lundi 24 février 2014

حكاية فساد تأبى النسيان: كيف غنمت الأيادي الفاسدة مقطع حجارة بالمهدية




لا مناص من احترام القانون و تفعيل الزاميته من قبل السلطة السياسية حتى يعم الاستقرار وتتمكن الدولة من الحفاظ على الأموال العمومية... للأسف هذا المبدأ لم يكن مطبقا على ارض الواقع منذ الزمن البورقيبي مرورا بعهد المخلوع وصولا إلى هذا الزمن المقيت زمن حكومات ما بعد الثورة حيث كانت ولا تزال الإدارة المشرفة على قطاع العقارات الدولية  وعلى رأسها وزارة أملاك الدولة تتعامل مع تلك الأملاك بعقلية رزق البيليك فكانت موضوع استيلاءات عبر التحيل والتلاعب والمحسوبية والتواطؤ منذ الاستقلال إلى يوم الناس هذا ...وضعية ساهم فيها بامتياز ضعف الأجهزة الرقابية للدولة وتغلغل الفساد في الإدارات والسلط الجهوية والمحلية بالإضافة إلى حالة مزرية من مخلفات ما قبل الاستقلال متعلقة بالاحباس أو الأوقاف وأملاك الأجانب ...
الثورة نيوز ومنذ أن بعثت سلطت الضوء على عشرات الملفات المتعلقة بعديد القضايا الحساسة المرتبطة بالاستيلاءات على الاحباس وأملاك الدولة العامة والخاصة ونبشت فيها بحيث توصلت إلى خروقات وتجاوزات ما انزل الله بها من سلطان أدت إلى نهب عقارات الدولة بطرق ملتوية أبطالها مسؤولون متواطئون ومواطنون لا يمتون للمواطنة بصلة ديدنهم كلهم المصلحة الشخصية وهدفهم التربح واكل اموال المجموعة الوطنية بالباطل والزور وما سنتعرض اليه خلال هذا المقال ما هو إلا صورة واضحة عن كل ما تقدم تتمثل في الاستيلاء على مقطع حجارة بجهة المهدية والمعروف بجبل كواش بن سالم ...هذه القضية تعود الى السبعينات وتثبت مدى الخور الذي كان قاسما مشتركا بين إدارة الملكية العقارية والمحاكم التونسية التي أسندت عقارا على ملك الدولة إلى حارس على العقار ذاته كان يعمل لدى جمعية الأوقاف بالمهدية بطريقة لا يقبلها منطق ولا قانون ...


العقار موضوع الاستيلاء

العقار هو قطعة ارض بمنطقة جبلية بالمهدية تسمى اكواش دار بن سالم وتمسح قرابة 2500 متر مربع ويقع استغلالها منذ ما قبل الاستقلال كمقطع للحجارة الآن على ملك ورثة المدعو الصغير بن علي كراطو احد الحراس المكلفين من طرف جمعية الأوقاف بالمهدية لحراسة العقار المذكور إذ بقدرة قادر بات هؤلاء الورثة مالكين له بعد أن تدخلت أياد خفية ومتنفذة بإدارة الملكية العقارية والجهاز القضائي للضغط على احد الممثلين للمكلف العام بنزاعات الدولة حتى يتخلى عن المطالبة باسترجاع حق هذه الأخيرة ...


القضاء يحول الحارس الى مالك

تعود الحكاية إلى سنة 1975 وبالتحديد يوم 08 فيفري من نفس السنة حينما قدم الصغير بن علي كراطو عريضة إلى المحكمة الابتدائية بالمهدية رسمت تحت عدد 2219 يطالب فيها لاستحقاق قطعة الأرض المذكورة في الفقرة المتقدمة ضد المدعو محمد بن سالم الحفصي ويطالب هذا الأخير بالخروج من الأرض التي كان بانيا على جزء منها بيتا ويستغل البقية كمقطع للحجارة لكن هذا الأخير عارض بان العقار هو على ملك الدولة تسوغه من الولاية قصد استغلاله منذ سنة 1957 وهو حائز ومتصرف فيه منذ ذلك التاريخ وهو يتمثل في جبل تابع لأملاك الدولة الخاصة اخذ رخصة استثمارية في استغلاله بتاريخ 31 جويلية 1974 ...والغريب في الأمر هنا أن المحكمة حكمت بتاريخ 20 جوان 1977  لفائدة ورثة الصغير كراطو الذي توفي أثناء سير القضية فحلوا محله وذلك بالاستناد فقط على شهادات بعض الأشخاص رغم تداخل كل من ديوان الأراضي الدولية والمكلف العام بنزاعات الدولة وعارضوا بأدلة دامغة على ملكية الدولة للعقار باعتبار انه راجع لحبس عزيزة عثمانة  وان الصغير بن علي كراطو كان مجرد حارس له عين من طرف جمعية الأوقاف بالمهدية للقيام بمهمة الحراسة فقط مقابل اجر فيما انه كان فعلا مستغلا على أساس الرخص المذكورة من طرف الحفصي ...
استأنف الحكم الابتدائي الجائر من طرف محمد بن سالم الحفصي ومن طرف المكلف العام بنزاعات الدولة وسجلت القضية تحت عدد 5645 بمحكمة الاستئناف بسوسة التي قامت بتاريخ 2 فيفري 1978 بتأييد الحكم الابتدائي القائم على المغالطات بمغالطات أخرى لا حصر لها تمثلت في استعمال الفصل 45 من مجلة الحقوق العينية المتعلق بتقادم المكسب بمضي 15 سنة والذي لا يمكن أن ينطبق البتة فيما يتعلق بملك الدولة العام او الخاص وحسب شخص يعتبر شاهدا في هذا الملف بل وطرفا فاعلا فيه انه خلال الطور القضائي تدخلت عديد الأيادي الخفية المتنفذة في إدارة أملاك الدولة وفي القضاء ذاته لتمكين ورثة الحارس من ملكية مقطع الحجارة دون وجه حق وقد تعرض في عملية الاستيلاء هذه على ملك الدولة إلا انه جوبه بالتنكيل من طرف الدولة ذاتها وكاد يخسر حياته بعد أن كاد يخسر عمله ...


جزاء سنمار  

هذا الجزاء كان من نصيب احد موظفي الدولة النزهاء المدعو حامد براهم الذي دفع ثمن دفاعه عن استرجاع الدولة لملكها المتمثل في مقطع الحجارة الراجع حسب وثائق وحجج دامغة لحبس عزيزة عثمانة الذي حل ورجعت جميع العقارات التابعة له للدولة بموجب القانون ...احمد براهم الذي كان يشغل في خطة رئيس مركز إدارة أملاك الدولة ونائبا عن المكلف العام بنزاعات الدولة بسوسة كانت نيته طيبة قلبا وقالبا واتجه مباشرة وبكل شجاعة للدفاع عن الحق المشروع للمجموعة الوطنية إلا انه للأسف فوجئ بمدى سطوة وجبروت أطراف فاسدة متنفذة تعمل في إدارة الملكية العقارية وإدارة أملاك الدولة حينها لها خيوط مع القضاء الفاسد حيث اجتمع كل هؤلاء من اجل القضاء عليه بعد أن حاول كشف أمرهم بان بعث رسالة إلى رئيس الجمهورية حينها حيث تفطنوا لهذه الرسالة قبل ان تصل الى هذا الاخير وقلبوا كل شيء ضده والبسوه تهمة كادت تؤدي به الى حبل المشنقة لولا ألطاف الله...
الرجل الشجاع حامد براهم كانت بحوزته وثائق رسمية تثبت أن مقطع الحجارة تابع لملك الدولة ومن مخلفات الاحباس هذه الوثائق يعود تاريخها إلى سنة 1949 حيث كانت جمعية الأوقاف تسوغه للمواطنين بالجهة بعقود رسمية مسجلة بقباضة المهدية بنفس التاريخ المذكور آنفا وقد ذكرها في اعتراضه على مطلب الترسيم عدد 62025 المقدم بتاريخ 11 جوان 1976 من طرف الصغير كراطو للمحكمة العقارية لكن لما وصل لأسماع المدعو محمد بن دالي الذي كان مديرا بإدارة أملاك الدولة والذي تربطه قرابة عائلية بالصغير كراطو وبالموظف السامي بإدارة نزاعات الدولة محمد زفزوف والذي تدخل لمغالطة المكلف العام لنزاعات الدولة الذي قدم تصريحا بدوره للمحكمة العقارية يبين فيه أن العقار ليس من أملاك الدولة وفي أثناء سير القضايا المذكورة قام تحالف الإجرام في إدارة نزاعات الدولة بتقديم قضية ضد الموظف النزيه براهم بقصد التخلص منه وإزاحته من منصبه حتى يتمكن ورثة كراطو من إصدار حكم لفائدتهم وليتملكوا العقار زورا وبهتانا ...



والجدير بالذكر أن حامد براهم لم تخمد إلى الآن نار الظلم والقهر داخله وحاول عديد المرات كشف هذه الحقيقة للحاكمين بأمرهم في بلاد ما بعد الثورة وأخرها عبر رسالة بتاريخ 20 افريل 2012 مبعوثة إلى كل من رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي ووزير أملاك الدولة والشؤون العقارية بن حميدان يطلب فيها الإذن بفتح تحقيق جدي في هذا الملف قصد استرجاع ملك الدولة المستولى عليه بسبب القضاء الفاسد في عهد بورقيبة وبن علي ويبدو أن هذه الرسالة قد ألقيت في سلة المهملات كغيرها من آلاف الشكاوي والعرائض التي ترسل يوميا إلى مثل هؤلاء المسؤولين الذين همهم الوحيد هو الحفاظ على الكرسي لا غير ...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire