يعد الاتحاد الوطني للمكفوفين من أعرق المنظمات التونسية ذات الأبعاد
الاجتماعية وقد كونت بالأساس بهدف العناية بالمكفوفين والنهوض بوضعياتهم المادية
والاجتماعية والنفسية إلا أنها للأسف كغيرها من المنظمات لم تستثن من فساد بن علي
وزبانيته وكانت مثلها مثل كل المنظمات والجمعيات الأخرى تدور حول فلك التجمع
المقبور وتستعمل بغية تحقيق أهداف دنيئة من بينها تلميع صورة النظام الفاسد لذلك و
بعد الثورة مباشرة سعت أغلب هياكل المنظمة المذكورة لتجديد نفسها على مستوى
الهيئات المشرفة على تسييرها بحيث تتماشى مع متطلبات ومطالب ثورة الحرية والكرامة
فتكون بذلك أكثر نجاعة للقيام بدورها كما يجب لكن للأسف تجري الرياح بما لا تشتهي
السفن اذ الهيئة الجديدة التي كونت من أجل إصلاح الوضع والتقدم به نحو الأفضل زادت
الأمور تعقيدا وكثر على يدها سوء التصرف والإفساد بحيث تكاد تقود المنظمة إلى
الهاوية أمام سكوت مستراب من قبل سلطة الإشراف ...
مؤتمر استثنائي يفرز هيئة فاسدة
نشبت صلب الاتحاد الوطني للمكفوفين هيئة انتقالية أدت إلى نجاح مؤتمر
استثنائي أنجز في شهر جوان 2011 بمدينة الحمامات مع التقيد بوثيقة إعداد المؤتمر
التي حظيت بالقبول من قبل الجهات القضائية والتي تنص في بعض بنودها على عدم الجمع
بين العضوية في الهيئة الجهوية والوطنية في نفس الوقت وأن تكون المراكز القيمة
للمكتب التنفيذي للهيئة الوطنية لذوي الكفاءات كما أفرز هذا المؤتمر الاستثنائي
هيئة مكونة من 20 كفيفا و10 مبصرين يترأسها عطية بن سعيد والذي يؤكد كل المكفوفين بأنه
لا صلة له بالعمل الجمعياتي والاجتماعي مما دفع ببقية هذه الهيئة في أوائل ديسمبر
2011 إلى سحب الثقة منه بسبب سوء تصرفه وفساده المالي والإداري...
مكتب تنفيذي غير شرعي
برغم القيام بسحب الثقة منه قام الرئيس الجديد عطية بن سعيد الذي لم يكن
عند حسن ظن غالبية المنظورين لانعدام كفاءته وسوء تصرفه المالي والإداري وبالتحديد
في 10 ديسمبر 2011 بمعية بعض الأعضاء إلى حل المكتب التنفيذي وتشكيل مكتب جديد
خلافا لما ينص عليه القانون الأساسي والنظام الداخلي للمنظمة وتنصيب كاتب عام لا
يتجاوز مستواه التعليمي المرحلة الإعدادية فلم يتبق من الهيئة الشرعية سوى 8
مكفوفين و3 مبصرين بعد أن تم اعتماد سياسة الترميم... الهيئة المشرفة والمرممة تآكلت
إذن بحيث عجزت عن الحفاظ على مكتسبات المنظمة وفشلت فشلا ذريعا في تسيير شؤون
المنظورين والحفاظ على كرامتهم بالإضافة إلى أن جل الاتحادات الجهوية معطلة نتيجة
عجز بقية هذه الهيئة على انجاز مؤتمرات جهوية شفافة وديمقراطية بل عمدت إلى تنصيب
موالين لها مما انجر عنه فساد مالي وإداري وتعطيل كامل مصالح المنظورين وهذا راجع
لعدم الكفاءة.
إفراغ الاتحاد من كفاءاته
حيث عمد المكتب التنفيذي فاقد الكفاءة والمرمم و غير القانوني الذي لم ُيكوّن
على أساس النظام الداخلي للاتحاد وبالتالي ليس له اي شرعية إلى إفراغ المنظمة من
كوادرها وأصحاب الخبرات مثل منصف حمزة رئيس مطبعة الاتحاد و لمجد الحامدي خبير الإعلامية
الموجهة للكفيف وليقوموا بانتداب أشخاص لا يعرفون عالم الكفيف علما وان الكوادر التي
وقع عزلها كانت موضوعة على الذمة ورواتبها مسندة من بعض الوزارات وقد عجزت بقية الهيئة
المفروضة وفق الأمر الواقع عن تشغيل ولو شخص واحد فقط من أصحاب الشهائد العليا الذين يعدون
بالمئات بل كرست سياسة التشغيل الهش إلى جانب اعتماد سياسة الولاءات فكل من خالفها
الرأي تقوم بتعليق عضويته...
القضاء على الدور الاجتماعي للمنظمة
ان المعروف عن الاتحاد الوطني للمكفوفين انه منظمة لا سياسية ولا نقابية بل
اجتماعية بالأساس إلا أن هذه الهيئة خالفت الأعراف وأصدرت قرارا بتاريخ 02 افريل
2012 بإلغاء جميع المساعدات الاجتماعية مما دفع بالمنظورين إلى التحرك والاحتجاج
على هذه الممارسات التعسفية ففي الوقت الذي يعاني فيه المنظورون الأمرين تجتمع
بقية هذه الهيئة في افخر النزل اجتماعا وندوة افتراضية بأحد نزل بالمنستير بكلفة
6500 دينار بالإضافة إلى اجتماع لمدة يومين بنزل أفريكا بتعلة إعداد مشروع أساسي ...هذا
إلى جانب إقامة كل من الرئيس وأمين المال بمدينة بنزرت وهو ما يترتب عنه تعطيل
مصالح المنظورين وإحداث فراغ إداري واستغلال مفرط للسيارات الإدارية ...
فساد مالي وإداري رهيب
حيث لم تحترم الهيئة المرممة والمتآكلة وغير الشرعية المرسوم المنظم لقانون
الجمعيات لسنة 2011 وخالفت جل فصوله فلم تقم بنشر ولو تقرير مالي لمدة سنتين ...
تقرير مراقب الحسابات فوزي الغربي طرشونة الصادر بتاريخ 27 أوت 2013 الذي
تمت عبره مراقبة إجراءات نظام العمل الداخلي لسنة 2012 اثبت سوء التصرف الإداري
الرهيب الذي يعاني منه الاتحاد تحت إشراف الهيئة المذكورة وبرئاسة عطية حيث لم
تعتمد على تدوين إجراءات العمل الداخلية في صلب دليل كتابي لإجراءات العمل يتم
وفقه توزيع المهمات بطريقة تضمن العمل الشفاف والمراقبة الآلية والناجعة وأما
بخصوص الرقابة الداخلية فتعتبر ضعيفة وحتى منعدمة على غرار استعمال وسائل النقل
واستهلاك الوقود والمخزون الخاص بتموين مركز التأهيل والتكوين بسيدي ثابت وعملية
تسلم المواد الأولية ولعل ابرز الشبهات
المالية هو تخلي رئيس بقية الهيئة عن بعض صلاحياته للرئيس المنصب بالاتحاد الجهوي
للمكفوفين ببن عروس مما سمح له بالاستيلاء على أموال المنظمة الجهوية كذلك الحال
بالنسبة لاتحاد قبلي ونابل والمهدية وقابس ...وقد بين تقرير مراقب الحسابات انه لا
توجد طريقة تسيير واضحة لوحدات الإنتاج الخاصة بالاتحاد والتي توجد فيها الكثير من
الاخلالات أهمها غياب الرقابة على استعمال المعدات وغياب عملية الصيانة وغياب
تقارير شهرية ودورية خاصة بمردودية الوحدات المذكورة وهو ما يؤدي إلى خسائر فادحة على
غرار الخسائر المسجلة في وحدة الإنتاج الفلاحي التي تشكو من عروض شراء غير صحيحة
على مستوى التزود مع غياب معاهدات مع المزودين .
أما بالنسبة إلى وضعية الاتحادات الجهوية فحدث ولا حرج حيث لا تتوفر فيها
الوثائق المحاسبية المتعلقة بنشاطهم بالإدارة المركزية وفي المجمل فان الهيئة
المشرفة على الاتحاد وعلى رأسها عطية اعتمدت على مخطط محاسبي وترقيم الحسابات
يتعارض مع النظام المحاسبي الجاري به العمل مع غياب تسجيل اغلب الأصول الثابتة
المادية وغير المادية الخاصة بالاتحاد والاتحادات الجهوية ضمن الدفاتر المحاسبية بالإضافة
إلى خلاص أجور ومنح غير مستحقة مع عدم صحة الأعباء الخاصة بالموظفين والعملة
المسجلة بالدفاتر المحاسبية ...الغريب في الأمر هنا انه رغم كل هذه التجاوزات
الجوهرية التي تنم عن فساد مالي وإداري بلا حدود صلب الاتحاد نجد أن مراقب
الحسابات المذكور قد صادق على البيانات المالية وهو ما يتعارض مع القانون في حد
ذاته الذي يفرض عليه عدم المصادقة وإعلام وكيل الجمهورية المختص ليقوم بواجبه
بدوره ويفتح بحثا في هذا الكم الهائل من الفساد الذي أدى إلى إفلاس الاتحاد الوطني
للمكفوفين وما يثير الدهشة أيضا أن الدولة إلى حد الآن بقيت صامتة أمام هذا الخور
ولم تحرك ساكنا رغم أنها الممول للاتحاد بنسبة 99% تقريبا بمبلغ مليار سنويا فأين
أجهزتها الرقابية مادامت المنظمة تابعة لها بصفة تكاد تكون مطلقة على المستوى
المالي ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire