mardi 7 octobre 2014

تالة : يوميات معلم ورحلة العذاب والألم والنجاح




هو معلم من تالة يدعى  توفيق حافظي يبلغ من العمر 48 سنة مرسم بالسنة أولى بكلية الحقوق بتونس يروي عن رحلة طويلة لطلب العلم يذكر انه زاول تعليمه الابتدائي والثانوي بتالة ونجح في الباكالوريا أين انتمى إلى كلية الحقوق ودرس بها ثلاث سنوات وأتيحت له فرصة مواصلة تعليمه بالعراق اين سافر اليها في اواخر الثمانينات وراوده الحنين للعودة إلى مسقط رأسه لقضاء العطلة على امل العودة مجددا الى العراق لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه وكانت هذه العودة بمثابة قطع حبل الوصال بين تعلمه بالعراق   ورؤية عائلته ومنطقته وأصدقائه  وكانت المفاجأة في المطار ويضيف متأثرا


....عدت بعد نهاية السنة الدر اسية و نجاحي إلى السنة الثالثة حقوق يوم 31 جويلية 1990 و في مطار تونس قرطاج تم اقتيادي إلى غرفة تحقيق هناك أين تم حجز جواز سفري و طلبوا مني القدوم الى وزارة الداخلية يوم الخميس 2 اوت 1990 ففعلت و هناك تولوا الاحتفاظ بي في إحدى زنزانات وزارة الداخلية 4 أيام أخذت خلالها نصيبا لابأس به من التعذيب المادي و المعنوي وفي يوم 6 أوت تولوا إطلاق سراحي بعد ان طلبوا منيّ نسيان جواز سفري و بالتالي منعي من العودة إلى العراق لمواصلة دراستي ، و هدّدوني إن انا اشتكيت إلى أحدى المنظمات الحقوقية أنهم سيدوسونني بسيارة و ينهوا أمري ، ومع ذلك فقد حاولت مع أحد الموظفين في الداخلية عن طريق صديق لي بتونس و لكن فشلت و تبين لي بعد الثورة أن الشخص الذي استنجدت به في سنة 1990 لتمكيني من جواز سفري قد أصبح مدير الامن الوطني ... 


حينما عجزت عن الحصول على جواز سفري برغم محاولاتي القليلة و لم تقبل الجامعة التونسية التي درست فيها قبل ذهابي الى العراق قبولي لمواصلة دراستي و لم تعادل وزارة التعليم العالي شهائدي المتحصّل عليها هناك في العراق بتعلّة عدم وجود دفتري المدرسي و بطاقة كشف الاعداد رغم علمهم بتركي كل وثائقي و أغراضي في العراق و حجز جواز سفري و بالتالي منعي من العودة إلى العراق ... عندها عدت إلى بلدتي تالة أجر أذيال الخيبة ، و لم أسع منذ ذلك التاريخ لإعادة المطالبة بجواز سفري لعدة أسباب أولها خوفي من بطش فرق سلامة أمن الدولة و ما مارسوه معي من تعذيب بدني و نفسي رهيب و أنا في عمر لا يتجاوز 24 سنه و كذلك عدم قدرتي على التنقل بحكم وضعي الاجتماعي الصعب ... دخلت كمعلم متعاقد في إحدى المدارس الر يفية النائية و انتهى حلمي في الدراسة الذي ناضلت من اجله و أرهقت عائلتي ماديا في سبيله ... و لكن أمر الداخلية لم ينته بل مارسوا عليا رقابة أثناء حرب الخليج الاولى و ما تبعها من مسيرات و مظاهرات متعدّدة في مطلع التسعينات حيث كانوا يطلبون منّي البقاء أمام المقهى التي أرتادها ليتأكدوا من وجودي و عدم مشاركتي في الحراك السياسي الذي ساد تلك الفترة و مرّت السنوات و تم استدعائي في سنة 1995 بعد أن ألقت إحدى فرق سلامة أمن الدولة القبض على مجموعة الطليعة العربية الناشطة في بنزرت حيث وجدوا وثيقة انتماء بها اسمي و هناك أعيد التحقيق معي ليوم واحد و أطلقوا سراحي وقد توفيت والدتي كمدا على معاناتي التي شاركتني فيها منذ سجني و انا تلميذ في سنة 1986 .. 


لقد كانت صندوقي الاسود فهي الوحيدة التي تعرف عللي وقد ساعدتني في بعض الاوقات على إخفاء كتبيبردمها في حفر كانت تحفرها بنفسها في بيت اختي .... لقد كان لوفاتها الاثر العميق في حياتي... و في اواخر 2005 قدّمت طلبا إلى إدارة الحدود و الاجانب أطلب منهم تمكيني من جواز سفري للذهاب صحبة زوجتي من أجل التداوي في فرنسا بسبب عدم انجابنا للصغار ... ولكنهم لم يجيبوني فأعدت الكرة و لم أفلح ثم أعدت الطلب بعد أن تم تعييني كممثل للتحكيم التونسي في رياضة الشطرنج للمشاركة في بطولة العالم للشطرنج التي احتضنتها ليبيا في سنة 2006 و لم أكتف هذه المرة بالرسالة فقط بل ذهبت إلى وزارة الداخلية ...و كم كانت فرحتي كبيرة عندما قدّموا لي بعض الاستمارات لتعميرها و طلبوا مني إحضار 4 صور فأحضرتها و لكن الامر انتهى بإعادة التحقيق معي و امري بعدم القدوم مرّة أخرى إلى الوزارة ... عدت بخفي حنين و لكن الله عزّ وجل قد أنعم علّيي في نفس السنة بتوأم بنات بعد 10 سنوات من الانتظار و الحمد و الشكر لله ... عدت للاختفاء من جديد في العمل الجمعياتي إلى ان انتفض ابناء جهتي و سقط النّظام اكتملت فرحتي بعد ان تحصّلت على جواز سفري في 17 فيفري 2011 من وزارة الداخلية بعد 21 سنة من الحجز ...و انخرطت في الحراك الشعبي الذي حرمت منه لعقدين فكنت أتنقّل إلى تونس للمشاركة في المسيرات و المظاهرات ... ومنذ بداية الثورة قدمت طلبا للعودة إلى مقاعد الدراسة التي حرمت منها فلم تستجب وزارة التعليم العالي لطلبي إلا بعد حصولي على شهادة في العفو العام .عدت إلى مقاعد الدراسة عن سن يناهز السبعة  و الاربعين في نفس الكلية التي درست فيها في موسم 1987 / 1988 كلية الحقوق و العلوم السياسية و رغم الصعوبات فإنّي أبذل قصارى جهدي من أجل التوفيق بين عملي كمعلم و بين دراستي علما و أن وزارة التعليم العالي لم تعادل شهائدي المتحصل عليها في العراق و اكتفت بتمكيني من الدراسة بنفس امتيازات الطالب الجديد ...


 و ها أنيّ بدأت أجني ثمار المجهودات الكبيرة التي أبذلها سواء أثناء التحضير أو في التّنقل كل أسبوع من تالة إلى تونس لحضور حصص الدروس التطبيقية ...وبداية الغيث قطر حيث نجحت في اختتام الموسم الجامعي بملاحظة امتياز والآن أنا بصدد الاستعداد للشروع في مزاولة الدراسة مع انطلاق  الموسم الدراسي 2014/2015 وكلي امل في تجديد السيناريو باجتياز الامتحانات في ظروف طيبة  بنفس الروح والحماس والرغبة في الحصول على شهادتي كاملة بدون نقصان .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire