وضعية رئيس الهيئة
العليا للرقابة الإدارية والمالية التي تحوّلت إلى كابوس تنوء تحته المنظومة
الرقابية ككلّ ليست سوى حالة ضمن حالات
كثيرة لم يكتب لها الطفو إلى السطح، بفعل الأولوية المطلقة التي أسندتها جميع
الحكومات السابقة للأمن والغذاء ودحرت إصلاح الإدارة إلى ما وراء الوراء، وبالتالي
لم يتسن كشف ما كان “يُقبر” في الكواليس وما زال إلى اليوم مقبورا، بعيدا عن أعين
الصحافة وانتباه الرأي العام، وتتعلّق هذه المسائل المقبورة بمسؤولين سامين يجهزون
على الهياكل العمومية اعتمادا على مساندات و"لوبيات" lobbies تزداد
توسّعا وانتشارا وتشابكا فيما بينها وحتّى وإن يبقى كلّ هذا كلاما لم يُثبت بشأنه
أي دليل، فإنّ الأمر في كل الأحوال، وبالنسبة إلى احمد عظوم شاعر الهيئة
النائمة يتعلق بدور سلطة الإشراف التي
يفترض تحركها لتحرّي الحقيقة وإعادة الأمور إلى نصابها ونسوق مثل هذا الحديث بناء
على ما استقيناه من معطيات أكيدة وصادمة مفادها أن شاعر الهيئة وبعد ما كشفنا
مواضع الضعف والوهن في تسميته وتسييره للهيئة وفي المنظومة الرقابية ككل والتي لم
تصلح إلى اليوم عمد إلى تلخيص كل هذه الكوارث الحقيقية في مطلب وحيد رفعه إلى
السلط وهو استصدار أمر ترتيبي يتم بمقتضاه تسوية وضعيته باعتباره انه قد تجاوز سن
التقاعد بشهور (منذ جويلية 2014) ويتم عبره ربما التمديد له على رأس الهيئة لشهور
أخرى أو لسنوات حتى يتمكن من المزيد من الإبداع ومواصلة رحلة السبات العميق والذي
لن نمل من تكراره من عدد لآخر من عدم إعداد التقارير السنوية بسبب رفض هياكل
الرقابة العامة التعامل مع شخصه مرورا بعدم إنجاز أية ندوة علمية وصولا إلى عدم
تحيين موقع الواب World Wide Web (WWW) وختامها تضامنه مع
المكلفين بمهمة العاملين بالهيئة وتعمدهم دفن جميع محاولات ومشاريع إصلاح المنظومة
الرقابية وذلك لتجنب المزيد من العمل والمسؤوليات وتلافيا للأضواء التي قد تسلط
عليهم وتكشف ضعف أدائهم...
ثمّ إنّ ما يبلغ مسامعنا
من أمور حدثت أو تحدث برأس المنظومة الرقابية وهي الهيئة النائمة للرقابة الإدارية
والمالية لم يكن عاديا، حتّى وإن صنّفناه في سياق “الإشاعات” أكثر من “الوقائع
الثابتة" فإنّ الاحتقان والامتعاض الذي عبر عنه المراقبون ما قبل 20 جانفي
2015 (يوم إضراب هياكل الرقابة العامة عن العمل) وما بعده وتنديدهم بتجاهل المنظومة الرقابية والتغاضي عن
مطالبها بخصوص الإصلاح والتحفيز كان كلّ ذلك حريّا بتحريك وازع تحمل المسؤولية لدى
سلط الإشراف حتى يقع وضع حدّ لهذه المهازل.
لكن السلطة التزمت “صمت القبور”، وانقلبت المعادلة، وأضحى الموظفون والأعوان هم الذين يدافعون عن أجهزة الدولة حيث تخلّت عنهم الدولة.
لكن السلطة التزمت “صمت القبور”، وانقلبت المعادلة، وأضحى الموظفون والأعوان هم الذين يدافعون عن أجهزة الدولة حيث تخلّت عنهم الدولة.
وربما كان من الأجدر تكوين فريق عمل يتمتع بدعم
النفوذ السلطوي ليحقق في الوضع الكارثي الذي آلت إليه الهيئة العليا للرقابة
الإدارية والمالية ومن خلفها دائرة المحاسبات وهياكل الرقابة العامة الثلاثة
(التابعة لرئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية)
والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ولينبش
في الحقيقة حتى تتكوّن صورة واضحة حول الحلول ولعل أبرزها تعديل الوضع غير
القانوني وغير الطبيعي بالهيئة عبر ردّ الأمور إلى نصابها وتكليف جامعي أو أية شخصية
وطنية متمكّنة من أساليب التصرف الرشيد الحديثة وتتمتع بتكوين أكاديمي راق وخبرة
في مجال الرقابة تعطيها المكانة الاعتبارية الضرورية لقيادة عملية إصلاح الهيئة
داخليا والمنظومة الرقابية ككل والقدرة على إسداء المقترحات الناجعة والإقناع علما
بان هذه الخاصيات يفتقدها شاعر الهيئة جميعها بشهادة الكثيرين ممن يعرفونه عن قرب
بل هو معروف بخذلان المتحمّسين والانطواء على هواياته الشخصية وعدم إقدامه على
اتخاذ أي قرار قد يحمّله أيّة مسؤولية ما عدا قرارات التعيين والتأجير والتمتع
بالامتيازات حتى انه بلغنا أن الهيئة قد أصبحت مستقرا لخريجي مدارس حزب المؤتمر
والنهضة من عملة وإطارات بالرغم من قلة عدد المكلفين بمهمة العاملين بها والذين
يعتبرون النواة الأساسية في تأمين وظائف الهيئة من رقابة ومتابعة وبالرغم من
الكساد الوظيفي الذي يساهمون فيه بقيادة رئيسهم وبالتالي يوجد من الأعوان والعمل
ما يفوق حجم الهيئة النائمة بكثير كثي وهذا خير عنوان لترشيد النفقات والحوكمة
الرشيدة جدّا جدّا... و ربما هذا الوضع التعيس وحالة النوم السريري التي أجهزت على
الهيئة هي من أسباب تحطيم معنويات المراقبين العاملين داخل الهيئة وخارجها وإهدار
طاقاتهم في سياق المخطط القاضي بتحطيم الرقابة ومكافحة الفساد عن آخرها.
وبتأملنا في المطالب
الشرعية للمراقبين نعتقد أنّ الأمر ليس بصعب بالنسبة إلى مصالح رئاسة الجمهورية
التي تعتبر سلطة الإشراف بالنسبة للهيئة النائمة
حيث تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في تدارك هذا الوضع خاصة وان الهيئة
تعود لها بالنظر مباشرة وبالتالي كان من الجدير إجراء تحقيق عاجل وسريع ومسؤول
ودقيق في "التهم" والادعاءات الموجهة لأحمد عظوم واتخاذ القرارات
الصائبة بكل مسؤولية بل انّه بات من
الضروري جدّا معرفة حقيقة مواصلة ترأسه للهيئة بالرغم من تجاوزه سن التقاعد بشهور
وعدم تحمّس رئيس الجمهورية السابق للتمديد له في مدة مباشرته رغم مساعيه الضخمة بل
ورفض مهدي جمعة رئيس الحكومة السابق لمطلب تمديد في المباشرة أحيل لمصالحه في
الوظيفة العمومية في آخر لحظات احتضار ديوان رئيس الجمهورية السابق ويضاف إلى هذا
عدم قيام شاعر الهيئة بأية مجهود رقابي وفشله في تأمين إشعاع الهيئة واستمرارها،
بل وهناك الكثير من الأقاويل التي أحاطت بظروف تسميته وأسباب استمراره من حيث
انتمائه لحزب المؤتمر CPR وانخراطه الحديث في حركة النهضة وهو ما (وإن كان من ضمن حقوقه وحرياته
الشخصية والمدنية آلت علينا احترامها) يتعارض بصورة خطيرة جدّا مع معيار استقلالية
هياكل الرقابة وعدم انحيازها لأي طرف سياسي أثناء إنجاز مهامها الرقابية والتقييمية
بل هو أمر تضحك منه الأمم، ويجب التأكد منها، وإن صحت فلابد أن يتم إزاحته عن
المنظومة حتى تتحرّر من عراقيله وتستجيب للمعايير الدولية الضامنة لدولة القانون
والمؤسسات بحقّ، لأنّ الذي يهين جهازا بأكمله (الهيئة) عبر تحزّبه وتحيّزه (والذي
تأكّد لنا من خلال تعيينه لهادية بن عزون مكلفة بمأمورية بالهيئة في أكتوبر 2014
رغم أنها قد كانت مستشارة لدى محمد العامري غرودة مدير ديوان حكومتي حمادي الجبالي
وعلي العريض والمنتمين لحركة النهضة) فقد أهان الدولة ومؤسساتها... ومن يقتل
الطاقات العاملة تحت مسؤوليته ويتجاهلها وكأنّه قد خادع الدولة بأكملها وخان
الأمانة.
وللأمانة لا
بد من الإشارة إلى انه قد بلغنا أنّ فريقا من المسؤولين السامين العاملين بمصالح
رئاسة الجمهورية قد شرعوا خلال هذه الأيام الأخيرة في تأدية زيارات ميدانية لبعض
الهياكل الرئاسية لتشخيص النقائص التي تعاني منها وللاتصال مباشرة بالعاملين بها
دون حجاب وهو أمر يذكر فيشكر خاصة وأنهم يقطعون بذلك مع تقاليد العهد البائد التي
كانت تقضي بالاقتصار على إجراء مقابلات ودية حميمية تجمع بين مستشاري القصر
والمسؤول الأول عن الهيكل في قاعة مغلقة ومظلمة يتبادلون فيها مشاعر الود والعرفان
ويباركون تسمياتهم ويمجدون المخلوع ويكتفون بالحصول على مذكرة يعدّها مسبقا
المسؤول حول الهيكل الخاضع لرئاسته ويضمّنها ما يشاء من أراجيف ويوشّحها بآيات
الحمد وعبارات الثناء باسم إطارات وأعوان لا يعلمون بالمذكرة قط ولا يعرفون بأمر
اللقاء بتاتا وكل شيء يتم وهم في غيبوبة تامة ولا ناقة لهم ولا جمل في الأمر
كلّه...وفي ذلك أكبر بيان على الخلل
المؤسساتي الذي أدّى إلى انهيار النظام السابق بكل سهولة فالحقيقة أكبر من أن
تغطّى بغرابيل الإيهام والكذب والهياكل تكمن حقيقتها وحقيقة وضعها وحاجياتها في
القاعدة وليس في الناطق الرسمي الكاذب أحيانا باسمها الذي لا يمثل إلا نفسه والذي
لن يجرا على الاعتراف بأي نقص في التسيير والقيادة ما عدا النقص في المال والمتاع
والأجهزة والمكاتب والسيارات ومقتطعات الوقود والزرابي العملة والموارد المادية
والبشرية بصفة عامة...
أما النقص في الأداء والإشعاع وفرض التموقع اللازم للهيكل
فذاك أمر مسكوت عنه ولا نعتقد أن مثل هذا الخداع قد ينطلي على الفريق الرئاسي
المذكور خاصة وأنهم قد ينتمون إلى نظام جديد مبني على هيبة الدولة والكفاءة وإعادة
الاعتبار للمؤسسات وتكريس قيمة العمل ولا شيء غير العمل. وفي انتظار أن تحظى الهيئة بزيارة مكاشفة لا مجاملة وزيارة معاينة
لا تبادل الترحيب... زيارة قد تخرج الهيئة
من بوتقة الاحتقان وغياهب التهميش التي ردمت تحتها منذ سنة 2011 وقد تنقذ موقعها
على رأس المنظومة الرقابية.... نشير إلى أنّه قد آن الأوان لاتخاذ القرارات
الحازمة والصارمة وطي صفحة المساندات الحزبية والجهوية وإعادة الاعتبار إلى معايير
الاختصاص والكفاءة والجرأة والاقتدار خاصة في هياكل تقنية مثل الهيئة خاصة وأن
مجلسها الشهري (مثلما هو مبيّن على موقع الواب Web الذي
لم يحيّن إلى اليوم بالرغم من مضي أكثر من سنة على مغادرة السيد غازي الجريبي
للهيئة وما زال الموقع يحمل توقيعه في كل فقرة وفي كل باب حتى شككنا في تسمية احمد
عظوم أصلا على رأس الهيئة..ويحدث هذا في عهد الإدارة الالكترونية وثورة
التكنولوجيات...وهو أمر لا نستغربه فشاعر الهيئة قد يبدع في تأصيل قيم العصور
الجاهلية والحجرية ولا نلومه فهو حسب مصادرنا لا علاقة له بتاتا بعالم الرقابة
وعالم تكنولوجيا المعلومات وعالم اللغات الأجنبية وبالتالي فهو مرشح جيد للاستمرار
على رأس المنظومة الرقابية) قلنا خاصة وان مجلسها الشهري يجمع ثلة من الأكفاء
والمسؤولين بعالم الرقابة والتدقيق المالي وبالتالي من المفروض أن يترأس جلساتهم
من يفهم لغتهم ويستوعب مقترحاتهم ويأتي بالإضافة المفيدة ولما لا قد يأتي بالجديد
المبدع...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire