lundi 6 janvier 2014

سرّ الأسماك المسمومة ... المهداة إلى السياسيين من المعارضة والحكومة ؟؟




بالأمس البعيد كانت سبخة أو بحيرة حلق المنجل الواقعة على الحدود الفاصلة بين معتمديتي سيدي بوعلي وهرقلة  مقصد صغار  الصيادين  الذين وجدوا فيها خير ملجأ لتوفير لقمة عيش لأفراد  عائلاتهم ... ووجد فيها شق أخر من الروّاد أحسن فضاء لتمضية الوقت و ممارسة هواية الصيد ... فالبحيرة لمن لا يعرفها  كان فيها الخير كثير :ثروة سمكية  وفيرة وأنواع لا حصر لها من الأسماك بكميات صخمة  لارتباطها بالبحر الأبيض المتوسط  و تفاعلها معها  من خلال حركات المد و الجزر ... ملوحتها معتدلة ... 


يمنحها البحر أجود السمك و أطيبه ... مياهها طاهرة تتغير و تتجدد وفق تقلبات البحر و حركاته... هي سبخة آو بحيرة يأتيها القصاد من  كل فج عميق :  من مناطق خنيس و المنستير  و اكودة  و سيدي بوعلي و شط مريم  و هرقلة  و القلعة الكبرى  و سوسة  و غيرها .... تستهوي وفودا  كبرى من  هواة فن الصيد  و الممارسين له ... و كانت معطاء لا تبخل على روادها  الذين  دائما و دوما ما يعودون  بكميات معتبرة  من السمك يقع بيعها في الأسواق للعموم  أو يقع استهلاكها و توزيعها  على الأقارب  و العائلة الموسعة ... و حسبنا أن بحيرة حلق المنجل كانت تلعب دورا كبيرا في ربط صلة الرحم و بروز قيم التكافل و التآزر والإطعام ... بل هي أيضا تمثل  ملتقى للتعارف وفضاء لإزالة الهموم....
و اليوم  لم تعد كما كانت عليه  بل أصبحت البحيرة موبوءة وتراجعت كميات الأسماك، وهو ما جعل سبل الرزق تضيق على الصيادين الذين خرجوا يبحثون عن الرزق في أماكن أخرى.


أضرار فادحة

 بقدر ما كانت سبخة حلق المنجل  المرتبطة ارتباطا وثيقا  بالبحر الأبيض المتوسط  طاهرة  نظيفة  أصبحت اليوم  مستنقعا  للمياه الراكدة والملوثة نتيجة  أشكال الصرف المياه الصحية  القادمة من قنوات  التطهير من الديوان الوطني  للتطهير "ONAS" و شركة حليب تونس  و التي  تصب كلها في السبخة ...
صحيح  أن مياه الصرف القادمة من المؤسستين المذكورتين  يمكن أن تؤثر على الثروة السمكية  المتواجدة في البحيرة بدرجة نسبية  و لكن الأدهى و الأمر و كبرى الأضرار كان سببها شركة تربية الأسماك  لمحمد إدريس  التي عمدت  إلى غلق المنافذ الرابطة بين البحيرة أو السبخة كما يحلو للبعض تسميتها و  البحر  مما منع عليها تجديد مياهها  و تغييرها  و الغريب في هذا أن الشركة  المذكورة لم تتوقف هنا  بل جعلت من السبخة  ملكا خاصا بها حيث أحاطتها  بأسلاك  حديدية متشابكة مانعة الصيادين من الاقتراب إليها  و العجيب الغريب   و قمة الفساد  الذي أتته فتتمثل في جعل السبخة مصبا  لمياه ملوثة تحتوي على مواد كيمياوية سامة تم استعمالها  في تنظيف أحواض تربية الأسماك الخاصة بها  ....


 احتكار صيد السمك المسموم

 نتيجة هذا الجور و الإهمال و التلوث البيئي الذي ضرب البحيرة في المقتل عمدت شركة تربية الأسماك بعد استحواذها على البحيرة  و سد منافذ ارتباطها مع  البحر و تسييجها بسياج من الحديد الشائك إلى تكليف عمالها بصيد الأسماك المحجوزة في السبخة و التي لم تجد منافذ للخروج و ظلت تسبح في  مياه ملوثة بمواد سامة  ... و اعتمدت الشركة  في بادئ الأمر على القوارب و إلقاء الغزل قبل جمعها و تعبئة المحصول في صناديق بلاستيكية  يقع بيعها خارج ولاية سوسة  دون مراقبة صحية تذكر ... ثم   قامت الشركة فيما بعد  بفتح 3 منافذ من البحيرة تفتح على 3 أحواض  لحصر كميات الحوت بها  تغلق المنافذ عن كل عملية صيد و قد تجنبت الشركة الطريقة المعتمدة الأولى في الصيد بالغزل على اعتبار أن أغلبية الشبك  المستعملة تهرأت و تقطعت  و على اعتبار أنها يثقل حملها لا سيما   وان كمية المحصول وفيرة و ثقيلة خاصة  وأن حجم الأسماك التي يقع  اصطيادها كبير  ...


و الغريب في الأمر أن الأسماك التي يقع صيدها و التي تصنف في خانة الأسماك الملوثة على اعتبار البيئة التي تعيش فيها يقع بيع جزء منها في الأسواق و الكمية المتبقية يقع إهداؤها إلى السياسيين... و ذكر شهود عيان أن رئيس الحزب الجمهوري محمد نجيب الشابي  حمل  مؤخرا في سياراته كميات كبيرة من السمك الملوث الذي وقع صيده من السبخة المسدودة  و  نفس الشيء بالنسبة إلى حمادي الجبالي  أمين عام حركة النهضة ....
و غالبا ما يكون محصول الصيد من السمك الملوث متمثلا في صنفين أساسيين هما البوري و المرجل و توفر الشركة من بيع السمك الملوث في الأسواق ما يزيد عن 400 ألف دينار سنويا حسب ما يروج له من الدوائر المحيطة بالشركة ...


خطر محدق

 و تشير الدراسات  المعدة في مجال تلوث الأسماك جراء تلوث المياه  أن  الأسماك الملوثة  بمياه الصرف الصحي غير المعالجة ضارة بالنسبة للإنسان و تتسبب في الإصابة بالأورام والفشل الكلوي للأفراد نتيجة استهلاكهم للأسماك المصيدة من المجاري المائية الملوثة بمياه الصرف الصحي والصناعي   كما أشارت التقارير الطبية أن استهلاك السمك الملوث و غير المراقب صحيا  يؤدي  إلى  مرض خطير في الكبد و الأمعاء  بل  هناك إحصائيات  وقعت في بعض البلدان العربية تؤكد    انتشار مرض الكبد و الأمعاء بدرجات  متفاوتة الخطورة لدى المستهلكين للسمك الملوّث ....


 و لم يكن  الخطر الذي تسببت فيه شركة تربية الأسماك مقتصرا على الإنسان فحسب بل  تجاوز ذلك  ليطال الطيور المهاجرة  حيث  ثبت انه   حدثت  ببحيرة حلق المنجل  تغيرات جذرية مما أدي إلى تغيير كلي في نظمها البيئية والتنوع البيولوجي, مما أدى إلى اختفاء العديد  من الأسماك و الزرارع نتيجة للتلوث ... بل تأكد  أن  عديد الطيور ماتت جراء السموم المنتشرة وأخرى هاجرت و لم تعد  ... و ما يمكن  الإشارة إليه أن البحيرة موضوع المقال  مصنفة عالميا في قائمة المحميات الطبيعية  و مدرجة في سجل وزارة البيئة  التي "بلعت السكين بدمها" جراء ما يجري ؟؟




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire