mercredi 1 avril 2015

بعض الإعلام صدى للصوت الأصلي لإعلام التوحش الإرهابي




في أزمنة الحروب يتوازى الخط الإعلامي الوطني مع خط الإثارة...
لكن بعض إعلاميينا باعوا الوطن واتخذوا الإثارة وطنا...
وليس يغفر لهم إن كانوا واعين بما يقترفون أو غير واعين...فهم في كلا الحالتين قد خبّؤوا الخيانة في جيوبهم أمّا إن كانوا غير واعين فإنهم قد أضافوا إلى الخيانة التي ملأت جيوبهم مقدارا هامّا من ثروة الغباء والأنانية, تلك الثروة التي وإن جعلتهم أغنياء فإنّ كلّ ما كسبوا لن يكفيهم ليجدوا ذرة تراب على هذه الأرض التونسية ليدفنوا فيها وجوههم التي سيأكلها الندم على وطن لم يذودوا عنه كالرجال , وقد يأكل الحياء وجوههم –أيضا- إن بقي بها حياء...
***
كيف لنا أن ننتصر في الحرب ضد الإرهاب دون أن نفوز في حرب الدعاية والإعلام ؟
هل يعي الإعلاميون الذين يطهّرون أيادي الإرهابيين من الدم ناقلين شهادات شاذّة(غير متواترة) عن براءة إخوة داعش والقاعدة من قتل زوّار تونس(الذين يسمهم الإرهابيون في بياناتهم وخطبهم بأنهم الكفار الأصليون) , ومن محاولة ذبح تماثيل الحضارة والتاريخ بمتحف باردو(التي يعدونها أصناما وأنصابا) , ومن اغتيال حارس من حراس الوطن "شهيد تونس أيمن مرجان" (الذي يعده الإرهاب عونا من أعوان الطاغوت)  * أنّهم ضلّوا السبيل إلى جعل أقلامهم رماحا في نحور أعدائنا , ولم يتقنوا اتخاذ مصادحهم وكاميراتهم فوهات بنادق إعلامية مقاومة تذود عن البلاد فارتدّت رماحهم إلى نحورنا وأصاب رصاص بنادقهم الطائش صدورنا؟
هل يدرك الذين سوّقوا صورة طيفين لسائحتين أغرقتهما الظلال والعتمة لشَرطَي الإضاءة والمسافة اللذين التقطت فيهما الصورة *لينشروا بين الناس وهمَ أنّ ما في الصورة غير منقبتين سعى أمنيون إلى إخراجهما في غفلة من الزمن أقول هل يدركون أن مابين الشك النقدي والتشكيك الهدام منزلق السقوط من أعالي الوعي والإيمان بمدنية الدولة إلى مهاوي الظلام و"التوحّش الإرهابي" ؟
***
       مبتدأ مشروع التوحش الذي ينشده الإرهابيون , هو إسقاط مؤسسات الدولة وخَبَرُهُ "أن يديروا هم هذا التوحش بالرصاص والنار والسيوف
ولولا الذاكرة القصيرة لما نسينا أنّ بعض وسائل الإعلام (الوطنية) تورطت منذ ما بعد "الحراك الشعبي ديسمبر 2010 – جانفي 2011 في تقديم السلفيين الجهاديين في صورة الحامي للمؤسسات والمنشآت متناسية أنهم كانوا يفعلون ذلك تأسيسا لجهاز بديل عن الجهاز الأمني في إطار مسيرة تعويض الدولة المدنية بدولة الخلافة...وقد كانوا طرفا في إثارة الفوضى , ليسكنوا في مسام الوطن وَرَما يتمدّد ويستفحل حتى يقتله...
وكذا يحقّ لنا اليوم أن نعتبر أن كل من ينخرط في تسويق المزاعم التي تشكّك في  نسبة جريمة متحف باردو إلى غير الإرهابيين , محوّلا أنظار الرّيبة صوب المؤسسة الأمنية هو -من حيث يدري أو لا يدري ومن حيث يريد أو لا يريد- قد تحوّل إلى صدى إعلامي للصوت الأصلي لإعلام التوحش, صدى  يستكمل مهمات نشر رسائل الترهيب التي يبثها الإرهاب عبر صفحاته على "موقع إفريقية" وغيره من المواقع , ويشارك في دعاية العدو التي تهدف إلى نشر الفوضى لإسقاط الدولة
والحقيقة أنّ القصف الإعلامي الممهّد لمشروع التوحش لم يقتصر على الصوت الإعلامي لمواقع الإرهابيين الألكترونية بل تجاوز ذلك إلى قنوات فضائية أهمها قناة فضائية خليجية ترتبط بإحدى الإمارات المتهمة برعاية الإرهاب ومساعدته خدمة لأجندات خاصة بها وأخرى مرتبطة بأجندات رعاة الفوضى الخلاقة الصهيو أمريكيين وقد تبدّى الأمر جليّا في جريدة "القدس العربي" التي اشترت نفس الإمارة المشار إليها (أصلها التجاري) من صاحبها "عبد الباري عطوان" لتستغلّ انتشارها وماحظيت به من مصداقية حتى تنفث من خلالها سموم أجنداتها المشبوهة (أوردت هذه الجريدة في عدد لها خلال الأسبوع الجاري مقالا بعنوان "من هاجم متحف باردو الدولة الإسلامية أم أجهزة أمنية ؟ " )
           
   ***
لطالما كانت الدول في أزمنة الحروب الحروب تصنع أبطالها لأنها في صناعة أبطالها تصنع انتصاراتها بشحذ همم ورفع معنويات حُمَاتها جندا وأمنيين ومواطنين ولنا في الصناعة السينيمائية الهوليودية والصناعة الإعلامية الدعائية لصورة المحارب الأمريكي الخارق الذي يهزم جحافل من الجند في الفيتنام أوفي العراق...مثال.
ولنا في صورة "فاسيلي زايتسيف" القناص السوفييتي الذي شارك في الحرب العالمية الثانية والذي نسجت حول شخصيته أجهزة الدعاية العسكرية السوفييتية أساطير عديدة عن مشاركته في حرب "ستالينغراد" (شاهد فيلم العدوعلى الأبواب Enemy at the gates
 الذي استُلهِمَت أحداثه مما حيك من حكايات حقيقية وأسطورية سوّقها السوفييت عن هذا القناص) للرفع من معنويات مقاتليهم ومواطنيهم
غير أننا في تونس اليوم وهي تخوض حربها ضد الإرهاب رأينا أبطالا حقيققين ذادوا عن المتحف وزواره , أبطالا من الأمنيين والعسكريين حموا المتواجدين بصدور لا تحميها دروع أحيانا , ورأينا شهيدا قدّم دمه فداء لأمن البلاد , وهل ثمة أشرف أو أغلى  من الدم قربانا للوطن ؟ غير أننا رأينا مقابل ذلك فئة من الإعلاميين يكذّبون  صدقَ التضحية وتفدية الوطن بل رأينا هذه الفئة من الإعلاميين يُعمِلون معاول التشكيك هدما في المؤسسة الأمنية , وهذه المعاول لا تخدم غير العدو الإرهابي الحالم بإسقاط المؤسسة ليسود على أنقاضها...
فكيف يبيح هؤلاء الإعلاميون لأنفسهم أن يشاركوا في صناعة هزائمنا بدل المشاركة في  صناعة أبطالنا وانتصاراتنا المعنوية الضرورية لتأسيس انتصاراتنا الميدانية. ونقصد بانتصاراتنا المعنوية  نجاحنا الموكول للإعلام خاصة لنشروعي مؤمن بضرورة المحافظة عن مؤسساتنا عامة ومن بينها مؤسستنا الأمنية والعسكرية , ومقاومة رسالة الترهيب الإرهابية بتبني رسالة ثقة واطمئنان إلى ضرورة وحدتنا لمواجهة الإرهاب وإلى قدرتنا على الانتصار عليه؟
***
لكن لا يذهبنّ إلى الذهن أني بذلك أدعو إلى الصمت عن محاسبة هنات وأخطاء المؤسسة الأمنية أوالعسكرية وأعوانهما والإصداع بها إعلاميا , بل إني أدعو إلى عدم الانزلاق إلى إشاعة أخبار زائفة أو غير موثوقة (كتلك التي لم تتورع عن اتهام الجهاز الأمني بارتكاب الجريمة ) مسديا بذلك خدماته إلى مشروع التوحش الذي لا يستطيع المرور إلا على أنقاض المؤسسات
كما لايذهبنّ إلى الذهن أني ضدّ فضح ما قد تعمد إليه السلطة السياسية  من استثمار لظاهرة الإرهاب لضرب الحريات أو الحقوق السياسية والاجتماعية وإنما أرى أنّ واجب الإعلامي أن يتيقّظ وأن ينبّه إلى  ذلك دون أن يحوّل معارضته للسلطة أو اضطلاعه بدوره الإعلامي التنويري إلى معارضة لمفهوم الدولة المدنية التي ليس بعد سقوطها غير الفوضى...
***
     هو هذا زمن حرب تونس ضدّ الإرهاب إذن , وآن لنا أن نقول لفئة الإعلاميين الذين يتردد صوتهم صدى للصوت الأصلي للتوحّش الإرهابي ما قال محمد الماغوط:
"أخفضوا
أصواتكم وأصوات أبواقكم ومطارقكم
تخاطبوا همسا
وسيروا على رؤوس أقدامكم
فالوطن يحتضر..."

*الإشارة الأولى لشهادتي المرأتين اللتين مررتها "قناة التونسية" في الإشهار لإحدى حلقات برامجها الذي منعت النيابة العمومية عرضه , ومضمون الشهادتين -على خلاف الشهادات المتواترة- يشكك في أنّ الإرهابيين المقتولين هما من قاما بالعملية

*والإشارة الثانية لصورة عرضتها قناة "تونسنا " زاعمة أنّها لمنقّبتين هرّبهما أمنيون لكن يبدو أنّ الصورة ليست إلا لطيفي سائحتين ظهرتا ملفّعتين بالسواد نتيجة ضعف الإضاءة حين التصوير ونتيجة بعد مسافة المصور عنهما     

                                                                  نص بقلم –فتحي البوزيدي-

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire