أول المقدمات التي لا بد أن
تقال أن داعش أصبح واقعا وجب التعامل
معه و ثاني المقدمات أن التنظيم يختار أماكن تمركزه بدقة فليس
مسألة اختيار الفضاء اعتباطية .. ثالث المقدمات أننا لن نعود اليوم إلى التكذيبات
و الآراء المقللة من شأن خطر هذه التنظيمات على الدولة المجاورة من تمركزها على
غرار الدولة التونسية على اعتبار أن مثل تلك القراءات و الرؤى ضعيفة الحجية واهية
كخيوط العنكبوت ...
و قبل الخوض في تفاصيل التنظيم الإرهابي و طرق
التمويل و الدعم والاستقطاب
كان لزاما أن نعود إلى
التاريخ خطوة إلى الوراء و نتذكر الهجمة الاستعمارية الفوضوية
والتي بشرتنا بها امريكا وحلفائها منذ غزو العراق عام 2003 وأكد عليها وزراء
خارجيتها كولن باول في ببيروت عام 2004وكندليزا رايس عام 2006مبشرين العرب بفوضى
خلاقة ستركب موجها أمريكا والصهاينه وحلفائهم وبعض الأنظمة الرجعية العربية والإقليمية
المتأسلمة وقد بشرت حينها أمريكا أن هذه الفوضى ستحرق المنطقة كل المنطقة
وكجزء ملحق من الفوضى ولدت من رحم هذه الفوضى جماعات متأسلمة تتستر بستار الدين
وفي ظل تخبط شعوب المنطقة ككل بين مؤيد لهذا التنظيم المصطنع، وبين مدرك لحقيقة وأهداف
ومراحل نشوء هذا التنظيم، وجب وضع بعض النقاط على الحروف لمعرفة بعض خفايا وأسرار
وأهداف من أنشئ هذا التنظيم...
تمويل داعش
عمليات القتل... و الأسلحة
المعتمدة... و التصوير الرقمي الرفيع الجودة... و تقنيات المونتاج ... المساعدات العينية ... و
المطويات التي يصدرها ... و ترسانة من المهندسين في الإعلامية ... و القنابل ..و المعدات
المستخدمة في التفخيخ ... ووسائل التنقل...
و الاصدرات المرئية و المسموعة ... و
التوسع في عديد
المناطق ... و تقنيات التواصل و الاتصال المستخدمة... و غيرها من
التجهيزات الرقمية الكبرى كلّها
تؤكد أن "داعش" له من الإمكانات المالية الشيء الكبير و بالحجم الذي لا يمكنه عدّه ... ورغم تعدد الشهادات
المؤكدة لدور عديد الدول و على رأسهم
تركيا و قطر في تمويل تنظيم داعش
حيث اشار نائب بالبرلمَان الإيطالي معرجا
على حَقيقة ما يحدث في «ليبيا» إلى
أنّ «داعش» هي صناعة أمريكيّة وأنّ «قطرٍ» و«تركيَا»و«السعوديّة » هم أذرُع «وكالة
إلإستخبارات الأمريكيّة» و في نفس
السياق قال محللون و خبراء أن الدولة الليبية لها وثائق و دلائل تؤكد تورط تركيا
و قطر في تمويل التنظيم
غير أن بعض الاخبار
على غرار خبر اقتراب مسلحو داعش في
ليبيا من ميناء السدرة النفطي، حيث وصلوا إلى منطقة النوفلية التي تبعد 60
كيلومترا عن الميناء يدفعنا للوقوف على ما يرد في
هذا الإطار بخصوص تمويل التنظيم
حيث تفيد المعطيات بأن بيع النفط
هو أول أكبر مصدرٍ لإيرادات داعش، والتقديرات بحسب وزارة الخزانة الأميركية تشير
إلى أن عناصر داعش يكسبون ما يزيد على مليون دولارٍ يومياً من بيع النفط إلى وسطاء
خاصين في السوق السوداء. كما أن
منابع تمويل داعش تعتمد بالدرجة الثانية على بيع
الآثار المسروقة حيث صرحت اليونيسكو إن داعش يتاجر بالفن والآثار لتمويل عملياته ،
ثم إن حركة النقل البري في المناطق التي يسيطر عليها تسمح له بالتجارة في الذهب
والمنتجات الزراعية وببضائع منهوبةٍ كثيرة لا تحصى كالأجهزة الكهربائية والسجائر
وغيرها. فضلا عن حصوله على الأموال من الفدية التي تدفع مقابل الرهائن...
التموين و التموقع
الفيديو الأخير الذي تم
ترويجه على شبكة التواصل الاجتماعي
و المتضمن كما شاهده
العديد من التونسيين
لضبط شاحنات بصدد القيام بعملية تهريب
المنتوجات التونسية إلى ليبيا منها
السمك و الخضروات فيها دلالة أن
عملية الامداد الغذائي للتنظيم تكون
من تونس ... و لئن أثارت الشاحنة المشحونة
بكميات من السمك و رقمها
المنجمي 9870 تونس69 شيء من الريبة
على اعتبار أن السمك لا يعد من المنتوجات
المطلوبة في المجتمع الليبي خاصة أن النمط الغذائي عند الليبي
معروف ففي اغلب أواجباته ميالا
للحوم البيضاء و الحمراء و بناء عليه فننا نكاد
نجزم أن المنتوجات في طريقها
إلى التنظيم الداعشي الذي يتضمن
على عدة جنسيات تجد في السمك الطازج الأكلة
المفضلة لها ...
كما أنه من المؤكد أن علمية الاحتطاب و التموين تسهر عليها بارونات التهريب
التي تدخر أموالا طائلة من
خلال تزويد التنظيم
و هذا ما يمثل عنصرا من العناصر التي تجعل
التنظيم على مقربة من الحدود التونسية يجعله
يبسط يده لتأمين و ضمان للتبادلات التجارية الاقانونية و التي
بموجبها يستطيع التنظيم الحصول
على امتدادات المعيشية من أكل و ما تابعه ...
فترسانة من الأغذية تصل يوميا التنظيم
عبر الحدود التونسية التي يصعب إلى
يوم الناس هذا التحكم
في مسارتها و رصد كل
التحركات الحدودية بها ... الأمر
الذي يجعل التنظيم يجد مستقره غير
بعيدا عن على الحدود لسهولة تمرير الامتدادات...
و من العوامل الأخرى التي
دفعت بهذا التنظيم المسج الاقتراب من
الحدود هو رغبته في الاستقطاب فإضافة الى
كونه ينشط بشكل متزايد عبر شبكات التواصل
الاجتماعي محاولا استقطاب الشباب للقتال في صفوفه من خلال توظيف الشبكات
الاجتماعية لنشر رسائلها وفيديوهات مرعبة فإنه
أيضا يجد حاضنتها
في المجتمعات المهمشة و الفقيرة و الاحياء القصدرية و حيث يوجه
رسائلها المشفرة و بقوة الى فئة الشباب المنحدر من هذه المجتمعات و التي ترتفع
فيها النسبة أكثر في دول شمال افريقيا على اعتبار ضعف الإمكانيات
المتاحة للشبيبة و خاصة ارتفاع
نسبة البطالة في صفوف الشباب وهو ما يبرره
عدد المقاتلين التونسيين في التنظيم
الذي بلغ عتبة 3500 مقاتل او
ما يزيد .... ولا يزال خطاب التنظيم
موجهاً الى الجيل الرابع أو الخامس من “الجهاديين” الشباب حيث
الخطاب الموجه يتمتع بسهولة ومرونة الحركة مع التقنية والمعلومات
والتطبيقات الفنية على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، باستغلال المقاتلين الأجانب
الموجودين داخل التنظيم أكثر من المقاتلين المحليين.
تونس على شفا
حفرة
إنّ داعش موجودة في تونس بصفة آلية طالما وُجدت في
ليبيا هذا هو المعطى الرئيسي الذي لا يمكن
الا الإقرار به و الخطر الذي يمثله
هذا التنظيم لا يمكن التغافل عنه
أو إهماله... فالمؤكد أن لداعش خلايا إرهابية نائمة في
تونس ... و أن هناك تطورت سرية تسير وفق ما هو مخطط له
في ظلمة الليل و في الخفاء وأن هناك عملاء للتنظيم سرّيين ينشطون على
كل صعيد .. و لعمري أن أحداث الذهبية الأخيرة حتى و إن
أجزمنا بنقص التمنية أو انعدامها بالمناطق
الحدودية على اعتبار استحالة تركيزها
فإننا نكاد نجزم أن بارونات الإرهاب والتهريب كانت وراءها تجسيما لمقولة " عمم الفوضى ترى
بوضوح" ...
ثم إن وجوه الخطر التي تهدد امن
البلاد هي سيطرة الدواعش على المعابر الحدودية وهو ما يمثل فعلا قمة الخطر على الأمن القومي التونسي، خاصة
وأن بإمكان “داعش” تمكين مقاتليها من جوازات سفر مزورة قد تستعمل كورقة عبور على
الأراضي التونسية والتي يوجد فيها أكثر من مليون ليبي، خاصة وأن الليبيين يدخلون
تونس دون تأشيرة سفر مما قد يمكّن الخلايا النائمة في تونس من القيام بالتنسيق المباشر
للقيام بعمليات إرهابية على الأراضي التونسية.
وجوه
على علاقة بداعش
المؤكد اليوم أن داعش
مولود مسخ أنتجته أجهزة الاستخبارات العالمية وهو صناعة أنشأها كبار
الرؤوس منهم "دينيس روس" المستشار في "معهد
واشنطن" وهو المهندس الخفي لسر غزو العراق والمؤرخ الأميركي "دافيد
فرومكين" وهو مهندس احتلال أفغانستان ومروج نظرية "صراع الحضارات"
وتأثيرها على أمريكا، والباحثان "كينيث بولاك ودانييل بايمان"، وهما
يعتبران من أعمدة البيت الأبيض لرسم وبناء سيناريوهات التخطيط للمستقبل الأمريكي وشكل
العالم الجديد بعد ما يسمى بحصد نتائج "الربيع العربي" وضبط فكرة
"صراع الحضارات" ضمن مفهوم التبعية لأمريكا، فهؤلاء جميعآ أختارو الوقت
ألأنسب وهذه المرحلة الحرجة من عمر الأمة العربية والإسلامية للانقضاض على العرب
والمسلمين وبلدانهم وشعوبهم الهشة لتقسيمها إلى دويلات عرقية ودينية ومذهبية...
يبقى القول أن هناك مؤشرات تؤكد على
العلاقة بين القيادات الداعشية و بعض
القيادات السياسية في الدول
العربية و نشير هنا على سبيل الذكر لا الحصر أن زعيم حركة حماس إسماعيل هنية كان
قد نشر عبر تغريدة على حسابه توتير
خبر إعدام 21 مصريا قبل أن تقع الحادثة النكراء و يقع الترويج
لها عبر الانترنات .. فكيف لزعيم أن يعلم بعملية الإعدام قبل وقوعها
و أن يكون له هذا السبق ؟ و الجواب عن هذا
السؤال هو في حدّ ذاته يعد قنبلة
موقوتة يجب تفكيكها قبل انفجارها و قبل أن
يهجم على العرب التتار؟؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire