عرفت الجمعيات تطورا غير مسبوق كما و كيفا
بعد الثورة ... حيث تنوعت هياكل
المجتمع المدني و تنوعت معها أهدافها و غاياتها... و تضاعف عددها من 7000 جمعية إلى حدود16 ألف جمعية إلا أن
دورها بقي محدودا جدا باعتبار أن أغلبها ظهر في شكل فقاقيع مسمومة سممت المسار الثوري
كما ساهمت في اضطراب الجو العام وزادته ضبابية نظرا لكونها خلقت منذ البداية لغاية
في نفس يعقوب إما خدمة لأجندات حزبية معينة تسعى لفرض الهيمنة على المشهد السياسي عبر
النشاط الجمعياتي أو خدمة لأهداف براقماتية ربحية لمؤسسيها أو لمن يحركونها من وراء
الستار أو لغايات أخرى أعظمها
الارهاب و الترهيب و حسب الإحصائيات
الحديثة فإنه أكثر من 20% من جملة عدد الجمعيات المصرح بها والموجودة هي جمعيات دينية
خيرية أي يبلغ عددها أكثر من 3200 جمعية كلها أسست بعد 14 جانفي 2011 وهي مرتبطة في
تمويلها بأحزاب وتمويلات خارجية غير مصرح بها مع دخول شكل آخر من التمويل غير خاضع
للرقابة تحت مسمى الزكاة لفائدة الجمعيات.
و عادة ما يقترن
اسم هذه الجمعيات بالخيرية لكنها في واقع الأمر بعيدة كل البعد عن الخير
ذلك أن غالبيتها بعثت من اجل استغلال التمويلات المشبوهة لمصالحها الخاصة في
الباطن هي جمعيات تدعي السعي لإصلاح المجال الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي
لكنها في حقيقة الأمر ليست سوى غطاء لخدمة أجندات ومصالح شخصية معينة لباعثيها إما
على خلفية طمع في المال أو في الشهرة أو غير ذلك من المطامع الأخرى الخبيثة ...
ففي زمن
الترويكا اختلط الحابل بالنابل و بينت التسريبات الارتباط الوثيق
بين عدد من الجمعيات خاصة منها الخيرية و
ظاهرة الإرهاب . وأدركنا مما لا
يدع مجالا للشك أن هناك جمعيات جعلت
من اجل تمويل الظاهرة و أخرى من
اجل تمويلات أحزاب ذات
مرجعيات دينية الأمر الذي دفع
إلى اتخاذ بعض الإجراءات و
القرارات السياسية لغلق أبواب عدد منها ... و لكن الأخطر اليوم و الذي
برز على السطح يتمثل في
تداخل الدولة مع
المنظمات " الخيرية" و استغلال
الإدارة لخدمة أجندات بموجب اتفاقيات
شراكة غريبة جدا وتحمل أكثر من سؤال .
تمويل جمعيات خيرية مشبوهة
تحت مسمى فضفاض زعمه
أصحاب القرار في حكومة الترويكا المعزولة
يتمثل في تكريس مبدأ
الديمقراطية المحلية القائمة على مشاركة
المجتمع المدني و ضرورة تضافر الجهود من أجل تسريع نسق التنمية الجهوية ... وإضافة شيء من
التوابل القانونية عليها و إسقاطها على
غرار اللجوء المنشور المشترك عدد15
المؤرخ في 20 جوان 2011 و منشور رئيس
الحكومة الصادر تحت عدد 63
بتاريخ30نوفمبر2012 و المتعلق بتنفيذ و متابعة مشاريع البرنامج
الجهوي للتنمية أقدمت بعض
الولايات و المؤسسات العمومية الجهوية على عقد اتفاقيات
شراكة مع عدد من الجمعيات المنتقاة
و غالبا ما كانت جمعيات تحت مسمى خيري
تقوم الدولة بتحويل أموال لها في
خزينتها و تكليفها ببعض المشاريع التي
في غالب الأحيان كانت حبرا على ورق أو وقع توجهيها لأطراف
بعينها خدمة لأجندات مسبقة ... و تنوعت
التمويلات من 40 ألاف دينار إلى حدود 200 ألف دينار وفق برنامج متفق عليه
بين الجمعيات و الإدارة التونسية
... و حتى لا يبقى الكلام مجرد كلام هذه بعض العينات و ما خفي كان أعظم .
40 ألف دينار لجمعية خيرية لمتابعة تحسين المساكن
ضخ والي
سوسة المعزول مخلص الجمل مبلغا
قيمته40 ألف دينار في خزينة جمعية
الإحسان الخيرية بمساكن وفق اتفاقية أبرمت
بينه بصفته والي
سوسة ورئيس النيابة الخصوصية للمجلس الجهوي لولاية سوسة و بين ممثلها محمد العربي
رويس بتفويض من رئيسها عبد الباسط بن مريم و ذلك من اجل
انجاز برنامج يتعلق بإحالة التصرف
في مساعدات تحسين السكن المسندة في
إطار البرنامج الجهوي للتنمية
لسنة2013 .
ولأنّ الأسئلة كثيرة في هذا المجال فإننا سنكتفي
بالإشارة إلى سؤال واحد
فقط ما دخل جمعية خيرية في ملف
تحسين المساكن ؟ ثم لماذا
تم الاختيار على هذه الجمعية دون
سواها؟ و الغريب في
الأمر و ما يشتمّ منه روائح التلاعب
هو ذلك البند المنصوص عليه في
الاتفاقية و الذي ينص على تمكين الجمعيات للمواطنين المنتفعين
بإعانات تحسين المسكن اعتماد
طريقتين أما صرفه له
نقدا أو اللجوء إلى مزودين
يقومون بتوفير مواد البناء اللازمة و إلى
مقاولين يتولون القيام بمختلف الأشغال الضرورية تتولى الجمعية خلاصهم مباشرة بعد
تحرير الفواتير في الغرض من طرفهم و هنا
يقودنا الشك للحديث
عن مجال إشراع باب الفساد على مصراعيه من
خلال انتقاء المقاولين و اختيار من والاهم و هنا تكون الفواتير منتفخة و مضخمة و غيرها
من التجاوزات التي ندركها ...
جمعية خيرية تتابع
بعث المشاريع
و من
الغرابة و من البدع التي تؤكد فعلا
أن كثر الهم يضحك اتفاقية الشركة تلك
المبرمة بين مكتب التشغيل و العمل المستقل بمساكن الكائن بشارع البيئة مساكن 4070
و الممثل من قبل رئيسه رضوان دعدع و جمعية
الإحسان الكائن مقرها بمساكن والممثلة من قبل رئيسها عبد الباسط بن مريم .
و أكدت
الاتفاقية المبرمة بين
الطرفين بتاريخ 17/03/2014 تمكين الجمعية من منحة تمويل إحداث المؤسسات
قدرت ب300دينار عن كل صاحب مشروع
تتم مرافقته طيلة مدة لا تتجاوز السنتين
الاولتين و تتعهد الجمعية بتأمين خدمات
المرافقة للمنتفع لمدة6اشهر و وتقديم تقرير حول المنتفع و تقديم
نسخ من محاضر المعاينة
للزيارت المؤمنة لباعث المشروع ...
و حتى لا نطيل
سرد بنود الاتفاقية نتوقف
لبرهة لنسأل عن مردودية هذه
الشراكة و أي علاقة تربط الجمعية الخيرية
ببعث المشاريع ثم ألا توجد
مؤسسات مرافقة للباعثين الشبان
في تونس مثل فضاء المبادرة
و مراكز الأعمال . ثم لماذا تم الاختيار على هذه الجمعية دون سواها ؟ ثم كيف تم اختيار هذه الجمعية
وعلى أي مقياس و أساس؟
أسئلة
كثيرة تحمل في جرابها كثيرا من الجدل لا نستطيع الإجابة عنها
بل يكاد ينتابنا الخوف أن الدولة عملت
على تقزيم نفسها من خلال السياسة الهجينة المتسببة
في الأزمات والباعثة على الانشقاقات و
المشرعة لنهب المال العام ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire