لا يخفي على متابع لحال المنظومة
الإستشفائية في تونس أنها منظومة مهترئة عرفت في عهد المخلوع فسادا غير قليل ساهم بصورة أو بأخرى في تردي الخدمات الصحية ، ومع
ذلك بقيت تونس من الدول العربية القليلة التي يشهد لها بكفاءة إطارها الطبي
وشبه الطبي ، وهو إطار كثيرا ما عاني تبعات بعض الاخطاء الطبية البتي كثيرا لا
يتحمل وزرها وذلك بسبب نقص في المعدات
الطبية القادرة على تشخيص الأمراض تشخيصا دقيقا لا سيما في المناطق الداخلية وهو الأمر الذي
دفع أطباء تونس إلى رفض قانون العمل الإجباري الذي تقدم به الوزير المستقيل عبد
اللطيف المكي . لذلك فحين نعرض للفساد في المستشفيات
فليس المقصود التجديف ضد تيار الأطباء الذين يطالبون بإصلاح المنظومة الطبية بل
نريد كشف مسؤولية كل طرف في ما يحصل داخل مستشفياتنا من فساد ،
كما نريد أن ننتصر
لبعض العائلات التي فجعت في موت عزيز عليها كما هو الحال في مأساة خالد ابن المرحومة السيدة حمدي الذي سيكون موضع الجزء
الثاني من هذا المقال .
ما إن نشرنا منذ حوالي شهر مقالا بعنوان " مستشفياتنا في عهد المكي
حالها يبكي " حتى تهاطلت علينا صور لا تحصى ووثائق لا تعد صور حول المآسي
التي تعيشها مستشفياتنا مآس عمقتها حكومات النهضة المتعاقبة . وقد جاءتنا تلك المصادر من شمال البلاد وجنوبها ومن غربها
وشرقها ..وهي صور ووثائق تؤكد أن الفتق في مؤسساتنا الصحية قد غلب على الرتق ..فلا
الفساد بعد الثورة قد انحسر بل لعله نما وربا .. ولا الأخطاء الطبية قد كفكفت نزيفها فمنحت حق الحياة لمن جعلتهم حركة النهضة عميا
لا يبصرون ...
وتفصيلا لما أجملنا تحط "الثورة نيوز" عصا الترحال في
ربوع ولاية سليانة التي أعياها الرش وطوّح بها الفساد في كل القطاعات ..ففي مجال الصحة مثلا تواصلت حلقات الفساد الإداري والنقابي التي بدأت
قبل الثورة بأعوام وأعوام ... واستمرت بعض الاطراف النافذة في النقابة الأساسية
للمستشفى الجهوي بسليانة في السيطرة على
عمل الإدارة والتدخل في عقد الصفقات
المشبوهة مع المزودين أمثال لمين بن
ربيحة( مزود ومقاول علاقاته مشبوهة أصيل مكثر تجمعي حتى النخاع يفوز بأغلب الصفقات
العمومية في هذه الولاية ) . كما تواصلت حلقات الإهمال الطبي وتكررت حالات الوفاة
الناتجة عن الإهمال وعدم القيام بالفحوصات اللازمة على المرضى والمثال الذي سنشتغل
عليه في هذا المقال هو وفاة أم تدعى
السيدة حمدي عمرها 51 سنة من حي الصلاح بسليانة المدينة ( وهو من الحواري الفقيرة
) وذالك يوم 13 جوان 2012.
قبل الثورة وبعدها : الفساد هو الفساد
غريب حال مستشفى ولاية سليانة ففي الوقت الذي نجد فيه إطارا طبيا وشبه
طبي شابا على درجة من الكفاءة وإداريين
متفانين في رعاية المرضى أطراف النهار
وأناء الليل وعملة وسواق لا يبخلون عن
تلبية النداء كلما طلبوا ..نجد شقا فيه بعض العناصر النقابية
الأساسية للمستشفى وبعض الاطراف الاخرى تنخر القطاع لخدمة مصالح شخصية والبحث عن
جمع الاموال بأي طريقة وذالك من خلال السيطرة
على كل مدير جديد أو مدير جهوي يحل
بالمستشفى .
و يعد اسم شهاب المعز
زبيس الذي شغل خطة مدير مستشفى أكثر من الأسماء التي تواترت على ألسنة مصادرنا وهي تشير إلى مظاهر الفساد في هذا القطاع الحيوي
وقد أكدت أن لزبيس صولات وجولات في عالم الفساد الاداري والمالي كما أكدت أن الرجل قد ربط
علاقات مشبوهة مع النقابة الاساسية
بقصد جمع الاموال بكل الطرق . ولم يختلف
الأمر كثيرا مع المدير الجهوي للصحة في
نفس الفترة ( 2007 _ 2011 ) وهو نجيب
كوزانة ( مستقر الان في مدينة المنستير )
الذي تلاعب بقائمات المنتدبين في سلك الممرضين قام بتجاوزات في تلك الفترة وقع تم طردهما
من سليانة أيام الثورة ورفع في وجهيهما الشعار الشهير " ديقاج " . وتقول
بعض الراويات إن المدير الجهوي للصحة بسليانة قد فر على متن سيارة إدارية من نوع بولو 6 ولم يقع ارجاعها للإدارة الجهوية إلى حد الآن ولا
يُعلم شيء عن مصيرها .
وإذا رجعنا إلى بعض إلى
بعض الوثائق من جهة وإلى وشكوى تقدم بها عبد الواحد الغربالي( سائق سيارة إسعاف وشاهد عيان على جريمة حركة النهضة أيام الرش ) إلى الجهات المختصة تبين لنا كيف
عملت تلك الأسماء المذكورة سابقا على جعل
كلفة الطبق الواحد في شهر رمضان 2009 ب 30 دينارا للعاملين اثنا ء الافطار و كلفة جملية ب 45الف
دينار وبعد أن أثار الموضوع جدلا واسعا الموضوع جدل داخل المستشفى خفضت الى حدود
15 دينار للطبق الواحد سنة 2010 ومحاضر الجلسات داخل ادارة المستشفى تشهد بذالك .
كما تبين لنا أن بعض
العناصر النقابية عمدت في 2010 الى افتعال
طرق ملتوية لصرف اموال في غير محلها خدمة لمصلحتهم الشخصية ولكل من والاهم فدفعوا
الادارة الى بناء مغازة غير مطابقة للمواصفات ودون موقعها الأصلي ومسقفة بالزنك
بتكلفة تناهز52 الف دينار ؟؟؟ وفي سياق هذه الغرائب أيضا تم احداث مأوى يتسع لأربع سيارات مسقفة بمادة
البلاستيك والزنك بأربعة ألاف دينار وتم ذلك استجابة لمطلب نقابي .
كما أكدت بعض المصادر أن بناية الاستعجالي
الجديدة غير مطابقة للمواصفات وأن ظاهرة
الترقيع داخل المستشفى وتحويل بعض قاعات الفحوصات الى مكاتب قد أحاطت بها شبهات
فساد كثيرة . وحتى الإعانات المدرسية لم تسلم من شبهات الفساد وقد تم توزيعها بطريقة عشوائية رغم ان الوزير المكلف
انذاك أصدر منشورا ( 8992/ 2011 ) ينص أن يتم توزيع
الإعانات عن طريق الودادية لكن الجهات المعنية لم تلتزم بذلك . كما عمدت
أيضا إلى توزيع المنح لبعض العمال دون
غيرهم ب35دينار وذالك في أواخر جويلية2011 ولم تقدم الإدارة الجهوية للصحة بسليانة
ولا إدارة المستشفى أي توضيح للمسألة إلى حد الآن ؟؟ وهنا لابد
من التأكيد على أنه رغم التوسعة في قاعات العمليات من 2 الى 4 وتوفر الكفاءات تتعالى بعض الأصوات
المنادية بالقيام بجرد لمقتنيات المستشفى بقسم استعجالي وبقية الأقسام الأخرى
من2009الى 2013...
في المستشفى : سوق بيع وشراء و قسم النساء والتوليد لغز محير وكابوس مخيف
تحولت بعض أقسام المستشفى الجهوي بسليانة عموما و قسم
النساء والتوليد خصوصا إلى سوق نخاسة بيع وشراء ووساطات والشفاء العاجل لمن يسرع
في الدفع ؟؟ ففي أروقة قسم التوليد تحدث أكبر عملية الابتزاز والسمسرة فلكل
من جاءها المخاض أن تطلب الرب أولا وأن تصيح ثانيا " معاي ريال والشفاء على يد بوريال " وتقول أكثر الشهادات التي استمعنا إليها أن بوريال من اكبر الاطباء جشعا ، وبسس هذه العلة تم طرده من المستشفى الجهوي بالكاف في اطار نقلة عقوبة ،
والحق أن لبوريال أشباه ونظائر قد نعود إليهم في قادم الاعداد . أما الاطباء الذين عرفوا عرفوا بنظافة اليد والكفاءة وشهروا بتردي الأوضاع وتعفن المناخ الداخلي مثل
الدكتور ربيع بن حمودة في اختصاص الأنف والحلق والحنجرة والدكتورة شوشان في طب
الأطفال فقد اضطر بعضهم إلى النقلة بعد أن نفروا من طبيعة العمل في هذا المستشفى جهة وتعرض بعضهم إلى مضايقات كتلك التي
عرفها الدكتور طارق خليف من قبل احد زملائه الذي حامت
حوله مسؤولية تهشيم بلور سيارته بمأوى المستشفى .
ومن الظواهر الأخرى الخطيرة التي شاعت في المستشفى الجهوي بسليانة هي بيع بعض المستلزمات الخاصة بجراحة العظام
للمرضى الذين سيجرون عمليات جراحية دون علم الأخصائي الاجتماعي بالمستشفى بذلك في
حين أن هذه المستلزمات هي على ذمة ذوي الحاجيات الخصوصية أي من لديهم دفتر علاج
مجاني وكثيرا ما يتم اقتناء هذه المستلزمات من الممثلين التجاريين دون المرور على الصفقات العمومية
وتوقفت هذه الظاهرة على إثر إشكال حصل مع مريضة تُدعى عزيزة العثماني من منطقة
الجوى ريف سليانة أٍرادوا أن يبيعوها هذه المستلزمات والحال أنها فقيرة ومن ذوي
الحاجيات الخصوصية لاجراء عملية جراحية بقسم العظام على الحوض وبعد جدل وقع
تمكينها من المستلزمات مجانا ورغم ذلك توفيت بعد أيام في منزلها بعد إجراء العملية
ومنذ تلك الحادثة توقف بيع هذه المستلزمات هذا ونشير إلى أن بيع بعض المستلزمات الطبية
الخاصة بالعماليات للمرضى الذين ستُجرى لهم عمليات جراحية ليس حكرا على قسم جراحة
العظام وإنما الظاهرة موجودة في أقسام أخرى.
أما عن تأخير مواعيد بعض العمليات وخاصة الجراحة العامة
والمجاري البولية الى مواعيد تصل إلى سنة وأكثر فقد أصبحت عادة مألوفة .
الإهمال الطبي : هكذا ماتت السيدة
حمدي ؟؟؟
وتعدد حالات الوفاة داخل المستشفى الجهوي بسليانة والذاكرة
السوداء في هذه الولاية إن تنسى فلن تنسى وفاة السيدة حمدي وفاة مسترابة يريها ابنها خالد على النحو التالي
" تعكرت الحالة الصحية لوالدتي التي اشتكت من ألأم حاد ة في رأسها ولم تعد
قادرة على التحكم في النصف الأيسر منه فقمت بنقلها للمستشفى الجهوي بسليانة يوم 12
جوان2012 في حدود الساعة التاسعة صباحا وبالتحديد لقسم الإستعجالي ولم تقم الطبيبة
دانيا العجيلي بالفحوصات اللازمة وطلبت منها مباشرة فتح فمها لتفقد حنجرتها وقالت والدتي للطبيبة وهي تصارع الألم "يا
طبيبة نحس بحاجة تتحرك في الجهة اليسرى من راسي " فقالت لها الطبيبة قد يكون "برد
أو كرومة معنوزة " " ...
و يُذكر أن ابن الضحية
دخل في جدل مع الفريق العامل بالقسم انذاك أمام تعكر حالة والدته وطلب منهم اجراء
سكانار لوالدته فما كان منهم إلا أن قالوا له انت دبر علينا ثم صاحت الطبيبة في
وجهه وطلبت منه الخروج والمصيبة أن الطبيبة أكتفت بإعطائها دواء برد و والوصفة
الطبية المكتوبة بخط يدها تشهد على ذالك وحقنها قبل ان تغادر المستشفى في ذالك
اليوم ومع حقنها كان الدم يسيل ولم تتفطن الطبيبة لذالك ورغم كل المحاولات لم
يتمكن خالد من اجراء سكانار لامه ومع فقدان الأمل قالت الهالكة لولدها "حسبي
الله ونعم الوكيل هيا وليدي نروحو " .
وبتاريخ 13 جوان تعكرت حالة السيدة وعثر عليها الجيران ملقات في
بيتها في حالة غيبوبة تامة تم نقلها اذر ذالك للمستشفى حينها قال أحد الممرضين
للطبيبة اجري" رانا باصينا " وفي محاولة لتطويق الموضوع وتجنب ردة الفعل
تم ادخالها لقاعة الإنعاش وايهام أهلها بوضع الخيوط والماكينا والحال انها فارقت
الحياة قبل ذالك "
خالد ابن الهالكة تقدم بشكوى رسمية لوزير الصحة العمومية بتاريخ
19 جوان 2012 وطلب في الشكوى فتح تحقيق حول وفاة والدته اهمالا بالمستشفى الجهوي
بسليانة ولكن إلى حد الآن لا جواب يشفي
الغليل ويقلل من لوعة خالد . وقد تم الاستماع لأقوال الطبيبة دانيا العجيلي ودون
ذالك في محضر بحث عدد.463\19بتاريخ 24 جويلية 2012 على الساعة العاشرة إلا ربع من
قبل فرقة الشرطة العدلية بسليانة باشراف محافظ الشرطة توفيق الجاموسي رئيس فرقة
الشرطة العدلية الطبيبة وفيه قالت العجيلي " حرفيا في البحث لم ألاحظ أي
أعراض على ملامح المريضة خاصة وأنها كانت عادية ولم ألاحظ أي حالة إغماء أو
استرخاء وهذا ما دفعني لاعتقد أنها ربما استدارت بصفة عفوية أو يكون أعراض مرض
البرد فطلبت من الممرض ان يحقنها وطلبت منها أن تتصل بالعيادة الخارجية لمراقبتها
في خصوص مرض المفاصل او الأمراض المزمنة ...
لم ألاحظ عليها أي أعراض تبين وأنها مصابة
بنزيف دماغي داخلي وكانت ملامحها وتصرفاتها عادية ولا تشوبها أي شائبة" وأضاف
ابن الهالكة قائلا : إن هناك أنباء تقول
أن الطبيبة قد غادرت إلى السعودية وربما يكون ذلك هروبا من المحاسبة . كما رفعت عائلة
السيدة حمدي قضية بالمحكمة الابتدائية بسليانة واتهمت خلالها الطبيبة في التسبب في
وفاة والدتهم وبعد الاستماع للطبيبة من
قبل فرقة الشرطة العدلية تم استدعاؤها من قبل قاضي التحقيق بسليانة في عديد
المناسبات باعتبارها اصبحت متهمة رئيسية في قضية الوفاة إلا أنها لم تحظر الى حد
هذا التاريخ .
كما يمكن أن نذكّر بموت
الفتاة العاملة بالمغازة العامة بسليانة اثر تعرضها لحادث شغل في جناح الحلويات
أصيبت على مستوى رأسها وتم إهمالها في مستشفى سليانة ولم تتلق الفحوصات اللازمة وأمروها
بالمغادرة وفي اليوم الموالي تعكرت حالتها فتم نقلها للعاصمة حيث توفيت بسبب نزيف
داخلي في الرأس و هذه الحادثة حصلت بعد وفاة السيدة حمدي عائلة السيدة حمدي .
هذه عينات من ملفات فساد ثقيلة في المستشفى الجهوي سليانة النظافة غرف المرضى ودورات المياه داخل
الاقسام الخارجية والداخلية اى للمقيمين غياب العناية اللازمة ولنا صور في ذالك
وكذلك قرب الاقسام من بعضها البعض وهو ما يسبب اكتظاظ أثنا ء قدوم المرضى لتلقي
العلاج إضافة إلى ان وجود اختصاص امرض الصدرية بالقرب من عيادة طب الاطفال غير
معقول وقس على ذالك أي بعبارة أوضح تصميم وتوزيع الاقسام على الفضاءات غي مدروس
قسم الأمراض الصدرية قريب جدا من عيادة طب الأطفال ولا يفصل بينهما حاجز اذ انهما
يشتركان في نفس قاعة الانتظار .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire