تحتاج تونس في هذه الفترة وأكثر من أي وقت
مضى إلى تلميع صورتها في العالم فبعد
العملية الجبانة التي استهدفت ضيوفنا الأجانب في باردو يوم 18 مارس 2015، يحتاج التونسيون
كل من موقعه إلى السعي الجاد من أجل محو الصورة التي تجعل صورة تونس مقترنة
بالإرهاب..ونعتقد أن من بين المؤسسات التي يعول عليها في هذا المجال هو معهد
بورقيبة للغات الحية الذي يستقطب كل سنة أعدادا لا يستهان بها من الطلبة الأجانب
الذين يأتون من كلّ حدب وصوب، ولكن يبدو أن الفساد المستشرى في هذه المؤسسة عموما
إلى جانب عديد المشاكل التي يعيشها
افتتح معهد بورقيبة للغات الحية تدريس
اللّغات للعموم منذ 1964 حيث أمّن دروسا للتّونسيين في مختلف اللّغات وخاصّة منها
الانجليزية والفرنسيّة كما أمّن دروسا ليليّة في اللّغة العربيّة للنّاطقين
بغيرها. وتوسّع نشاط المعهد تدريجيّا حتّى أصبح قبلة للتونسيّين وللأجانب من مختلف
الجنسيّات والقارّات.
أمام التّزايد الكثيف للطّلبة تنوّعت دروس اللغة العربيّة للناطقين بغيرها
فوقع تأمين دروس نصف مكثفة (8 ساعات أسبوعيّا) ثم مكثفة (16 ساعة أسبوعيا) بنظام
السّداسيّات المنصوص عليه في الرائد الرّسمي. وقدرأى قسم العربيّة واللغات الشرقيّة أنه من
الأفضل تغيير نظام الدروس من السّداسي إلى الثلاثي وذلك استجابة للتزايد المطّرد
لعدد الطلبة واستجابة لما يتماشى ونظام دروسهم الجامعية في بلدانهم
أمور تدبر بليل وأساتذة متوجسون من شراكة مشبوهة
وحسب قانون 439 الصّادر بالرّائد الرّسمي
للجمهوريّة التّونسيّة في مارس 1996 فإنّ الذي يضطلع بالتّدريس أساتذة من التّعليم
الثّانوي ولذلك فإنّ كلّ إطار التّدريس بالمعهد من أساتذة التّعليم الثّانوي
الملحقين والمتعاقدين بصفة أستاذ تعليم ثانوي متعاقد ويبلغ العدد الجملي للأساتذة
بالمعهد حوالي100 ويبلغ عدد المساعدين 4 أساتذة.
ولسائل أن يسأل عن سبب وجود هذا العدد الكبير
من أساتذة التّعليم الثّانوي بالمعهد والإجابة تكمن في أنّ الدّروس المؤمّنة
للمستمعين دروس بيداغوجيّة تعليميّة موجّهة للعموم خارج إطار البحث الجامعي والأكاديمي.
فنوعيّة المستمعين (auditeurs) وطبيعة الدّروس
والوسائل البيداغوجيّة والمناهج والأهداف ذات طبيعة خاصّة وهي تتلاءم والتّكوين
البيداغوجي لأساتذة السّلك المشترك والملحقين وقد درّس هذا الصّنف من الأساتذة
اللّغات للنّاطقين بغيرها في المعهد لسنوات عديدة.
وإذا جازت المقارنة فإنّه يمكن مقارنة IBLV من حيث المتعلّمين وطبيعة الدّروس
وأهدافها فإنّه يمكن مقارنتها بالمجلس الثّقافي البريطاني British Council أو بمعهد قوته الألماني Institut Goethe أو بالمركز الثّقافي
الفرنسي أو الأمريكي وغيرها فكلّ هذه المؤسّسات المذكورة تدرّس اللّغات الحيّة
للعموم وليس لها أهداف تخصّ البحث الجامعي والأكاديمي.
ففي معهد بورقيبة وفي هذه المؤسّسات جميعها
يقدّم الأساتذة دروسا « Leçons » أو « Lessons » بينما تقدّم الجامعات
محاضرات أكاديميّة « Cours » أو « Lecture » .
وهذا يجرّنا للحديث عن نوايا بعض الأطراف من
خارج معهد بورقيبة ومن داخله لتغيير صبغة المعهد من مؤسّسة تعليميّة تستفيد منها
كلّ شرائح المجتمع التّونسي إضافة إلى الطّلبة الأجانب إلى مؤسّسة بحثيّة أكاديميّة تلبّي رغبات بعض
الأطراف النّافذة في التّعليم العالي. ولعلّ المدير الحالي لمعهد بورقيبة للّغات
الحيّة عرّاب هذه الأطراف. فقد قام منذ أيّام بعقد اتّفاقيّة تعاون مع بعض الأجزاء
الجامعيّة منها المعهد العالي للّغات بتونس وتنصّ بعض بنود هذه الاتّفاقيّة على:
-
تدريس اللّغات
الحيّة المطبّقةإحداث شهادة ماجستير في التّعلّميّة (وهذا اختصاص المعهد العالي
للتّكوين المسمرّ(ISEFC)
-
البحث العلمي
والبحث في الألسنيّة
-
التّشارك في
الموارد الماليّة والبشريّة بين المؤسّستين
وهو ما يمثّل خطرا على مستقبل المعهد
وأساتذته الذين ستتمّ إزاحتهم في أقرب وقت واستبدالهم بأساتذة من صنف آخر للاضطلاع
بهذه المهامّ. ويفقد معهد بورقيبة بذلك خصوصيّاته.
شبهات فساد إداري ومالي وإداري متنفذ تلاحقه تهم خطيرة
كانت صحيفة الثورة نيوز قد أشارت في عدد سابق إلى وجود لجنة وزارية بإشراف قضائي تحقق في شبهات فساد مالي وإداري كبيرة في معهد بورقيبة للغات الحية، وقد علمنا
في هذا السياق أن من بين الملفات التي حركت نقابة المؤسسة لدعوة لجنة التحقيق هي صفقات
مشبوهة في اقتناء أغراض بأسعار غير مقبولة بالمرة إلى جانب تعامل المعهد من مزوّدين
دون غيرهم،إضافة إلى تلكؤ إدارة المعهد
وبسبب أحد الإداريين المتنفذين في خلاص أجور بعض الأساتذة دون غيرهم، وقالت بعض
التسريبات أن هذا الإداري المتنفذ دلّس عديد الوثائق واستخلص مستغلا وظيفته وعجز بعض المديرين الذين تعاقبوا على المؤسسة
لينهب أموالا طائلة تمكّن بواسطتها من بناء قصر فخم في إحدى ضواحي تونس.
ويذكر
أنّ أساتذة معهد بورقيبة للغات الحيّة كانوا قد دخلوا في اعتصام مفتوح في
جانفي الماضي بمقر المعهد بشارع الحرية بالعاصمة احتجاجا على ما آلت إليه الأوضاع
بالمعهد من شبهات بفساد وسوء تصرف وسوء إدارة وعدم تسوية وضعية الأساتذة
المتعاقدين.ويتهم المعتصمون بعض اللوبيات النافذة بالمعهد بتدمير
المؤسسة بغاية إغلاقها لتحويل وجهة الطلبة إلى بعض المؤسسات الخاصة التي تحقق
أرباحا أكثر.
ولعلّ
أخطر ما يتهدد هذا المعهد في علاقة تونس ببعض البلدان وخاصة إيطاليا وإسبانيا
وفرنسا وأوربا الشرقية ( أغلب الطلبة الأجانب من هذه البلدان ) هو صراع الأجنحة
بين أساتذة العربية وهو صراع يتجاوز في
كثير منه الاختلافات الأكاديمية لينحصر في إطار البحث عن المراكز ( منسق مادة
العربية ) من أجل الحصول على أقصى ما يمكن من امتيازات مالية...
السّفارات الأجنبية على
الخطّ
ولعلّ من النّقاط السوداء التي ستبقى عالقة
بتاريخ المعهد لارتباطها بصورة تونس في
الخارج هو تهديد 50 أستاذا بالدخول في إضراب
جوع في أكتوبر 2013 أي في زمن قاتل زمن العودة المدرسيّة أكثر من خمسين أستاذا عرضيا يدرسون بمعهد
بورقيبة للغات الحية ومقره «لافيات» بالعاصمة قرّروا الدخول في إضراب جوع بمكتب
المدير بسبب رفض سلطة الإشراف الاستجابة لمطالبهم المهنية والمادية على غرار
التغطية الاجتماعية والانتداب القانوني وتوفير ظروف ملائمة لهم للعمل مضيفا أن هذا
العدد الهام من المربين ليس لهم مورد رزق الا التدريس بنظام الساعات في المعهد مما
جعلهم يعانون الكثير من المصاعب. وأمام
هذا الوضع عبر عدد من الطلبة الأجانب
الذين يدرسون بالمعهد عبروا لسفاراتهم عن قلقهم من الوضع الداخلي وطلبوا مساعدتهم
في هذه الأزمة.
هذه ملامسة أولية للموضوع ولنا عودة في القريب العاجل. هذه ملامسة أولية
للموضوع ولنا عودة في القريب العاجل.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire