مباشرة
بعد سقوط دولة الفساد الأولى حلت الطامة
الكبرى بالبلد وطوقتنا الكوارث والمصائب من كل جانب فحل الإرهاب مكان الأمن
واستفحلت الفوضى مكان النظام واشتعلت الأسعار وتدنت المقدرة الشرائية وتفاقم عجز
الميزانية وافتقدت أدوية واختفت مواد أساسية وانتشرت الأوساخ والأوبئة وغابت
العدالة المنشودة حدث كل هذا بعد أن استولت على الحكم في البلد زمرة من أصحاب "الروب
الأسود" من كبار المحامين وأكثرهم كلفة من الرئيس المؤقت فؤاد المبزع إلى
رئيس الحكومة المؤقت الباجي قائد السبسي مرورا بوزير العدل الأزهر القروي
الشابي ... ثلاثتهم أسسوا على أنقاض
الأولى دولة فساد ثانية طمست معالم جريمة الدولة الأولى وتلاعبت برصيد الشركات
المصادرة على الهوية والهوى فافلت من قبل بقاعدة الابتزاز والمساومة وحوصر وسجن من رفض الرضوخ فالمراسيم كانت زمن حكومة الوحدة الوطنية
المزعومة تصدر على مقاس طالبيها وفي الأخير وقبل تسليم العهدة صدر المرسوم الفضيحة
الذي حول المحامي إلى رجل فوق القانون (مرسوم عدد
79 لسنة 2011 مؤرخ في 20 أوت 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة) مرسوم انحرف بالقانون وطوعه لحماية المحامي ظالما أو
مظلوما .
إن كل من يلتحق بمهنة المحاماة أو
الفن الرفيع (كما سماه شيخ المحامين شوكت التوني) هذه المهنة التي هي من أهم المهن
المرتبطة بالحق والعدل والمساواة يجب أن يكون متصفاً بأنبل الصفات ومتخلقاً
بالأخلاق العظيمة وأن يكون فطناً مبدعاً صادقا لكن الحقيقة المرة أن المحاماة
انحرفت 180 درجة عن مهامها وتحولت إلى قطاع مستنزف للطاقات المادية والمعنوية
لغالبية المتقاضين شعارها تحقيق أقصى الأرباح من خلال بيع الأوهام فكم من محامي
أوهم حريفه بأنه اعد العدة ليوم الجلسة لكنه اختفى وعوضه احد الزملاء وكم من حريف
خسر كامل حقوقه وضاعت أملاكه لمجرد أن المحامي أهمل ملف قضيته وكم من سجين طالت
مدة إيقافه أو سجنه بسبب عدم جدية المحامي المكلف وكم وكم ......
حلم العميد معلق
بين السفارة والوزارة والرئاسة
ربما
المستفيد الأول والأخير من الثورة في بلدي هو قطاع الروب الأسود ونقصد بهم
المحامون ونعني بالتحديد الجزء المتنفذ منهم ممن فهموا خيوط اللعبة مبكرا فهذه
المجموعة وبعد أن ساندت الرئيس المخلوع طيلة فترة حكمه ووفرت له الدعم المادي
والمعنوي ومنحته شرعية دستورية خولت له البقاء ل23 سن جاثما على بلدي تونس وخلال
اندلاع الثورة وغليان الشارع اختفت وفوضت النظر لصغار المحامين من اليسار ليتصدروا
صفوف المتظاهرين وليداهموا مراكز السلطة وبمجرد فرار المخلوع وسقوط نظامه ودخول
صغار المحامين في غفوة "نشوة الانتصار على الديكتاتورية" خرجت المجموعة
الباغية من جحورها واحتكرت المشهد الإعلامي وتصدرت المشهد الثوري (بلاتوهات متلفزة
– اعتصامات شعبية - ...)
والتحفت بالعلم الأحمر وتبنت المطالب الشعبية و تدريجيا عادت
إلى الواجهة بعد أن ادعت زورا وبهتانا أنها الثورة نفسها وأنها عرضت صدورها
للكرتوش الحي وسقط الشعب المسكين في الفخ واعتقد في صدق الجماعة وسلم أمره كالعادة
وسقط البلد في يد جماعة الإخوان وساعدها في ذلك الانتماء السياسي المعروف للعميد
زمنها عبد الرزاق الكيلاني (التلمودي سابقا) وهذا الأخير تم تكريمه بمدينة
"انفرس" البلجيكية وتسليمه باسم المحامين التونسيين جائزة حقوق الإنسان لمجلس الهيئات الأوروبية للمحامين لسنة
2011 وبعدها
وكمكافأة له على الخدمات الجليلة المقدمة لحركة النهبة حصل الكيلاني على منصب وزير
بدون وزارة و سفير لأشهر ومنها دخل البلد وقدم ترشحه للانتخابات الرئاسية 2014
مدعوما بنواب حركة النكبة وكل أمله مصبوب في إنهاء مشواره السياسي من الباب الكبير
في خطة رئيس الجمهورية بعد أن اعتقد أو هم أوهموه أن له شعبية منقطة النظير وان
الشعب يطالب به رئيسا للبلاد.
المحامي لا يضحك إلا مرة واحدة أمام حريفه
أساس
العلاقة بين المحامي وحريف أو منوبه هي المادة أولا وأخيرا فالأول يرى في الثاني
غنيمة والثاني يرى في الأول طوق نجاة فمن يسمونه بالوجه الثاني للعدالة (باعتبار أن
الوجه الأول هو القاضي) مطالب المحامي بإظهار الحقيقة وتوضحها وتأييدها
بالحجج والبراهين والأسانيد وضمان محاكمة عادلة لمنوبه مقابل حصوله على
مبلغ مالي متفق عليه يسمونه "الأتعاب" ومن المفارقات العجيبة أن المحامي
لا يضحك إلا مرة واحدة أمام منوبه حينما يتسلم الأموال والتي يرفض أن يسلم مقابلها
أية وصولات وبعدها يدخل في مسلسل الانزعاج والانقباض والتهرب من منوبه وتخديره
بإرساليات نصية قصيرة sms
من نوع "في جلسة " أو "في التحقيق" أو "في اجتماع"
أو من خلال قطع الخط وإغلاقه ويعتقد الحريف المسكين في جدية محاميه وينتظر الحصول
على حقوقه ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ليكتشف الحريف المسكين انه وقع
ضحية عدم جدية المحامي وتلاعبه بمصالحه فلا هو حضر الجلسة ولا قدم تقريرا ولا اتصل
بالخبير ولا غيرها من المهام بل كل ما قام به المحامي من مجهودات تذكر انه تسلم
الأموال وأودعها في جيبه وتمتم لمكلفه بعبارة "إن شاء الله مربوحة " وانتهى الأمر .
أكثر من 2500 مليون دينار مداخيل سنوية لقطاع المحاماة
من
النوادر أن احدهم وهو في رتبة عميد سابق تورط في ابتزاز عائلة سياسي ليبي معروف
كما تورطت زوجة وزير عدل سابق وعميد سابق في ابتزاز عدد من رجال الأعمال هذا إضافة
إلى ما أشيع حول تخصص بعضهم في قضايا الفساد التي تعلقت برموز النظام البائد وارتفاع
أتعابهم إلى أضعاف ال 100 ألف دينار عن القضية الواحدة وعلى اعتبار أن عدد قضايا
الفساد يفوق 1200 قضية وعدد المتهمين في كل قضية لا يقل عن 4 متهمين يكون المجموع
في حدود 5000 متهم وليرتفع حجم الأموال المتداولة في شكل أتعاب محاماة وعمولات توسط إلى مستوى قياسي غير مسبوق يناهز
500 مليون دينار كما أن قضايا الإرهاب عرفت نفس المصير ولو بدرجة اقل بحكم أن معدل
الأتعاب عن كل قضية لا يقل عن 20 ألف دينار وبحكم أن عدد المتهمين يناهز ال2000
مورطين في 200 قضية يكون مجموع الأتعاب المستخلصة في حدود 40 مليون دينار وإذا
أضفنا المبالغ المستخلصة من السادة المحامين بعنوان أتعاب عن بقية القضايا العادية
(مدني – جزائي -...) بمعدل 500 دينار فقط عن كل قضية وعن كل طور يكون المجموع 2000
مليون دينار (عدد القضايا في حدود 4 ملايين سنويا) دون اعتبار المداخيل المسجلة من
العمليات العقارية (كتابة عقود البيع والوعد بالبيع والرجوع في البيع وغيرها)
والتي شهدت بدورها ارتفاعا منقطع النظير بعد أن منح القانون أفضلية للمحامي لكتابة
العقود على حساب عدول الاشهاد...وبعملية حسابية بسيطة في الجمع يكون مجموع مداخيل
8000 محام في حدود 2540 مليون دينار سنويا أي بمعدل لا يقل عن 317 ألف دينار لكل محام لكن الحقيقة أن أكثر من نصف المحامين
لا تفوق مداخيلهم السنوية حدود 50 ألف دينار بحكم احتكار كبار المحامين لما يسمى
بالملفات الدسمة والحرفاء السمان ولن نستغرب إذا طرحنا أن بعض المحامين المتغولين
يحصلون على مداخيل سنوية تقارب 10 مليون دينار .
حقوقيون هم أم تجار قانون؟
إن
هذه الشرذمة من المجتمع يمثلون واجهة القانون التونسي و يدعون بأنهم مع نصرة الحق
والحق عندهم باطل فهم لا يعترفون بحق المنوب في ضمان حقوقه ولا يعترفون بحق الدولة
في جمع ضرائبها ولا يعترفون بعلوية القضاء والمجال لا يسمح لا محالة بسرد كل
الروايات والنوادر إذ بعملية بسيطة ومقتضبة لسبر الآراء على مستوى محاكم تونس
خلصنا إلى أن المتقاضين غير راضين عن محاميهم بنسبة تفوق 80% وهو مؤشر خطير يؤكد
على أن المحامي تحول زمن دولة الفساد الثانية إلى مارق عن القانون همه جمع المال
بكل جشع على حساب البلاد والعباد...
لن
يستقيم حال العدالة في بلدي وأثريائه من المحامين وكبار ساسته من أصحاب الروب
الأسود ولن يتحقق العدل والمحامون رجال فوق القانون فغالبية المحامين لا يحترمون
كتبتهم وموظفي مكاتبهم حيث اعتادوا استغلالهم استغلالا فاحشا يفوق الوصف فالأجور
دون المجهودات المبذولة والمقدمة وتعادل smig
و smag والتغطية الاجتماعية مفقودة وويل لمن يثور منهم على
سيده فمصيره السجن بتهمة خيانة أما عن الحرفاء فمصيرهم من آخر اهتمامات محاميهم وحقوقهم
غير مضمونة وغير مكفولة وما عليهم إلا الاستجابة للمطالب الممكنة والمستحيلة مؤتمن في انتظار اليوم الموعود وصدور الحكم وفي حالة
الخسارة يرمي المحامي المكلف بالمسؤولية على القاضي الجائر ويتهمه بخرق القانون
لغاية مبيتة ويطالب حريفه أو ضحيته المنتقاة بدقة بالمزيد من الأموال (عادة ما
يطالب المحامي باستخلاص أتعابه نقدا دون الصكوك) لتامين الطور التالي وأما عن
الضحية الثالثة فهي خزينة الدولة فهي من آخر اهتمامات الأستاذ المبجل والذي اختار
من أول يوم التحاقه بالمهنة النبيلة طريق التهرب الجبائي فرغم أن عدد القضايا في
ارتفاع مطرد ورغم ارتفاع تكاليف التقاضي إلى الضعف إلا انه لم يدخل خزينة الدولة بعنوان
مستخلصات جبائية عن قرابة 8000 محام إلا النزر القليل وبالضبط 500 دينار سنويا عن
كل محام حامل لمعرف جبائي وبحكم أن ثلث المحامين لا يملكون معرفات جبائية matricule fiscale تكون المداخيل الجبائية السنوية المتأتية من السادة
المحامين في حدود 3 مليون دينار فقط والحال أن عدد القضايا المتداولة في مختلف
محاكم البلاد بلغ 4 مليون قضية وهنا نخلص إلى أن خزينة الدولة لا يصلها عن القضية
الواحدة إلا 700 مليم أو ما يعادل ثمن تذكرة حافلة صفراء والحال أن الهيئة الوطنية
للمحامين تستخلص عن كل قضية معلوم طابع محاماة يتراوح بين 12 و18 دينار وبعملية
بسيطة تكون هيئة المحامين استخلصت معلوما يفوق ما استخلصته خزينة الدولة ب22 مرة
تقريبا ... فعن أية عدالة جبائية تتحدثون عن المواطن المقهور الذي يدفع ربع مرتبه
جباية أو عن المحامي الذي لا يرمي من أتعابه المزعومة (معدل لا يقل عن 800 دينار
عن كل قضية) إلا الفتات أو فتات الفتات أو اقل من 1/1000 ...أليس هذا مؤشر خطير
على تغول المحاماة على الدولة .
لا
يعني هذا انه ليس بقطاع المحاماة شرفاء وأحرار قدموا جليل الخدمات لهذا الوطن
الغالي فمثلما حصلت تونس على استقلالها بفضل تضحيات جسام لمحامين أفذاذ من طينة
الزعيم الحبيب بورقيبة أيضا تخلصت تونس من ديكتاتورية بن علي بفضل التحام فئة من
المحامين في الصفوف الأمامية مع المتظاهرين والثوار لكن الثروة أتت على الثورة
وحصل ما حصل .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire