تضطلع مكونات المجتمع المدني في كل
الأقطار خاصة منها المتقدمة بدور هام على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي و
السياسي، وتعتبر الجمعيات غير الحكومية أهم
مكون من تلك المكونات التي لا يمكن إنكار
ما تقدمه من مساهمة في الرقي بالحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية خدمة للفرد
وللمجموعة في أن واحد وتكريسا للمصلحة الوطنية.
وفي تونس وبالرغم من أن عدد الجمعيات تضاعف بعد
الثورة من 7000 جمعية إلى حدود16 ألف جمعية إلا أن دورها بقي محدودا جدا باعتبار أن
أغلبها ظهر في شكل فقاقيع مسمومة سممت المسار الثوري كما ساهمت في اضطراب الجو
العام وزادته ضبابية نظرا لكونها خلقت منذ البداية لغاية في نفس يعقوب إما خدمة لأجندات
حزبية معينة تسعى لفرض الهيمنة على المشهد السياسي عبر النشاط الجمعياتي أو خدمة لأهداف
براقماتية ربحية لمؤسسيها أو لمن يحركونها من وراء الستار...
جمعيات شر مقنعة بالخير
حسب الإحصائيات الحديثة فإنه أكثر
من 20% من جملة عدد الجمعيات المصرح بها والموجودة على التراب التونسي والتي تعد
ب16000 جمعية هي جمعيات دينية خيرية أي يبلغ عددها أكثر من 3200 جمعية كلها أسست
بعد 14 جانفي 2011 وهي مرتبطة في تمويلها بأحزاب وتمويلات خارجية غير مصرح بها مع
دخول شكل آخر من التمويل غير خاضع للرقابة تحت مسمى الزكاة لفائدة الجمعيات.
وغالبية تلك الجمعيات تمثل حسب عديد التقارير امتدادا لهيكلة وبرامج الأحزاب السياسية
وتعمل كواجهة للأحزاب في مجال الأعمال التعبوية ونذكر من بين أهم تلك الجمعيات
جمعية التعاون الخيرية التي بعثها نجيب بن حامد القروي المعروف بعلاقته الوطيدة
والحميمية بحزب حركة النهضة وخاصة بأبرز قيادييها ومن بينهم حمادي الجبالي
والمعروف كذلك بقربه من النظام القطري وهذه الجمعية تعتبر من أقوى الجمعيات
الخيرية الإسلامية من حيث القدرة المالية حيث تروج عديد المصادر بان اغلب مصادرها
المالية على علاقة بدولة قطر وحركة الأخوان المسلمين على المستوى العالمي .
كما
نذكر عديد الجمعيات الخيرية الإسلامية الأخرى التي تنشط في الظاهر الأعمال الخيرية
لكن باطنها مساهمة في انتشار التطرف الديني والفكر الإرهابي بكل الطرق المتاحة إما بالتحسيس أو بالتمويل إما
بغيرها من الأساليب ومن بين تلك الجمعيات نذكر جمعية يقين و جمعية الحياة الخيرية
وجمعية تونس الخيرية
وجمعية النجاة الإسلامية وجمعية ينابيع الخير وجمعية إحسان وجمعية
الكوثر الجاري واتحاد الجمعيات الخيرية التونسية وجمعية رحمة الخيرية وكلها عينات
عن منظمات اقترنت أسماؤها بالإسلام والخير لكنها في واقع الأمر تصب في قناة واحدة
وهي خدمة الأحزاب ذات المرجعية الدينية من ناحية مثل حركة النهضة في مرتبة أولى
وحزب التحرير في مرتبة ثانية وكذلك تمويل الجماعات الإرهابية ونشاطاتها تحت غطاء
تقديم المساعدات للفقراء والمساكين التي تخفي وراءها في غالبية الأحيان إما نشاطا
تعبويا وتجنيديا او لوجستيا لجماعة ما أو حزب ما يتماشى مع رغباتهم وأهدافهم
التدميرية وقد أثبتت التقارير أن عددا كبيرا من تلك الجمعيات مسؤولة على تهجير
آلاف مؤلفة من شبابنا نحو جبهات الموت بسوريا والعراق بعد تجنيدهم باخس
الأساليب...
جمعيات حقوقية تبيض الإرهاب
من المفروض أن تلعب الجمعيات
الحقوقية الدور النبيل الذي بعثت من اجله وهو الدفاع فعلا عن حقوق الإنسان أمام
السلطة القائمة مهما كانت وذلك بالدفاع عن الإنسان مهما كان لونه أو عرقه أو
انتمائه السياسي أو العقائدي وذلك في كنف احترام القوانين وأولها تلك المتعلقة
بتكوين وتنظيم الجمعيات في حد ذاتها لكن للأسف الشديد نجد العديد من الجمعيات التي
تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والسياسية العامة تستعمل هذا النشاط
لأغراض مشبوهة تشوبها عديد الشوائب وذلك أما طمعا في تمويل من هياكل ومنظمات ودول
خارجية تريد تنفيذ أجنداتها القذرة على حساب السيادة الوطنية أو خدمة لأحزاب
سياسية هيمنت مؤخرا على السلطة في البلاد فتتغير مفاهيم حقوق الإنسان عندهم مع
تغير المصالح الشخصية المادية أو المعنوية أو السياسية للناشطين صلب هذه الجمعيات
فمثلا يمكن حسب قدراتهم التلاعب بالمفاهيم وتأويل النصوص القانونية ما جعل من الإرهابي
إنسانا مسكينا بريئا لا حول له ولا قوة والعكس بالعكس حسبما يريدون تمريره للرأي
العام وفق ما أملي عليهم من الأطراف المتحكمة فيهم في الكواليس ومن بين تلك
الجمعيات مثلا نذكر حرية وإنصاف التي تترأسها المحامية إيمان الطريقي حديثة العهد
في مجال التمويه في لعبة حقوق الإنسان وكذلك "الأستاذة" في نفس تلك
اللعبة الحقوقية المحامية راضية النصراوي رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب
الخبيرة في بناء القبة من الحبة
وقد وصل الأمر إلى محاولة التأثير على الرأي العام
في عديد المناسبات وجعله يتعاطف مع المتورطين في عمليات إرهابية أودت بخيرة
امنيينا وجنودنا ومناضلينا تحت مظلة الدفاع عن حقوق الانسان خاصة من قبل جمعية "اللاحرية"
و"اللاانصاف "بمساهمة ما يسمى بلجنة الدفاع عن القضايا "غير العادلة"
بقيادة عضو الجمعية التونسية للجمعيات الإسلامية المدعو أنور أولاد علي الذي لا
يدخر جهدا رفقة زميلته في الكفاح المزيف إيمان الطريقي في الحط من معنويات الجهاز الأمني
والعسكري عبر تنظيم الندوات الممولة من أطراف مشبوهة وكذلك من هؤلاء المتلاعب بهم
والمتحيل عليهم الذين يظنون أن تلك الجمعيات تسعى فعلا للدفاع عن الحقوق ...
جمعيات تنموية تبيض
الأموال
هي جمعيات عادة ما يقترن اسمها
بالتنمية لكنها في واقع الأمر بعيدة كل البعد عن التنمية ذلك أن غالبيتها بعثت من
اجل استغلال التمويلات المشبوهة لمصالحها الخاصة وفي أغلب الأحيان يتم بعثها بإيعاز
من رجال أعمال فاسدين لتبييض أموالهم المتأتية من التهريب والأعمال غير المشروعة
في ظل انعدام الرقابة وفي ظل منظومة قانونية مهترئة تشرع للفساد ...
جمعيات إصلاحية
مخربة
وهي جمعيات تدعي السعي لإصلاح المجال
الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي لكنها في حقيقة الأمر ليست سوى غطاء لخدمة أجندات
ومصالح شخصية معينة لباعثيها إما على خلفية طمع في المال أو في الشهرة أو غير ذلك
من المطامع ونذكر على سبيل المثال الجمعية التونسية للإصلاح الجبائي التي جعلت
منها رئيستها المحامية علا بالنجمة حرم الفاضل السايحي المستشار في وزارة العدل
مجرد أداة بيد الحزب المهيمن على السلطة في البلاد ومطية للمساهمة في التشريع
للنهب عبر تزكيتها لكل القرارات المالية التي صدرت في عهد الترويكا والتي قسمت ظهر
المواطن وما دخلها هي في المواطن المهم أن يكون لها شان في قادم الأيام ضمن القطيع
الحاكم ...
جمعيات ميليشوية تحت
قناع الثورية
من بين تلك الجمعيات نذكر رابطات
حماية الثورة وحركة سواعد التي أسسها مؤخرا الثورجي ياسين العياري الذي لا يتوانى أن
يبيع نفسه للشيطان مقابل حفنة مال أو سفرة إلى خارج البلاد أو ما تبقى من مجرد
وظيفة وهاتان الجمعيتان مهمتهما الأساسية هي التعبئة باستعمال كل الأساليب القذرة
وترهيب المعارضين للحزب التابعين له عبر عنف والتحريض على العنف ...
قانون مختل وسلطة
متواطئة
حيث أن المرسوم عدد 88 بتاريخ 23
سبتمبر 2011 والذي من المفروض انه أتى لإصلاح قانون الجمعيات القديم قد زاد
الوضعية تعكيرا حيث لا يمكننا اليوم تحديد
تصنيف الجمعيات أو نشاطها أو مصدر أموالها وذلك لقصور هذا القانون على تحديد آليات
الرقابة وتحديدها من ناحية ومن ناحية أخرى إشكالية الفصول 10 و19 منه التي سهلت
كثيرا تكوين الجمعيات فأعطت لكل من هب ودب الحق في تأسيسها فقط عبر شكلية التصريح
ففقدت بذلك الرقابة على الجمعيات بنوعيها السابقة واللاحقة وقد زاد الطين بلة نقل
وحدة متابعة شؤون الجمعيات بوصفها الهيكل الرقابي من إدارة الشؤون السياسية بوزارة
الداخلية إلى وحدة تابعة للوزارة الأولى
كما وقع عبر المرسوم المذكور إلغاء
التصنيفات التي تحدد نشاط الجمعية وذلك لغايات سياسية وبذلك قد شرع للفساد بجميع أنواعه
تحت غطاء الجمعيات كما جعلها مجالا للنهب والسرقة وخدمة المصالح الشخصية والحزبية
الضيقة وذلك لغياب إمكانية الرقابة على مستوى مصادر التمويل والأنشطة خاصة وان بعض
الإحصائيات تؤكد أن قرابة 50% من الجمعيات لا تملك حسابا مفتوحا وأغلبها موجودة
بعناوين مساكن مؤسسيها وقد شرعت لتلك التجاوزات اخلالات شكلية وموضوعية بالجملة في
مرسوم الجمعيات ل2011 بالتوازي مع تواطؤ حكومات ما بعد الثورة وخاصة حكومة الإخوان
التي لم تقم بتنقيح هذا المرسوم إلى حد الآن ذلك ولاعتقادها أن الفوضى دائما ما
تصب لصالحها وان كل تلك الجمعيات الملتحفة بالخير المبطن بالشر وبالثورية الزائفة وغالبيتها
تلك التي يرعاها الخادمي وشيوخ النهضة سوف تكون دون أدنى شك القنطرة المتينة نحو
الفوز في الانتخابات القادمة ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire