samedi 14 novembre 2015

يا نيابتنا العمومية المُوَقّرَة




أن تكوني نيابة عمومية شديدة على الضعيف ليّنة على القوي... وأنت ما أنت ... رأس القانون  وصاحبة السيف ... وحامية السّلطان والقائمة على النّظام ... وسياج الدّولة.
   نيابتنا الموقرة ... أراك أحيانا مُقيّدة اليدين، إذا ما تعلّق الحال بكبار اللّصوص... وسُرّاق الخزينة، والمُكَدّين في رزق "البيليك" public ، ومحتالي الصفقات العامة، تنقبضُ اليد منك في رفق وحنان وتأخُذيهم برحمة القانون...
   يا نيابتنا الموقرة... أرى في ما أرى لصّا تَضخَّم فصار «حشّاشا"... نحن فَضحْنا أمره، وكشفْنا ستْره،وأسميناه "حشّاشا" نسبة إلى الحشّاشين من فرقة الإسماعيلية، وكانوا أهل نهب وغدر وقتل، ثاروا على الدّولة فأثْخَنوا فيها، وهو قاطع طريق، حداثيّ الهَوى، ليبرالي المذهب، مُتوحّش في أكل الأموال... لا حول ولا قوة إلا بالله... لا يَكْمُن في الجبال، وإنما يكمُن في خبايا الانترنات، يعقد صفقة تُربحه "كمسيونا"   comission   يَنْتَجبُها لخاصّة نفسه...دُولَةً عن سائر النّاس.
   وهذا "الحشاش"، يا نيابتنا الموقرة، قد افْتضح خبره في الآفاق من حُزيْب آفاق، وفي الإعلام والصحافة والفضاءات الافتراضية جميعها... فندد القوم بتواطؤه في صفقة "لازار" وتخريبه لاقتصاد البلاد وبيعه أسرار الدولة تحت مسمى التّعاون مع أهل الخبرة في التسويق... سَوّق الله روحه وروح من وَالاَه...
      يا نيابتنا العمومية...قد سكت منك اللّسان، وجفّ عنك الحبر،... وكان حريّا بك أن تقومي من تلقاء نفسك تحقيقا ومساءلة :
  

  
 هل وافق اجتهاد الوزير الحشّاش "ياسين إبراهيم" مقتضيات القانون وتراتيب الصفقات العمومية؟
  هل وَافقَ شَنٌّ طَبَقَة ؟
أم تراه في حصانة ومنعة ؟
 يا لهف نفسي... ففي بلدي يُقبض في التَوّ،على السارق والنشّال والقاتل والمُحتال والمفسد ... إذا كان فقط، صغير الهمّة، ضعيفا، لا حَوْلَ له ولا طَوْلَ، ولا وَاليَ له ولا حزب يُقيلُ عثَاره ويَستر عنه احتياله.
  وقد نتساءل نحن عن دور النّيابة العمومية في حماية النظام العام بالمفهوم القانوني.... إنها تمثل أعلى سلطة قانونية، في الحفاظ على المصلحة العامة من الفساد أو الإضرار بها... والنيابة العمومية سادتي، تحتكر تفويض الحق العام في التتبعات الجزائية، وهي المحمولة على إنفاذ جميع الأحكام القضائية... إنها في الاصطلاح الخلدوني سياج الدولة، والوازع الذي يَزَع الناس بعضهم عن بعض ويمنع الناس من الاعتداء على حقوق بعضهم بعضا... إنها الدولة وكفى.
   في بلدي بعد الثورة الزائفة, ما هو دور النّيابة العمومية؟؟؟
  هي تأمر بإيقاف السّارق إذا ما سرق دارا أو سطا على سيارة... وهي تأذن بإيقاف المجرم القاتل إن قتل نفسا... وهي كذلك تقف سدّا منيعا أمام فوضى الانتصاب العشوائي والبناء الفوضوي... فتهدم تلك الدار بشرط أن يكون صاحبها ضعيف الحال، وتصادر بضاعة ذاك إن كانت مجهولة المصدر .
  ويبدو لنا أن  النيابة العمومية لم تستطع أن تستقل عن السلطة السياسية منذ الاستقلال وإلى اليوم...
  هل النيابة العمومية جهاز قضائي مستقل استقلالا تاما عن السلطة السّياسية؟؟؟
   سؤال يقبل المجادلة ؟؟؟
  في بلدي يُسجن السّارق لأجل دجاجة، أما لُصوص الخزينة العامة من إقْطَاعيّي الصفقات العمومية الكبرى فإن النيابة لا تَطالهم ولا يجرؤ أيُّ قاض على الإشارة إليهم حتىّ بالبَنَان، ويسجن الموظف الصغير لأجل خطإ في الوثائق والإداريات أمّا السيد الوزير فانه إذا ما أخطأ فإنه منيعٌ حصينٌ...
  وها إنّنا نلقى في ما نلقى، جيشا من "المُتَأوْربين" نسبة إلى أوروبا... دخلوا تونس بعد الثورة البائسة وهم ينتمون إلى جنسيتين... تونسية قديمة وأوروبية حديثة... يفاخرون بنسبهم الجديد أنهم تَبَعٌ إلى الغرب الاستعماري.
   فقدموا أنفسهم باعتبارهم نُخبةً عالمةً عارفة، درست في الجامعات الأوروبية ... هي نخبة تتظاهر في أغلبها بالوطنية الجارفة، إلّا أنّها زائفة، تدير شبكة من العلاقات مع كبرى الشركات العالمية تلك التي احترفت نهب خيرات الشعوب الضعيفة المقهورة... قد ارتبطت بسياسات الدول المستعمرة والبنوك العالمية.
  فيوما أتانا "المهدي المنتظر" المدعو "مهدي جمعة" مستغلا ظرفا سياسيا تناطح فيه أبناء الوطن: من يحكم ؟ أنَا أمْ أنتَ ؟ ...الإسلاميون أم القوميون أم اليساريون أم ليبراليُّو الداخل... يومها جاءنا الثعلب المكار في ثياب الصالحين، حين فشل الجميع في حسم المعركة السياسية، جاءهم  حاكما بالوكالة، رشحته شركات النهب الأجنبية، فطفق يُبرم العقود ويُجدّد العهود حتى ما بقي في البلد مالٌ يُنفق أو زرع يُحصد...
  ففي السياحة على سبيل الحصر، طلع البدر على وجه، قيل: إنه صَبُوحٌ وما هو إلّا غَمُوق، ...الوزيرة الكَفُؤة، والمرأة الفاضلة، والمتعلّمة المثقّفة، تلك التي تحسن تسع لغات، كذبًا... السيدة "امال كربول" زوجة اليهودي الألماني، وعشيقة أخيه الجرماني، من صُلب أبيه، فإذا هي مُولعة بجميل الملبس، تطلع علينا كل يوم في ثوب مُؤْنق، وشعر مُعصفر، فبشّرتنا بسياحة إسرائيلية تدرّ على البلد المَأْفُون ذهبا سائلا، وكانت من الأفّاكين الآفلين.
هل يمكن أن نعتقد يوما أن أوروبا الاستعمارية بكل ما اقترفته في حق الإنسانية من جرائم واستعباد يمكن أن نأتمنها على قُوتنا ومصيرنا واقتصادنا ومستقبلنا...
  أوروبا هذه مسؤولة تاريخيا عن إبادة حضارة الإنكا وقتل شعب بأكمله شمال القارة الأمريكية... وهي مسؤولة تاريخيا عن اختطاف العبيد السود من أوطانهم حملتهم قسرا للعمل سخْريًّا في العالم الجديد... وهي مسؤولة عن محرقة فلسطين وما تلاها من آلام وعذابات... وهي مسؤولة عن هيروشيما وناكازاكي وفيتنام ...وهي مسؤولة اليوم عن تدمير العراق وسوريا واليمن وليبيا.
  يا نيابتنا الموقرة، هذا عتاب منا... نشكو منك إليك... أن تنتفضي ضد اللّصوص أصحاب البطون الممتلئة... وضد وزراء السّوء والفساد .... أن تقيمي شوكتك فيهم بالعدل والقسطاس.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire