فندق “بلادزا
الكرنيش” بالمرسى يقع على بعد حوالي 20 دقيقة من مطار تونس قرطاج و30 دقيقة على
وسط العاصمة أحد صروح السياحة في تونس بمظهره الخلاب وسحره الجلاب بحدائقه
الفردوسية وحمامات سباحته المطلة على البحر الابيض المتوسط في مشهد
بانورامي وهو بالنسبة إلى الكثيرين منتجع للراحة واللهو والاستجمام والإقامة
المريحة… لكن بالنسبة إلى آخرين فهو يحكي قصة تعد من اكبر المظالم التي وقعت
في تونس خلال العهد البائد وتخفي وراءها مأساة حقيقية لا يزال وقع تداعياتها
إلى الآن رغم أن زمان الحكاية يعود إلى ما لا يقل عن ال30 سنة فبلادزا
الكرنيش قصة حزينة للغاية تختزل كيف يكون الإنسان ذئبا لأخيه الذي هو من لحمه دمه
يتمتع بنهش لحمه بلا شفقة ولا رحمة ضحيتها بامتياز “عادل العياشي” وإخوته …
رجل يحتضر يجرّد من أملاكه تحت جناح الليل
تعود
أطوار هذه القصة إلى الثمانينات وبالتحديد إلى سنة 1981 بطلها أحد اكبر رجال
المافيا المدعو بوبكر بن محمد بن مصطفى العياشي من مواليد04 ديسمبر1921 صاحب بطاقة
تعريف وطنية عدد 05462200 والذي غير اسمه ل”اوندري اوبكار” ANDRÉO’BACKAR بعد رحيله إلى الولايات المتحدة
الأمريكية وحصوله على جنسيتها واختير ليكون قنصلا شرفيا لتونس
بنيويورك منذ سنة1977 …
سنة 1981 عاد
بوبكر العياشي من أمريكا مباشرة بعد أن بلغه بأن شقيقه حمادي العياشي المالك
على فراش الموت يعاني من سرطان الدم في مراحله المتأخرة وبالتالي فان الفرصة سانحة
امامه لتنفيذ مخططه الجهنمي لسلبه كل ما يملك تحت جناح الليل .
و بتاريخ 10 أوت
1981 وبالتحديد على الساعة 10 ليلا أخرجه من مصحة التوفيق التي كان مقيما فيها
ونقله على متن سيارة إسعاف وهو في حالة بدنية ونفسية يرثى لها (حسبما تؤكده شهادة
طبية صادرة وقتها عن رئيس قسم الأمراض السرطانية بمستشفى عزيزة عثمانة )إلى مكان
مجهول حيث امضى له على عقود بيع جردته من ملكيته لنزل البلادزا ومن باقي أملاكه ثم
عاد به إلى نفس المصحة على الساعة الواحدة صباحا بعدها بساعات غادر البلاد تاركا
وراءه شقيقه يئن على فراش الموت من فرط الوجع والألم بعد أن سلبه كل شيء إلى أن
توفي بعد 40 يوما مرضا وكمدا وغيضا وقهرا من عملية التحيل التي تعرض إليها من اقرب
الناس إليه شقيقه الذي لم يسأل عنه بعد تلك الليلة الحالكة ولم يحضر حتى مراسم
جنازته …
القضاء ينصف الورثة في مرحلة أولى
بعد
دفن المرحوم حمدي العياشي تفطن ابنه عادل العياشي لعملية التحيل التي قام بها عمه
بوبكر في حق ابيه وفي حقه وحق اخوته باعتبارهم الورثة الشرعيين لكل املاكه بما
فيها نزل البلادزا. فرفع قضية مدنية في هذا الشأن لإبطال عقود البيع غير القانونية
التي ابرمها والده لفائدة أخيه بوبكر وهو ما تم بالفعل حيث قضي لفائدته ابتدائيا
واستئنافيا سنة 1984 بإبطال عقود البيع وبعد اخذ ورد تمكن عادل العياشي من استصدار
حكم في اخراج عمه لعدم الصفة سنة 1987 لكن للأسف لم يستطع تنفيذ ذلك الحكم …
دخول المخلوع على الخط يقلب الموازنة
بعد انقلاب 87 سرعان ما انقلبت الأمور على أعقابها
وتحولت كل مجريات القضية ضد عادل العياشي وإخوته باعتبار أن الصديق الحميم لعمهم
الذي استولى على املاكهم قد وصل إلى السلطة وأصبح صاحب الحل والعقد والحاكم بأمره
في كل شيء في البلاد ولا احد يتجرأ على ان يقول له “لا “بما في ذلك القضاء
…حيث وبإيعاز من بن علي نفسه وبتدخل من عبد الرحيم الزواري عندما كان وزيرا للعدل
قضت محكمة التعقيب في مرحلتين خلال سنة 1991 و1994 لفائدة بوبكر
العياشي بنقض الحكم الابتدائي وبذلك سقطت كل المجهودات التي قام بها أصحاب الحق
الحقيقيون في الماء بجرة قلم في الوقت الذي خالوا انهم سيسترجعون حقوقهم …
وأمام
دخول بن علي على الخط لم يستطع عادل العياشي فعل شيء لأنه ما من أحد يتجرأ على
رئيس الدولة حينها وبقي الحال على ماهو عليه وبقي أندري او بكار يستغل نزل
لابلادزا إلى حدود سنة 2010 …
يد الطرابلسية تمتد إلى النزل
قبل
بضع سنوات من الثورة أصبح نزل لابلادزا محل أطماع الطرابلسية الذين تغولوا في ذلك
الوقت الى حدود غير معقولة وأرادوا بشتى السبل بسط اياديهم على كل المشاريع ذات
الاهمية الربحية في كل المجالات.
وفي هذا الصدد
وبإيعاز من ليلى تدخل المخلوع لدى صديقه الحميم اندري او بكار لشراء
نزل لابلادزا لصهره عماد الطرابلسي وتم الاتفاق على الثمن وقدره ال16.5 مليون
دينار في حين أن قيمته الحقيقية تساوي ضعف هذا الثمن الذي دفع منه العمدة 1.3
مليون دينار لكن لما بلغ إلى علم عادل العياشي وإخوته بذلك قام مباشرة برفع دعوى
لدى وكيل الجمهورية لإبطال عملية البيع المبنية على الباطل من حيث الأصل لأنه هو
وإخوته الأصحاب الحقيقيون للنزل المذكور… لكن للأسف قامت النيابة العمومية وقتها
بحفظ القضية خوفا من سطوة بن علي ومافيا الطرابلسية وإضافة إلى ذلك تعرض عادل
العياشي لمختلف أنواع التهديد والوعيد من طرف عماد الطرابلسي مهددا إياه بالقتل ان
لم يبتعد عن طريقه لكن ذلك لم يثن عادل الذي أصر على استرداد حقه الى ان اندلعت
ثورة 14 جانفي …
بطاقة جلب ولكن …؟
بعد
الثورة وفرار المخلوع وزبانيته وأصهاره المجرمين عاد الأمل لورثة حمادي العياشي
لاسترداد أملاكهم المغتصبة فقام عادل العياشي في حقه وفي حق إخوته بتقديم ملف
القضية للجنة تقصي الحقائق، أو بالاحرى طمس الحقائق – التي عاينت المظلمة
الكبرى التي تعرضوا لها ثم إحالته إلى النيابة العمومية التي فتحت في شأنه بحثا
تحقيقيا قام على إثره حاكم التحقيق باستدعاء بوبكر العياشي “أندري او بكار” في
مناسبتين متتاليتين لكنه لم يحضر معتبرا نفسه فوق القانون إذ كل شيء حسب رأيه يمكن
شراؤه بالمال وأمام هذه الوضعية اصدر حاكم التحقيق بالمكتب 16 بالمحكمة الابتدائية
بتونس في شانه بطاقة جلب بتاريخ12 ماي 2012 وأرسلها إلى مركز الأمن بالمرسى
وحين علم اوبكار بذلك قام باستغلال تنفذه وغادر التراب التونسي دون أن يتعرض له
أحد رغم صدور في شانه بطاقة جلب …
“أندري اوبكار” رجل فوق القانون
بعد 4 أشهر من مغادرته التراب التونسي وبالاستعانة
بإطارات متنفذة داخل جهاز الداخلية عاد بوبكر العياشي الملقب ب”اندري اوبكار” إلى
التراب التونسي يوم 23 سبتمبر 2013وكان في نيته بيع نزل لابلادزا ب23 مليار إلى
احد رجال الأعمال المعروفين ومع ذلك لم يقع إيقافه بمطار تونس قرطاج رغم أن
بطاقة الجلب لا تزال نافذة في حقه وهو ما يدل على مدى سطوة هذا الرجل ومدى تغوله
على مستوى أجهزة الدولة …
ولما ا علم عادل العياشي بعودة عمه وتواجده بفندق
“لابلادزا” قام بإعلام حاكم التحقيق بذلك فقام هذا الأخير بإحالته إلى وكيل
الجمهورية بعدها وقع إيقاف بوبكر العياشي وهو يحاول الهرب مرة أخرى عبر مطار تونس
قرطاج يوم الجمعة الموافق ل 27 سبتمبر 2013…
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire