samedi 27 septembre 2014

بالإمكان إنقاذ تونس … منذر الزنايدي : رجل المرحلة والرجال قليل






عاد  منذر الزنايدي إلى أرض الوطن يوم الأحد 14 سبتمبر فاستقبله  في مطار تونس قرطاج حشد  غفير من التونسيين الذين لم تكن ذاكرتهم قصيرة  ولم يتناسوا يوما وأن الرجل وإن عمل مع الحرس القديم في عهد الرئيس المخلوع وانتمى إلى التجمع الدستوري المنحل  فإنه لم يغرد في نفس السرب ولم يكن إمّعة يحسن متى أحسن السياسيون ويسيء متى أساؤوا .. بل إنه وطّن نفسه فأحسن حين أحسنوا ولم يسئ حين أساؤوا ..عاد بعد أن وضعت العدالة الانتقائية الانتقامية أوزارها وبدأ الخيط الابيض يتبين من الخيط الأسود  وعلم التونسيون أن الزنايدي ليس له مع الفساد علاقة من قريب أو بعيد  وإن حاول البعض في إطار شعبويثورجيأن يلصقوا  شبهات فساد خاطئة كاذبة ... 

كان الزنايدي رجل دولة وهو ما دفع بالقيادي في حركة النهضة منار إسكندراني إلى القول في إحدى الحصص التلفزية" رغم ما قيل عن الرجل إلا انه بقي الشخص الأكثر كفاءة في عهد المخلوع ولولا منذر الزنايدي لتراجعت الدولة التونسية في عهد بن علي من جميع النواحي" ...ورغم أن الزنايدي ليس نكرة فإنه حري  بنا في هذا المقام أن نذكر بإيجاز بسيرته الذاتية حتى نبيّن أن تقديم ترشحه للانتخابات الرئاسية لا يدخل في باب المغامرة السياسية كما هو الحال مع أغلب الذين حلموا بقصر قرطاج فهرولوا لتقديم ملفاتهم لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات  بل هو مبني قرار يستند إلى تجربة سياسية ناضجة  وقد جاء بعد "مشاورات وتفكير عميق" على حد عبارة الزنايدي في التصريح الإعلامي الذي أدلى به بعد أن أودع ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة 

ولد منذر الزنايدي في مدينة تونس في 24 من أكتوبر   سنة 1950، وتعود  أصول والده إلى سبيبة من ولاية القصرين مهد الثورة التونسية  في حين تنتمي والدته إلى عائلة البحري  في تونس من العاصمة. وقد نشأ ونما وترعرع في عائلة عريقة النسب والحسب مالها وفير ..لذلك لا غضاضة أن يتعفف الرجل لما كانت خزائن الدولة بين يديه فلم ينهب ولم يستغل نفوذه على نحو ما فعل أكثر وزراء بن علي لا سيما عبد الرحيم الزواري ..


درس في المدرسة الصادقية ثم التحق بالمدرسة المركزية بباريس التي تخرج منها عام 1973 كما تحصل عام 1976 على شهادة من المدرسة القومية للإدارة في فرنسا. ولا شك في أن مساره الأكاديمي هذا ساعده على أن يكون رجل دولة يترك الأثار الحسنة حيثما حل.

عمل منذ 1976 في القطاع العام فبدأ  مكلفا بمهمة بديوان وزير الاقتصاد الوطني ثم شغل خطة مدير عام مساعد بالديوان القومي للسياحة من 1978 إلى 1981، تولى بعدها إدارة ديوان وزير الاقتصاد الوطني من سنة (1981-1983) فمنصب رئيس مدير عام الديوان التونسي للتجارة (1983 -1987). عين في 27 أكتوبر 1987 ككاتب دولة لدى وزير الاقتصاد الوطني مكلفا بالصناعة  في حكومة زين العابدين بن علي، أواخر عهد بورقيبة.

استمر في منصبه بعد 7 نوفمبر 1987 بضعة أشهر قبل أن ينتخب في صيف 1988 كأمين عام للمنظمة الدولية للحماية المدنية. وفي 1989 انتخب عضوا في مجلس النواب الذي تولى فيه منصب نائب الرئيس بين 1991 و1994. كلف في 30 ماي 1994 بوزراة النقل ثم عين على التوالي وزيرا للتجارة في 13 جوان 1996 ثم وزيرا للسياحة والترفيه والصناعات التقليدية في 24 جانفي 2001 ووزيرا للسياحة والتجارة والصناعات التقليدية في 4 سبتمبر 2002 فوزيرا للتجارة في 22 مارس 2004 ثم وزيرا للتجارة والصناعات التقليدية في 17 أوت 2005. وفي 3 سبتمبر 2007 عين وزيرا للصحة العمومية وبقي في المنصب حتى 14 جانفي 2011 تاريخ حل الحكومة. وهو إلى ذلك تولى رئاسة جمعية الترجي الرياضي التونسي بين 1986 و1987فأحبتهجماهيرها...وبعد الثورة التونسية غادر البلاد للعيش في فرنسا تحسبا لعدالة انتقامية قد تؤدي به إل التهلكة . 

وقل عن منذر  ما تريد ، وعرّف به كما تشاء، نوّه بمحاسنه أو شهّر بمساوئه ولكنك  لا تستطيع مهما كان موقفك منه أن تنزع عنه ثلاث صفات بارزة  : الصفة الأولى ملخصها  أن الزنايدي هو " ابن الشعب "  وهو  رجل على خلق عظيم  فهو  طيب المعشر متواضع لا يمشي في وزارته مختالا فخورا ، ولا يعبس ويتولى إن جاءه الفقير يسعى حتى وإن عجز عن تلبية مراده وقضاء حاجته .. 

أما الصفة الثانية فمدارها على قلة الكلام أو لنسمها " بلاغة الصمت " فهو لا يتكلم كثيرا ولا يحب العمل تحت الأضواء الكاشفة وتجسد ذلك بعد الثورة ففي الوقت الذي حرص فيه أكثر وزراء بن علي على تلميع صورهم عبر وسائل الإعلام في الداخل والخارج لاذ الزنايدي بالصمت ..وتأكد هذا الميل إلى  الاقتصاد في الكلام ساعة تقديم ترشحه للانتخابات الرئاسية فقد اكتفى بعبارة موجزة بليغة " بالإمكان إنقاذ تونس شرط العمل وفهم الدولة والتوازنات العامة في البلاد" ..

والثالثة تتجسد في كونه  سياسيامحنكا ..ترك جميل الأثر وحسن الخبر في كل الوزارات الفنيةالتي فازبحقائبها..فلما كان وزيرا للسياحة احتلت تونس المراتب الأولى في السياحة الإفريقية والعربية وكان قصّاد تونس للترفيه والتنزه من شريحة رفيعة المستوى ..

ولما كان وزيراللتجارة استطاع أن يسيطر على لهيب الأسعار ولم يثقل " قفة " التونسي.. كما استطاع أن يحد من ظاهرة التهريب لذلك ما فتئ موظفو وزارة التجارة يؤكدون أن عهد الوزارة الذهبي قد رحل برحيل الزنايدي وأن الوزارة " بعد السيف علقت منجل " .. ولما كان وزيرا للصحة  أشرفعلى إنجاز مستشفى الحروق البليغة في بن عروس الذي  هو أول مستشفى في إفريقيا. واشرف على انجاز 6 مستشفيات جهوية و109 مستوصف و104 وحدة استشفائية..

ولعل الاكتفاء بسرد هذه الإنجازات  وهي قليل من كثير مما يبرهن  على أن الزنايدي كفاءة سياسية مشهود لها في الداخل والخارج ..وأنه "ابن الشعب" الذي يحظى بقاعدة شعبية واسعة  وأنه رجل الدولة الذي يتميز بعلاقات متينة في الداخل والخارج .. فهل يكون منذر الزنايدي الرئيس الذي تبحث عنه تونس في هذا السباق المحموم نحو قصر قرطاج .؟











Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire