي وسط الصّفحة 17 نقرأ: إنّنا نشجّب بقوّة هذا الأسلوب الانتهازي اللاوطني الذّي اعتمدته المعارضة في أوغندا وهو أسلوب يفقد المعارضة أصالتها وفعاليّتها ويحدث عدم توازن في أي منطقة من مناطقنا المتخلّفة ، وشتّان بين معارضة تستمد أصالتها من جماهير السّاحة و" معارضة" تستورد قوّتها من الخارج وتجعل نفسها مطية أطماع دول استعماريّة بغيضة........


وطبعا  استنكارهم للتّدخل الخارجي كان حكيما و يستحق الاحترام و الثّناء، لكن لماذا خلال هذا "الربيع العبـــري" انقلب موقفهم  رأسا على عقب!!؟...لماذا أباحوا  الاستقواء بحلف الناتو(الذي لم  يسقط القذاقي فحسب وإنّما دمّر ليبيا وقتل من جيشها" الكتائب" أو"المرتزقة"  كما كانوا يشوّهونهم  حوالي ثلاثين ألفا  !!...)فهل تستطيع النّهضة أن تتفّصى من دورها الكبير في هذه الجريمة الكبرى ؟؟؟...( راجعوا الفيديوات بعنوان : -القرضاوي يدعو أمريكا الى احتلال سوريا - و- سمير ديلو في سوق السلاح في ليبيا - و- نور الدين الخادمي شجع على الجهاد في سوريا- و-  الناتو طيور أبابيل - و - مفتي يقول لو شهد الرّسول حلف النّاتو  لتحالف معه- و- رضا الجوادي يحرّض النّاس ويدعو الى الجهاد- و- بشير بن حسن يقول إن الجهاد في سوريا عمل إنساني- و- دعاء لأهل سوريا الشّيخ بشير بن حسن-  و - القرضاوي يفتي بقتل معمر القذافي- و- القرضاوي يشكر أمريكا ويدعوها لضرب سوريا- و- القرضاوي وإن جاهداك على  عدم الذّهاب الى سوريا فلا تطعهما- .. و...و...ولكن لا نغفل الإشارة الى "عورة عَمرو بن العاص التي مازالت تقبّح وجه التاريخ" في الفيديو التالي: الحقوقي المرزوقي يشارك الليبيين احتفالهم لمقتل القذافي...  ! ).
ختاما نقول لوتمّارتكاب هذه الفظائع  في بداية مراهقتهم السياسيّة  لهان الأمر ولقلنا " ربي يهدي" ولكنّها وقعت بعد تجربة ونضج وبلوغ من الكبر عتيّا ! ....
يقول زهير بن أبي سلمى: وإنّ سَفاهَ الشيخِ لا حِلم بعدَهُ**وإنّ الفتى بعد السَّفاهةِ  يحلُمِ !

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire