vendredi 11 septembre 2015

إمّا مصالحة شاملة وبناء وإمّا فوضى عارمة وفناء




يبدو أنّ الجدل الدائر حول مشروع المصالحة الوطنية الذي اقترحه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لن ينتهي قريبا، ويبدو أيضا أنّ المواقف المتقابلة  لن تتقارب ولن تحاول على الأقل تضييق فجوة الاختلاف وتجسير هوة التّباين، والدّليل على ذلك أنّ الأصوات الرافضة لهذه المصالحة ما فتئت تخطّط بدقة لضرب أي محاولة تسعى إلى طي صفحة الماضي بتدبير من قوى خارجية على رأسها دويلة قطر ..ولا ريب في أنّ  هذا المشروع  على نقائصه سيقطع ولو إلى حدّ مع الجدل العقيم حول محاسبة شوهاء ومصالحة بتراء بدأ الحديث عنها منذ 14 جانفي 2011  ولم ينته إلى يوم الناس هذا ، ومما زاد الأمر تعقيدا أن كل لجنة توكل إليها " محاسبة الآخر " وتقصّي ملفات الفساد تفشل فشل ذريعا بعد أن يتورط القائمون عليها في ملفات فساد أثقل من الملفات التي بين أيديهم ومن ثم يطرح سؤال مرير " من سيحاسب من ؟    ويكفي أن ننظر في حصاد الترويكا المثقل بالجرائم  حتى تتأكد حاجة التونسيين إلى غلق كل الملفات القديمة .




ولئن كان من حقّ المعارضين لمشروع المصالحة أن ينظّموا مسيرات احتجاجية في كل مكان وفي كل زمان إذ أنّ الدستور يكفل لهم ذلك فإن ما يدعو على الريبة والشك  اختيار شارع الحبيب بورقيبة مكانا للمسيرة وتحديد  يوم 12 سبتمبر زمنا لها  رغم حالة الطوارئ التي تعيشها البلاد ؟ وما كنا في الحقيقة لنطرح هذه التساؤلات التي تستبطن رائحة المؤامرة لو لم  تكن الأوضاع الأمنية دقيقة  تهدد بالانفجار في كل لحظة ، ولو لم نجد أن الجهات التي حركت الجنوب التونسي بعد الانتخابات الرئاسية الماضية والتي نسقت لما يسمى بحملة وينو البترول هي نفسها التي تدبر الأمور بليل لمسيرة يوم 12 سبتمبر التي لا هدف لها سوى إرباك الامن في هذه الفترة التي تستعد فيها  مدارس تونس ومعاهدها وجامعاتها تونس لاستقبال الالاف من رجال الغد .    




وبقطع النظر عن التجاذبات بين الحكومة والمعارضة بما فيها المعارضة الهدامة  التي تريد أن تدفع إلى مصير مجهول نرى أن  المصالحة  يجب أن تكون شاملة تتجاوز ما يسمى " المصالحة مع رجال الأعمال "  لتشمل الأمني والمهني والحرفي  والتاجر والفلاح والقاضي والمحامي والأستاذ .. ومن تورط في إصدار صكوك دون رصيد . ولا شكّ أن الخروج من عنق الزجاجة يقتضي مصالحة شاملة تغفر ما تقدم من "ذنوب جميع التونسيين" ولا تستثني أحدا ما عدا  الإرهابيين الذين قتلوا النفس بغير حق والذين رفعوا سلاحهم في  وجه الدولة  خاصة ونحن نرى أن من شملهم العفو العام بعد الثورة كمجموعة سليمان قد عادوا  إلى أفعالهم الإرهابية التي قاموا بها قبل الثورة  رغم أن الظروف قد تغيرت ولم تعد تونس محكومة بديكتاتورية. ولا نعتقد أن هذا المطلب عزيز المنال فتونس في تاريخها الحديث عرفت منعرجات حاسمة أكدت ألا خيار لأبناء تونس إلا في المصالحة والعفو الشامل على قاعدة " التونسيون سواسية كأسنان المشط " ، ويكفي أن نذكر أنه بعد الثورة قد تم عفو تشريعي عام شمل حتى تجار المخدرات والإرهابيين  .




ومجمل القول لنا في القرآن الكريم وفي سيرة الرسول الأعظم  وفي الأمثال السائرة  ما يمكن أن يكون نبراسا به نهتدي " قال تعالى : وإن تعفوا و تصفحوا فهو خير لكم "  وقال الرسول " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ومن قول السلف " المسامح كريم "و" عفا الله عما سلف "" فهل يتعقل الذين  يدفعون بالبلاد إلى المجهول ويتركون الأمر لنواب الشعب يقررون مصالحة شاملة لا فضل فيها لرجل أعمال على  تاجر بسيط إلا بالولاء لتونس والدفاع عن وجودها ؟  وباختصار الخيارت محدودة جدا فإمّا مصالحة شاملة وبناء وإمّا فوضى عارمة  وفناء .

 



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire