هوّن عليك يا ولدي...هوّن عليك يا محمّد...أنت ابن تونس قبل أن تكون
ابني...أنت ابن تونس وإن جارت عليّ وعليك...
أنا والدك صاحب "الثورة نيوز" أعلمك أنّك تتحمل اليوم وِزر اختياري
هل تعلم وِزري يا محمّد؟
وزري أني اخترت مواجهة الفساد وفضحه , فكان قدرك أن يسجنوك لما اقترفتُ من
ذنب
ونعم الذنب ذنبي فأنا من أسست الصحيفة للذود عن الوطن من أخطبوط
الفاسدين...
فلا تبك يا محمد إن زرتك في سجنك. لا تبك فرجال تونس لا يبكون ...رجال تونس
"كالأشجار تموت وقوفا"
قف يا ولدي وادعني إلى أن اصبر , إلى أن أصابر وأن أقاوم وأن أسير على درب
من يحبون البلاد. تحمل آلام السجن وقف لأدوس على ضعف أب يقايضون عواطف الأبوة لديه
بالتنازل عن خياراته الوطنية...
أي محمد أذكّرك بأطوار القضية الكيدية التي لفّقوها لك وأعلمك بإمعانهم في
التلفيق والتلاعب بالقانون ...لكن لاتجزع ياولدي فنحن على حق...ومن كان على حق لا
يهاب الظالمين
أي محمد أوقفوك يوم التاسع والعشرين من جانفي وادعوا أنك في حالة سكر
والحال أنهم عجزوا عن إثبات ذلك بالتحليل فأخفوا الوثيقة وقدّموا محلّها ستّ علب
جعة
ثم ادعوا أنك كنت تقود دراجة نارية ثقيلة والحال أنهم لم يحجزوا أيّ دراجة
استقدموا من الشهود مخبولا واثنين من المسطولين مدمني الخدرات ونهضويا أجّر
والده محلاّ مما يملك لحركة النهضة أو لعله وهبها إياه
عرضوا شهادتين طبيتين للأمنيين اللذين ادعيا اعتداءك عليهما وكانت إحداهما
غير مختومة من طرف الطبيب
صاغوا محضر احتفاظ باطلا إذ لم يعلموا أحدا من أفراد عائلتك وزادوا أن
تعمدوا تسجيل المحضر بتوقيت الثانية فجرا ليطيلوا مدة إيقافك يوما
أوقفوك يا ولدي واحتفظوا بك على خلاف منطوق الفصل السادس والعشرين من مجلة
الاجراءات الجزائية
أي بني هل تعلم أن الدائرة الجناحية بمحكمة المنستير تجلس مرة واحدة
أسبوعيا والأربعاء موعد جلوسها وأنهم عينوا جلستك بتاريخ 12 فيفري في قفز متعمد
على جلسة الخامس من نفس الشهر ؟
هل تعلم لِمَ فعلوا ذلك؟
لقد وجدت الجواب في تقرير الطبيب الشرعي الذي لم يعرضوك عليه إلا بعد 10
أيام من تاريخ إيقافك أي في السابع من شهر فيفري ساعين إلى إخفاء آثار جريمتهم في
تعذيبك
لكنهم –يا ولدي- "يكيدون كيدا والله يكيد كيدا"
لقد جاء في تقرير الطبيب أنك يا ولدي المعتقل تحمل آثار تعذيب رغب تقادم
العهد...
أي محمد كنت أخشى أنك قد تجاوزت القانون وكنت سأُعرض عن الدفاع عنك إن أنت
فعلت لكن ها قد ثبت لي بطلان محاضرهم وزيف دعاواهم وتعمدهم استنطاقك تحت التعذيب
ولما أدركت ما أدركت أيقنت أن ليس وراء الكيد لك وسجنك إلا تلك الأطراف
النهضوية المتحالفة مع الإرهابيين والمهربين الذين فضحت شرورهم وكشفت خطاياهم
فانتقموا مني فيك محاولين تركيعي و كتم صوتي
وها إن هيئة المحكمة التي أجلت جلستك في مرة أولى إلى يوم 19 فيفري تعيد
تأجيل النظر للتصريح والمفاوضة مرة ثانية إلى يوم 26 فيفري وهو ما يعني أن الدائرة
الجناحية بالمنستير قد غابت عنها الشجاعة لتصدر قرارا عادلا ببراءتك وبطلان
الإجراءات أو لعلّ التعليمات منعتها من ذلك
أهو التاريخ "يعيد نفسه في شكل مهزلة"؟ فأنا أذكر الآن أني كنت
شاهدا قبل الثورة على قضية شبيهة بقضيتك وتصرفت ذات الدائرة على نفس المنوال وحكمت
على الشاب البريء المقهور سنة سجنا
لكن أعلمك يا محمد أني رغم الوجع وما أعانيه من مرارة الضيم عاهدت نفسي أن
أغالب جراحي وأن أصرخ في وجه المسيء وألا أخشاه وأن أشكر المحسن لذلك فكما صرخت في
وجه ظالميك سأشكر رجالا آمنوا بالقضايا العادلة فوهبوها من جهدهم ووقتهم
أشكر هيئة الدفاع التي تطوعت للدفاع عنك وتجشمت عناء السفر , الهيئة
المتكونة من الأساتذة جلال الهمامي وعبد الناصر العويني وهشام بن خليفة ونبيل
الوسلاتي
كما أشكر النيابة العمومية لرحابة صدرها ولإحالتها شكاوانا المهملة منذ
سنتين على أحد مكاتب التحقيق...
محمد الحاج منصور الاب
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire