مصادرة أملاك أفراد العائلة الحاكمة هي بالأساس عقوبة جماعية ذات
بعد سياسي تأتي عادة في غالبية البلدان مباشرة بعد الثورات والانقلابات والتغيرات
في النظام الحاكم لامتصاص الغضب الشعبي ولإلهاء الشارع وإسكاته بطعم استرجاع ثروته
المنهوبة، وقد عاشت تونس مصادرة أملاك حكامها السابقين مرتين الأولى مباشرة بعد
الاستقلال وبالتحديد يوم 29/07/1957 حيث صودرت وبطريقة ظالمة وصفت بالمأساة كل
أملاك عائلة الباي المخلوع محمد الأمين بن علي وغالبية المقربين منه والثانية بعد
ثورة 14 جانفي 2011 حيث صودرت بطريقة فوضوية وانتقائية وصفت بالمهزلة جل أملاك
عائلة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ، والمصادفة العجيبة أن كلا الحاكمين
المخلوعين يحملان لقب بن علي ومن المفارقات العجيبة أن أعمال المصادرة خلال سنة
1957 وسنة 2011 تعلقت بهما عديد الخروقات والشوائب والفضائح بحكم اعتمادهما على
الانتقائية والانتقامية أولا وأخيرا.
مراسيم مصادرة أملاك
وأموال أفراد من عائلة الرئيس المخلوع لم تصدر إلا بعد شهرين من رحيله وبعد
أسبوعين تقريبا من تشكيل حكومة الباجي قائد السبسي وهو ما شكل فرصة لعدد من
المشمولين بقوانين المصادرة من سحب أموالهم من البنوك وتهريبها خارج البلاد إضافة
إلى التفريط ولو جزئيا في بعض أملاكهم وعقاراتهم بل هناك من وجد الحل في تحويل
ممتلكاته نحو أحد معارفهم لتضليل أجهزة المصادرة ووصل الأمر بأحد المشمولين بمرسوم
المصادرة عدد 13 لسنة 2011 المؤرخ في 14 مارس 2011 أن استصدر لفائدته مرسوما على
المقاس ونعني بذلك المرسوم التكميلي للمصادرة عدد 47 لسنة 2011 المؤرخ في 31 ماي
2011 ...
مرسوم المصادرة...وسيلة عقاب جائر لخدمة مصالح شخصية وأهداف ضيقة
المتأمل في قائمة 114
المشمولين بقانون المصادرة عدد 13 لسنة 2011 يلاحظ الحيف والزور والتشفي الذي وسم
عملية الإعداد إذ شملت القائمة أسماء الموتى وسهت عن أسماء أحياء كما اشتملت على
هويات غير صحيحة إضافة إلى إدراجها لأصهار وأقارب وإسقاطها لآخرين ليصل الأمر إلى
حد إدراج هوية طليقة أحدهم وهو موضوع ملف قضية الحال والذي شكل فضيحة بالجلاجل
تعلقت بالحكومات الثورجية التي تعاقبت على حكم البلاد بعد أن عجزت عن التطبيق
السليم لقانون المصادرة وتسببت في مأس ومظالم لا تحصى ولا تعد.
وربما السبب أن لجنة المصادرة تحولت إلى سوق
دلالة ونخاسة زمن إشراف كل من عادل بن إسماعيل ونجيب هنانة ورياض بوجاه وكذلك
مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة والتي تجاوزت صلاحياتها ومنحت بعضهم دون وجه حق
صكوك غفران مكنتهم من رفع المصادرة عن أملاكهم ....
هذا الانحراف الخطير في تطبيق القانون وتعمد الحكومة معاملة أفراد عائلة
الرئيس المخلوع بمكيالين وعملية تحويل المصادرة إلى عقاب جائر لخدمة مصالح شخصية
وأهداف ضيقة جعل غالبية أعمال المصادرة المنجزة إلى تاريخ الساعة محل أخذ ورد
وشبهة فساد ثابتة تعلقت بغالبية المشرفين على أعمال المصادرة المنقوصة .
الجزائرية طليقة منصف الطرابلسي ... إحدى ضحايا مرسوم المصادرة
للرئيس المخلوع بن علي 10 أشقاء ولزوجته الثانية ليلى الطرابلسي
نفس العدد من الأشقاء وللمخلوع 6 أبناء من زواجين وباعتبار الأقارب والأصهار من
عائلة الطليقة والزوجة يكون عدد العائلة الموسعة في حدود 1000 نفر على الأقل
والحال أن مرسوم المصادرة لم يشمل إلا 10% ومن المفارقات العجيبة انه شمل فيما شمل
امرأة عجوزا من أصل جزائري طلقها منصف الطرابلسي شقيق ليلى خلال سنة 2006 أي قبل
الثورة بأربع سنوات وهي المسماة يمينة بنت الجيلاني بن العربي سواحي المولودة في
06/09/1952 والتي وقع التنكيل بها بعد تجريدها من كل ممتلكاتها لا لشيء إلا لأنها
كانت في وقت ما زوجة منصف الطرابلسي شقيق ليلى بن علي...والحال انه لم يقع التعامل
مع طليقة الرئيس المخلوع نعيمة الكافي بهذه الطريقة وهو ما يؤكد أن الجهات المشرفة
على أعمال المصادرة (لجنة المصادرة – المكلف العام بنزاعات الدولة – القضاء –
الحكومة ) يتعاملون بمكيالين وبقانون الغاب.
مصادرة غير قانونية على الهوى والهوية
حيث تولت الدولة التونسية الممثلة في حكومة
السبسي بموجب القانون مصادرة جميع الأموال والأملاك العقارية والمنقولة الراجعة للمرأة
يمينة سواحي على أساس كونها زوجة منصف الطرابلسي (المتوفى في سجنه يوم 4 افريل
2013 ) والحال أنها مطلقة إنشاء من طرف زوجها منذ 21/06/2006 (بموجب القرار الاستئنافي
الشخصي عدد 3/36939 لسنة 2006) وقد يكون سبب الخلط انه لم يقع التنصيص في مضمون
ولادة المرأة يمينة سواحي على حكم الطلاق أو أن هناك أطرافا خفية دفعت لحشر العجوز
نكاية في زوجها أو تشفيا في أحد أبنائها والله اعلم خصوصا وأن الأمر لم يقف عند
مصادرة الأملاك بل تجاوزه لمصادرة حق المرأة في تجديد جواز سفرها الذي انتهت صلوحيته
ولتحرم المرأة الحاصلة على الجنسية التونسية وأبنائها من منصف الطرابلسي من أبسط
حقوقها المدنية دون وجه حق .
المصادرة الممنوعة شملت كل ما اكتسبته العجوز
المسكينة من أملاك منقولة وعقارية بواسطة الإرث من والدها الجيلاني سواحي (ورثت
أموالا من والدها استثمرتها في شراء شقة عدد 1 عمارة E الكائنة بجهة المروج وبالتحديد بإقامة سالمة وشقة أخرى بالعوينة
وقطعة ارض مساحتها هكتاران بجهة شباو من ولاية أريانة) وكذلكما
اكتسبته بعد الطلاق من زوجها منصف وخاصة شقة اقتنتها بتاريخ 27/02/2007 من الشركة
العقارية لاغة بواسطة قرض من مصرف "ستوسيد بنك" ورغم ثبوت الحجة إلا أن
المكلف العام بنزاعات الدولة وعلى غير عادته توسع في أعماله وأجاز لنفسه ما لا
يجوز وتمسك بضرورة مصادرة أملاك العجوز الجزائرية – التونسية على "طريقة معيز
ولو طاروا" ... في انحراف مقيت بالسلطة وتحد مفضوح لكل القوانين لتحقيق هدف
غريب لم نفلح في الوصول إليه.
مطلب برفع الائتمان لم يستجب له ووضعية الضحية
كارثية
العجوز المتضررة يمينة لجأت إلى القضاء لرفع الالتباس ولدفع
الظلم الذي طوقها من كل جانب وحرمها من كافة حقوقها المادية والمعنوية لمجرد أنها
كانت في يوم من الأيام زوجة شقيق ليلى الطرابلسي و قامت بقضية استعجاليه بغرض رفع
الائتمان أو المصادرة غير القانونية وغير المنطقية المضروبة على أملاكها الخاصة
بحكم مرسوم المصادرة والإذن بالتنفيذ العاجل على المسودة لحالة التأكد الشديد الذي
يحف بالمسألة إلا أن القضاء لم يحرك ساكنا لتصبح يمينة السواحي ضحية خطإ لم تقترفه
وذنب ليس لها يد فيه ولتبيت في وضعية أقل ما يقال عنها أنها مزرية ذلك أنها وجدت
نفسها بين عشية وضحاها ودونأن تدري مجردة من كل أملاكها وهي الكافلة ل5 أبناء ،لا
لشيء إلا لأن لجنة المصادرة رفضت حتى مجرد الرد على الاستشارة التي تقدم بها
المكلف العام لنزاعات الدولة .
العجوز يمينة تدفع الثمن غاليا
العجوز يمينة السواحيضحية أخطاء طليقها المتوفى والأخطاء
والتجاوزات في تطبيق القانون تعيش اليوم رفقة أبنائها وضعية اجتماعية كارثية من دون
مأوى أو ملبس أو مأكل لولا بعض الخيرين الذين يقومون بمساعدتها من حين إلى آخر
رأفة بأبنائها الصغاراليتامى الذين كان ذنبهم الوحيد أنهم لم يختاروا أباهم أو زوج
أمهم وهي الآن تطالب القضاء بإنصافها وإرجاع أملاكها التي لا علاقة لمنصف
الطرابلسي بها والتي ورثت معظمها عن والدها ذي الأصل الجزائري خاصة وأنها اليوم
رفقة فلذات أكبادها تعيش الخصاصة والحرمان حيث لم تستطع مجابهة مصاريف مأكلهم فما
بالك بمصاريف دراستهم ومسكنهم وهو ما دفعهم إلى الانقطاع المبكر عن الدراسة وجعلهم
عرضة للانحراف ...
هذه الحالة الرثة هي عينة موجعة عن حالات أخرى كانت نتيجة
لقانون اتخذ في فترة ما وفي سياق لم تحتكم فيه السلطة السياسية للمبادئ القانونية
الدستورية المتعارف عليها التي تشرع للحق والعدالة والمساواة على غرار مبدأ شخصية
العقوبة بقدرما انحازت فيه واحتكمت إلى قانون الشارع وسياسة الأمر الواقع التي
تولدت عنه والتي لا تمت للمطالب الثورية بصلة لذلك فانه مطلوب اليوم من رئيس
الجمهورية الباجي قايد السبسي الذي اتخذ في عهده مرسوم المصادرة المذكور بمراجعة
هذا الأخير بما يتماشى مع الدستور ومع مبدأ دستورية القوانين حتى يتسنى إرجاع حقوق
الأبرياء الذين كانوا ضحايا له وإلا سيكون ذلك وصمة عار خلال مسيرته السياسية...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire