lundi 6 avril 2015

في غياب للهايكا وللنقابة هل يلعب المركز الإفريقي لتدريب الصحفيين والاتصاليين " capjc"دور المنقذ : وسائل الإعلام والتعامل مع الأحداث الإرهابية : شخبط شخابيط ... غاب الاحتراف وحضر التزليط




أصبح الإعلام لغة عصرية وحضارية لا يمكن الاستغناء عنها أو تجاهلها ما يتطلب فهمها واستيعابها من خلال امتلاك مقوماتها وعناصرها ومواكبة التطورات التي تشهدها وسائله المختلفة، حيث تعددت أدوات الإعلام وتنوعت، وأصبحت أكثر قدرة على الاستجابة للظروف والتحديات التي يفرضها الواقع الإعلامي الذي بات مفتوحا على كل الاحتمالات في ظل ما تشهده أدواته ووسائله المختلفة من تطورات وابتكارات نوعية، بررت تناوله وطرحه العديد من القضايا التي أحدثت اهتماما واسعا ولافتا في مختلف الميادين وعلى كافة الأصعدة.
 وإذا كان من حق الرأي العام أن يعرف الحقيقة ويتابع ما يجري من أحداث على الساحة المحلية والإقليمية والدولية، فان التعاطي مع هذه الأحداث ونشرها ومتابعة ما يجري فيها، يجب أن يتم وفقا لضوابط مهنية ومعايير جد دقيقة غابت والحق يقال عن  أغلب الصحف  والإذاعات والتلفزات.
 ومختلف  الوسائل  الإعلامية في  تونس  فلكل مؤسسة سند  تعلو به  ولكل مؤسسة إعلامية خلطة ممزوجة بين الرغبة في السبق وعدم  الإلمام بالتناول الاحترافي  للمسائل  لحساسة والدقيقة كظاهرة الإرهاب ... فالمعلوم أن علاقة الإعلام بالإرهاب تمثل إشكالية تحتاج إلى التأمل واستخلاص الدروس والنتائج، حيث يحاول كل منهما السعي وراء الآخر. وهناك من اعتبر أن العلاقة بينهما أشبه ما تكون بعلاقة بين طرفين، احدهما يصنع الحدث والآخر يقوم بتسويقه... ونكاد  نجزم أن  ظاهرة الإرهاب تحظى باهتمام وسائل الإعلام  التونسية   لما لها من آثار خطيرة على أمن الدول واستقرارها، بعد أن اتضح للعالم أمام ظاهرة إجرامية منظمة تهدف إلى خلق جو عام من الخوف والرعب والتهديد باستخدام العنف ضد الأفراد والممتلكات؛ ما يعني أن هذه الظاهرة الخطيرة تهدف إلى زعزعة استقرار المجتمعات والتأثير في أوضاعها السياسية وضرب اقتصادياتها الوطنية عن طريق قتل الأبرياء وخلق حالة من الفوضى العامة.. كجزمنا أن معشر الإعلاميين ومن  ورائهم جمهورهم العريض استبشروا خيرا يوم بعثت في  وزارة  الداخلية خطة تعنى بالإعلام وتقدم المعلومة الحينية للمتلقي التونسي  خاصة وان اختيار محمد علي العروي كناطق رسمي لوزارة الداخلية  يمثل الخيار الأنسب والرجل المناسب في المكان المناسب غير أنه لابدّ من الإقرار أن إعلامنا ورغم انفتاح الداخلية وإرسائها  لمقاربة إعلامية جديدة فانه في تعامله مع الأحداث الإرهابية ظل يمارس سياسة إعلامية  أشبه ما تكون بصحافة البداوة التي لم تنتقل للمدينة ولم تحظ بالتوطين.


 ولئن نكبر في بعض وسائل الإعلام التونسية استماتتها في الذود عن المؤسسة الأمنية ورجال الأمن عن بكرة أبيهم فإننا نقف متعجبين من هرولتها عند كل حدث كبير كان أو صغير وأحيانا دون حدث إلى بسط أنماطها.. وَمدّ سماطها وأخذ وقتها بَيْنَ أس مخضود، وَورد منضود، وَدن مفضود وتظلّ  " تقعد" العود ... لا حديث تلوكه غير الإرهاب وخطورته على تونس...
صحيح  أن  الإرهاب  حدث جلل  وخطير  وصحيح أن الإعلام  يريد أن  يبعث  برسائل  طمأنة في  نفوس  الشعب  وجد  حريص  على تمرير رسالة  إلى الجمهور مفادها أن الوزارة  حريصة كل  الحرص  على امن  البلاد والعباد  وإنها  تقوم  بمجهودات  جبارة لاستئصال  فيروس الإرهاب من  جسد الدولة .. وصحيح أن  وزارة الداخلية تسقط  أحيانا  في  فخّ "الاختيال والتفاخر"  وتنغمس  في موجة من " التبجح" بانجازاتها وأحيانا  تبالغ  فيها  أيما  مبالغة  مقصدها دائما  تمرير صورة نجاح  المؤسسة الأمنية في الضّرب على أيادي المتطرفين   المازجين  بين الدم  والدين  وسد  كل  الطرق  المؤدية إلى خلق  أجواء الفوضى والترويع، وقطع الطريق على انتشار الشائعات المغرضة، التي تثير خوف الرأي العام وتؤلبه ضد السلطات المحلية بحجة عجزها عن حماية آمنه...
غير أن ما غاب عنها وخاصة عن المؤسسات الإعلامية أنها لا ترى إلا نصف الكأس الممتلئ ولا ترى النصف الفارغ.. حيث تزين  لها (المؤسسات الإعلامية) الايجابيات فتنسى السلبيات وأحيانا تأخذها الأحداث فتتغافل عن مدى تأثيرها  على صورة تونس وسمعتها ...


غير أنه غالبا ما يكون  التناول الإعلامي للأحداث الإرهابية مختلاّ حتى أن بعض البلاتوات لعبت دون قصد دور البريد في  إيصال رسائل إلى  الخلايا الإرهابية النائمة وكم من مرة كانت أسئلة الصحفيين  خارجة  عن الموضوع ... تبحث عن كمّ هائل من المعلومات التي لا تُمرّر. ثم إنّ السعي وراء السبق يجرّنا  أحيانا  إلى  السقوط  في  مطباّت  خاطئة .. ونشر معطيات غير دقيقة... وأحيانا ضرب هيبة المؤسسة الأمنية... وأحيانا الكشف  عن أسرار  تمس  بالأمن القومي   خاصة إذا ما دعيت  إلى البلاتوات شخوص لا همّ لها  سوى شد الأنظار واستمالة الرأي العام حبّا في الشهرة والظفر بشهادة من المتفرجين  مفادها " ملا نقوبة "  في  إيحاء بقدرتها على فكّ طلامس وأسرار أمنية خطيرة ...
ثمّ لنا أن نسأل في وقت لا يكاد يمر يوم واحد دون أن تجد على المحامل الإعلامية حديثا بالطول والعرض عن الأحداث الإرهابية: لماذا كل هذا السخاء الإعلامي ؟ ولماذا  كل  هذا الإفراط  في  التدخلات في  مسألة جدّ  حساسة  تتطلب فعلا الشح  في  المعلومات ...
 الأكيد أن مؤسساتنا الإعلامية تدري أننا محل متابعة من كافة عيون العالم.. وأن الاقتصاد  في  تونس في  أحلك  فتراته  والسياحة تراجعت وتدنت  وأن  صورة البلاد وسمعتها متردية   وما يزال  الأجنبي  يسكنه  الخوف  والرّهب  من  القدوم إلى بلدنا وأن التصنيفات  الاقتصادية العالمية  أدرجت البلاد  في  خانة السلبي جدّا... وربما  لا تدرك  مؤسساتنا الإعلامية أن ما تراه  هي نجاحا   امنيا يراه  الأخر فشلا  وما تراه هي جيدا يراه الآخر سلبا والآخر هنا نقصد به  المستثمر والسائح الأجنبي   
  فالتركيز على تغطية الأحداث الإرهابية يتم استغلاله من قبل الجماعات المتطرفة لترويج فكرهم الإرهابي ولسنا نجانب الصّواب إن قلنا إن بعض الإعلاميين يدعمونهم من خلال محاولاتهم المستمرة في البحث عن الدعاية الإعلامية لتسليط الضوء.  فبحسب باحثين نفسيين فان الإرهابيين قد يحجمون عن تنفيذ عملياتهم في حال علموا مسبقا أنها لن تترافق مع الدعاية الإعلامية،التي من شأنها كشف حجم الخسائر التي ألحقوها بأعدائهم .. على اعتبار أن الحرب النفسية تعمل عملها فقط في حال أبدى البعض اهتماما بالأمر." فقد وصفت مارجريت تاتشر رئيس الوزراء البريطانية السابقة هذه الدعاية  المجانية  بالأكسجين اللازم للإرهاب الذي لا يستطيع الاستغناء عنه، لان تغطية الحدث الإرهابي إعلاميا يحقق مكاسب تكتيكية وإستراتيجية للقائمين عليه "..


وأمام الجرعات الإضافية التي كان يطلبها الصحفيون في الندوة الأخيرة لوزير الداخلية إلا أنه أحسن الفعل  لمّا صدّ عن  الرد  عن بعض الأسئلة .. رغم  كوننا  نؤمن  جد الإيمان  بحق  المواطن في  المعلومة  ..فإننا نؤمن  بأكثر من  ذلك  في  حفظ الأمن القومي  وضرورة التستر على بعض  المعلومات خدمة لأمن  البلاد.. مع التأكيد أننا لا ندّعي فنّ تملّك التناول الجيد لملف الإرهاب ولا ندّعي أننا أوصياء على الإعلام... فالإصلاح المرجوّ يجب أن يتوجّه إلى كلّ المؤسسات الإعلامية دون أي استثناء.  
والمطلوب اليوم هو التقليل من جرعات المشاهد الدموية ومشاهد العنف والدمار والقتل، وذلك للحيلولة دون اعتياد المشاهد على مثل هذه المناظر، مع الأخذ بعين الاعتبار الدراسة المسبقة لتأثير نشرها على الرأي العام، وذلك من اجل تفويت الفرصة على الإرهابيين للاستئثار بالإضاءة الإعلامية التي يسعون إليها . . إضافة إلى ذلك يجب التركيز على المسألة العلاجية للظاهرة الإرهابية، لا على تغطية الحدث الإرهابي، وضرورة الانتقال من التركيز على تفاصيل العمليات الإرهابية وردود الأفعال الرسمية والشعبية إلى تقديم رؤى تساعد القارئ أو المشاهد على تكوين رأي وطني يتحول إلى موقف موحد ضد الإرهاب

وفي النهاية لا بد من طرح فكرة تشكيل فريق من الخبراء التونسيين في مجال الإعلام  لبحث سبل التوعية الإعلامية المشتركة ضد مخاطر الإرهاب  ودفع  المؤسسات الإعلامية بدل التحليل  الأجوف والتنديد  بالعمليات وتقصي تفاصيلها الأمنية  إلى بناء قاعدة عريضة من الرأي العام  التونسي تحاصر الإرهاب فكرا وتعزز الجهود الرامية إلى القضاء عليه ... وهي فكرة نرجو أن تتبناها رئاسة الحكومة و أن تقع دراستها جيدا وتمكين المركز الإفريقي  لتدريب الصحفيين  والاتصاليين " capjc " من الإشراف  عليها  على اعتبار  التفرغ  الكبير  لكل من النقابة  الوطنية للصحفيين  في نشر البيانات "البايخة" وانشغال الكبير  للهايكا بتسليط  العقوبات على المؤسسة الإعلامية وهي  " شايخة"... فيما ظلت وسائل الإعلام على طول " دايخة"... تلك مبادرة تنتظر... ولأهل القرار سديد النظر...


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire