في
ما مضى كانت دائرة المحاسبات ترزح تحت وطأة الاستبداد وطغيان رؤسائها المكلفين
بمهمة إخمادها وتنويمها وعند اندلاع الثورة أطلقت هذه المؤسّسة صيحة استغاثة رامية
عجزها وفشلها ذنوبا وآثاما على دكتاتورية المخلوع وفساد المحيطين به واستشراء
المحسوبية والمحاباة والفساد وكل هذا كان معقولا ومقبولا، ولكن أن نرى اليوم دائرة
مستكينة منطوية على نفسها منغلقة على نفسها تسكت دهرا وتنطق تقريرا رقابيا سنويا
ضحلا غامضا مبهما مفرغا لا روح فيه يقع استنساخه من سلفه في كل مرة، ولا تكتسب من
صفات القضاء سوى الحصانة والرواتب والامتيازات المادية والمعنوية والمكانة
الاجتماعية المزعومة بهدف التسلط واستغلال النفوذ وخرق القانون وتكريس المحاباة
والمحسوبية والنعرة الجهوية بتعلة الكفاءة المفقودة والمنشودة، كما نشكر كل أصحاب
الرسائل الكثيرة والمتعددة التي تهاطلت عل جريدتنا بصفة مكثفة من قبل العديد من
المسؤولين بالإدارات والمؤسسات العمومية والقراء الأعزاء الذين عبروا وتفاعلوا
بايجابية مع ما جاء بأجزاء رحلة الألف ميل بدائرة المحاسبات.
1-
لا علاقة للصفة القضائية بالوظيفة الرقابية لدائرة المحاسبات
إنّ
الأمر العجيب والغريب المتمثل في غياب علاقة الصفة القضائية بالوظيفة الرقابية
الحقيقية والواقعية الملموسة لدائرة المحاسبات بهدف استبلاه الشعب والتلاعب بالمال
العام وتبديد ثروات البلاد، فهي تتكون من 13 غرفة رقابية علي المستوى الوطني منها
9 غرف على المستوى المركزي بتونس العاصمة و4 غرف على المستوى الجهوي، تقوم بأعمال
رقابية بنسبة 98 % من نشاطها، ولم يقع الفصل
بينها وبين دائرة الزجر المالي بعدما تمت مغالطة وخداع أعضاء المجلس الوطني
التأسيسي من قبل بعض الأطراف الفعلة والمأثرة والمتحيزة للمصالح الشخصية أكثر من
المصالح العمومية بلجنة ما يسمى بالقضاء العدلي والإداري والمالي والدستوري في
إطار الانتهازية الثورية والمحافظة على المكتسبات المادية والمعنوية لأعضائها، مع
العلم وأنّ لدى دائرة الزجر المالي حوالي 600 قضية لم يقع النظر أو التحقيق أو
البت فيها وهي في سبات عميق وفي غيبوبة مهنية تامة ولم تنعقد أي جلسة اجتماع
لأعضائها منذ بداية سنة 2012، وهذا ما أكده العضو السابق المتقاعد حينما صرح أمام
الجميع في اجتماع عام بقولته الشهيرة " نحن أعضاء دائرة المحاسبات قضاة بمحض
الصدفة ولا علاقة لنا بالقضاء" nous
sommes des magistrats par accident et nous n’avons pas aucune correlation
significative avec la magistrature...وما زاد الطين بلّة هو
التزام رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة الصمت الرهيب على الفشل الكلوي الذي أصاب
الدائرة كمؤسسة والذي شهد أوجه في التقرير الرقابي السنوي الثامن والعشرين لسنة
2013 التقرير الفضيحة بالرغم من كونها جهازا يعود له بالنظر والإشراف مباشرة وعلى
داء التكالب واللهفة على المال والمناصب والترقيات في شكل مكافآت على حساب
الكفاءات الذي أصاب بعض الأشخاص رغم الاحتقان والغضب العارم الذي شلّ حركة الدائرة
ورغم لجوء بعض قضاة وإطارات الدائرة النزهاء لجريدتنا لتبليغ نداء استغاثة للمهدي
جمعة ورغم وجود عرائض وجهت إليه شخصيا من قبل قضاة وإطارات بالدائرة آخرها كانت
عريضة مرفوعة ضد عبد اللطيف الخراط رئيس الدائرة المتستر على الفساد والمفسدين من
طرف القاضي النزيه لطفي دربال (وتضم طعونا ضد قرارات ترقيات وتسميات في خطط وظيفية
غير قانونية صدرت عن المجلس الأعلى للدائرة
تحت رئاسة عبد القادر الزقلي الرئيس المعزول المتورط في الفساد الإداري
والمالي وسوء التصرف بالصيدلية المركزية للبلاد التونسية سابقا وفي دائرة
المحاسبات نفسها خلال سنوات التصرف 2011- 2013 ولم يقع إعداد تقارير تفقد
وتدقيق في الغرض وعرضها فيما بعد على الجلسة العامة إلى حد الآن، وواصل تنفيذها وإقرارها عبد اللطيف الخراط ورفض
تعديلها والاستجابة بصدق ونزاهة لبحوث المحكمة الإدارية في الغرض لتعلقها بأبناء
جهته وأقربائه من بين قضاة الدائرة المعنيين بالترقيات) ونذكر كذلك شكاية كان تقدم بها لطفي دربال تحوي
تظلما مباشرا لرئيس الحكومة حول مماطلة الخراط واستغلاله للنفوذ وتضرره من ذلك
وتخوفه من تواطؤ الخراط ضده لأنه قد رفع ضده قضية نشرت لدى المحكمة الإدارية في
جويلية 2014...
كما نذكر عريضة رفعها حاتم الرصايصي مباشرة على التوالي إلى حمادي
الجبالي وعلي العريض ومهدي جمعة وحسين العباسي والمحكمة الإدارية وتضم تظلما من
قرارات وممارسات إدارية تعسفية صدرت ضده من قبل رئاسة الدائرة (الزقلي والخراط
أنذال الدائرة) في خرق صريح للقانون ولحقوق الدفاع ولأبسط قواعد الأخلاق المهنية
(مبنية على التكتل والتضامن السلبي والهرسلة المهنية والمعنوية ضد حاتم الرصايصي
والتآمر عليه من قبل بعض قضاة الدائرة بوصفه إطار بالنيابة العمومية من أصحاب
الشهائد العلمية العليا (شهادة الإجازة في علوم المحاسبة وشهادة الماجستير المتخصص
في القانون الجبائي وشهادة ماجستير البحث في إدارة الأعمال والتنظيم وحليا طالب
شهادة دكتورا في علوم التصرف) جريء قام بتعرية مواطن الخلل والفساد وكشف مواطن
الضعف والوهن بالدائرة لدى الرأي العامّ وهو ما أثار حفيظة الكثير من الجهلة ضدّه
ممن يفضلون السبات العميق والتمعش من امتيازات النظام السابق واستغلال ثغرات
القانون والتلاعب بالإجراءات وصدّ كلّ ما يتعلق بالإصلاح والتغيير والتجديد)
وعريضة أخرى ممضاة من قبل قائمة مطولة من قضاة الدائرة مرفوعة مباشرة للمهدي جمعة
حول الممارسات المهينة التي توخاها الخراط لإخماد صوتهم وتضم حسب ما بلغنا من
معطيات عدّة مطالب أساسية وهي المطالبة بإزاحة الخراط وتعيين أستاذ جامعي مستقل ونزيه
له دراية بالمالية العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد ويتقن اللغات الأجنبية على
سبيل الذكر لا الحصر الأستاذ الدكتور محمد الصغير الزكراوي رئيس قسم القانون العام
بكلية الحقوق والعلوم السياسية والاجتماعية بتونس أو شخصية وكفاءة وطنية على غرار
غازي الجريبي الرئيس الأوّل للمحكمة الإدارية ورئيس الهيئة العليا للرقابة
الإدارية والمالية ووزير الدفاع سابقا ويجيد التصرف في الموارد البشرية ويعدل بين
جميع الأسلاك والجهات، المطلب الثاني هو تكريس مزيد من الشفافية والوضوح تحت إشراف
رئاسة الحكومة وبحضور ممثلين عنها في انتداب القضاة الجدد وفي التسميات بالخطط
الوظيفية نتيجة تفشي التدخلات والمحاباة والمحسوبية والجهويات وتوسيع لجنة التكوين
والمهمات بالخارج والتي أصبحت المطبخ الداخلي ومرتعا للعقوبات والمكافئات، طلب آخر
أيضا ويهم الكشف من قبل رئاسة الحكومة عن محتويات ومضامين مكتب الضبط المركزي
للدائرة من واردات وتفحصها واتخاذ الإجراءات والتتبّعات الضرورية للقطع مع هذه
الممارسات المخلّة لانّ الخراط (معلم الابتدائي) الجاهل بجهله لقواعد الرقابة والحوكمة
الرشيدة قد أمر بإتلاف غالبية العرائض المرفوعة ضدّ شخصيات نافذة منهم على سبيل
الذكر الطاهر بالأسود مدير ديوان جمعة بخصوص الفساد الإداري والمالي والأخطاء
الجزائية التي تركها ورائه بالإدارة العامة للخوصصة وصندوق إعادة توجيه وتنمية
المراكز المنجمية بشهادة التقارير الرقابية للدائرة وعرائض ضد شقيقه زين الدين
بالأسود المعلم المحظوظ المتورط خلال السنة الدراسية 2008 – 2009 في جريمة التحرش
الجنسي بمعلمة (أصيلة مدينة سوسة) ...
ولكن مهدي جمعة كما سبق وأشرنا التزم
اللامبالاة والصمت لأسباب فهمناها اليوم وهي التستر على فضائح مدير ديوانه بالأسود
و"بلعان السكين بدمها" كي لا يتّهم بسوء التدبير وضعف الاختيار...السبب
الآخر هو الصبغة المؤقتة لحكومته ولديوانه ولذلك اكتفى بطرد بالأسود من دائرة
أصدقائه الموثوق فيهم ولم يقترح تعيينه في أي منصب حكومي أو دولي هام كان أو
متواضعا بل حتى انه بلغنا انّه قد التقى،
ونسوق هذا بحذر، بتوفيق بوفايد (لص الصيدلية المركزية ومدير عام المصالح المشتركة
برئاسة الحكومة ) خارج أوقات العمل وتلقّى منه (بطلب من بوفايد بالطبع وبوساطة
ناجحة من قبل نضال الورفلي المزارع بستاني الحكومة) توضيحات معمقة حول طريقة عمل
دائرة المحاسبات وكيفية إثباتها للإخلالات ومدى دقة ملاحظاتها معتمدان على مثال
بالأسود المدرج بالتقرير الرقابي السنوي 28 لدائرة المحاسبات رهينة مربع الصمت
والخوف.
وقد كان هذا
الحدث اكبر دليل على عدم وجود الخلّ الودود وعلى كون توفيق بوفايد قد عض وغدر بما
فيه الكفاية يد بالأسود التي انتشلته من الثلاجة..ومقابل ذلك استأمنه بالأسود على
الإدارة العامة للمصالح المشتركة برئاسة الحكومة .
2-
دائرة المحاسبات : الطول عنقودة والعقل عجرودة
صمت
المهدي جمعة وتغاضيه عن صيحات الفزع التي كانت واضحة وجلية بخصوص فساد مدير ديوانه
وسوء تصرفه وتدمير دائرة المحاسبات من قبل رئيسها الحالي على غرار جريمة تسريب
تقرير الحملة الانتخابية سنة 2011 وجريمة
التستر على تجاوزات كل من "الشيراتون قايت" وصندوق إعادة توجيه وتنمية
المراكز المنجمية وتلطيفها ورمرمتها بالتقرير الرقابي السنوي الشهير عدد 228 وفضيحة
تجميد مهمة مراقبة مجلس النواب مرتين الأولى سنة 2011 والمرة الثانية كانت سنة
2014 خوفا من تحريك الماء العكر داخل المجلس الوطني التأسيسي بما قد يبعث بالخراط
إلى ما وراء الشمس بتعلة الانشغال برقابة الأحزاب والحملات الانتخابية بعدما نال
مراده وتربّع واستمات على عرش الدائرة مهما كان الثمن، والتستر على تورط كلّ من
عبد القادر الزقلي وتوفيق بوفايد في الفساد الإداري والمالي وسوء التصرف بالصيدلية
المركزية للبلاد التونسية وتورط توفيق بوفايد في الاعتداء بالعنف الشديد على مواطن
وإهانة وسب الجلالة على موظف عمومي وهو في حالة سكر واضح وهيجان وعربدة حسب تقرير
ومحضر رئيس مركز الأمن العمومي بالحمامات والتستر على الفضيحة الجنسية والأخلاقية
التي تورط فيها قاضي عضو بالدائرة هيثم حامد ، والتستر على تقرير التدقيق الداخلي
لتصرف الدائرة خلال سنة 2010 وعدم متابعة وإحالة الكاتب العام السابق عبد السلام
شعبان على دائرة الزجر المالي والقطب القضائي المالي المتفرغ والمختص في هذه
المسائل، وهذا كله يهون مقابل عدم المساس بمنصب عبد الطيف الخراط رئيس الدائرة
وبراتبه وبامتيازاته،
وفي هذا الخضم هل سيواصل الحبيب الصيد سياسة الصمت
والتغاضي الفاشلة التي توخاها سلفه ونال بسببها سخط واستياء قضاة وإطارات الدائرة
وامتعاضهم اللا- متناهي من أساليب التهميش، أم انه سيواصل مبادراته الحازمة
والجدية وسيستجيب لمتطلبات الوضع المزري لهذه المؤسسة العريقة وسيجد ساعة من زمن
حكومته الجديدة لينصت للعاملين بها وهل سيغادر مكتبه كما أمر الولاة بذلك ويلتصق
بالعاملين بهذه المؤسسة وغيرها ليعرف حقيقة شواغلها ؟ أم انه سيتناساها لكثرة
الشواغل ولكونها قضاء مستقلا لا تعود له بالنظر إلا في ما يخص الأجور والسيارات
ومقتطعات الوقود (حتى أن الاستقلالية قد أصبحت لعنة لما نتج عنها من إهمال وترك
وهجر من قبل رؤساء الحكومات السابقين والذين لا يعرفون من الدائرة سوى "نصّب
فلان" و"اعزل فلان" ولم ينزلوا أبدا إلى ما تحت كرسي رئاسة الدائرة
لمشاهدة الحقيقة ؟) سيطالعنا بصورة تذكارية في شهر ماي القادم وهو يستلم تقرير
الدائرة ويأذن كالسابقين بمزيد دعمها "في إطار الحوكمة ومقاومة الفساد
والنهوض بالدولة وتحقيق التنمية وتفعيل الرقابة وتطوير المؤسسات و..و.. و..و"
وغير ذلك من الشعارات التي تضحك على ذقون شباب يكاد يبلغ القمر ولا يقدر احد من
السياسيين على استبلاهه..وهل سينبش الحبيب الصيد في الملفات المشبوهة والتي تسترت
عليها الدائرة بدءا بملف بالسيد بالأسود فاسد الصندوق وملف التفقدية العامة لوزارة
التربية ؟ وهل ننتظر من الحبيب الصيد الشروع في الكنس أمام قلعته بالحزم الذي عرف
به وذلك بالتحرّي في التسميات والمقترحات التي تنهال على مكتبه كل يوم من قبل
أعضاء حكومته متظاهرين باليقين والتثبت في نزاهة الأسماء التي يتقدمون بها بكل فخر
لترأس دواوينهم والمؤسسات الراجعة لهم بالنظر...تسميات يتكتمون عليه بشدّة ولا
نسمع عنها شيئا سوى ما تسرب منها وهي لا تبشر بخير ما دام محمد الطاهر بالأسود قد
نصّب منذ فجر الحكومة الجديدة (صباح 6 فيفري 2015) مديرا لديوان وزير الصناعة في
خرق صريح لتقارير الدائرة والتي يعود جزء منها بالنظر لوزارة الصناعة مباشرة
(تقرير صندوق إعادة توجيه وتتنمية المراكز المنجمية الذي مللنا ذكره وأصبنا
بالإسهال) دون استشارة رئيس الحكومة من
قبل وزير الصناعة ودون انتظار موافقته (وهو أمر يدعو للريبة) وما دام أيضا توفيق بوفايد
"لص الصيدلية" يستنزف رئاسة الحكومة واليد الطائلة هناك إلى اليوم و
أسماء السحيري العبيدي العابرة للحكومات المنتمية لحركة النهضة ما زالت منصّبة على
مصالح مستشار التشريع والقانون تترصّد كل محاولة لإصلاح المشهد التشريعي بتونس
لإحباطها ومواصلة لسياسة التظاهر بالكفاءة المزعومة وحب الوطن وتبجيل المصلحة
العامة مستميتة في الحفاظ على منصبها على حساب مقتضيات المرحلة ومسربة لكل المعطيات
لرؤسائها الحقيقيين في العمل في مونبليزير مثلما ألحّت على ذلك عشرات الرسائل
المجهولة والتي تعكس كما هائلا من الاحتقان وعدم الرضا على أداء هذه السيدة
وتورطها الحزبي الذي يتعارض ومبادئ النزاهة والحياد الإداري.. ؟ هل نحلم بوضع حد
لهذا النزيف في التعيينات المشبوهة والتغاضي عن التسميات المضروبة التي تمت في
عهدي الترويكا ومهدي جمعة خاصة وأنّه بلغنا أنّ كلاّ من باسل حميد رئيس ديوان نوفل
الورفلي سابقا والمقيم بقلعة القصبة حاليا و زكرياء الوسلاتي مكلف بمهمة برئاسة
الحكومة إلى اليوم مازالا يصولان ويجولان بمساندة غير مشروطة من قبل محمد الطاهر بالأسود
الصديق المشترك وذلك في اتجاه المسح النهائي لملفات الخوصصة التي كان ثلاثتهم من
مهندسيها بإسناد من الطرابلسية وآل بن علي والتي ما انفك ينبه لخطورتها المرحوم
عبد الفتاح عمر إلى آخر رمق في حياته...وقد حظاه الله بأجل حماه من رؤية الفاسدين
الذين يملئون صفحات تقرير لجنته..يرفلون في نعيم الثورة.وهو سبب كافي لان يموت
المرء المدرك للفساد ألف مرّة كلّ يوم بحسرته على آفات وكوارث ورويبضات آخر الزمان
حين يكرم الفاسد بالترقيات والمناصب والشريف يداس ويهان..وللحديث بقية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire