تعد البلدية
والولاية المؤسستان الرئيسيتان في مسألة حماية
البيئة نظرا للدور الكبير الذي ينتظر أن تؤديانه في هذا
المجال بحكم قربهما من المواطن وإدراك مسؤوليها أكثر من أي
جهاز آخر طبيعة المشاكل البيئية التي يعانيها سكان
المنطقة البلدية بالخصوص هي صورة حية للامركزية الإدارية ، وقد
أسند لها القانون عدة صلاحيات ومهام في عديد المجالات ومن بينها
حماية البيئة بحيث من المفروض أن تقوم
بتنفيذها على أكمل وجه وفق النصوص القانونية الصادرة في هذا الشأن
وتبعا للوسائل البشرية والإمكانيات المادية المهيأة
لهذا الغرض ومن المهام التي أوكلت للبلدية كجماعة عمومية محلية
السهر على تطبيق التشريعات العمرانية (مثل كشف الطرق، إقامة أبنية
ومرافق عامة تنظيم الساحات العمومية، إقامة مشاريع ذات منفعة عامة ،تعبيد الطرق،
إقامة الأرصفة، تنظيم السير، إقامة الحدائق والمنتزهات...)وكذلك تنفيذ التراتيب
المتعلقة بالصحة العامة التي ترتبط بدورها بحماية البيئة والمحيط كالقيام بأعمال التنظيف
وجمع النفايات والتخلص منها وإحداث وصيانة
شبكات تصريف المياه المستعملة وتأمين ذبح المواشي في ظروف صحية ومراقبة المأكولات
ومحلات بيع المواد الغذائية (اللحوم، الأسماك، الخضر، المقاهي ...) ويبدو قراءنا
الكرام أن بلدية القلعة الكبرى رمت بكل تلك الواجبات القانونية والمهام المنوطة
بعهدتها وتحولت من مؤسسة في خدمة المواطن والسهر على راحته وتوفير كل المرافق
الضرورية للعيش الكريم إلى مؤسسة تسعى إلى الخراب واقلاق راحة الغير والاعتداء على
الملك الخاص والعام والتسبب في كوارث بيئية على غرار الضرر بالغ الخطورة الذي
الحقته بالمواطن فرج ونيس ومن بعده ورثته حيث قامت بالاعتداء على ملكه الخاص
بطريقة بشعة ومن دون أي سبب تدعو حقيقة إلى الاستغراب عن نوعية المسؤولين الذين
كانوا وقتها يشرفون على البلدية هل هم بشر فعلا آم نوع آخر من الكائنات الهمجية
والمتوحشة التي من المفروض أنها اندثرت مع انقضاء زمن الديناصورات ...
أعوان البلدية يردمون بئرين بالفضلات المنزلية
في
أواخر شهر ديسمبر من سنة 1999 توجه المدعو فرج القصير رفقة احد أبنائه لتفقد
"سانيته" المتواجدة بمنطقة السواني الشرقية بالقلعة الكبرى فما راعه إلا
ان وجد بئرين على ملكه بنفس السانية يستعملهما لسقي قرابة 300 شجرة رمان قد ردما بالفضلات المنزلية ولما استفسر جيرانه
عن الأمر اعلموه بان أعوان البلدية هم من القوا تلك الفضلات إذ كانوا ياتون مبكرا
جدا كل يوم ويتعمدون إلقاء الفضلات المنزلية في البئرين ثم يعودون إدراجهم ومن
الغد عاد فرج ونيس مرة أخرى إلى حقله ليعاين الأمر بنفسه فرأى بأم عينيه أعوان
البلدية وهم بصدد القيام بجريمتهم الشنيعة فما كان منه إلا ان مسك سائق الشاحنة
الذي اعترف له بان الكاتب العام للبلدية حينها هو من أمره بردم البئرين ...
إلباس التهمة للطرف الضعيف
بتاريخ
8 اوت من سنة 2000 قام فرج القصير برفع الأمر إلى رئيس بلدية القلعة الكبرى ثم و
بتاريخ 15 جانفي من نفس السنة وجه له تنبيها بواسطة عدل منفذ مطالبا برفع الفضلات
من البئرين وإصلاح الوضعية بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه فرد رئيس البلدية
بمراسلة بتاريخ 2 فيفري إلى المتضرر يعلمه فيها بأن المسؤول عن الجريمة هو السائق
محمد الصحبي البرجيني وقد تم اتخاذ قرار في رفته لذلك بإمكانه تتبعه شخصيا وتحميله
كل المسؤولية ...والغريب في الأمر هنا ان المسؤول الأول عن البلدية عوض اتخاذ
الإجراء المناسب المتمثل في تنظيف البئرين البس التهمة للطرف الضعيف وهو السائق
الذي يبدو انه ذهب كبش فداء لتقصير البلدية والمسؤولين عنها ...
15 سنة من التشكي والتظلم والنتيجة صفر
قبل التظلم الذي رفع
إلى رئيس البلدية بدأت رحلة فرج ونيس ومن بعده ورثته مع التظلمات والشكايات منذ 21
ديسمبر من سنة 1999 بشكاية مرفوعة إلى وزير البيئة حينها والذي رد بإحالة الأمر
إلى الوكالة الوطنية لحماية البيئة والتي حسب زعمه ستقوم باتخاذ الاجراءات اللازمة
ومنذ ذلك التاريخ انطلقت معاناة المتضررين مع الأساليب البيروقراطية المجحفة حيث
لما توفي فرج ونيس كمدا وغيضا من جراء الاعتداء على ملكه الخاص في وضح النهار
بأسلوب الحقرة والتسبب له في جفاف سانيته وموت كل الأشجار بها انتقل هم القضية إلى
أبنائه الذين يصارعون إلى يوم الناس هذا شبح التهميش واللامبالاة من قبل الإدارة
...عشرات الشكايات ان لم نقل المئات التي أرسلت إلى مختلف السلط ذات العلاقة
بالموضوع طوال أكثر من 15 سنة والنتيجة لا شيء رغم ثبوت الجريمة ورغم خطورة آثارها
وفداحتها على المائدة المائية وعلى صحة الناس قبل ان تكون مجرد ضرر مادي يقدر
بعشرات الاف الدنانير ذلك ان "السانية" باتت لا تساوي شيئا بعد ان كانت
تقدر بالكثير ...
احد ورثة فرج ونيس جاءنا
مدججا بمئات الوثائق من بينها مراسلات من والي سوسة ومن المدير العام للمندوبية الجهوية للتنمية
الفلاحية بنفس الجهة إلى رئيس البلدية يحملان فيها البلدية المسؤولية ويطلبان منها
التدخل العاجل لإصلاح الوضع وإرجاع الحالة إلى سابق عهدها لكن للأسف لا حياة لمن
تنادي أضف إلى ذلك فقد قامت الوكالة الوطنية لحماية المحيط بإرسالعديد المراسلات
إلى الورثة تعلمهم فيها بان الوضعية بصدد الحل لكن لاشيء تم على ارض الواقع ...
رئيس البلدية في هذه
الوضعية هو المسؤول الأول عن الضرر الحاصل بما انه هو الممثل القانوني للبلدية
التي من المفروض قانونا ان تتحمل أخطاء أعوانها تجاه الغير حيث خالف بصفة واضحة
وجلية الفصلين 110 و113 من مجلة المياه (القانون عدد 16 المؤرخ في 31 مارس 1975 )
وعوض ان يقوم بإزالة ذلك الضرر الفادح الذي أصاب أصحاب الملك وحتى البيئة وصحة
الناس عمد إلى المماطلة والتهرب من المسؤولية لتبقى الحال على ما هي عليه طيلة 15
سنة ...معاناة ولهاث وراء استرجاع الحق من طرف ورثة فرج ونيس وتلوث على مستوى
المائدة المائية الجوفية له أثار خطيرة على الفلاحة في كامل الجهة وعلى صحة
المواطنين ...
هذه القضية تمثل في
الواقع عينة حية على الفساد المتفشي في السلط المحلية والذي ينبئ بخراب الدولة
وفقدانها لمعناها كما تمثل نموذجا عن مدى الخور المتغلغل في مفاصل الإدارة و
التونسية التي عوض ان تجد الحلول الناجعة وتتخذ الإجراءات والقرارات اللازمة في وقتها لا تزال تعمل بعقلية "ارجع
غدوة" ووفق منظومة مراسلات وبرقيات لا تنتهي بلا أي جدوى وكل مسؤول يرمي
الكرة للآخر وهكذا دواليك إلى أن يضيع الحق ويزداد الجرح عمقا ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire