بيان صادر عن
هيئة الدفاع عن وزير البيئة والتنمية المستديمة السابق الدكتور نذير حمادة
"وكذلك تتخذ المظالم منطقاً عذباً لتخفي سوءة الآراب"
بعد سنتين من الإيقاف محامو الدفاع عن نذير حمادة ينددون باحتجاز منوبهم خارج القانون،
لقد تلقت هيئة الدفاع عن وزير البيئة والتنمية المستديمة السابق
الدكتور نذير حمادة بصدمة واستياء كبيرين قرار دائرة الاتهام الصادر يوم 22 أفريل
2014 والقاضي برفض مطلب الافراج المؤقت المقدم في حق منوبهم، ومرد هذه الصدمة وهذا
الاستياء راجع أساسا إلى ملابسات ومعطيات القضية. و لقد أثرنا لمدة سنتين العمل بصمت بعيدا عن الصخب الاعلامي
إلا أن ما ألت إليه حالة منوبنا القضائية والصحية استوجبت منا بعد عمق تفكير اصدار
هذا البيان الصحفي لكشف جملة من الحقائق ولعرض الانتهاكات التي ارتكبت وترتكب
بحقه. فرغم حرصنا الشديد على عدم الخوض في الأصل احتراما لهيبة
واستقلال القضاء فإننا نعلن للرأي العام ما يلي:
1- مع ايماننا المطلق
المستمد مما بين ايدينا من وثائق ومعطيات واقعية وقانونية ببراءة منوبنا مما هو
منسوب اليه ومن انه كان محل مؤامرة دبرت من عدة اطراف كانوا سابقا ممن يتملقون
الوزير لا بل ان بعضهم لم يكن يفوت فرصة دون ان يعلن شكره وامتنانه للمواقف
النبيلة التي وقفها الوزير معه، فإننا لن نخوض في أصل الملفات فهذا كلام له مكانه
الطبيعي وهو قاعة المحكمة وسيقال في وقته.
2- يستغرب المرء حين يتنقل
في طول البلاد وعرضها من الوضع الذي آلت إليه حال البيئة في بلادنا وهذا التدهور
السريع والمتنامي للوضع البيئي الذي بدأ ينعكس سلبا على الصحة العامة وجمالية بلد
كان يصنف عالميا في مرتبة بيئية متقدمة قياسا لإمكانياته المادية، ويتبادر الى الذهن
سؤال ما الذي تغير بين الأمس واليوم؟ والجواب طبعا واضح ومعلوم وهو الفشل في إدارة
الملف البيئي الذي كان نذير حمادة بحكم تكوينه الاكاديمي (متحصل على شهادة
الدكتوراه في ميدان البيئة) وعمله الميداني، مسيطرا عليه ومتمكنا منه بكل كفاءة
واقتدار، فقلة من المواطنين كانوا يعرفون وزير البيئة بالاسم، ولكنهم جميعا كانوا
يلمسون نتيجة عمله في تنقلاتهم ونزهاتهم ومشربهم ومأكلهم، فلم تكن أكوام القمامة
ولم تكن جحافل الحشرات ولم تكن حيوانات برية متوحشة تجوب وسط المدن، ولم تكن عشرات
الشواطئ غير صالحة للسباحة، ولم تكن الكوارث البيئة خبرا يكاد ان يصير عاديا، ونسي
المواطنون عشرات الامراض التي عادت اليوم لتنغص عيشهم نتيجة هذا الوضع البيئي
المتدهور الذي يبدو ان اليأس من السيطرة عليه أفضى الى إلغاء وزارة البيئة التي لم
يتمكن من زمام أمورها سوى نذير حمادة الذي يقبع في السجن عوض ان يستفاد من خبرته
وكفاءته في هذه الظروف العصيبة، فهل هذا جزاء من أفنى صحته من أجل نظافة وجمال
وطنه؟ أم أن جزاء الاحسان هو الاحسان؟
3- نستغرب اليوم من تلك
الاصوات التي تتعالى لمطالبة الحكومة بمعاضدة المجهود البيئي للبلديات فيما يسأل
منوبنا عن تلك المعاضدة التي كانت وزارة البيئة أثناء توليه مهامه تعطيها مكانة
هامة وتخصص لها كل الاعتمادات المقررة في قانون المالية، فهل يعقل أن تكون مطالب
اليوم جرائما بالأمس؟!.
4- بالرجوع إلى قرار دائرة
الاتهام المذكور فإنه لا بد من التذكير بأن الدائرة تعهدت بالملف بموجب قرار
محكمة التعقيب الصادر يوم 5/3/2014 والقاضي بالنقض مع الإحالة واعتبار نذير حمادة
في حالة سراح وجوبي منذ 10/07/2013 لأن مدة الأربعة عشر شهرا انتهت يوم
09/07/2013 بدخول الغاية وبذلك تكون المدة القصوى للإيقاف التحفظي قد تم تجاوزها
في خرق فاضح للفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية وفي مساس مفضوح بالمصلحة الشرعية
للمتهم وهي أمور تهم النظام العام طبق أحكام الفصل 199 من مجلة الإجراءات
الجزائية. ورغم هذا الوضوح إلا أن نيابة التعقيب لم تقم بدورها القانوني في إصدار
بطاقة سراح وتوجيهها للسجن، ومع هذا فقد كان يفترض بدائرة الاتهام أن تفعل قرار
محكمة التعقيب لتعلقه بنقطة لا اجتهاد فيها، فحرية البشر لا تقبل الاجتهاد، ولكن
كانت صدمة رفض الافراج ليعلن قضاة دائرة الاتهام للمرة الثانية في هذه القضية أن
القانون وقرارات محكمة التعقيب لا تلزمهم !!! وان كان ذلك
فيحق للمواطن البسيط ان يتساءل ماذا تفعل محكمة التعقيب على رأس
الهرم القضائي ان لم تكن لقراراتها قيمة ولو معنوية، ولماذا تسن القوانين وتكتب
الدساتير ان لم تكن تسوى حتى قيمة الورق الذي خطت عليه؟؟؟ ألا ينص دستور الثورة في
عدة فصول منه على ان القضاء هو الضامن للحقوق والحريات؟ ألم يقع التنصيص على حق كل
إنسان بمحاكمة عادلة في أجل معقول؟ وان مدة الإيقاف يضبطها القانون؟ فهل من نص
يسمح بالإيقاف من أجل الإيقاف وإلى ما لانهاية؟ وإن كان الإيقاف التحفظي لا نهاية
له فلماذا المحاكمة إذن ولماذا قرينة البراءة، ولنوفر الجهد ونكتفي بإيقاف الناس
إلى أن نجد لهم تهمة مناسبة وجريمة تليق بمدة إيقافهم.
5-
لقد تم إيقاف منوبنا
لأول مرة يوم 17 ماي 2012 في قضية تتعلق
وقائعها بما سمي تجاوزات في التصرف بوزارة البيئة والمؤسسات التابعة لها (على
الرغم من استقلاليتها و وجود مسؤولين و
مجالس إدارة تتصرف فيها، ورغم تعمد الخبراء تجاهل قوانين المحاسبة العمومية وقوانين
المالية التي تبرر كل التدخلات التي اعتبرت تجاوزات). ثم تفاجأنا يوم 25/12/2012 بإصدار دائرة الاتهام
لبطاقة إيداع ثانية تتعلق بما سمي تجاوزات في
التصرف بوزارة البيئة والمؤسسات التابعة لها (رغم ان قرار فتح البحث في هذه القضية تعلق بصناديق
المشاركة عدد 3 و5 التابعين لرئاسة الجمهورية إلا انه وفي خرق فاضح للقانون وقع
تجاوز مقتضيات قرار فتح البحث والتوسع به ليشمل نفس
موضوع القضية الأولى)، وتلتها
بطاقة ثالثة صادرة عن أحد قضاة التحقيق بالقطب القضائي يوم 13/5/2013 تتعلق
بالوكالة الوطنية للتصرف بالنفايات، بناء على اتهامات مجردة عن أي دليل ساقها
الفاعل الأصلي الذي لم يقع إيقافه رغم اعترافه إلا بعد خمسة أشهر. أي أن منوبنا كان
موقوفا بموجب 3 بطاقات ايداع من أجل نفس الوقائع، وبعد الحصول على افراج في قضيتين
بقيت بطاقة الايداع في القضية التي أوقف بسببها منذ 17/5/2012، والتي صدر فيها القرار
التعقيبي سالف الذكر، وهنا يحق لنا التساؤل هل يمكن ايقاف الشخص عن ذات الفعل ثلاث
مرات؟ ان الجواب سيكون حتما بالنفي طالما انه لا تجوز محاكمة شخص من أجل نفس الفعل
مرتين، فلماذا يقع ايقاف نذير حمادة ثلاث مرات من أجل نفس الوقائع ؟
6- يفترض المنطق
القانوني السليم ان يكون الإيقاف ناتجا عن توفر أحد أمرين وهما: حالة التلبس، أو
القرائن القوية، ولكن في حالة منوبنا فالإيقاف كان دائما سابقا لتوفر الأدلة، إذ
يتخذ قاضي التحقيق قرار الإيقاف ثم يجمد الملف لعدة أشهر وعند اقتراب موعد التمديد
يبدأ سماع الشهود وتعيين الخبراء، ومن المعلوم ان هذا الأسلوب سيؤدي غالبا الى
نتيجة بديهية وهي التركيز على ادله الإدانة كي يظهر قرار الإيقاف وجيها ومبررا.
فهل يعقل ان يصير البحث موظفا لتبرير الإيقاف لا لإظهار الحقيقة؟؟؟ وكيف نتوقع ممن
اتخذ قرار إيقاف مجرد عن اي دليل إدانة ان يسعى لاحقا للبحث عن ادلة البراءة وأدلة
الإدانة ثم يوازن بينهما ليتخذ قراراه النهائي في القضية؟؟؟
7- لقد حدد المشرع مدة الإيقاف في الجنايات
مبدئيا بستة أشهر قابلة للتمديد لأربعة أشهر أولى ثم لأربعة أشهر
ثانية ليكون المجموع الأقصى 14 شهرا، وهذه الآجال تحسب وفقا للأحكام الواردة
بالفصول 140 و141 و142 و143 من م ا ع إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك". وحيث
أن الشهر يحسب بـ30 يوما أيضا حسب الفصول 14 م ج و40 من القانون عدد 52 لسنة 2001
مؤرخ في 14 ماي2001
المتعلق بنظام السجون. ويفترض قانونا عند قرب
نهاية المدة الأولية للإيقاف أن يتم التمديد قبل انتهاء تلك المدة. ومما لا جدال
فيه أن أي قرار يتخذ بعد نهاية الأجل القانون يسمى قرار تجديد لا تمديد إذ
يفترض في قرار التمديد أن يتخذ أثناء سريان مفعول القرار الأصلي. فبمجرد
انتهاء مفعول القرار الأصلي لانتهاء مدته القانونية فإن ما يليه من قرارات تندرج
في إطار التجديد. وبالرجوع الى الفصل 85 م ا ج يلاحظ وان المشرع نص
صراحة على "تمديد فترة الإيقاف" ولم يتطرق أبدا إلى تجديدها،
وقد نص الفصل صراحة على أن مدة الإيقاف "لا يجوز أن تتجاوز"
ومفاد هذه العبارة أن أي تمديد مفترض في مدة الإيقاف يجب أن يحصل قبل نهايتها
لا بعد انتهائها فالتمديد جائز لكن التجديد ممنوع، ويعتبر كل موقوف
بموجب قرار صادر بعد الآجال شخصا محتجزا خارج القانون. ومن الغريب ان إجراء
التجديد اعتمد في حق منوبنا مرتين في قضية واحدة ثم اعتمد مرة ثالثة في قضية أخرى،
فهل هو تجاهل للآجال أم تجاهل للحقوق؟
8- في صدفة، والصدفة لا تتكرر مرتين يتم عرض
ملف القضية الخاصة بمنوبنا على أنظار دائرة الاتهام مرتين في جلستين استثنائيتين
تعقدان على عجل خارج الموعد الاعتيادي الأسبوعي للدائرة المتعهدة، وهذا يترتب عنه
طبعا عجزنا عن تقديم مستندات الاستئناف. وهنا نتساءل لماذا خرق القانون وهضم حقوق
الدفاع طالما ان هذه الدوائر تعتبر ان قرائن الإدانة متوفر ووجيهة؟؟
9- رغم كم القضايا المتراكمة بالنسبة لذات
الوقائع، فإننا نتفاجأ كل مرة بقرار تفكيك يزيد المجزئ تجزئة والمشتت تشتيتا، وعلى
الرغم من عدم وجاهة وعدم قانونية قرارات التفكيك اعتمادا على ما ذهبت إليه محكمة
التعقيب في قرارها عدد 777 الصادر في 12/6/2013 والذي جاء فيه:" ان التفكيك
كما نص عليه الفصل (104 مكرر من م/ ا /ج) هو آلية إجرائية استثنائية لمبدا وحدة
الإجراءات المنصوص عليه بالفصلين 55 و131 من م /ا/ ج ويفهم من ذلك ان المبدا هو
وحدة الإجراءات... وإن ضمان عدم حصول احكام متضاربة يفرض محاكمة الفاعل الأصلي
والشريك في نفس القضية وقرار التفكيك الذي اتخذه السيد المحقق فيه مساس بمصلحة
المتهم الشرعية وهضم لحقوق الدفاع بالنسبة للشريك الذي تقتضي مصلحته مناقشة الفعل
الأصلي ومدى توفر أركانه القانونية وهل انه يشكل جريمة في حد ذاته من عدمه باعتبار
أن إدانته تتوقف على وجود فعل اصلي مجرم إلا انه يحرم من القيام بذلك في صورة
تفكيك الملف وبالتالي فان القرار بالتفكيك اهمل الأخذ بالاعتبارات المبينة أعلاه
وكان ضعيف التعليل ماسا بمصلحة المتهم الشرعية وهاضما لحقوق الدفاع مستوجبا للنقض
من هذه الناحية كذلك." فالتفكيك هو إجراء استثنائي مقيد فلماذا صار
قارا عاديا روتينيا في حق منوبنا؟؟؟ رغم ان كل القضايا تتعلق بالتصرف في وزارة
البيئة وهي ليست ملفات فردية انجزها الوزير بمفرده وإنما هي جهد جماعي لهياكل
الوزارة وبالتالي فإنها على اقصى تقدير تعتبر إن ثبت ذلك أخطاء تصرف لا أخطاء
تستوجب التتبع الجزائي فهي ليست أخطاء شخصية.
10-
ان
الحالة الصحية لمنوبنا في تدهور سريع وخطير إذ أنه يعاني أمراضا مزمنة وخطيرة
تحتاج رعاية خاصة فسنه ونوعية أمراضه
تتجاوز امكانيات مستوصف السجن. وطبقا لشهادات أطبائه، حالته الصحية تعرف تدهورا
حتميا و تطورا نحو ما لا يحمد
عقباه، وقد باتت عائلته تستشعر خطرا حقيقيا يهدد حياته.
إن كل ما سبق هو عينة مما تفيض به ملفات منوبنا من
خروقات شكلية وأصلية حرمته من حقه في محاكمة عادلة، فهو الموقوف الوحيد في قضايا
وزارة البيئة، وهو حاليا الوزير الوحيد الباقي رهن الإيقاف على ذمة التحقيق، فهل
كانت وزارة البيئة أداة قمع وتسلط؟ أم انها كانت أداة تنظيف وحماية للبيئة؟ هل كانت
وزارة البيئة وزارة سيادة؟ أم كانت وزارة تقنية خدمية تنفع و لا تضر؟ وهل يعقل ان
ينحصر الفساد المزعوم في شخص وزير واحد كان يشرف على وزارة تتصرف بأقل من 2%
من ميزانية الدولة؟
إن الوضع البيئي الحالي للبلاد هو خير جواب وأكبر دليل
على مظلمة تطال رجلا كان يعمل لسنوات طوال، ليلا نهارا، بصدق وصمت حتى ينعم الجميع
ببيئة سليمة.
في الختام نقول، إننا كهيئة دفاع يقيننا قطعي بأن الحق والقانون في صف
منوبنا، ولازلنا نحتفظ بثقتنا في حياد وموضوعية أغلبية القضاة الأفاضل، وإن ما
يصبر منوبنا على الحال التي هو فيها سوى قوله تعالى: "يريدون أن يطفئوا
نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره" صدق الله العظيم.
الإمضاء
هيئة الدفاع
الأستاذ كريم جوايحيّة الأستاذ
البحري بحريني الأستاذ محمود داوود يعقوب
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire