mercredi 15 avril 2015

( الحلقة الأولى ) : الاسئلة الحارقة في المشهد الثقافي التونسي طريق مسرح الهواية مفروش بالنوايا....




تشرع صحيفة " الثورة نيوز " بداية من هذا العدد في تأثيث ملف على حلقات حول الفساد في المجال الثقافي عموما وحول المسرح في ولاية بن عروس خصوصا ، وقد رات من الصالح قبل إثارة الملفات الثقيلة أن تقدم لمحة تاريخية موجزة تؤطر للموضوع حتى يتكمن قارئ الصحيفة الكريم من الإلمام بكامل التفاصيل .و تأريخا لمسرح الهواية ودوره في تونس منذ الاستعمار الفرنسي للبلاد التونسية وبعد الاستقلال إلى ما بعد الثورة المجيدة لأحرار هذه البلاد من 17 ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011 ، نقول  أخذت الجمعيات المسرحية على عاتقها مرحلة التأسيس ونقل هذا الفن وهي مرحلة تأثرت بالوضع السياسي وقتها، حيث كان الخطاب يندرج ضمن منطق سياسي وطني توعوي تحريضي ضد المستعمر الفرنسي، ثم في مرحلة بناء الدولة الوطنية بعد الاستقلال اتّسم الخطاب بالبعد الاجتماعي والأخلاقي في محاولة للقطع مع السّائد المتخلّف والبائد.
وقد كان الخطاب المسرحي السائد يستند إلى نصوص منقولة ومقتبسة تعرض بدون مرجعية فنيّة أو فكرية ولا تتّسم بأيّ بعد جمالي و«استيتيقي» ممّا حدا ببعض الفرق إلى الانخراط فيما يسمى بالمسرح الشعبوي الذي يعتمد على شحنة من الإضحاك المجاني والشعارات السياسية المباشرة. لكن رغم ذلك يحسب للمسرح الهاوي بداية التأسيس وشرف نشر هذا الفن العظيم بربوع البلاد التونسية.وقد استطاعت ثلة نيرة من الغيورين على المسرح أن يوّحدوا صفوف المغرمين بهذا الفن، وأن يجمعوا شمل تلك الجمعيات المسرحية من الشمال إلى الجنوب، في إطار جامعة تونسية لمسرح الهواة، استطاعت في بضع سنوات أن تجمع حولها عددا لا يستهان به من الجمعيات المسرحية ( 124 فرقة مسرحية)وأن ترسم لها برنامجا وخطا نضاليا في الإبداع المسرحي وإنتاج الأعمال التي تنم عن بذل الجهد والسعي الحثيث إلى تحسين أداء المغرمين بالفن الرابع من خلال الملتقيات والندوات والتربصات والمسابقات، فكانت كخلية نحل دؤوبة لا تهدأ أبدا واستطاعت الجامعة أيضا أن تؤثث مهرجانها السنوي (الأيام المسرحية للجامعة) الذي أصبح سنّة حميدة وموعدا للتلاقي والتعارف وتبادل التجارب والخبرات.
وواصلت الجامعة عملها بنفس الروح العالية والنسق التصاعدي حتى أواسط الثمانينات حين بدأ يدب التراخي لدى بعض أعضاء هيئتها وبدأت الإنقسامات التي انتهت بمؤتمر بنزرت الاستثنائي الذي مثل محطة ومنعرجا في مسيرة هذه الجامعة بعد انسحاب روادها الواحد تلو الآخر. وتعزى الأسباب الى تكاثر الفرق المحترفة يقابلها تضاؤل مجهود المسرحيين الهواة للارتقاء بالعمل المسرحي الى درجة الامتاع والاقناع هذا إلى جانب الغياب واضح للفضاءات، وبروز الصراعات والتكتلات في صلب الجامعة التي أصبح البحث فيه عن الفوز بمنصب في هيئتها المديرة من أهم المسائل لدى العديد من المسرحيين على حساب العمل الجدي الذي من شأنه الارتقاء بقطاع الهواية .
وتتالى على رئاسة الجامعة كل من المسرحيين حاتم الغانمي ويحي يحي اللذين لم يغيرا شيئا يذكر، ووصلت الجامعة إلى حافة الانهيار حين ترأسها توفيق الغربي سنة 2008 في ظرف تكتنفه الصدمة والحسابات والنوايا في افتكاك الجامعة لا غير. ومنذ مؤتمر المصالحة الذي أعلنه الفنان المنصف السويسي رفقة نخبة من رفاقه الناشطين في قطاع الهواية في مارس 2009 بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات ودعا إليه كافة رؤساء الجمعيات المسرحية بتونس ووضع خطة عمل هيكلية وفنية للجامعة كانت مفعمة بالأمل والتحديات لكنه لم يتمكن من تنفيذ حلمه على أرض الواقع برغم استجابة قرابة الـ 170 جمعية مسرحية للدعوة، وتواصل خمول الجامعة حتى الثورة، حين استطاعت مجموعة- بنية مبيتة أيضا للانقضاض على الجامعة- من الدعوة إلى مؤتمر خارق للعادة بقفصة في سنة 2011 وانبثقت هيئة جديدة برئاسة الحبيب غزال لم تشذ عن مثيلاتها السابقة في الانخراط في سبات عميق. وبعد أخذ ورد وتبادل الآراء مع بعض الفاعلين في المجال المسرحي الذين رأوا أن وقت إعادة البناء وتصحيح المسار صار أمرا ملحا واستعجاليا للجامعة التونسية للمسرح ومن ورائها كل الجمعيات الناشطة في المجال في كامل تراب الجمهورية، فقد أرغم الحبيب غزال ومن معه على  الرضوخ لمطلب عقد جلسة عامة للجامعة في 02 مارس 2014 بدار الثقافة المغاربية بالعاصمة تمخضت - على مساوئها- عن صعود هيئة جديدة للجامعة أغلبها من الشباب المسرحي و يرأسها المسرحي محمد مرجان والتي أبدت رغبة جامحة في العمل ووضع قاطرة مسرح الهواية على مسارها الصحيح، وعمليا فقد أثبتت المجموعة ذلك بتحركاتها على أكثر من صعيد من زيارة كل الولايات واللقاء المباشر مع ما أمكن من الجمعيات ووضع برنامج عمل والبحث عن إعادة ترتيب البيت من جديد والبحث عن صيغ جديدة من التعامل والتعاون مع كل المحيطين والناشطين في المجال..
وتبقى عديد المشاكل الموضوعية التي تعيق تقدم مسرح الهواية والتي اتفق بشأنها كل المسيرين للجمعيات المسرحية بتونس ونورد بعض المقترحات التي وضع أغلبها على مكتب وزيرة الثقافة الجديدة في انتظار الندوة الوطنية التي ستجمع قريبا كل رؤساء الجمعيات:
- بالنظر للأعمال المسرحية للهواة المروجة من طرف ادارة المسرح بوزارة الثقافة يستشعر المرء وجود مخطط يستهدف مسرح الهواية و اقصائه من كل التظاهرات المسرحية الخاصة به. و حسب اطلاعنا على المهرجانات نلاحظ أن ادارة المسرح تفرض أو تسعى لبرمجة الأعمال المحترفة به و بالتالي اقصاء و تغييب أعمال الهواة و نلاحظ كذلك ان هذه المهرجانات تفتح مجال مشاركة الهواة بصفة مجانية في انتظار منحة تنقّل هزيلة ممّا يمثّل مهزلة و مسخرة يتعرض لها مسرح الهواية.
1ـ فتح قنوات اتصال وحوار وتشاور مع سلطة الاشراف (وزارة الثقافة) لوضع رؤية شاملة لدور القطاع في الساحة الثقافية.
2ـ تمكين الجامعة التونسية للمسرح من مقرّ لائق وميزانية محترمة تمكّنها من وضع برامج تربّصات وتكوين ورسكلة.
3ـ إصدار بطاقة مسرحي هاو تكون عبارة عن إجازة تمكّن حاملها من ممارسة النشاط المسرحي. وتكون ملزمة لكل الناشطين في القطاع.
4ـ اعتبار الجمعيات المسرحية هياكل انتاج وتنشيط، والجمعية التي لا تنتج عملا مسرحيا وتقوم بدور تنشيطي تعتبر جمعية ناشطة وتسند لها منح على نشاطها وليس كما هو الحال الآن.
5ـ خلق شراكة فاعلة بين الجمعيات المسرحية ودور الثقافة تتبنّى بموجبها دور الثقافة الجمعيات وتقوم هذه الأخيرة بتأطير وتنظيم العروض المسرحية والإشراف على نادي المسرح. وبصورة عامة تتحدّد اتفاقية إطارية حدود ومجالات هذه الشّراكة.
6ـ العودة إلى دعم الانتاج في قطاع الهواية وفق ملفات وشروط محدّدة.
7ـ مراجعة منحة العروض فتكاليف النّقل والأكل والمبيت واحدة للمحترف والناشط المسرحي.
8ـ تعتبر الجمعيات المسرحية خلايا تشغيل بما أنّها توفّر مواطن شغل موسمية لخريجي المعهد العالي للمسرح وبعض الممثلين العاطلين عن العمل. والحال تلك من غير المعقول أن تخصم من المنح المسندة 15 % باسمأداءات بل يجب بالأحرى أن تتمتّع بالامتيازات.

9ـ تفعيل دور البلديات في دعم الجمعيات المسرحية وإقامة علاقة شراكة مع وزارة التربية بما أن المسرح المدرسي يعتبر جزء من حركة المسرح الهاوي


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire