صفقة العار
لم
تندمل بعد الجراح
من الصفقة التي أثارتها
الثورة نيوز في عدد سابق لها والمتعلقة بصفقة شراء 12 حافلة هيكلها مقسوم
على نصفين و التي تكبدتها شركة
النقل بالساحل زمن
المنصف بن سالم حتى
تراءت لنا في
الأفق بعد بحث استقصائي لم نشأ أن
نؤجل نشر نتائجه الأولية
إلى حين اكتماله نهائيا على
اعتبار غرابة الصفقة والتي
اخترنا لها اسم صفقة
العار ...فالمعلوم أن التجاوزات
في قانون الصفقات في تونس الجمهورية الأولى كما الثانية لم تعرف النهاية ولم تتقلص
رغم إدراج الحكومة لموقع الكتروني
للإبلاغ عن الفساد في
المنشآت العمومية ورغم الشعارات
الرنانة التي رفعت
من أجل محاربة الفساد واستئصال جذوره
من الأعماق ورغم إخضاع مجال الصفقات العمومية لمبادئ متعارف عليها دوليا كحرية
الولوج إلى الصفقات العمومية والمساواة بين المتنافسين والشفافية عند اختيار
الشريك الاقتصادي (الفائز بالصفقة) وكذا الانفتاح على المنافسة الخارجية. إذ لم
يشفع الانتقال الديمقراطي في التسريع من وتيرة إخراج مجال حيوي كالصفقات العمومية
من النفق المظلم الذي ظل يعيش فيه على الرغم من الإصلاحات الإيجابية التي سجلها إن
على المستوى القانوني أو المؤسساتي حيث مازالت الصفقات العمومية في تونس
"دجاجة بكمونها" كما يقال بالنسبة إلى البعض ، ودجاجة تبيض ذهبا بالنسبة
إلى البعض الآخر، وكعكة تسيل لعاب
الفاسدين بالنسبة إلى الشق الثالث ...
و في هذا الإطار تبين
للثورة نيوز صفقة جد غريبة بلغ
فيها الفساد أوجه .. وهي صفقة تنضاف
إلى السجل الحافل
للصفقات المشبوهة التي
أقدمت عليها جامعة سوسة و
التي نفضنا عنها الغبار في
عدد سابق من الصحيفة .
تفاصيل الصفقة
وحتى لا نطيل السرد نشير مباشرة إلى أنه تم عن
طريق جامعة سوسة اقتناء حافلة سياحية لفائدة المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة بعد طلب
عروض وطني لسنة 2012 وهو طلب تعرفه جيدا مدرسة المهندسين كما جامعة سوسة ... و يتطلب
أمر اقتناء حافلة لفائدة المؤسسة الجامعية لجوء الجامعة إلى الاقتراض من البنك
الأوروبي للاستثمار فيما تقدمت لطلب العروض 3 شركات وقع إقصاء شركتين قيل إن
المواصفات الفنية التي قدمتاها
غير متطابقة مع المواصفات
الفنية المطلوبة وأرسى العرض على شركة بمبلغ قدره 290ألف دينار ... والحقيقة الأولى التي
كشفت عن طريق العالمين بمجال السيارات و النقل عموما أن العرض جدّا مرتفع و جدّ
مشط حيث تدخلت عديد الأطراف لإقناع لجنة الصفقات بقبول العرض زاعمة جودة العرض
المقدم من طرف الشركة و الرفاهية التي تشملها الحافلة السياحية.. و فعلا كان
الأمر كذلك ...
المفاجعة
الكبرى
ما ان تسلمت
مدرسة المهندسين بسوسة
الحافلة حتى برمجت رحلة الى
تونس العاصمة حيث
انطلقت الحافلة الجديدة من سوسة و إن بلغت منتهى أو
اوشكت على الوصول حتى توقفت دون سابق انذار و تبين للسائق أن
محرّك الحافلة لم يعد يشتغل
رغم أنها لم تسر أكثر
من 100كلم ...و كشفت بعض
المصادر انه تمت إعادة
الحافلة الى مأوى السيارات
بالمدرسة عن طريق الجرّ ليتبين فيما بعد أن عمر
محرّكها انتهى ولم
يعد يصلح كما يقولون
لا للدنيا و لا للدين بل و تبين
حسب بعض الشهادات التي
استقتها الصحيفة أن هيكل الحافلة جديد فيما تآكل المحرك
و أصبح خردة ...
والغريب في الامر
أن الطلبة الذين كانوا
على متن الحافلة قهقهوا
من شدة غرابة الحادثة
على اعتبار أن كثر الهمّ يضحك
وقديما قيل " شر البلية ما يضحك " و لم
تكشف مصادرنا ان كانوا
عادوا الى منازلهم عن طريق
وسائل النقل العمومية أو
عبر حافلة خاصة تم الحاقها بهم
بعد تعطب
الحافلة الجديدة ... والأغرب من هذا كلّه أن الحافلة ظلت
الى يوم الناس هذا
ملقاة بمأوى السيارات للمدرسة
دون تلامسها يد الصيانة على اعتبار أن صفقة شرائها لم
يقع فتح ملفها الى الآن ...
احتجاجات دون جدوى
لم تصمت الإطارات الادارية لمدرسة
المهندسين بسوسة بل ثاروا
محتجين على هذه البضاعة الصينية المهترئة و تعالت اصواتهم
كاشفة بؤر الفساد و التلاعب و ما
حفّ حولها و ابرقت مراسلة اولى فثانية فثالثة
دون أن تجد اجابة واقتنع
الجميع في المدرسة أن العملية مدبرة بليل
ونسجت خيوطها أحد اطراف
الفاعلة في جامعة سوسة و
التي ظلت
رئاسة الجامعة متسترة على
فساده الغاشم الذي
يعلمه الجميع ...
خبير آخر زمن
أمام هذا
الفساد الكبير سخرت جامعة سوسة خبيرا قيل انه
استقدمه كاهية مدير البناءات والتجهيز وذلك لتقديم اختبار
حسب الطلب لا يورط
الفاعلين الاساسيين و الفاسدين
العابثين بالمال العام
الا انه و بحكم اختصاص مدير
المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة في الميكانيك
تفطن بعد أن استغرب من
كيفية صياغة الاختبار و غياب
اي حرفية أو دراية بالمجال المطلوب
(تفطن) أن الخبير لا علاقة له
بالمجال و بمطالبته بوثائق رخص
اعتماده كخبير غادر الاجتماع
دون عودة وأغلق هاتفه الجوّال وغاب تماما
عن الانظار مما جعل العديد يردد
أن الرجل
لا علاقة له بالموضوع و أنه
مجرد ميكانيكي لا وثيقة لديه تثبت أنه خبير ... وأمام
عجز المدرسة عن فك طلاسم
هذه الصفقة المخزية ظلت الحافلة مركونة بمستودع المدرسة و تحوّلت بقدرة قادر و بين عشية و ضحاها
من حافلة سياحية لخدمة الطلب الى وكر للفئران و فضاء آمن لتبني فيه
العصافير اعشاشها ...
يا وزارة التعليم العالي ... نامي نوم الهناء
لسائل أن يسأل اين وزارة
التعليم العالي من هذا كلّه ... و أين اهتمامها
بالطالب الذي نظن
انه محور العملية
التربوية ؟ ثم كيف لمثل
هذا الفساد ان يوكر في جامعة سوسة أن تتخذ
الوزارة عصا الردع و الزجر ؟ ثم ألا تعلم الوزارة أن في مثل
هذه الصفقات أموال نهبت
في وضح النهار وطلبة وقع
التحيل عليهم بل تحيلوا
ايضا على مدرسة عتيدة كمدرسة
المهندسين ؟ من يتستر على الفساد في
وزارة التعليم ؟ و ليعلم وزير التعليم
العالي أن حالة هيجان كبرى
بات تحيط بجامعة سوسة و أن عديد
المتعاملين رفعوا من سقف
الانذار و أن كارثة قد تحل
بالجامعة لا يحمد عقباها ...
فيقوا من
النوم يا مسؤولو التعليم العالي
... و اعيدوا الاعتبار لجامعة سوسة التي ركن الفساد فيها و
بها استقر ..ألا ان تحت
الرماد لهيب مستعر ّ
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire